فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 2222 - 2008 / 3 / 16 - 11:30
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تابعنا باهتمام بالغ اصداء وردود افعال الحركة العمالية, والهيئات النقابية ومؤسسات المجتمع المدني, على مشروع قانون الضمان الاجتماعي وما تضمنه المشروع, من جوانب ايجابية او سلبية, خاصة وان قانون الضمان الاجتماعي اصبح يكتسب اهمية بالغة في حياة الاردنيين عامة, حيث لا يخلو بيت من المشتركين والمنتفعين من القانون, خاصة بعد اخضاع العاملين في قطاع الدولة سواء من السلك العسكري او المدني لقانون الضمان الاجتماعي, ومع عدم التقليل من اهمية العناصر الايجابية, الا ان الجوانب السلبية طاغية في المشروع.
اما الاسباب الموجبة لصدور المشروع بعضها يستحق الاهتمام, وبعضها الاخر مبالغ به ويدخل في اطار التبرير ليس الا لانتقاص غير مبرر لحقوق العاملين في بعض الجوانب, وسوف نتناول هذه النقاط تفصيليا, ومع تقديرنا لاهتمام المسؤولين بالمؤسسة في الحفاظ على اموال الضمان, نتمنى ان ينصب هذا الاهتمام ايضا في مجال استثمار اموال العمال والموظفين, هذه الاموال التي تعتبر ملكا للاردنيين جميعا. كما انها ملك للاجيال القادمة, فلا يجوز بحال من الاحوال التصرف بها بمعزل عن ممثلي كافة مؤسسات المجتمع المدني من النقابات واللجان العمالية والمهنية, والاستفادة من ذوي الاختصاص والخبرة ورؤية الاحزاب السياسية, وكي لا نغرق في بعض التفاصيل, سوف نتناول النقاط الجوهرية في هذه المذكرة, خاصة وان جهات نقابية ومهنية تناولت هذه التفاصيل.
ادخل المشروع تعديلات جوهرية على القانون منها ما هو ضروري وينبغي التأكيد عليه, مثل تحديد سقف للراتب الخاضع للضمان الاجتماعي لوقف نهب اموال المؤسسة من قبل بعض المتنفذين مستغلين ثغرات في القانون. كما نثمن عاليا استحداث ما تضمنته المادة 80 من المشروع بربط رواتب التقاعد ورواتب الاعتلال بالتضخم او بمعدل النمو السنوي لمتوسط الاجور ايهما اقل مع اعتقادنا بضرورة تعديل السقف المطروح »عشرين دينارا« كون البلاد مقبلة على نسب تضخم مرتفعة, كما اننا نقدر التعديل الذي طرح على المادة 47 المتعلق براتب تقاعد الوفاة الطبيعية بتخفيض شرط ما لا يقل عن 24 اشتراكا الى 6 اشتراكات, للحصول على راتب تقاعدي, بالاضافة الى توسيع قاعدة المشتركين في الضمان الاجتماعي بشمول العاملين في القطاع الزراعي والعاملين في المؤسسات التي تقل عن خمسة عمال, وثناؤنا على هذه المواد الايجابية لا يحرمنا من حقنا في التحذير من الاضرار التي سوف تلحق بالعاملين والمنتفعين جراء بعض التعديلات المطروحة على القانون, واليكم ابرز النقاط التي تحتاج الى تعديل اما لاسباب ادارية او التي تشكل ضررا على مصالح العمال والموظفين والمنتفعين.
1- التنظيم الاداري للمؤسسة:
أ- طرح المشروع تشكيل مجلس ادارة من 15 عضوا, منهم اربعة اعضاء يمثلون العمال واربعة اعضاء يمثلون اصحاب العمل, والامناء العامين لوزارات العمل والمالية والصناعة والصحة, وبرئاسة المحافظ ونوابه لشؤون التأمين والاستثمار, يعينهم مجلس الوزراء على ان يقترن التعيين بارادة ملكية.
انطلاقا من مبدأ توسيع استقلالية المؤسسة يفترض الاكتفاء بتعيين المحافظ بقرار من مجلس الوزراء مقرونا بارادة ملكية, على ان يقوم المجلس باختيار نواب المحافظ, كما يفترض توسيع مشاركة المؤسسات الاهلية في مجلس الادارة مثل النقابات المهنية والهيئات النسائية.
ب- اضافة نص يتضمن تحويل المكافآت التي يحصل عليها عضو مجلس الادارة الى الجهة التي انتدبته, وعدم حصول عضو مجلس الادارة لمزايا شخصية بسبب عضويته في المجلس سوى احتساب بدل المواصلات, لضمان تمكن الشخص المنتدب من الدفاع عن المصالح العامة وليس عن الامتيازات الشخصية التي حصل عليها.
ج- طرح المشروع تشكيل لجنة مراقبة من اعضاء المجلس, يفترض ان تشكل هذه اللجنة من خارج المجلس, بالاضافة الى ضرورة اخضاع المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وكافة انشطتها بما فيها المحفظة الاستثمارية الى رقابة ديوان المحاسبة.
2- تأمينات اصابات العمل:
أ- بينت التجربة العملية ان بعض الاجراءات الادارية حرمت العديد من العمال المصابين من حقوقهم, وقد نجح العديد من العمال من انتزاع هذه الحقوق من خلال المحاكم بعد انتظار طويل وتكاليف باهظة, كما تخلى العديد من العمال عن حقوقهم لهذه الاسباب, لذلك لا بد من تخفيف الاجراءات, والتعامل مع اصابات العمل بأكثر مرونة.
ب- ضرورة اعادة النظر بالحالات التي تندرج تحت اصابة العمل, خاصة ما يتعلق بالامراض المهنية, وشمول الحالات المتعلقة بالام الظهر والعمود الفقري الناجمة عن العمل المكتبي, او الاعمال الصعبة التي تقتضي احيانا حمل الاجسام الثقيلة وتؤدي الى آلام الظهر.
ج- ورد في المشروع تعديل على تعريف اصابة العمل تضمن عبارة.. شريطة ان يكون الذهاب والاياب الى مكان العمل, ومنه مباشرة من دون توقف او تأخر غير مبرر او انحراف عن الطريق الطبيعية المعتادة والغريب ان هذه الصياغة تستخدم عادة لدى الشركات التي تسعى لتحقيق الربح بالدرجة الاولى, والتي تتربص لحرمان شخص ما تعرض لحادث اثناء توجهه الى عمله, واضطر لتغيير اتجاه سيره بناء على طلب شرطي مرور لوجود ازمة سير في الطريق المعتاد سلوكها, او انحرف عن طريقه بعد انتهاء الدوام نحو مخبز او سوبر ماركت لشراء بعض الحاجيات لاسرته, فلا يجوز استخدام هذه الصياغات في قانون الضمان الاجتماعي.
3- تأمين الشيخوخة والعجز المبكر:
التعديل المطروح على راتب الشيخوخة يتضمن احتساب الراتب بواقع 2.5% من متوسط الاجر الشهري خلال الستة والثلاثين اشتراكا الاخيرة, وذلك عن اول الف وخمسمائة دينار, وبواقع 1.58% عن الباقي مع تحديد سقف للراتب الخاضع للضمان ب¯ 5000 دينار, النقطة الايجابية في هذا التعديل وضع سقف للرواتب المرتفعة الخاضعة للضمان, للحد من استيلاء بعض الاثرياء والمتنفذين على اموال المؤسسة بصورة غير مشروعة, نتيجة استغلال بعض الثغرات في القانون, والتي وصلت حدا خطيرا بحصول بعض المتقاعدين لرواتب تقاعدية من 16 الف دينار او 18 الف دينار شهريا من الضمان الاجتماعي, لا شك ان هذه الحالات ترقى الى مستوى شبهة الفساد.
اما موضوع تعديل احتساب راتب التقاعد يمكن معالجته على الشكل التالي:
أ- من منطلق العدالة ينبغي احتساب الراتب التقاعدي على نسبة واحدة, وهي 2.5% واذا كان الهدف تخفيض الرواتب التقاعدية المرتفعة, يمكن تخفيض سقف الخضوع مع الابقاء على نسبة الاحتساب كما هي. وبذلك يؤدي الى نفس الراتب التقاعدي لهذه الشريحة, من دون ان تمارس المؤسسة عملية جباية من هذا الموظف لا تعود عليه بالنفع, على سبيل المثال الموظف الذي ينطبق عليه سقف 5000 دينار وكانت خدمته 25 عاما يحصل على راتب تقاعدي مقداره (2320) دينار كما يلي:
1500 * 2.5% * 25 = 937.500
3500 * 1.58% * 25 = 1382.500
المجموع = 2320.00
علما ان هذا الراتب التقاعدي هو لاجر خاضع مقداره 3730 استنادا الى طريقة الاحتساب الحالية بنسبة 2.5% من متوسط الاجر, 3730 * 2.5% * 25 عاما = 2331 دينارا. لذلك من المفضل تخفيض السقف الخاضع للراتب التقاعدي الى 4000 دينار على ان يتم الاحتساب على نسبة 2.5% بدلا من قيام هذه الشريحة بدفع الاشتراكات للمؤسسة على راتب 5000 دينار ويتم احتساب راتب التقاعد على اساس 3730 دينارا. مع التمسك بحق العمال باحتساب متوسط الاجر الشهري خلال الاربعة والعشرين اشتراكا الاخيرة. بدلا من الستة والثلاثين اشتراكا الاخيرة المقترحة. كون العمال تحديدا يتعرضون لمشاكل بالعمل مع التقدم بالسن, لاسباب صحية ومنها تعثر فرص العمل امامهم لكبر سنهم.
