اليساريون في العراق هم ليسوا الشيوعيين فقط !!

ابراهيم خليل العلاف

الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 11:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

هناك من يتحدث عن اليسار العراقي، وكأنه يقصد الحزب الشيوعي لوحده ،مع أن العراق في تأريخه المعاصر، يزخر بالتراث اليساري.. ورحم الله الأستاذ حسين جميل السياسي اليساري المعروف ،حين كتب عن بواكير اليسار العراقي وبداياته والمتمثل بجماعة الأهالي .ثم جاء الأستاذ الدكتور محمد أنيس وهو من اليساريين المصريين ليواصل البحث في تأريخ اليسار العراقي وعبر مقالاته في مجلة الهلال القاهرية .
نحن لاننكر بان الشيوعيين، عرفوا في العراق المعاصر بتميزهم الثقافي وبتركيزهم على قضايا التقدم والحرية والديمقراطية والسلام ،لكن ممارسات بعضهم أو بعض أجنحتهم للأسف، شانهم في ذلك شان غيرهم من القوى والأحزاب العراقية الأخرى، لم تكن متطابقة مع مايدعون إليه من أفكار وأراء نظرية تتعلق بالصراع الطبقي والنضال القومي .

في العراق المعاصر أيها الإخوة والأخوات، شخصيات يسارية مستقلة ،وأحزاب وقوى يسارية، وصحف، ومجلات، ونواد، انتهجت طريق اليسار وسعت من اجل إشاعة مفاهيمه حتى قبل وبعد أن يتأسس الحزب الشيوعي في سنة 1934 ..كانت هناك بدايات وبواكير لفكر يساري جديد وجد طريقه حتى قبل أن تنتقل المفاهيم الماركسية –اللينينية ..وإلا بماذا نفسر ظهور( جماعة الصحيفة)البغدادية في العشرينات من القرن الماضي ورفعهم شعار ((الله ..الخبز ..الوطن )) ..لم يكن أولئك كما قال البعض من الكتاب الشيوعيين ،النواة أو الخلية الماركسية الأولى في العراق ..كانوا يجتمعون في غرفة إمام جامع الحيدرخانة ..وقد بعثوا لأحد اليساريين المصريين يطلبون منه أن يرسل إليهم كتبا تعرفهم بالاشتراكية التي يسمعون عنها ولا يفقهون مضامينها الحقيقية .
و(جماعة الأهالي )الذين ظهروا في الثلاثينات من القرن الماضي، والذين انخرط عدد منهم في الحزب الوطني الديمقراطي بزعامة القائد اليساري الأستاذ كامل الجادرجي رحمه الله أين نضعهم .. أين نضع الأستاذ حسين جميل، وأين نضع الأستاذ جعفر أبو ألتمن وأين نضع الأستاذ محمد حديد وغيرهم كثير .
ولنتساءل عن( جماعة مجلة المجلة الموصلية )الذين ظهر نشاطهم اليساري سنة 1938، وكان معظمهم من مثقفي اليسار وفيهم من هو قومي، ووطني وإسلامي، واشتراكي لكنهم كانوا جميعا مؤمنين بفكرة التقدم، وقيم الحرية والسلام وإشاعة الخير العميم للبشرية .
لقد كانوا يتلمسون طريقهم وسط نزعات وتيارات فكرية ،علينا جميعا أن نعترف بأنها لاتزال تحكم خارطة العمل السياسي في العراق وهي التيارات الدينية، والتيارات القومية، والتيارات الاشتراكية ،والتيارات الليبرالية .
وعندما تأسس الحزب الشيوعي سنة 1934، كانت الساحة السياسية العراقية آنذاك وفيما بعد وحتى كتابة هذه السطور، مليئة باليساريين الذين يقومون بدور فاعل في المجتمع العراقي، وخاصة في جانب التأكيد على أهمية التقدم، والتغيير، والإصلاح ،والتحديث في كل مناحي الحياة ..واستطيع القول أنهم يعبرون عن أنفسهم بكتاباتهم وسلوكهم .ويقينا أن من بينهم صحفيون وكتاب وأدباء وأساتذة جامعات ومحامين ومهنيين وليس من بينهم بالضرورة من هو شيوعي اقصد منتميا إلى الحزب الشيوعي ..بنبعي أن نقر بهذه الحقيقة ونعمل من اجل أن يعبر أولئك اليساريون عن أنفسهم ولا نظلمهم ونحجم نشاطهم الريادي، ونكثر من القال والقيل، ونقلب الصفحات ونتهم ونطعن ولنكن علميين وموضوعيين وكفانا حقدا وإثارة لمشاكل وملابسات يتحمل الجميع مسؤوليتها .
لقد اهتم اليسار العراقي بالثقافة، وبهدف تطوير مجتمعهم وتقدمه وفق مفاهيم وأفكار تؤمن بالإنسان وبقدراته الخلاقة، وبجهوده الفاعلة من اجل تغيير واقعه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحتى السياسي، ودون أن يرتبطوا بحزب أو تنظيم .
اليسار أيها الإخوة والأخوات ،حركة للتقدم ،ودعوة للنهوض،ووسيلة للتطوير وليس من حق احد أن يحتكر هذه التسمية. والجميع يعرف بان من يحمل فكرا يساريا لايمكن أن يكون أحادي النظرة ،ضيق الأفق ..انه بدون شك يحترم الآخر، وينتهج الحوار، والكلمة الطيبة الصادقة،والموعظة الحسنة للوصول إلى ما يهدف إليه وما يهدف إليه هو تقدم المجتمع العراقي وتطوير مؤسساته وتحريره من براثن الأجنبي والتسلط والنزعات الطائفية والعنصرية والعرقية.كذلك فان مايريده اليسار هو تفعيل مؤسسات المجتمع والدولة،والإنسان أولا وأخيرا هو أداة هذه العملية ووسيلتها والمستفيد من نتائجها .

#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات