هاشم الخالدي
الحوار المتمدن-العدد: 2224 - 2008 / 3 / 18 - 11:00
المحور:
ملف - دور قوى اليسار والديمقراطية في بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية تضمن الحرية والعدالة الاجتماعية للجميع
برزت في الفتره القريبه المنصرفه مناقشات جريئه تناولت مسالة وحدة اليسار,وكيفما حاولنا الابتعاد فاننا نجد انفسنا في لب المشكله اذا ما اردنا ان نتناول مسالة وحدة اليسار,ولا زالت هناك اشكالية كبرى, ولا زالت هناك طروحات فضلا عن انظمه تقودها احزاب شموليه باسم الشيوعيه وان جرى تعديل داخلها الا انه لازالت تحكم بصيغة الحزب الواحد باعتباره صاحب الحق الوحيد بناصية المستقبل كله, فهو مخول بحكم زعمه معرفة الحقيقه المتمثله بايديولوجيته, و انه السباق في عقد العزم ليكون هو حزب الطبقه العامله التي سيتحقق على عاتقها ازالة الطبقات والانتقال الى الاشتراكيه و الشيوعيه وفق رؤيا تلك الايديولوجيا, ومن حق حزب كهذا ان يتبنى الفكره ويلتزم بها ويتمسك الا انه لا يستطيع ان يمنع توجهات اخرىمن ان تحلق في الميدان وان كان يستطيع ان يمنعها من ان تضع لها عشا بجواره ربما, لذلك فان توترا يسود جميع هذه الانظمه فهي في الوقت الذي تخشى الراي الاخر حتى وان كان من صنف توجهاتها بل حتى في داخلها واحشائها, فانها حريصة على حقوق الانسان فهذه هي ذاتها القاعده الاساسيه التي تنطلق منها النظريه اصلا,ان ما يمنح هذه الانظمه القدره على الصمود هو امتلاكها السلطه والدوله بالاضافة الى برامج البناء والنمو, لقد انهارت انظمه مشابهة وبقيت اخرى لاسباب متداخله بعضها خارجي امبريالي وبعضها داخلي يخص كل من المنهار منها والصامد, وتلك على العموم هي الاشكاليه الكبرى ..وليس هي موضوعنا للبحث , وانما هو مدخل ضروري لفهم طبيعة ماجرى عالميا ومحليا ومدخل ضروري لفهم التحالفات المطلوبه من اجل لم شمل قوى الاصلاح والتحرر في عالم ثالث لازال يعاني من شتى انواع القهر والتخلف وتعاني احزابه من الاخفاق الذاتي ومن نتائج اخفاق الرديف في فشل وتازم احزاب المنظومه الااشتراكيه فكرا وتطبيقا, ويشكل عالمنا العربي والاسلامي محورا رئيسا في ذلك كله ,اما في العراق فان تجسيدا مصيريا خطيرا قد تحقق بسقوط سلطة البعث بزعامة صدام حسين وان مصيرا اخر يواجه البعث كحزب وليس كسلطه لم تتبلور معالمه بعد لكنه لا زال تنظيما سريا قويا وواسعا رغم ما تعرض له وما يعانيه من تركات ثقيله وقصور في قيادتيه الحاليه,كما ان هناك تنظيمات اخرى محسوبه على البعث او التنظيمات القوميه المشابهه واخرى وطنيه على جانب واخر, ان هذه الاحزاب الوطنيه والقوميه اليساريه عموما هي الاخرى تواجه كل ما نشأ من افرازات سواء رضيت ام ابت, ان المساله المصيريه هي ليست خاصة حزب معين , كما ان أي حزب منها لا يملك الحق في المراجعه و تحديد الموقف من التجربه المخفقه,حتى لو كان حاكما , لان الكارثه برمتها تنعكس على مصير شعب ووطن , فلكي ننئا عن انفسنا كا حزاب وحركات ووطن ينبغي ان لا نكون ملكيين اكثر من الملك ذاته ولكن بنفس الوقت فان الحاجه ماثلة وماسه لاستيعاب الاحداث بواقعيه فلكل حقبة زمنيه فاصله او مرحله ظروفها وعوامل فاعله فيها, وأجل معين , فنحن اكثر حاجة للواقعيه من أي شعب او مجتمع اخر ,قرأت قبل ايام في احدى المواقع قصة معبره عن القرود الخمسه هذا نصها: " إذا افترضنا انك أحضرت خمسة قرود، ووضعتهم في قفص، وفى منتصف القفص قمت بتعليق حزمة موز، ووضعت تحتها سلما.
