|
قمة المؤتمر الأسلامي والشهيد المطران فرج رحّو
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 2222 - 2008 / 3 / 16 - 11:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
افتتح اليوم في دكار عاصمة السنغال اجتماع قمة منظمة المؤتمر الأسلامي والتي تمثل 1,3 مليار مسلم ، وفي هذا اليوم ايضاً اعلن عن استشهاد رئيس أساقفة الكلـــدان في الموصل الشهيد بولس فرج رحو. ركز في هذا المؤتمر على موضوع الأساءة للأسلام . ويبدو ان السادة الرؤساء والملوك لا يرون ما يحدث امام أعينهم من ارهاب وقتل واختطاف وتصفية جسدية على أيدي إرهابيين ، ويجتمع جميع الأرهابيين تحت هوية واحدة وهي الهوية الأسلامية . فهؤلاء المسلمون أساءوا الى الأسلام قبل غيرهم ، اللهم إلا إذا اعتقد هؤلاء الملوك والرؤساء ان قتل المطران المسيحي ليس جريمة وليس إساءة الى الأسلام . فهل يتكرم هؤلاء القادة الرؤساء باستنكار هذه الجريمة البشعة بحق رئيس أساقفة الكلـــدان في الموصل الشهيد بولس فرج رحو ؟ ام ليس لهم وقت لسماع مثل هذه الأخبار والتي اعتقد انها مسيئة للأسلام قبل غيرها من الأديان ، الا يجدر بهؤلاء الملوك والرؤساء استنكار هذا العمل لأبعاد الأسلام عن هذه الأعمال البربرية ؟ أقول : كان يوماً حزيناً وكان يوماً مؤلماً ان تهوي شجرة عملاقة باسقة تنشر الظلال والمحبة في المجتمع العراقي فكانت خسارة كبيرة للقوى الخيرة المعتدلة في العراق المنكوب . المطران بولس فرج رحّو ، فارس الكلمة والصوت الأمين ورسول المحبة وصديق الجميع وزارع بذور التفاهم والوئام في بستان العراق ، اغتالته أيدي آثمة وهي واهمة ، ان فرج رحو هو العائق الشائك لتحقيق الأماني . في 29 / 2 / 2008 اختطف الأنسان فرج رحو وهو يخرج من الكنيسة ، وأغتيل مرافقيه الأبرياء فارس جرجيس خضر ورامي حكمت بولص وسمير عبد الأحد . وبعد مناشدة منقطعة النظير لخاطفيه لأطلاق سراحه ، الا انهم استمروا في غيهم ، وهم يعتقدون انهم سيسجلون بطولة ما بعدها بطولة حينما يقتلون إنسان أعزل ، إن فكرهم المريض اوقعهم في وهم ان المطران فرج رحو يعرقل تحرير فلسطين ، وإن فرج رحو يعرقل انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وإن فرج رحو هو سبب تأخر العالم الأسلامي وغرقه في الجهل والأمية ، وهكذا تسلحوا بأحدث الأسلحة لمقاومة فرج رحو ألأنسان . الظلام يتبدد وينهزم امام نور الشمس الساطع وهكذا كان هؤلاء الظلاميين يخافون هذه الشمعة المشتعلة الوضاءة ، لقد كان فرج رحو ينير دروب المحبة والسلام ، وينير القلوب ويطرد البغضاء ويمحي الكراهية والضغينة ، وهذا لا يقبله من تحجرت قلوبهم بالحقد الدفين على كل ما هو جميل ومنير . الصراحة تدفعنا الى القول : ان الجميع يتحمل قسط من المسؤولية لما طال هذا الأنسان ، وما تجرعتة الأقليات الدينية بصورة عامة في مدينة الموصل : المحافظ دريد كشمولة الذي قال عبر اتصاله بعشتار بأنهم سيتعقبون القتلة ، فلماذا لم يتعقبوهم لمدة تسعة أيام والمطران رهينة بيدهم ؟ اين كانت القوات الحكومية في هذه المدينة ؟ أين قوات البشمركة ؟ أين القوات الأمريكية التي تتعقب المجرمين عن طريق الهواتف النقالة ؟ لم نسمع تحركاً مهماً وجدياً للبحث عن الخاطفين . اما عامة الشعب من المسلمين والمسيحيين واليزيدية والصابئة ، هؤلاء الناس المعتدلين المساكين كانوا يناشدون القتلة لأطلاق سراحه وقدمت الصلوات والتراتيل الدينية ولكنها لم تجد نفعاً مع من تحجرت قلوبهم بآفكار وأوهام ظلامية . وهكذا استشهد فرج رحو على أيدي اناس يستمرؤن تعذيب البشر وقتلهم بدم بارد . إن الدوافع والنيات النبيلة لا تكفي على حفظ النظام وبسط القانون وعلى رد المعتدين . كان المرحوم يصر ان الحياة لا يمكن ان تستمر بلا أمل وهو يدرك حجم التحديات ، وإن الحالة التي تعيشها الأقليات الدينية في الموصل مرعبة ، لكنه يعتقد ان حق العيش في هذه المدينة متاح وضروري ، وهو فخور بها وبأبنائها ولهذا كان يحفظ بحبل المودة مع جميع الأطراف وسلاحه في هذا الطريق الملئ بالألغام قلبه الطاهر ، ومحبته الواسعة ، وخصاله الحميدة وأحاديثه المليئة بالقيم والعبر ، وقلبه الكبير ونبله الفريد ووده الصادق وصداقته المحببة مع الصغير والكبير وأخلاقه السامية وعلمه الغزير وإخلاصه الذي لا حدود له لوطنه العراقي . فكيف يخاف فرج رحو الأنسان الذي يحمل كل هذه الخصال ؟ الشهيد فرج رحو .. الأنسان كان رجلاً شجاعاً ويرفع سوطاً على الجهل والعنف والتمييز والتطرف ولا يهاب ، فالذين تصدوا له كانت قلوبهم متحجرة بسرطان الحقد والكراهية والضغينة ، فتعامت قلوبهم قبل عيونهم ، فتمادت نفوسهم الدنيئة للنيل من هذا القديس والذي من المؤكد استقبل فعلتهم الجبانة هذه بابتسامة الأنسان المؤمن . لقد أجدبت صدورهم من معايير المحبة وتسلل الشيطان الى نفوسهم وكان عملهم يهدف إطفاء شمعة كانت تضئ دروب الوئام والمحبة امام الجميع . لقد نبتت في دربه الأشباح وهي تترصده بالغدر لقد اختالوا رفاقه الناس الأبرياء ، ولم يرتوي حقدهم على كل ماهو جميل في هذه الحياة ، إنهم سقط الأخلاق وسقط الضمير وسقط البشر . إن روح الأسقف الشهيد بولس فرج رحو ووجدانه خالدان أبد الدهر لاستحضار الأمل والنور من رحم العتمة وانتشار الفرح والمحبة من براثن الحقد وزراعة الخوف . التاريخ سيذكر ويمجد فرح رحو وخصائله الدينية والأنسانية وسيلعن كل من تلطخت اياديهم بالدماء الزكية للأبرياء من البشر . المجد والخلود والراحة الأبدية للشهيد الأسقف بولس فرج رحو ورفاقه الشهداء ، ونحن جميعاً ننحني احتراما لك أيها الأنسان الكبير بولص فرج رحو .
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهل الموصل والأقليات التاريخية وفصائل الأرهاب
-
تركيا وتحجيم قضية الشعب الكردي وحصرها بجبل قنديل
-
الى كتّاب وساسة شعبنا لنقتدي بمجلس مسيحيي كركوك
-
قصتي مع ميخائيل عبد الأحد الذي جسّد الرجولة والشهامة الألقوش
...
-
ماذا يريد شعبنا الكلداني من القيادة الآشورية ؟
-
اليوم الأخير من حياة عبد الكريم قاسم
-
الرئيس مسعود البارزاني اعرض لسيادتكم تأسيس جامعة في القوش
-
لماذا أناصر الشعب الكردي وقضيته ؟
-
الأنفال صفحة مظلمة من التاريخ العراقي ( لا ) لتكرارها
-
شعبنا المسيحي هل يتلقى مساعدات ام صدقات ؟
-
قراءة نقدية في مجلة اور لجمعية الثقافة الكلدانية في القوش
-
صدى تصريحات الكاردينال عمانوئيل دلي عن طارق عزيز
-
كلام عن عشرة ملايين دولار مخصصة لشعبنا
-
الدكتورة كاترين ميخائيل .. إنه تجنّي على الحكم الملكي
-
كردستان .. تداول مواقع المسؤولية ما له وما عليه
-
طلقات سريعة ومساهمات جادة عن الفضائية الكلدانية
-
قراءة تحليلية في طروحات السيد سركيس آغا جان
-
المشترك واللامشترك في لقاء بابا الفاتيكان مع العاهل السعودي
...
-
كردستان واحة خضراء لا تقبل التصحّر
-
إطلاق فضائية كلدانية هل يغدو الحلم حقيقة ؟
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|