ب- اما المشمولون الجدد بعد سريان القانون والذين سوف يدخلون سوق العمل بعد صدوره سوف تطبق عليهم نسبة 1.58%. ما يحرم هؤلاء من جزء هام من رواتبهم التقاعدية, بتخفيض راتب تقاعد الشيخوخة بنسبة لا تقل عن 37%, فعلى سبيل المثال شخص تقاعد بعد اشتراك 25 عاما, ومتوسط الاجر الخاضع لاحتساب الراتب التقاعدي 300 دينار, سوف يحصل على راتب تقاعدي قدره 187.5 دينار بموجب القانون الحالي, اما بعد التعديل المقترح سوف يصبح راتبه التقاعدي 118.5 دينار, لا شك ان هذا اجحاف كبير بحق الجيل القادم, كما ان الراتب المقترح لا يشكل حدا ادنى لتوفير مقومات الحياة, ويساوي التعديل المقترح بين رواتب العمال المتقاعدين الذين افنوا حياتهم وقدموا زهرة شبابهم لخدمة الوطن, بالمستفيدين من المعونة الوطنية, كما يشجع على التهرب من الاشتراك في الضمان لعدم الجدوى الاقتصادية, لذلك ينبغي الابقاء على نسبة الاحتساب 2.5% دون اي تغيير, خاصة وانه سوف يطرأ تعديل على نظام التقاعد المبكر, الامر الذي يخفف الاعباء المالية على المؤسسة.
4- التقاعد المبكر:
طرح المشروع تعديلا على موضوع التقاعد المبكر بحيث رفع سن التقاعد المبكر من 45 عاما الى 48 عاما ليصل بعد اربع سنوات الى 50 عاما, وسنوات الاشتراك من 216 اشراكا الى 276 اشتراكا لتصل الى 300 اشتراك بعد اربع سنوات, اي بخطوات تدريجية.
لا شك ان هناك حاجة موضوعية لتعديل شروط التقاعد المبكر, لكن اجراء كهذا ينبغي ان يراعي حقوق العمال. بحيث ان لا يطبق فورا بل بعد مرور خمس سنوات من صدور القانون كي لا يعرض التعديل المقترح العديد من المشتركين لاضرار بالغة, ودفع العديد من الذين ينطبق عليهم شروط التقاعد المبكر حاليا لتقديم طلبات تقاعد بالجملة خشية حرمانهم من هذا الحق بعد التعديل, مع التأكيد على ان سياسة التخاصية التي نفذتها الحكومة كانت مسؤولة عن خروج الاف العمال من العمل, وتحويلهم الى جيش من العاطلين عن العمل وتمكن بعضهم من الحصول على التقاعد المبكر, والبعض الاخر موقوف عن العمل لكنه بانتظار اكتمال السن القانونية للحصول على التقاعد المبكر, وقد حذت العديد من المؤسسات المالية حذو الشركات التي خضعت للتخاصية, بفصل الموظفين عن العمل قبل وصولهم الى سن التقاعد المبكر, وهم بانتظار اتمام سن التقاعد بعضهم من دون عمل, وخاصة النساء اللواتي فصلن من العمل ولم تتح لهن فرص جديدة, من هنا تبرز اهمية تأجيل تطبيق اي تعديل على التقاعد المبكر, لذلك نلخص ملاحظاتنا حول التقاعد المبكر بالنقاط التالية:
أ- طرح مرحلة انتقالية لتطبيق التعديل مدتها خمس سنوات من تاريخ صدور القانون يتم خلالها الالترام بشروط التقاعد المبكر وفق القانون الحالي.
ب- حق اي منتفع بالحصول على التقاعد المبكر في حال اكمال 300 اشتراك بغض النظر عن العمر بعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية المذكورة في الفقرة أ.
ج¯- العاملون بالمهن الخطرة مثل مناجم الفوسفات والبتروكيماويات وغيرها من المهن الخطرة والتي ينبغي تحديدها بجدول مستقل, ووفق المعايير الدولية في هذا المضمار, لهم حق التمتع بالتقاعد المبكر بعد اكمال 216 اشتراك بغض النظر عن العمر.
