أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - محمد الحنفي - حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية في الإبقاء عليها...؟















المزيد.....


حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية في الإبقاء عليها...؟


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 2228 - 2008 / 3 / 22 - 11:33
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    


استجواب أجراه الأستاذ عبد الرحيم الوالي مع محمد الحنفي

قبل تناول الأجوبة عن الأسئلة المطروحة في الموضوع، أود في البداية أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى الأستاذ عبد الرحيم الوالي، ومن خلاله إلى وكالة الأنباء الدولية، أي. بي. اس. على إتاحة الفرصة لي، من أجل الحديث في موضوع مناهضة عقوبة الإعدام عبر العالم، متمنيا أن يعبر حديثي عن انشغالات وكالة الأنباء الدولية على المستوى العام، وعلى مستوى المغرب بصفة خاصة.

وحتى لا أطيل في هذا التقديم، أدخل مباشرة في تناول الأجوبة على الأسئلة التي تلقيتها من وكالة الأنباء الدولية.

السؤال الأول:

بعد امتناع المغرب عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، تحركت بعض الفرق البرلمانية، من خلال مساءلة الحكومة حول هذا الموقف.

من وجهة نظركم كمناضل حقوقي، هل ترون أن البرلمان المغربي تعامل، حتى الآن، بالفعالية المطلوبة مع مطلب إلغاء عقوبة الإعدام؟
إن هذا السؤال، في حد ذاته، يطرح علينا إشكالية مصداقية البرلمان المغربي، أو عدم مصداقيته، من خلال مصداقية الدستور المغربي، أو عدم مصداقيته، قبل النظر في تعامل هذا البرلمان، بالفعالية المطلوبة، مع مطلب إلغاء عقوبة الإعدام.

فالبرلمان المغربي هو برلمان قائم على أساس ديمقراطية الواجهة، المؤسسة على دستور ممنوح، لا ديمقراطي، ولا شعبي، وغير متلائم مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وانطلاقا من هذه الحيثية، فان وجود البرلمان، في حد ذاته، هو وجود شكلي، يعتبر معظم أعضائه من ذي الامتيازات المخزنية، والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية. وأعضاء من هذا النوع، لا يمكن أن يفكروا إلا مصالحهم الفردية، والطبقية، وفي حماية المصالح المخزنية، باعتبارها مصدر النعم التي لا حدود لها، على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد، ما دام البرلمانيون أوفياء للمؤسسة المخزنية، وما دام وفاؤهم يقف وراء خدمة مصالحهم الفردية، والطبقية، ومصالح المؤسسة المخزنية، صاحبة الفضل في الامتيازات التي يتمتعون بها على وجه الخصوص، فإنهم لن يكونوا أوفياء للإنسانية، وللشعب المغربي. ولذلك نجد أنهم لن يسعوا إلى:

1) إيجاد دستور ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب، متلائم مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

2) إيجاد قوانين انتخابية، تضمن حرية الانتخابات، وشفافيتها، ونزاهتها، وتحت إشراف هيأة مستقلة.

3= العمل على ملاءمة الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، واعتماد اختيارات ديمقراطية، وشعبية، لرفع الحيف الذي يلحق هذه الجماهير.

4) إعادة النظر في الامتيازات اللا ديمقراطية واللا شعبية واعتماد اختيارات ديمقراطية وشعبية لرفع الحيف الذي يلحق هذه الجماهير.

وإذا كانت أمر البرلمانيين كذلك، فإنهم لن يسعوا الى تمتيع جميع الناس بجميع الحقوق، ومنها الحق في الحياة، الذي يتناقض مع تنفيذ عقوبة الإعدام.

