|
معركتك الحقيقية ليست أمام مخبز ، أو كشك لبيع الخبز
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 06:08
المحور:
حقوق الانسان
زجاجات مولوتوف ، أسلحة بيضاء ، دماء ، قتلى ، هذه هي المفردات التي لا مفر من إستخدامها لوصف معارك الخبز الحالية ، و التي أصبح فيها المواطن المصري يقتل أخاه ، من أجل لقمة العيش ، التي عزت على نصف الشعب ، في عصر مبارك .
تلك المعارك الدموية ، دفعتني لملاحظة شيء غريب في سلوك إخواني في الوطن ، من الذين خاضوا معارك الخبز الدامية ، و توجهوا لقتل بعضهم بعضاً ، و هي ان البعض ، و رغم أن الغضب وصل بهم إلى أقصى درجات السلوك الإنساني توحشاً ، و لكنهم ، لازالوا يخافون النظام الحاكم ، فوجهوا غضبهم ليس بإتجاه رأس الأفعى ، و ليس حتى إلى ذيلها ، و إنما إلى شركائهم في المعاناة ، و إخوانهم في الحرمان .
فلو حدث و أن طلبت من بعض هؤلاء المسلحين بالمولوتوف ، و الأسلحة البيضاء ، من سنج ، و سيوف ، و سواطير ، أن يتركوا كل هذه الأسلحة جانباً ، لينضموا إلى العمل الثوري السلمي ، للإطاحة بالنظام الذي تسبب في هذه المأساة المصرية ، لجبنوا ، و خافوا ، و أحجموا .
تلك هي ملاحظتي ، و التي تقود إلى نتيجة ، تلك النتيجة ، هي إنه لتنجح الثورة الشعبية المصرية السلمية ، التي نبغيها ، فعلينا العمل في خطين متوازيين ، الأول : بالتوعية و الشرح ، بتوعية المواطن المصري ، من كافة المستويات الفكرية ، بأن السبب الحقيقي لمأساته ، ليس إلا آل مبارك ، و إن أي أسباب أخرى ، ليست إلا أسباب ثانوية . ثانيا : العمل على كسر حاجز الخوف النفسي ، الذي يكبل المواطن المصري ، فيجعله يحجم عن الخروج في مظاهرة سلمية ، ضد من تسبب في تحطيم حياته ، و لكنه لا يحجم ، في بعض الأحيان ، عن قتل أخيه في الوطن و الفقر ، إن رأى أن لقمة عيشه ، و عيش أسرته ، مهددة .
علينا كسر حاجز الخوف ، علينا كوطنيين مصريين ، في حزب كل مصر ، إلتزام التوعية المستمرة ، لفك قيود الرعب من النظام ، تلك القيود التي تلتف حول عقل البعض ، فتمنعهم من مواجهة كبير اللصوص ، و الإطاحة به ، مع بقية العصابة ، و التخلص من معاناتهم بالتالي نهائياً .
على ان معارك الخبز ، و ما تبعها من أحداث دامية ، على المستوى الشعبي المصري ، كان لها رد فعل أخر ، على مستوى طغمة الفساد الحاكمة .
بالأمس خرج المتحدث الرسمي ، لطغمة الفساد و الإستبداد الحاكمة ، بتصريح ، يوضح الإجراءات التي إتخذتها تلك الطغمة ، لمواجهة المأساة ، و كان القرار ، هو تكليف الجيش المصري ، بالعمل على حل الأزمة ، و كان الأحرى بهم قول تخفيفها ، لأن الأزمة أعمق ، في مسبباتها ، من أن يحلها الجيش المصري ، مهما توافرت لديه حُسن النية ، فالأزمة ذات جذور عميقة ، إقتصادية ، و سياسية ، و إجتماعية .
التطور الجديد ، هو لجوء مبارك الأب ، مؤخراً للجيش المصري ، و هو الذي عمل على إضعافه ، و تهميشه ، و تفريغه ، أولاً بأول ، من ذوي الأفكار الوطنية ، و خلق جيش موازي مرتزق ، أطلق عليه الحرس الجمهوري ، أو بالأحرى حرس الأسرة ، و حاول خلق شعور بالكراهية لدى المواطن المصري تجاه جيشه ، بالتعديلات الدستورية ، التي أجازت تقديم المدنيين لمحاكم عسكرية ، فأصبحت تلك المحاكم إسفين ، دقه مبارك الأب بخبث ، بين الجيش و شعبه .
على إن هذا التطور ، و أعني اللجوء للجيش ، لتخفيف أزمة الخبز ، أرى إنه لن يقف عند هذا الحد ، فاليوم مبارك ، و مع أول أزمة طاحنة عميقة ، هرع للجيش ، بما سيخلُق إحساس عميق لدى أفراد الجيش ، بأهمية دورهم الإجتماعي ، كمؤسسة ، في مصر ، و على الجانب الأخر ، فإن المواطن المصري ، سوف يبدأ في الشعور بأن الجيش نصيره ، و إنه عندما يجد الجد ، و تشتد الأزمات ، فإن نصيره هو الجيش .