د- تتمتع المرأة العاملة التي ترغب بالحصول على تقاعد مبكر بعد اكمال 216 اشتراكا بغض النظر عن العمر.
5- تعويض الدفعة:
تم تخفيض نسبة تعويض الدفعة الواحدة كما يلي:
أ- تخفيض النسبة من 12% الى 10% من متوسط الاجر السنوي للذين تقل مدة اشتراكهم في المؤسسة عن 120 شهرا وتزيد على 60 شهرا.
ب- تخفيض النسبة من 15% الى 12% من متوسط الاجر السنوي للذين تقل مدة اشتراكهم في المؤسسة عن 216 شهرا وتزيد على 180 شهرا.
لا يوجد اي تبرير لهذا التخفيض كون هذا التعويض ليس مدعوما باي شكل من الاشكال بل على العكس من ذلك, تحقق المؤسسة ارباحا من خلاله, لذلك يفترض اعادة كافة المبالغ التي دفعت من قبل العامل والشركة اي نسبة 14.5% وهي اشتراكات تأمين الشيخوخة, بالاضافة الى نسبة ارباح عليها.
6- الاجر
تضمن التعريف الجديد للاجر ما يلي: المقابل النقدي او المقابل العيني الذي يتقاضاه المؤمن عليه لقاء عمله الاصلي باستثناء »المتغير« عبارة المتغير من حقوق بعض العاملين, فالمتغير ممكن ان تكون العمولة التي يتقاضاها موظف التسويق, او الاجر المتحقق من العمل على القطعة في بعض القطاعات, مثل قطاع الخياطة على سبيل المثال, ففي هذه القطاعات يتقاضى الموظف او العامل راتبا زهيدا لا يتجاوز 30% من الراتب الاساسي ويتغير هذا الراتب حسب الكميات المباعة في الحالة الاولى او الكميات المنتجة في الحالة الثانية, ما يؤدي الى حرمان العاملين في هذه القطاعات من اخضاع معظم اجرهم للضمان الاجتماعي, لذلك نطالب بالتمسك بالنص الوارد في قانون العمل حول الاجر وعدم اجراء اي تعديل على تعريف الاجر.
7- اجازة الامومة
ان تحويل اجازة الامومة من قانون العمل الاردني الى قانون الضمان الاجتماعي, يضيف عبئا جديدا على المرأة العاملة ويحملها المشروع جزءا من كلفة هذه الاجازة, كما يحمل مؤسسة الضمان الاجتماعي عبئا اضافيا, في الوقت الذي تشكو من زيادة الاعباء المالية, علما ان قانون العمل الاردني ينص على حق المرأة العاملة في الحصول على اجازة امومة باجر كامل قبل الوضع وبعده مجموع مدتها عشرة اسابيع, على ان لا تقل المدة التي تقع من هذه الاجازة بعد الوضع عن ستة اسابيع, يجب الغاء هذا التعديل وابقاء اجازة الامومة كما وردت في قانون العمل الحالي, او تحميل كلفة الاجازة على صاحب العمل.
8- استثمارات المؤسسة
اللافت ان مشروع القانون تضمن بندا جديدا يخول المؤسسة بالنشاط الاستثماري خارج البلاد, غني عن القول ان البلاد بحاجة ماسة لهذه الاستثمارات وان اولوية استثمار اموال العمال يفترض استثمارها لصالح العمال والاقتصاد الوطني, باقامة مشاريع اقتصادية انتاجية, بحيث يسهم هذا الاستثمار في معالجة قضايا الفقر والبطالة بمزيد من المشاركة بمشاريع وطنية استثمارية انتاجية, وبشكل خاص في قطاعات الزيت الصخري والبوتاس والفوسفات, والكف عن تصدير هذه الخامات للخارج, قبل تحويلها بمصانع محلية, لتحقيق قيمة مضافة تتناسب مع اهمية هذه المواد, خاصة الاسمدة والبرومين واليورانيوم وغيرها من المواد الغنية بها البلاد, لتعود بالمصلحة العامة على المؤسسة والاقتصاد الوطني, شريطة الالتزام بالمعايير الاستثمارية لتشكل دعما اساسيا للنمو الاقتصادي, والناتج المحلي الاجمالي, وترفع نسبة تشغيل العمالة الاردنية, على ان يتم ذلك بشفافية عالية وبمعايير استثمارية ناجحة, لتحقيق عائدات للمؤسسة تتناسب مع استثماراتها الضخمة لتعود بالفائدة على المنتفعين وعلى الاقتصاد الاردني.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