|
الضمان الاجتماعي للعمال بين التجربة الوطنية والمعايير الدولية
عنان الصفار
الحوار المتمدن-العدد: 2228 - 2008 / 3 / 22 - 11:33
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
يعتبر الضمان الاجتماعي من المفاهيم الحضارية التي ارتبطت بتطور الثورة الصناعية في أوربا وجسدت وعي الشغيلة بضرورة درء الأخطار الاجتماعية أو حالات الطوارىء بهدف تقليل تأثيراتها السلبية ومضارها وصولاً الى حياة مستقرة وهانئة . وتتأثر فلسفة الضمان الاجتماعي بعوامل عديدة تتعلق بهدف النظام وطبيعة توجهاته نحو العدالة الاجتماعية واطاره السياسي والقانوني ومستوى إنسجامه مع محتوى لوائح حقوق الانسان . يلعب اسلوب الانتاج والعلاقات السائدة فيه دوراً مهماً في تدعيم نظم الخدمات الاجتماعية التي تعتمد على تنوع مصادر التمويل واساليب الاستثمار التي تحقق زيادة كفاءة اموال الضمان الاجتماعي بأعتبارها الوسيلة الفعالة لتحقيق الضمانات الواسعة للعمال ، وتلعب النظم الاقتصادية دوراً مهماً في تدعيم مزايا اجهزة الضمان الاجتماعي من خلال مدى الشمول والتغطية الذي يعبر عنه بعدد المستفيدين من حيث اعانة العاطلين الذين فقدوا سبل معيشتهم لاسباب خارجة عن ارادتهم . الضمان الاختياري للعاملين لحسابهم الخاص او لحساب الغير ضمن القطاع الاقتصادي غير المنظم ، الفئات الاجتماعية التي لم تغطيها القوانين النافذة . غير ان الضرورات الانسانية وظروف المعيشة تحتم ان تتسع مظلة الضمان لاستيعابها التوسع بالضمانات التي أكدتها الاجيال الاولى لمعايير العمل وهي بالتأكيد تعتمد جوهرياً على الامكانات المالية لمؤسسات الضمان والموقف الفكري والسياسي للحكومات من الطبقة العاملة ومدى الانسجام مع شرائع حقوق الانسان والقيم الديمقراطية مثل الضمان الصحي ، تقاعد العجز والمرض والشيخوخة والوفاة ، اعانات الامومة وتعويضات اصابات العمل والامراض المهنية ، والعلاوات العائلية ومكافأة نهاية الخدمة ، والخدمات الاجتماعية الاساسية . واجه نظام الضمان الاجتماعي في العراق صعوبات عديدة ناجمة عن اجراءات الحكومات المتعاقبة منذ قيام الحكم الوطني وصولاً الى القرار التعسفي للنظام السابق الخاص بتحويل العمال في القطاع الحكومي والعام الى موظفين تنفيذاً للقرار 150 لسنة 1987 مما أثر جوهرياً على كفاءة نظام الضمان الاجتماعي المالية بسبب انحسار عدد المضمونين من جانب وتعقيدات الوضع الاقتصادي الناجم عن الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرض لها وطننا . وكان تأثير التضخم المالي سلبياً وما زالت تداعياته تشكل عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد الوطني فضلاً عن اتساع مساحة القطاع الاقتصادي غير المنظم الذي يبتعد كثيراً عن القيود القانونية والتنظيمية والمالية . كما ان المحتوى النوعي لنظام تقاعد العمال قد فقد قيمته بسبب تراجع قدرة دفع الراتب التقاعدي والتعويضات وتجميد فرع الخدمات الاجتماعية تماماً مما يدعو الى تأمين الاطار القانوني لنظام بديل يتلائم ومعطيات المرحلة الراهنة . أن دائرة العمل والضمان الاجتماعي اعتمدت بعد سقوط النظام في 9 / 4 / 2003 صرف دفعات الطوارىء للعمال المتقاعدين البالغة 40 ، 60 دولاراً ثم دفعت 90 ألف دينار لهم بغض النظر عن المعادلة التقاعدية لسنوات الخدمة ومعدل الراتب لثلاثة أشهر . وفي عام 2004 أصدرت الدولة جدولاً لصرف الرواتب التقاعدية حسب الحالات والخدمة وعدد افراد العائلة وهي تتراوح بين 100 ألف الى 125 ألف دينار وصرف تقاعد للخلف 95 ألف دينار لمستحق واحد . وعانى صندوق تقاعد العمال العجز عن الايفاء بالتزاماته بسبب ارتفاع معدلات التضخم وقلة موارد استثماراته المختلفة . اذ بلغت مؤخراً ايراداته السنوية 6 مليارات دينار تقريباً بينما نفقاته بصورة عامة بلغت 21 مليار دينار . ان هذه المشكلات التي يواجهها نظام التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال جوهرية ناشئة عن الظروف المعقدة التي رافقت الحروب المدمرة التي افتعلها النظام السابق وسياساته الخاطئة في مختلف المجالات والحصار الاقتصادي على شعبنا وما طرأت من تغيرات سريعة بعد الاحتلال الاجنبي لبلادنا هذه وغيرها أثرت بشكل مباشر على اهداف وغايات الضمان الاجتماعي في بلدنا وأوصلته الى حالته المأساوية الحالية . لذا نرى ضرورة العمل على تأسيس قواعد ضامنة للطبقة العاملة في بلادنا في ضوء التطورات الحديثة في ميادين الحياة كافة وحث الخطى من أجل الوصول الى مستويات للضمان الاجتماعي للعمال تتناسب وحجم التحديات التي تهدد مستقبل العمل والعمال .
#عنان_الصفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل
...
-
واشنطن توسع عقوباتها ضد البنوك الروسية و العاملين في القطاع
...
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. جدول رواتب المتقاعدين الجديد
...
-
The WFTU statement on the recent development in the Ukraine
...
-
بيان اتحاد النقابات العالمي حول التطور الأخير في الحرب الأوك
...
-
مزارعون يغلقون ميناء في فرنسا احتجاجا على محادثات مع ميركوسو
...
-
“وزارة المالية العراقية”.. استعلام رواتب المتقاعدين شهر ديسم
...
-
السيد الحوثي: الامريكي منذ اليوم الاول بنى كيانه على الاجرام
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|