أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - ألمانيا مهدَّدة بما يتهدَّد إسرائيل!














المزيد.....


ألمانيا مهدَّدة بما يتهدَّد إسرائيل!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2223 - 2008 / 3 / 17 - 08:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


"تهديد إسرائيل، تهديد لنا". بهذه العبارة، أو الشعار، أو الموقف، استهلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زيارتها "التضامنية" لإسرائيل، التي يحقُّ لها أن تزهو بنفسها، وتَغْتَر، وأن تمضي قُدُماً في رفضها العملي والفعلي لكل سلام مع الفلسطينيين والعرب لا يُخْرِجهم من مطالبهم وحقوقهم، وحتى من مبادرتهم السلامية، أذلَّة وهُمْ صاغرون.

الكلام لا بدَّ من أن يكون له معنى إذا ما صَدَر عن زعماء دول غربية كألمانيا، وليس عن زعماء دول عربية (كالصومال الممتدة من المحيط إلى الخليج). ومعنى كلام ميركل أنَّ كل ما يُهدِّد إسرائيل يمكن ويجب أن يهدِّد ألمانيا، التي ليس كل ما يهدِّدها يمكن ويجب أن يهدِّد إسرائيل، فإسرائيل أوَّلاً حتى في الالتزامات السياسة والاستراتيجية لدولة مثل ألمانيا.

وحتى لا نسيء الظن، ونفهم كلام ميركل، أو تهديدها، على أنَّه موجَّه ضدَّنا، ونحن الذين لا نملك شيئاً من مقوِّمات وشروط تهديد إسرائيل غير إصرارنا على التزام السلام معها خياراً استراتيجياً لا محيد عنه، ولو دفاعاً عن النفس، نقول إنَّ إيران النووية (أو "إيرانيوم") هي وحدها، أو في المقام الأوَّل، التي تستهدفها ميركل في إنذارها هذا، وهي التي تحدَّثت عن برنامجها النووي قائلة: "برنامج إيران النووي لا يمكن أن يستمر"، مع أنَّه لم يتحوَّل بَعْد إلى أسلحة وقنابل، ومع أنَّ إيران ما زالت تزعم أنَّها ضدَّ هذا التحوَّل (لأسباب أخلاقية وإنسانية دينية صرف) ومع بقائه مدنياً سلمياً في غاياته وأغراضه. ولَمَّا كان هذا البرنامج يتهدَّد الأمن القومي الألماني لكونه يتهدَّد الأمن القومي الإسرائيلي، أسرعت ألمانيا في بناء غواصتين لإسرائيل من طراز "دولفين"، ويمكن أن تبني لها ثالثة، ليصبح لدى البحرية الإسرائيلية ست غواصات "دولفين"، يمكنها حَمْل رؤوس نووية.

الألمان أمَّة عظيمة بكل المقاييس؛ ومع ذلك كُتِبَ عليهم أن يظلوا محكومين بحكومات لا تعرف من البرامج السياسية والاستراتيجية إلاَّ ما يؤكِّد أنَّ عواقب هزيمة ألمانيا النازية لم تنتهِ بَعْد، ألمانياً، ويجب ألاَّ تنتهي، ما دام لدولة مثل إسرائيل مصلحة في أن تظل ألمانيا اليوم تعيش، وإلى الأبد، واقع ونتائج الهزيمة التي منيت بها ألمانيا الهتلرية، وتسعى، في استمرار، إلى التكفير عن ذنوب هتلر "التي لا تُغْتَفَر"؛ وليست "الغواصات"، وكلام ميركل، سوى جزء من "الكفَّارة الألمانية الأبدية".

حتى كلام الرئيس الإيراني نجاد عن "المحرقة اليهودية" يجب أن يتحوَّل إلى مزيد من التضامن الألماني مع "دولة الضحايا"، وكأنَّ كل تشكيك في تلك المحرقة، ولو كان تشكيكاً في بعض تفاصيلها، يجب أن تردَّ عليه برلين بتقريب مزيدٍ من القرابين لإلهها اليهودي الجديد!