وبناء عليه، فإن عدم تعامل البرلمان المغربي مع امتناع المغرب عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعليق تنفيذ عقوبة الإعدام بالفعالية المطلوبة، يأتي في السياق الذي اشرنا إليه، خاصة، وأن الطبقة الحاكمة، تعتبر أن تلك العقوبة تمكنها من جعل حياة المغاربة، أو موتهم بيدها، رغما عن حقوق الإنسان، وعن رغبة الحقوقيين، وضدا على ما تقتضيه المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

وإذا تحركت بعض الفرق البرلمانية، في حينه، لمساءلة الحكومة، فإن التواجد في الحكومة نفسها، هو مجرد امتياز يقدم لبعض الفرق البرلمانية، التي افرزها الإخراج المخزني للانتخابات، خاصة وأن قوة تلك الفرق، تكون ضعيفة أمام الكم الهائل من البرلمانيين الذين يعتبرون عقوبة الإعدام عقوبة شرعية، قبل أن تكون قانونية، سواء تعلق الأمر بالأحزاب الإدارية التي صنعتها، أو ستصنعها الإدارة المخزنية، أو حتى العديد من الأحزاب التي تعتبر نفسها وطنية، أو إسلامية، أو تقدمية، وسواء كانت في الحكومة، أو في المعارضة، فإن فعالية تلك الفرق، تكون ضعيفة، لا تتجاوز مجرد طرح سؤال لا قيمة له بالنسبة للحكومة، أو غيرها، ما دام غير مدعوم بالنضالات التي تقودها الجمعيات الحقوقية في الشارع المغربي، من أجل ممارسة الضغط على الحكومة نفسها، نظرا للعلاقة الجدلية التي كان يجب أن تقوم بين طرح مطلب إلغاء عقوبة الإعدام من داخل البرلمان، وبين تعبئة الشعب المغربي حول العمل على تحقيق هذا المطلب بمختلف الأشكال النضالية.

وتأسيسا على ما ذكرنا، فإن البرلمان المغربي، لم يتعامل، بالفعالية المطلوبة، مع مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، ولا ينتظر منه ذلك، لطبيعته.

السؤال الثاني:

هل ترون أن المنظمات الحقوقية، التي تشكل الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، تقوم بالعمل التواصلي اللازم، لتحسيس الرأي العام المغربي، بأهمية إلغاء هذه العقوبة؟

وفي جوابي على هذا السؤال لا أتكلم باسم المنظمات الحقوقية المشكلة للائتلاف المغربي من اجل إلغاء عقوبة الإعدام، مع أنني انتمي إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تعتبر أكبر هذه المنظمات الحقوقية، وأوسعها انتشارا على المستوى الوطني، وأكثرها إخلاصا في النضال الحقوقي، ولكنني أقول باسمي الشخصي، ومن خلال ارتباطي بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ تأسيسها سنة 1979، ومن خلال تجربتي الحقوقية البسيطة، إن معظم المنظمات الحقوقية هي مجرد واجهات حزبية ليس إلا، سواء كانت تلك الأحزاب قائمة في الواقع، أو في طور التشكيل. وما دامت معظم الجمعيات الحقوقية كذلك، فإنها تنخرط بشكل، أو بآخر، في العمل على أجرأة التوجيهات الحزبية في المجال الحقوقي، ليتحول النضال الحقوقي إلى نضال يفتقر إلى المبدئية، التي يقتضيها النضال الجمعوي الحقوقي.

وبمعنى أدق فإن احترام مبادئ العمل الحقوقي، كما هو معتمد في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، كجمعية ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، شمولية، كونية، تنطلق من مرجعية واحدة، ووحيدة، وهي المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية، والإجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، لتسيطر البرامج، والمقررات، واتخاذ المواقف النضالية في الزمان، والمكان، غير وارد عند باقي الجمعيات الأخرى، التي قد تأخذ بمرجعيات أخرى، تنسجم مع طبيعة مرجعيات الأحزاب التي وقفت وراء تشكيلها. ولذلك فتواصل هذا الائتلاف مع الجماهير المغربية سيكون محدودا من جهة، وموجها حزبيا من جهة أخرى، مما يجعل تحسيس الجماهير المغربية ضعيفا على مستوى توعية الجماهير الشعبية الكادحة بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأنه بدون انتشار هذا الوعي بين الجماهير الشعبية، لا يمكن أن يستوعب أفراد الشعب المغربي ما معنى الحق في الحياة؟ الذي يتأسس عليه مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، خاصة، وأن تواجد الجمعيات المشكلة للائتلاف المغربي من أجل عقوبة الإعدام محدود في بعض المدن، إذا استثنينا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تأخذ بمبدأ الجماهيرية حقوق الإنسان، الذي وقف وراء انتشار فروعها على مستوى التراب الوطني. وهو ما يجعل الرهان على التواصل مع الجماهير فيما يخص مطلب إلغاء، عقوبة الإعدام ضعيفا، ولا يرقى أبدا إلى المستوى المطلوب. رغم أن مطالب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي يعتبر هذا المطلب من بينها، منتشرة بين أفراد الشعب المغربي، تبعا لانتشار فروعها على مستوى التراب الوطني.

