|
في ظل ختل الوزارة ...مدينة الحلة تحتفي بعرسها الثقافي
كامل القيّم
الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 11:21
المحور:
الصحافة والاعلام
كجزء من التقاليد الدولية ، واحتفاءً بعطاءات مدن وأقاليم معينة يتم سنوياً انتقاء عواصم للثقافات على المستوى الدولي ام العربي ام القطري ...وغالباً ما نسمع ان المدينة الفلانية قد اُختيرت لتكون عاصمة الثقافة للدولة( س )وهكذا كجزء من التفعيل الثقافي وعرفناً بالجميل للمدن المنتجة للثقافة والفن والأدب .. وكانت وزارة الثقافة قد استحدثت هذا التقليد مشكورة في العراق باختيار ( الحلة ) عاصمة للثقافة العراقية لهذا العام ...ومن خلال التصريحات النارية لمستشاري الوزارة ومسؤوليها – وكما تعودنا – أن ترسم وتُوعد وتحارب الظرف ...وتحلم لأجل الوجاهة الإعلامية والمعادلة في الغالب لخفوت واجباتها المفترضة ، ودائماً يأتي الكلام وينتفخ ويتسع ليغدو للعاقل ضرباً من خيال ...هذا ما لمسناه من تصريحات السادة المسؤولين والمعنيين الذين غدوا أبطال الاختيار ومنظميه والساهرين عليه ....والواقع بما لا يسّرك أن تعلم . وسأبدأ من محطة اختيار مدينة الحلة باعتبارها عاصمة الثقافة ، والتي تبدو بحسب أقوالهم إسقاط فرض ...وكان الاتكاء على الماضي وشماعة الانتقاء كانت( بابل وحضارتها) وليس حراكها الحالي وقنواتها التأثيرية المختلفة – والتي بحسب المنطق يجب ان تكون متميزة ثقافيا وعلميا وانتاجياً لأطياف الفنون والفكروالادب وباقي نوافذ الأداء الشعبي – فكان هذا التهميش الأول وبحسب احد تصريحات مسؤوليها بالقول ((وقع الاختيار على بابل كونها تمتلك تأريخاً ثقافياً ثرياً يبدأ من الحضارة البابلية حتى بابل العصر الحديث والتي أخرجت أسماء لامعة لكتاب وأدباء في مختلف مجالات الحياة وهي محاولة لتسليط الضوء على موقع بابل الآثاري ودفع الجهود الدولية والمحلية لإعادة تأهيل هذا الموقع المهم )) جريدة المدى... . وإذا كانت المسافات متساوية للمدن العراقية فلكل العراق حضارات ثرية ...كنا نتمنى ان يكون للحاضر الثقافي والعلمي والإبداعي هو الميزان- وفعلاً كان هو المقياس الحقيقي للاختيار - لكنه لم يطلق كأساس رئيسي وأولي ...وهذا يثير تساؤل ، كيف تتصرف الوزارة إذا كانت إحدى المدن العراقية نشطة ثقافيا ومتميزة في عجلة الإبداع عن الآخريات ، وليس لديها موقع اثري كبابل او آشور او سومر ..الخ . وهل وزارة الثقافة تعتمد على الجهود الدولية لإعادة تأهيل قبلة العالم القديم واعتى رمز حضاري وإنساني ، بالشكل الذي يجعل المهرجان وظيفياً للوزارة وأداة للتشكي وطلب المعونة ...ولا اعرف ما الذي يمنع الوزارة ومن تخصيصاتها من ان تعيد التأهيل الذي أصبح ميثولوجيا في أذهان العراقيين ...وتتكرم بزيارة مواقعه بعد ان بكى دماً من الأمريكان ...أين كانت وماذا عملت لبابل ؟وهي الآن أشبه بثكنة عسكرية . حتى بدأت الخشية تأخذنا حين يذكرها التاريخ في كتب المدارس وتتساءل الأطفال عنها ، ماذا نجيب ؟ ومن المسؤول ؟وماذا سنعمل لباقيات حضارة يفخر بها الآخر كمعطى إنساني، ونحن نجاورها دون تماس وبحسرة للقاء ، وننظرلها من وراء الساحات القاحلة، ومخلفات الزمن المتحضر . وقد ملئنا الفرح والبهجة،وراح الحليون يستذكرون هذا الأمر في كل مناسباتهم الثقافية املاً بيوم التتويج ، عندها كانت كل منظومات ثقافة أهالي الحلة قد حصلت على جرعات منشطة لهذا الحدث الجلل في زمن عولمة الأفكار وتكنولوجيا السبق الثقافي ...