بعد مدة قصيرة ستجد أن قردا ما من المجموعة سيعتلي السلم محاولا الوصول إلى الموز. ما أن يضع يده على الموز، أطلق رشاشا من الماء البارد على القردة الأربعة الباقين وأرعبهم!! بعد قليل سيحاول قرد آخر أن يعتلي نفس السلم ليصل إلى الموز، كرر نفس العملية، رش القردة الباقين بالماء البارد. كرر العملية أكثر من مرة! بعد فترة ستجد أنه ما أن يحاول أي قرد أن يعتلي السلم للوصول إلى الموز ستمنعه المجموعة خوفا من الماء البارد. الآن، أبعد الماء البارد(مصدر الخوف والتهديد) وأخرج قردا من الخمسة إلى خارج القفص، وضع مكانه قردا جديدا لنسميه (سعدان) لم يعاصر ولم يشاهد رش الماء البارد. سرعان ما سيذهب القرد (سعدان) إلى السلم لقطف الموز، حينها ستهب مجموعة القردة المرعوبة من الماء البارد لمنعه وستهاجمه. بعد أكثر من محاولة سيتعلم (سعدان) أنه إن حاول قطف الموز سينال (علقة قرداتية) من باقي أفراد المجموعة! الآن أخرج قردا آخر ممن عاصروا حوادث رش الماء البارد (غير القرد سعدان)، وأدخل قردا جديدا عوضا عنه. ستجد أن نفس المشهد السابق سيتكرر من جديد. القرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليه ضربا لمنعه. بما فيهم (سعدان) على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدري لماذا ضربوه في السابق، كل ما هنالك أنه تعلم أن لمس الموز يعني (علقة) على يد المجموعة. لذلك ستجده يشارك، ربما بحماس أكثر من غيره بكيل اللكمات والصفعات للقرد الجديد (ربما تعويضا عن حرقة قلبه حين ضربوه هو أيضا( !! استمر بتكرار نفس الموضوع، أخرج قردا ممن عاصروا حوادث رش الماء، وضع قردا جديدا، وسيتكرر نفس الموقف. كرر هذا الأمر إلى أن تستبدل كل المجموعة القديمة ممن تعرضوا لرش الماء حتى تستبدلهم بقرود جديدة! في النهاية ستجد أن القردة ستستمر تنهال ضربا على كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم. لماذا؟ لا أحد منهم يدري!! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت, فهي لا تدرك ان لكل ظرف اجل,وان طرح الاشكاليه الكبرى جانبا ونبذ افرازاتها المنعكسه على احزابنا طيلة عشرات السنوات المنصرمه يعد بشكل ملموس وواضح شرطا اساسيا لوضع الاقدام في خطواتها الاولى للخروج من الازمه العامه ,اما البقاء في دوامة صراعات الاشكاليه الكبرى وافرازاتها واجترار المواقع والمشاهد فهو سوف لن يجدي نفعا على صعيد المهمه المطلوبه من القوىالسياسيه الطليعيه الهادفه الى الاصلاح العلمي العملي بعيدا عن التيارات المغلفه بالغيبيه والمعتقداتيه والمذهبيه , كما انه سيكون ضارا حتى داخل الحزب الواحد فتنعكس على تماسكه وتؤدي الى تفتته بسبب سحبها وانجرار الاحكام عليه,ان الدوامه والاجترار ليس وسيله سليمه في اخذ العبر وتصحيح المسار فذلك شان اخر هاجسه الموضوعيه, ان وحدة اليسار بالنسبة الى مرحلتنا مفهوم يتناسب مع ظرفنا ولا يمكن التحليق بعيد عن الواقع فيما لو اردنا ان نكون جادين في انقاذ ما يمكن انقاذه من حالة التدهور التي نحن فيها , ولا مبر موضوعي لطرح معضلات نظريه لم تحل ولم يجري تجاوزها وكانها قد انتهينا منها يقينيا واصبحت مسلمات نهائيه كحقائق في محيط عام من المعرفه والدرس لا نهاية له, فندين الاخرين من لا يسلم لها, فقد اصبحت تلك المعضلات موضوع يثير شك ويستدعي الدراسه والبحث ,فلسنا الان بصدد من هو حزب الطبقه العامله ومن هي الطبقه التي ستخرج مجتمعنا من الطبقيه الى اللاشتراكيه والشيوعيه,لذلك فان المدخل ينبغي ايضا ان يقوم بتحديد معنى اليسار المقصود , وهو مفهوم نسبي حتما ولا باس ان يتخذ التعريف مداه البعيد ولكنه لا يصح ان يفقد سنده وركيزته وموطئ قدمه, فمن هو اليسار في المرحله الحاليه..؟
ان جبهة اليسار وليست وحدة اليسار في اعتقادي هي اصطفاف عملي مشترك لدعوات واجتهادات علميه متعدده في نضال موحد لتخليص الانسان والوطن من جميع الاستلابات الطبقيه والاثنيه وما تعكسه من علاقة غير متكافئة وما تسببه من شقاء عبر الاستجابه و الانخراط في جبهة حركات شعبيه تسود بينها العلاقات الديموقراطيه بدون منح امتيازمسبق لكفة اي منها , وصولا الى غايتهم جميعا الا وهي الاشتراكيه. ان جبهة اليسار في المرحله التي يمر بها العراق تتطلب رفض الاحتلال ومقاومته بالطرق والوسائل المتاحه,فمن هنا نبدأ...لا يمكن بناء برنامج الا على تلك القاعدة.
#هاشم_الخالدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