السؤال الثالث:

ما هي العوامل التي تفسر، في نظركم، رغبة الدولة المغربية في الإبقاء على عقوبة الإعدام؟

إن الدولة المغربية، هي دولة رأسمالية تبعية، يسيطر عليها التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، الذي ليس من مصلحته العمل على تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وما دام الأمر كذلك، فإن الدولة المغربية تتمسك، بحكم طبيعة الطبقة الحاكمة، بالإبقاء على عقوبة الإعدام، باعتبارها قوة قمعية مسلطة على رقاب الجماهير، حتى تستخدمها الدولة في الظروف المناسبة، لقمع الحركات المطلبية، والمناضلة، أو الساعية إلى تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

ومن العوامل الذاتية، والموضوعية، التي تجعل الدولة المغربية ترغب في الإبقاء على عقوبة الإعدام، نجد:

1) كون الطبقة الحاكمة تستعبد الجماهير الشعبية، بحكم حاجتها الى القوت اليومي، الذي تتحكم فيه تلك الطبقة، باعتباره موردا للمزيد من الثروات الهائلة، التي تجنيها يوميا، من وراء عملية الاستعباد تلك. والتي تتمظهر في ارتفاع الأسعار الصاروخي، وتدني الأجور، وخوصصة الخدمات العمومية، كالصحة، والتعليم، وغيرهما، وقلة مناصب الشغل الجديدة...الخ. وحتى لا يمتلك الناس الوعي بضرورة التحرر من استبعاد الطبقة الحاكمة لهم، يصير التمسك بالرغبة في الإبقاء على حكم الإعدام ضروريا، لإرهاب الجماهير الشعبية بصفة عامة، ولإرهاب المناضلين الشرفاء بصفة خاصة، للإبقاء على درجة الاستعباد مرتفعة.

2) كون الطبقة الحاكمة تضاعف الاستغلال، وتخطط لمضاعفته، حتى يتأتى لها استنزاف القدرة الشرائية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة، التي تصير منشغلة، بقوتها اليومي، حتى لا تفكر في العمل على خوض الصراع، من اجل تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، في أفق القضاء على الاستغلال. وحتى لا يمتلك العمال، والأجراء، الوعي بحقوقهم المختلفة، وبالحق في تحقيق العدالة الاجتماعية، فإن الطبقة الحاكمة تبقي على عقوبة الإعدام، كوسيلة قمعية، تستهدف كل من يسعى إلى القضاء على الاستغلال المادي، والمعنوي للجماهير المغربية.

3) كون الطبقة الحاكمة تستبد بالحكم دستوريا، وقانونيا، وعمليا، مما يجعل الجماهير المغربية بعيدة عن المشاركة في القرار السياسي، وفي بناء الاقتصاد الوطني، وفي تقرير الطبيعة التي يجب أن تكون عليها الخدمات الاجتماعية، مما يجعل المصير الاقتصادي والاجتماعي، والثقافي، والسياسي للبلاد، بيد الطبقة الحاكمة، التي تستبد بكل شيء، مما يجعل الممارسة الديمقراطية غير واردة، حتى وإن كانت هناك مؤسسات تدعى مؤسسات ديمقراطية، ما دامت هذه المؤسسات من إنتاج ديمقراطية الواجهة. وحتى لا تمتلك الجماهير الشعبية الوعي بضرورة قيام ديمقراطية حقيقية من الشعب، وإلى الشعب، وبالمضامين الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتنخرط في النضال الديمقراطي الحقيقي، فإن الطبقة الحاكمة تتمسك بالإبقاء على عقوبة الإعدام، حتى لا تمتلك الجماهير الوعي الديمقراطي، ومن أجل ضمان تأبيد الاستبداد القائم.

