|
علمنة الدين الإسلامي بين الواقع والممكن ...؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 2220 - 2008 / 3 / 14 - 08:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل يمكن تطوير الفكر الديني وتحويله من منغلق إلى منفتح وبالأصح أما آن الأوان لإطلاق فعالية العقل في تفكير حرً غير مقيد بقيود سلفية ، في القرن الثالث للهجرة منع الفقهاء العقل من التفكير وأباحوا النقل فقط .. ومع الآسف هنا توقف الإبداع وبدأ العد التنازلي للحضارة الإسلامية وزاد الطين بلّة توارد آلاف الأحاديث المزورة عن الرسول لتنشيء ثقافة السنة في كل الأمور وخاصة في استعباد المرأة وأمور كثيرة لا حصر لها قيدت العباد إلى عجلة الحكام أولياء الله يحركونهم وفق مشيئتهم حتى أن السنة كادت أن تستغرق القرآن .. وبرغم أن الإسلام في بداياته شهد تجارب اجتهادية رائعة في مجال النصوص المعاملاتية حيث أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب اجتهد في مورد النص ( المعاملاتي ) وليس(العبادي) فألغى سهم المؤلفة قلوبهم (مخالفاً للنص القرآني ) وأوقف حد السرقة على المحتاح ، ثم عطله في عام المجاعة ، وعطّل التعزير بالجلد على شرب الخمر في الحروب ، خالف السنة في تقسيم الغنائم فلم يوزع الأرض الخصبة على الفاتحين ، وقتل الجماعة بالواحد مخالفاً قاعدة المساواة بالقصاص مستخدماً عقله في التحليل والتعليل ، ولم يقف عند ظاهر النص مطبقاً روح الإسلام وجوهره من ان العدل غاية النص وان مخالفة النص من أجل العدل أصح في ميزان الإسلام الصحيح من مجافاة العدل بالتزام النص .. ولكن بعد وفاة عمر لم يجرؤ أحد على تقليد عمر .. وبعد أربعة عشر قرناً تجيء ثورة اجتهادية رائدة لعصرنة الدين الإسلامي ولكن ليس على يد العرب بل من قبل الأتراك وتحت عنوان تغيير جذري: تركيا تعيد النظر في معاني الاحاديث ...! هذا عنوان مقال روبرت بيجوت مراسل الشؤون الدينية للبيبي سي .. وليست أية أحاديث ..؟ انها السنّة .. وكل ماجمعه البخاري من أحاديث منسوبة إلى الرسول محمد – ص – انها ثورة عصرية ستزيل كثيراً من الخرافات وتحريف الحقيقة بدوافع سياسية اموية وعباسية ولترهيب العباد وترويضهم كتابعين للسلطان باستسلام قدري وتجميد عقولهم في قالب ليلٍ دامسٍ وتصنيفهم في قائمة الشعوب المتخلفة .. لنتابع المقال: يقول المسؤولون الاتراك انهم سيعودون بالاسلام الى الاصل تستعد تركيا لنشر وثيقة تمثل تغييرا جذريا في الطريقة التي تفسر بها تعاليم الاسلام، وتشمل تجديدا وتحديثا في تفسير تعاليم الاسلام من شأنه احداث ضجة كبيرة وقد كلفت وزارة الشؤون الدينة ذات النفوذ الواسع في البلاد مجموعة من علماء الدين في جامعة انقرة للقيام بمراجعة شاملة للاحاديث النبوية وترى الحكومة التركية ان الاحاديث غالبا ما تكون لها مضامين تؤثر سلبا على المجتمع بصفة عامة، وتغيير القيم الاصلية للدين الاسلامي، خاصة وانها اهم مصدر لتفسير القرآن وقواعد الشريعة وتقول السلطات التركية ان عددا لا يستهان به من الاحاديث منسوبة الى النبي محمد زورا، وحتى بعض التي صدرته عنه فعلا بحاجة الى اعادة