ومع ذلك تريد برلين تلبية مطلب بلير، وعقد مؤتمر دولي جديد من أجل السلام ومساعدة الفلسطينيين، في حزيران المقبل، فإذا نجح فلا ينجح إلاَّ في شيء واحد فحسب، هو "تعزيز جهاز الشرطة الفلسطينية، والنظام القضائي الفلسطيني"، وكأنَّ هذا هو كل ما يحتاج إليه إنجاز "حل الدولتين"، فإسرائيل لها الغواصات، وما لا يَقِل عنها قوَّة من الالتزامات السياسية والاستراتيجية الألمانية، وللفلسطينيين مساعدات شرطية وقضائية هي أقل ما يحتاجون إليه من مساعدة دولية.

لقد سَمِعْنا ميركل وهي تُعْلِن أنَّ كل ما يهدِّد إسرائيل يهدِّد ألمانيا، ولم نسمع دولة عربية واحدة تُعْلِن أنَّ كل ما يهدِّد الفلسطينيين يهدِّدها، فكلام عربي رسمي كهذا، ولو لم يتعدَّ حدود الكلام العربي، ما عاد بالأمر المقبول، دولياً وإقليمياً.. وعربياً، فالفلسطينيون وقضيتهم، التي مازالت كبيرة في شروط حلِّها على الرغم من كل ما تعرَّضت له تلك الشروط من تصغير، هُمْ الآن مَصْدَر تهديد لـ "الأمن القومي العربي"؛ لأنَّ الولايات المتحدة وإسرائيل تَنْظُران إلى أي تضامن عربي معهم، ولو كان يقلُّ كثيراً، وكثيراً جدَّاً، عن التضامن الألماني مع إسرائيل، على أنَّه تضامن مع عدوِّهما من "الإرهاب" و"التطرُّف".

والسياسة العربية الرابحة الآن إنَّما هي التي تُتَرْجَم عملياً بمشاركة عربية مباشِرة، أو غير مباشِرة، في تعريض الفلسطينيين لمزيد من الضغوط المختلفة، لعلَّ ما بقي لديهم من رفض لشروط السلام الإسرائيلية يتحوَّل إلى "مَطْلَب"، فيصبح الشرط الإسرائيلي للسلام مع الفلسطينيين مَطْلَباً فلسطينياً، فلا يبقى، بالتالي، من مَصْدَر تهديد لـ "الأمن القومي العربي"!

وكثيراً ما أفضى العجز العربي عن مواجهة الجلاد أو الجاني الإسرائيلي إلى كُرْه عربي للضحية الفلسطينية، يُمْكِن في ظرف ما أن يتحوَّل إلى عداء لها!

ويكفي أن يظل العرب على ما هًَمْ فيه من عجز (أو تعاجز) عن تدارُك ومواجهة مخاطر عدوهم الحقيقي حتى نسمع بلغة عربية فصحى ما أسمعتنا إيَّاه ميركل بلغتها الألمانية!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخلُّف -السؤال-!
- ظاهرة -تمدُّد الكون-.. في تفسير افتراضي آخر!
- عمرو موسى يستأنف التشاؤم!
- -التجارة- و-السياسة-.. عربياً!
- الطريق إلى تحرير -القطاع-!
- -التهدئة- التي تريدها إسرائيل!
- عملية القدس الغربية.. سؤال ينتظر إجابة!
- لُغْز -الزمن-!
- -الشتاء الساخن-.. نتائج وتوقُّعات!
- عندما تتسلَّح -جرائم الحرب- ب -القانون الدولي-!
- حلٌّ جدير بالاهتمام!
- -ثقافة المقاومة- التي ينشرها -الجهاديون-!
- مادية وجدلية العلاقة بين -الكتلة- و-الفضاء-
- تعصُّب جديد قد ينفجر حروباً مدمِّرة!
- الموقع الإلكتروني للجريدة اليومية
- التلويح ب -كوسوفو-!
- مفاوضات أم جعجعة بلا طحين؟!
- مرض يدعى -المظهرية-!
- وَقْفَة تستحق الإشادة والتقدير!
- اغتيال مغنية.. ما ظَهَر منه وما استتر!


المزيد.....




- ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت ...
- مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
- غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا ...
- سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا ...
- هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
- كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
- من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا ...
- ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان ...
- بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب ...
- حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - ألمانيا مهدَّدة بما يتهدَّد إسرائيل!