4) ضعف الأحزاب السياسية، والمنظمات الجماهيرية، بما فيها المنظمات الحقوقية المعول عليها في جعل الجماهير تمتلك الوعي الضروري بحقوق الإنسان، وبخطورة الإبقاء على عقوبة الإعدام على مستقبلها. وهذا الضعف يقابله تقديم الدعم اللا محدود لكل الأحزاب، والمنظمات، والهيئات التي أنتجتها الدولة خلال مرحلة الاستقلال السياسي للمغرب، بما فيها التوجهات التي تسيس الدين الإسلامي، والتي تدعم الإبقاء على عقوبة الإعدام باعتبارها وسيلة قمعية من جهة، وباعتبارها عقوبة شرعية من جهة أخرى، وتدخل في إطار ما يسمونه ب "تطبيق الشريعة الإسلامية".

5) تبعية الدولة المغربية للنظام الرأسمالي العالمي، مما يجعلها خاضعة لإرادة هذا النظام على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وبما إن زعيمة النظام الرأسمالي العالمي تتمسك بالإبقاء على عقوبة الإعدام، فإان الدولة المغربية كذلك، تختار الإبقاء على عقوبة الإعدام، تبعا لما تختاره زعيمة الرأسمالية على باقي المستويات.

6) اعتماد المرجعية الدينية في مختلف تشريعات الدولة، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسة. وبما أن المرجعية الدينية تأخذ بعقوبة الإعدام، كحد من الحدود الواردة في الشريعة الإسلامية بالخصوص، فإن الدولة المغربية إذا تخلت عن الأخذ بعقوبة الإعدام، سوف تعتبر خارجة عن الدين، وسيؤدي ذلك إلى تخليها عن الشرعية الدينية. ولذلك، فهي تتمسك بالإبقاء على عقوبة الإعدام، حتى تبقى على شرعيتها الدينية في صفوف الجماهير المتدنية.

7) سيادة الفكر المؤدلج للدين الموسوم بالفكر الأصولي، الذي وقف وراء وجود أحزاب تسمي نفسها بالأحزاب الدينية، التي تسعى إلى تأبيد الاستبداد القائم، أو تعمل على فرض استبداد بديل، مما يجعل الدولة المغربية تراهن على شرعيتها، الدينية، حتى تقطع الطريق أمام كل من يسعى الى استغلال الدين، من أجل الوصول إلى امتلاك السلطة. ولأجل ذلك، فهي تبقى على عقوبة الإعدام.

8) سيادة التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، الذي يقف وراء بروز مجموعة من الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي قد تقف وراء حدوث كوارث عظيمة تلحق الأذى بالجماهير الشعبية الكادحة، وبالطبقة الحاكمة نفسها، مما يجعل الدولة تبقى على عقوبة الإعدام، حتى تستخدمها عند الضرورة، من اجل إيقاف الأثر السلبي للظواهر المرضية على الطبقة الحاكمة بالخصوص.

وهذه العوامل، وغيرها، مما لم نذكر، هي التي تقف وراء إبقاء الدولة المغربية على عقوبة الإعدام.

السؤال الرابع:

هل ترون أن حالة اللا مبالاة، أو ما يسمى ب "العزوف السياسي"، لها تأثير على مستوى ضعف التعبئة الجماهيرية حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام؟

وللجواب على هذا السؤال، يجب أن نسجل أن ما يسمى "العزوف السياسي"، أو اللا مبالاة، هو موقف سياسي عام للجماهير الشعبية الكادحة، وأن هذا العزوف، بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة، لا يعنى عمليا إلا فقدان الثقة في جميع الانتخابات التي تجريها الدولة المغربية، وبإخراج أجهزتها السلطوية، التي تشرف عليها وزارة الداخلية، كوزارة للسيادة. ووجود ظاهرة العزوف لا يعني أبدا ضعف التعبئة الجماهيرية حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، بل هناك أمور أخرى هي التي تجعل الجماهير لا تستجيب في معظم الأحيان، لا تهتم بمطلب إلغاء عقوبة الإعدام، وهذه الأمور تتمثل في:

1) اعتماد المرجعية الدينية المشرعة لعقوبة الإعدام في الممارسة الفردية، والجماعية، لمعظم المغاربة.