تفسير، حسب رأيها. ويقول المراقبون ان اسس الدين الاسلامي تتم الآن مراجعتها من اجل احداث تجدي جذري فيه. ويقول انصار هذه المراجعة ان الاصول العقلانية للاسلام يتم اكتشافها جديد الآن من وقد بدأ التمحيص الدقيق في الاحاديث في كلية الشريعة بجامعة انقرة، ويقول احد مستشاري المشروع، فيلكس كرونر، ان العديد من الاحاديث تم اصطناعه بعد وفاة النبي محمد بقرون لخدمة مصالح معينة. ويقول كرونر: "للاسف، يمكنك تبرير أي شيء باستخدام حديث نبوي ملفق، بما في بتر اعضاء النساء التناسلية (باعتبار ذلك ختانا))" ذلك وتسمع الكثيرين يقولون اشياء ثم يدافعون عنها بالقول ان ذلك ما امرنا النبي الظروف والحيثيات التي اصطنعت فيه احاديث بفعله، لكن من الممكن تفسير تاريخياً واقحمت في الدين افتراء.." والحقيقة، يقول كرونر، هو ان الدين الاسلامي استغلته ثقافات متتالية، محافظة في اغلبها، لدعم عدة اشكال من السيطرة داخل المجتمع. وتنوي تركيا الغاء ذلك الزخم "الثقافي" والعودة الى الاصل في التعاليم الاسلامية وما يتناسب مع هدفه الاصلي منها. وهنا يظهر الجانب الثوري لهذا المشروع، فحتى بعض الاحاديث الصحيحة تم إعادةتفسيرها تعديلها او ويعطي محمد جرميز، وهو مسؤول بارز بوزارة الشؤون الدينية، مثالا واضحا على ذلك،فيقول ان هناك احاديث تمنع النساء من السفر اكثر من ثلاثة ايام من غير اذن ازواجهن، وهي تعتبر احاديث صحيحة لكنها ليست منعا دينيا، حسب قول جرميز، بل تعليمات جاءت لأن السفر في زمن الرسول كان اخطر مما هو اليوم، لكن الامور ، منها الا حماية النساء مؤقتا." تغيرت والناس ابقوا على تعليمات لم يكن مقصودا ويبرر المشرفون على المشروع اقدامهم على مثل هذه الخطوة بنتائج ابحاث اكاديمية جدية اظهرت غاية النبي محمد من ذلك المنع، فينقلون عنه انه اعرب عن امله في "ان يأتي اليوم الذي يمكن لامرأة فيه السفر وحدها لكن المنع باق في النصوص الدينية لحد الآن ويستخدم للحد من حرية المرأة.."
يذكر ان تركيا وفرت دراسات دينية لـ450 امرأة في اطار الاصلاح الديني الذي تدأب عليه، وكونهن ليصرن فقيهات في الدين، وكلفتهن بشرح روح الاسلام الاصلية لسكان الارياف في البلاد المترامية الاطراف. وتشرح احداهن واسمها حلية كوج لحشد من النساء المحجبات في بلدة وسط تركيا كيف أن تفسيرا صحيحا للقرآن يضمن المساواة والعدل وحقوق الانسان. وتضيف ان الاسلام حاليا يستغل لاخضاع المرأة. ويقول الخبير البريطاني فادي حكورة من مؤسسة تشاتام هاوس بلندن ان ما تقوم به تركيا الآن هو تحويل الاسلام من دين يجب طاعة تعاليمه الى دين مصمم لتلبية حاجيات الناس في ديموقراطية علمانية. ويقارن الخبير المشروع التركي باصلاح الكنيسة. "ليس نفس الشيء بالطبع، لكن ان دققت في ما تفعله تركيا، فهو ايضا عبارة عن تغيير في جذور الدين ". ويضيف حروكة: "تركيا كانت دائما تحاول تصميم حياة سياسية تتماشى مع الاسلام، لكنها الآن تريد تصميم اسلام جديد." ويجدر بالذكر ان كلية الشريعة في انقرة تقوم بهذا التجديد مستخدمة تقنيات النقد والفلسفة الغربية في التعامل مع الحديث. بل ان العاملين في المشروع