وبالطبع هذا إنجاز افرح الحليون وان كان أساسه للمتابع حسر الذكرعلىالحاضرالابداعي واعتكف على التاريخ . مصفوفة شرك الوصاية : بخصوص إشراف الوزارة على إقامة الفعاليات ( المختلفة والممتدة بحسب التصريحات ) كانت اقتصرت بضع لقاءات كان نتاج لهذا المشهد : 1- يوم الافتتاح ، بغض النظر عن معارضة المعنيين وبعض المشاركين في جلسة إعداد الفعاليات على يوم الافتتاح الرسمي ،بهدف التهيئة والتنظيم بشكل أفضل ، لكن إصرار الوزارة كان قوياً على التحديد( بمعنى نحن المعنيون وانتم المنفذون ) ، وهذه أول وصاية مارسها وزارة الثقافة على سير الفعاليات وأول رسالة على ان الأمر وزاري وليس مجتمعي او محلي . 2- شاءت الوزارة ان يكون يوما الافتتاح من حصتها ، ومن شانها بكل التفاصيل ، وأهالي المدينة ما عليهم سوى إجراء التحضيرات ، وتكون الفعاليات باسم الوزارة اعتباراً من المراسيم وحتى الفرق الموسيقية ، والأيام الباقية ستكون لأنشطة أبناء المدينة ( والرسالة واضحة ) لنا الحضور الرسمي المهيب واستحسان وسائل الإعلام ولكم شانكم ومخاضكم الثقافي في أروقتكم المتعبة منذ الخمسينيات ، لا نعرف كيف ستقوم الوزارة بالعمل على بناء بنى ثقافية ((وستكون هذه المناسبة فرصة لافتتاح منشآت ومراكز ثقافية جديدة في المدن التي تفتقر لمثل هذه المؤسسات»)) هذا التصريح كجزء من أهداف الوزارة ) أي منشات واي قواعد ثقافية ، والمدينة تشكو من عدم وجود مرفق ثقافي يجمع ويبرز حراكها العلمي والثقافي ، البيت الثقافي مؤجر ، واتحاد الأدباء ونقابة الفنانين وباقي القنوات الثقافية لأتملك أي شبر تزهو به ...متى يعطونا فرصة بناء قاعة تجمعنا. 3- ان تصدر جريدة وملصقات وأمور الدعاية الأخرى عن طريق الوزارة ( ولا نعلم حكمة هذا الموضوع ) لماذا يتم هذا التبني والأبوية حتى في إصدار جريدة في مدينة مليئة بالصحفيين والأدباء والأكاديميين ...وحول ماذا سيكتبون وكيف في ظل الابتعاد عن فقرات وشرايين ثقافة المدينة الحقيقية .إي عاصمة للثقافة جعلتها الوزارة لا تستطيع ان تحرر جريدة لأفراحها وتعبر عن عمقها الثقافي .(( انه تم تهيئة وطبع وتوزيع بطاقات الدعوة الخاصة بالمهرجان في بغداد وباقي المحافظات وخط اللافتات وطبع أكثر من 10 ألاف بوستر ترمز الى بابل وحضارتها، إضافة الى تهيئة وسائل النقل بين بغداد وبابل لنقل الفرق المشاركة بالفعاليات، وإصدار جريدة (بابل 2008) وهي متخصصة بتغطية فقرات المهرجان".تصريح للسيد الشمري رئيس اللجنة الإعلامية ممثل الوزارة وهل هذا عمل وزارة ..لأول احتفاء بعاصمة ثقافية في العراق . 4- حينما تطالع كتابات ما يصدر عن وزارة الثقافة حول الموضوع تقرأ (تجري الاستعدادات... وسبل تهيئة... واستكمال الإجراءات..الخ ) والكاتب كان قريباً بل مشاركا في المشهد اليومي المؤلم للحكومة المحلية وبعض أقطاب الثقافة والفن والأدب الحليين وللجنة التحضيرية والتي يرئسها احد مرشحي الوزارة وثلاثة آخرين لم نرى منهم الا الزميل مسؤول اللجنة الإعلامية ...والافتتاح بعد يومان ولا نعلم ماذا سيحصل يوم الافتتاح وكيف ؟ وكان السيد المحافظ وبعض أعضاء المجلس والمعنيين في حيرة من الأمر ...يومان يفصل الافتتاح ولم يأتي أي ممثل , ولم يصل أي مؤشر على الوصاية التي أرادتها والوعود التي أبرمتها) او ما وعدت به بحسب التصريحات تملىء المواقع الالكترونية التي أمامي وكأننا ننتظر معجزة ما كي يبدو الأمر بخير . 5- اعتقد حينما تفخر جهة ما بتبني موضوع كمثل موضوعنا والأول من نوعه في العراق، وبناء على ، وحرص الوزارة ...الخ من التصريحات النارية كان من المفترض ان تستحضر أمورها قبل أسبوعان على الأقل وان تبني غرفة عمليات وشبكة حضور عالية التنظيم والمستوى والفعل دون القول ، وإلا ان تعطي زمام الأمور لأهل المدينة ودوائرها الإدارية والحكومية . 5- هذا المشهد الوزاري جداً... عدم القدرة على الفعل فيما نقول ...وعدم التنظيم ....وعدم الإشراك ..