2) وقوع معظم الجماهير المغربية تحت تأثير مسيسي الدين الإسلامي، بمن فيهم الدولة، ومن خلال وسائل الإعلام السمعية البصرية، والبرامج الدراسية، والمساجد والأفراح، والمآتم، التي تتخذ طابعا دينيا صرفا.

3) كون معظم من يعول عليه في تعبئة الجماهير حول المطالب الحقوقية، وحول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام بالخصوص، يتخذ ذلك وسيلة لنسج علاقات تؤدى إلى تحقيق تطلعاته الطبقية.

4) كون من يصل في مختلف المحطات الانتخابية إلى المؤسسات الجماعية، أو إلى البرلمان، لا يهتم إلا بتحقيق تطلعاته الطبقية، مستغلا في ذلك كل الإمكانيات المتاحة.

5) غياب الوضوح في الممارسة الإيديولوجية، والسياسية، والمطلبية، مما يجعل الجماهير تقع في حيرة من أمرها، فتضطر إلى الابتعاد عن العملية برمتها، سواء تعلق الأمر بالعمل السياسي، أو العمل الجماهيري، مما يجعلها لا تتعاطى مع مطلب إلغاء عقوبة الإعدام من القاموس القانوني المغربي.
وهذه الأمور مجتمعة، هي التي ترسخ في صفوف الجماهير المغربية العزوف، واللامبالاة بالعملية السياسية، والجماهيرية، إلا إذا كانت لها علاقة واضحة بالمصالح المادية للجماهير، وفي هذه الحدود. وما سوى ذلك، فالجماهير المغربية تعتبر نفسها مجرد سلم للصعود المادي، والمعنوي، مما يجعلها لا تبالي بمطلب إلغاء عقوبة الإعدام.

السؤال الخامس:

حتى الآن يبدو وجود الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام ضعيفا على شبكة الأنترنيت، في الوقت الذي تتيح فيه الشبكة العالمية إمكانيات مهمة للتواصل مع الرأي العام.

هل ترون أن استعمال الشبكة العالمية بشكل أنجع، قد تكون له آثار ايجابية على مستوى تعبئة الرأي العام حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام؟