هذه التطورات ، و التي ستحدث على المستوى الشعبي ، و على مستوى الجيش ، ستكون سبباً في زيادة إحتمالية الإنقلاب العسكري القادم ، و الذي تحدثت عنه منذ عام 2005 .
فلو تفاقمت هذه الأزمة ، أو حدث غيرها بشكل أوسع نطاق ، و فشلت الحلول التسكينية المؤقتة ، و إندلعت إضطرابات كبيرة ، فإن الجيش لن يسمح لنفسه بخسارة رصيدة ، بالتدخل لقمع الشعب ، و لن يقف ساكتاً ليشاهد قوات الحرس الجمهوري ، و هي تدخل القاهرة ، و غيرها من المدن ، لتهرق دم المواطنين المصريين .
ما أراه ، أن الجيش تمت دعوته اليوم ليتدخل من أجل الخبز ، و غدا سيتدخل - و بدون دعوة - من أجل الحكم .
على إنني على موقفي ، لن أتزحزح عنه ، فأرجو من إخواني في الوطن ، ألا يعتبروا حدوث إنقلاب عسكري هو الحل ، لأن بعد الإنقلاب ، ستحدث إنفراجة مؤقته ، ثم تعود الأمور لما هي عليه .
الجيش مكانه هو ثكناته ، و مهمته هي الحفاظ على حرمة هذا الوطن ، بالحفاظ على حدوده ، لا أكثر ، و لا أقل ، فلا يصح أن يكون حاكما أو قاضيا .
أخي المواطن ، لا بديل عن ثورتك ، و بما أنك أصبحت تحمل المولوتوف ، فما الذي يمنعك من أن تخرج هاتفاً ، دون سلاح ، ضد من سرقوك ، و أجاعوا عيالك ؟؟؟
أخي المصري ، لن يحل أزمتك ، أحد غيرك ، و مزيد من الصبر عليهم ، لا يعني إلا مزيد من المعاناة لأسرتك ، و التحرك اليوم ، أفضل من الإنتظار للغد .
تخلص من خوفك ، و ناضل ليس فقط من أجل رغيف خبز ، بل من أجل رفع مستوى حياتك ، و رفاهية أطفالك .
أخي المصري ، معركتك الحقيقية ، هي بالهتاف في ميدان التحرير ، و بإقتحام مجلس الشعب ، و مبنى الإذاعة و التلفزيون ، و مقر وزارة الداخلية ، و مقار أمن الدولة ، و مديريات الأمن ، و مقار الحزب الوطني ، في كافة المحافظات ، و مقار الصحف الحكومية الكبرى ، و كافة القصور و الإستراحات الرئاسية ، و كل رمز للسلطة .
معركتك الحقيقية ليست أمام مخبز ، أو كشك لبيع الخبز ، و حريتك و حياتك أثمن من أن تضيع من أجل رغيف خبز .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أختي المصرية ، الثورة هي من أجل تأكيد ذاتك كإمرأة
-
الدم المصري ليس حلال على أحد
-
المناضل من أجل العدالة سيبقى ، الإختلاف في الوسيلة و الخطاب
-
الأحرار في أفريقيا ، و العبيد في الجزيرة العربية و شرم شيخ ا
...
-
الإعتراف بكوسوفا ، إعتراف و تكفير
-
أربعة و عشرين ميدالية ، لم تمنع إسقاط تشاوتشيسكو
-
إنما ينطق سعد الدين إبراهيم عن الهوى
-
ابنة مارجريت تاتشر ربعها عربي ، و توماس جفرسون فينيقي ، فماذ
...
-
طفل واحد لا يكفي
-
على آل سعود الإعتذار لنا ، نحن أهل السنة
-
لا لحصانة ديرتي وتر و المارينز في مصر
-
علينا ألا ننغلق ، علينا ألا نكرر خطأنا زمن الإمبراطورية الرو
...
-
الركلات و الهروات للضعفاء ، و للأقوياء ما أرادوا
-
حان وقت إسقاط أسرة أبو جيمي ، و بدون ضوء أخضر من أمريكا
-
هل من المحظور على المسلمين الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة ا
...
-
هل يعد ج. د. بوش الإيرانيين برئيس مثل أبو جيمي ؟
-
لقد حطموا الذكاء المصري ، إنهم يريدونا عبيد
-
لن نقف أمام تكايا آل مبارك
-
مخاوفنا مبررة ، فالحرية الإقتصادية ليست مطلقة
-
هكذا يجب التعامل مع آل مبارك
المزيد.....
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|