والمركزية خلق للرسم الختامي للفعاليات جواً من الحيرة بالشكل الذي قلب الآية الى تدبير شؤون ما وعدت به بغداد ( الوزارة ) من توقيتات الفعاليات الى عرفاء الحفل (الذين لم يحسنوا حتى التعامل الإنساني مع بعضهم بكلام ثقيل) الى أدق تفاصيل السيناريو المخيف من قبل أهالي المحتفى بها، والذي بعد سويعات ستمتلىء مدينتهم بالمسؤولين وقادة الرأي والضيوف في ظل تحضيرات مراسيم فُرضت عليها ...وعليهم ان ينجحوا بالتوافق مع ارثها الحضاري وعمقها الثقافي في ظل أجواء الحالة الأمنية وضعف البنى التحتية الثقافية وضغط الوقت وعدم الوضوح. كنا نتمنى ان يكون الحلة بابهى وأوسم حلتها ،لا أن تُصبح بصباح لم تُملىء به ساحتها وشوارعها بطقوس وعلامات الزهو والجمال، كنا نريد لأطفالها فرصة إدهاش ولمكوناتها( كل مكوناتها ) تحفيز المشاركة والكل يحتفي بعروس الثقافة التي تجمعهم...وان تعطى لأهلها حرية التعبير عن الفرح الذي من المفترض ان يزانون به، وتُمارس حقها الثقافي بجو من التدبير والتخطيط وبالشكل الذي لا يجعل منها كبش فداء ولإدارة شأنها الثقافي ...وأنا أقول للأخوة في الوزارة ان الحلة لم تقدم او تستحضر برامج لاحتفالها فهذا حراكها الأسبوعي واليومي ، فالأدباء والشعراء ونشاط المدارس والمجتمع المدني والجامعة والحلقات الثقافية ومعارض الفن والتشكيل...الخ بناءها المستدام وكجزء من سمة خلفها لنا الأولون، وهذا ما يديم لها التميز ..فلدينا كل يوم عطاء فليس كل الخارطة قد بانت لقصة الحلة والثقافة ..واعتقد ان الحلة هي التي احتفت وأعطت جرعة منشطة للوزارة وهي التي جعلت معنييها على صدارة وسائل الإعلام بتصريحاتهم التي تُنذر بكسل سنوي مقابل طلب لنجاح أسبوعي ...على أكتاف واحراجات الآخرين .. وانطلاقي في هذا ولاياتي من فراغ ..إذا ما عرفنا أن الثقافة هي طريقة للتعبير والتفاعل وان الرعاية والتنشيط يجب ان تكون عادلة ومتسمة بالعلم والإنتاج فليس المهرجانات قياس نجاح الوزارة ..إنما بناء الرغبة وزرع بذور الابتكار والتميز والتحفيز والتذوق والتلقي الثقافي ...حينما تصل الى هذا المنحى ...عند ذاك تكون قد نجحت، فالحلة لا تكتفي بتلك اللوحة، والتي أتمنى ان تكون جميلة برغم العتمة، أتمنى للحلة فك الشراكة بيومها الثقافي الشعبي القادم ...وأقول : للوزارة نصرها الرسمي والإعلامي.. وللحلة: نصرها الاجتماعي والثقافي الحقيقي .وهذا ما سينسجه أطفال المدينة وكبارها ...وسيكون شط الحلة حينذاك ميدان فرح للذين يرفضون الوصايات . ...وحتما سندعو الوزارة ضيوف أجلاء.. ليشاهدوا ثقافة مجتمع حقيقية وعن قرب .
#كامل_القيّم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من محن الإعلام العراقي ... العراقية الخامسة مباشر.... ولادة
...
-
الرقابة والتقويم على مضمون وسائل الاعلام
-
الاتصال والاستثمار والأمن الوطني...مثلث برمودا
-
الاتصال الإنساني.....من البناء الرمزي الى تكنولوجيا الإعلام.
...
-
مبدأ التراكم والتداخل في دراسة الظواهر العلمية.....رؤية اتصا
...
-
حق الإعلاميين بالوصول للمعلومات ...إنعاش للتنمية والديمقراطي
...
-
صحافة الحلة المدرسية
-
هيئة الإحياء والتحديث الحضاري في بابل...عولمة الذات المصغّرة
-
الاعلام الدولي ...على خطى العولمة ...الحلقة الثانية
-
من تاريخ الصحافة العراقية
-
الإعلام الدولي ...على خطى العولمة
-
ثقافة البحث العلمي في دوائر الدولة.....الى ابن؟
-
الماكنة الدعائية الامريكية في العراق....رؤية في ادوات التاثي
...
-
دور الإعلام والعلاقات العامة في تدعيم الاحتلال الأمريكي للعر
...
-
قناة الحلة الفضائية.... وفق رؤية اكاديمية مفترضة...
-
البحث العلمي...بين المعرفة ..و التفكير المنظم
-
من تاريخ الصحافة العراقية /صحف الحلة ومجلاتها الجزء الثاني
-
من تاريخ الصحافة العراقية / صحف مدينة الحلة ومجلاتها
-
الفضائيات العراقية .... نحو هوية علمية جديدة
-
البحث العلمي ومشتركات الظواهر العلمية
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|