إن اعتماد شبكة الأنترنيت، كوسيلة للتواصل، لم تدخل بعد ضمن الثقافة المكتسبة بالممارسة عند العامة، والخاصة من المغاربة، لحداثتها أولا، ولكونها تحتاج الى تكوين معين لم يصر بعد معمما على جميع المتعلمين في المدارس، والمعاهد، والجامعات المغربية، لكون المسئولين لم يرصدوا بعد الإمكانيات المادية، والتأطيرية اللازمة لذلك. وإذا كان الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام لم يستغل هذه الشبكة للتواصل مع المغاربة، ومع الناس في جميع أنحاء العالم، فلأن ثقافة اعتماد الأنترنيت، في هذا التواصل، لم تدخل بعد ضمن بنيات هذا الائتلاف، رغم الدورات التكوينية التي تلجا اليها الجمعيات الحقوقية المكونة له. وإذا افترضنا أن الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام، متشبع بثقافة اعتماد الإنترنيت، كوسيلة للتواصل مع المغاربة بالخصوص، سنجد أن المشكل الذي يبقى قائما هو: أن المغاربة لم يعتمدوا بعد على الحاسوب، وعلى المعرفة المعلوماتية، التي تمكنهم من استعماله كوسيلة للتواصل، نظرا لانتشار أمية القراءة، والكتابة، في صفوف أكثر من نصف المغاربة، وانتشار الأمية المعلوماتية بين غالبية المتعلمين، وإذا افترضا أن المغاربة حاربوا هذه الأمية المزدوجة، وتمكنوا من امتلاك المعرفة المعلوماتية، ما هي الإمكانيات المادية التي تمكنهم من اقتناء الحاسوب، ومن إدخال الهاتف إلى بيوتهم، ومن الانخراط في شبكة الإنترنيت. فنحن نعرف أن غالبية المغاربة يقضون سحابة يومهم يعملون من اجل الحصول على قوتهم اليومي، غير عابئين لا بالحاسوب، ولا بالمعرفة المعلوماتية، ولا بمحاربة الأمية، ولا يحزنون. ومع ذلك فأنا أرى شخصيا أنه رغم الشروط الموضوعية التي وقفنا عليها، فإن اعتماد الشبكة العالمية للأنترنيت، بشكل أنجع، من قبل الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام، قد تكون له آثار إيجابية على مستوى تعبئة الرأي العام، حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، إذا صارت مختلف المنظمات الحقوقية، والنقابية، والجمعوية، والأحزاب السياسة، تعتمد نفس الشبكة في التواصل، وإذا عملت هذه المنظمات، والأحزاب على نشر المعرفة المعلوماتية، وثقافة التعامل مع مجموع أفراد الشعب المغربي، وإذا عملت هذه المنظمات والأحزاب على نشر المعرفة المعلوماتية، وثقافة التعامل مع شبكة الأنترنيت في صفوف أعضائها، مدخلا لنشرها في صفوف مجموع أفراد الشعب المغربي، وإذا عملت هذه المنظمات على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية لمجموع المغاربة، أي أن صيرورة الشبكة العالمية للأنترنيت أنجع وسيلة للتواصل ولتعبئة الرأي العام حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، رهينة بتغيير الشروط الموضوعية القائمة، بشروط نقيضة مساعدة على ذلك.

وفي الختام، أرجو أن أكون قد لامست المقصود من طرح هذه الأسئلة المتعلقة بتعامل البرلمان المغربي مع مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، ومما تقوم به المنظمات الحقوقية المشكلة للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، من القيام بالتواصل اللازم لتحسيس الرأي العام المغربي، بأهمية إلغاء عقوبة الإعدام، وبالعوامل التي تقف وراء رغبة الدولة المغربية، في الإبقاء على عقوبة الإعدام، ودور حالة اللامبالاة "والعزوف السياسي"، في ضعف التعبئة الجماهيرية، حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، ودور اعتماد الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام على الشبكة العالمية للأنترنيت في تعبئة الرأي العام حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام.

ومرة أخرى أتوجه بالشكر الجزيل الى الأستاذ عبد الرحيم الوالي، ومن خلاله إلى وكالة الأنباء الدولية، آي. بي. اس. لإتاحة هذه الفرصة من أجل التواصل مع الرأي العام في مستوياته المختلفة.

وللجميع مني كامل التقدير والاحترام.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يريد الأمازيغيون من المغرب؟
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الدين ...
- الأستاذ فؤاد عالي الهمة والابتلاء بالمنبطحين الإنتهازيين.... ...
- الأستاذ فؤاد عالي الهمة والابتلاء بالمنبطحين الإنتهازيين.... ...
- الأستاذ فؤاد عالي الهمة والابتلاء بالمنبطحين الإنتهازيين.... ...
- الأستاذ فؤاد عالي الهمة والابتلاء بالمنبطحين الإنتهازيين.... ...
- الأستاذ فؤاد عالي الهمة والابتلاء بالمنبطحين الإنتهازيين.... ...
- الأستاذ فؤاد عالي الهمة والابتلاء بالمنبطحين الإنتهازيين.... ...
- الشاعرة المغربية حكيمة الشاوي، أو الأمل الذي يصيرمستهدفا من ...
- المرحلة الراهنة، ومهمات قوى اليسار، والديمقراطية.....5


المزيد.....




- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا ...


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - محمد الحنفي - حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية في الإبقاء عليها...؟