تجاوزا قاعدة النسخ التي يعمل بها الفقهاء، وهي التي يلغي بموجبها حديث ما قبله (أو ينسخه)، حيث تكون النصوص الأحدث غالبا محافظة اكثر مما قبلها. ويقول فادي حروكة، ينبغي النظر الى كل تلك النصوص ككيان واحد، فلا يمكنك مثلا القول ان الاحاديث الداعية الى القتال ينبغي ان تنسخ تلك التي تدعو الى السلام، وذلك بالضبط ما يفعله بعض الناس في الشرق الاوسط". ويختم الخبير بالقول: "لا استطيع التعبير عن مدى انبهاري بجذرية هذا التغيير."(انتهى) وماذا يمكن أن يقال بعد انتهاء هذا المقال سوى ما جاء به سيد القمني من مقاله المنشور في الحوار بتاريخ 12-3-2008 ...هناك حديث يتفق الرواة على صحته ، وأراه أشد الأحاديث بطلاناً ، حتى أني اعتقد أن الانهيار الأخلاقي الواضح في شارعنا الملتحي و المحجب ، يعود إلى هذا الحديث بالذات ، رواه البخاري في كتاب الجنائز ، قال : " حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا بن ميمون حدثنا واصل الأحدب عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله ( ص ) : " أتاني آت من ربي فأخبرني – أو قال بشرني – أنه من قال من أمتى لا أشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، قلت و إن زنى و إن سرق ؟ قال و إن زني و إن سرق ، قلت و إن زنى و إن سرق ، قال و إن زني و إن سرق ، قلت و إن زني و إن سرق ، قال و إن زنى و إن سرق رغم أنف أبي ذر / الحديث 1237 " . لقد توافقت المجتمعات كلها ، و البشرية جميعاً ، والأديان وثنية أو سماوية أو وضعية ، على أن فعل السرقة و فعل الزنا ( و نفهمه و تفهمه الدنيا كلها بأنه اعتداء اغتصابي بالإرغام ) ، هي أفعال فاضحة و مشينة وضد أى أخلاق ، و هي شئون لا تحتاج توجيهاً و لا تعليماً كي ندركها ، لأنها تدرك بالحس الإنساني الخالص ، لذلك كان الحس الإنساني وراء تكرار أبي ذر لسؤاله المندهش المستنكر ثلاث مرات ، تعبيراً عن عدم قبول روحه لفكرة أن يكون مصير الزاني و السارق إلى الجنة بدلاً من جهنم لمجرد إعلانه الشهادة الإسلامية .
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تلبية النداء في الإسلام...6...؟
-
مناقشة الأمور الدينية بين الرفض والقبول ..؟
-
الدكتورة وفاء سلطان تتجاوز الاتجاه المعاكس وبجدارة ...؟
-
العلمانية هي الحل ...؟
-
تلبية النداء في الإسلام...4..؟
-
ظاهرة العنف ضد المرأة ينال من الرجولة الشرقية...؟
-
العلمانية .. ياأشقاء الأرض اتحدوا...؟
-
تلبية النداء في الإسلام ...5...؟
-
العلمانية ووحدة الإنسان في القرية العالمية
-
تلبية النداء في الإسلام ...3...؟
-
تلبية النداء في الإسلام ...2..؟
-
العلمانية وحرية العقيدة والحرية الشخصية...؟
-
بؤساء فيكتورهيغو أم بؤساء سورية ...؟
-
دولة مدنية ديمقراطية علمانية وقوى اليسار الداعم ...؟
-
تلبية النداء في الإسلام ..1..؟
-
تركيا ومعركة الحجاب بين الأحباب ...؟
-
احذروا العباءة الإسلامية ..؟
-
التغيير في الإسلام ...4...؟
-
العلمانية وحق المساواة ...؟
-
العروبة وبعدها القومي في مزاد القوميات ...؟
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|