أتلذذ وأنا أطالع وأستمع للروايات المتفاوتة والمتضاربة والمتنوعة عن قصة الفأر الذي أستسلم في جحر لا يعدو طوله ستة أقدام وعرضه ثمانية أقدام ومدخله عبارة عن فتحة حفرة للبراز بعد مجد عريض من الفخار والغطرسة والعنجهية والسطوة والإرهاب والجريمة.روايات تتحدث عن مؤامرة وفلم مفبرك صنعته الإدارة الأمريكية وعرضته متأخرا على الجمهور في العالم .محللون يعرضون تصوراتهم عن صورة الجرذ الذي كان يخبئه البنتاغون ومع قرب رحيل قواته عن العراق عرضه ليمهد لذلك الرحيل. أو عن أهمية هذا الفلم ومدى قدرته على إنقاذ بوش في معركته الانتخابية المقبلة.بعضهم من أصحاب الرؤوس الفارغة مثل بكري وعطوان وظافر العاني والشحرورة رغد بنت رمز الجريمة تحدثوا عن عملية مباغته أستعمل فيها غاز مخدر تم به بعد ذلك السيطرة على الفأر. متناسين أن ذلك الفأر التعس كان يتمنطق بسلاحه الشخصي وفضل أن يستنشق الغاز الأمريكي المليء بروائح (المكدونالد )على استعمال ذلك السلاح.آخرون راحوا يتحدثون عن خيانة بعض القوارض من أقاربه سهلت عملية القبض عليه. وربما حبه وولهه بزوجته الثانية بنت شاهبندر التجار أوقعه في الفخ .البعض من سقط المتاع أبتدع معركة (واترلو) حديثة قاومت بها الفئران من أحباب القائد وسقط منهم 150 من القوارض ثم لوحق الفأر الكبير ليعتقل بعد نهاية معركة من وزن ذات الصواري أو بدر الكبرى.أذن أنه الرمز الذي خانه المقربون والأقدار ولم يسقط مستسلما مهانا كما صوره فلم الظهيرة البديع.وأخيرا وليس أخرا، عثق التمر الذي لم ينضج والتمعت حبات بلحه الصفراء لتعلن تأريخ إلقاء القبض .
روايات جميلة تبعث على التسلية والمرح والانشراح تستعير حكايتها من عقل الأسطورة لتمجيد الرمز العروبي المضمخ برائحة البراز لبعير تائه في الصحراء منذ العام 1200 حين سقطت أخر القلاع لدولة عروبية خالصة.
كحالة مسيطرة على فكر الشارع العربي لا معيار لديها سوى المكابرة والتهويش .لا تقبل هزيمة الرمز حتى وهو في أقصى حالات جبنه وخذلانه وهروب رجولته .أزمة مستفحلة مستعصية في عقول مريضة تمارس الخوف والخذلان في إسقاطات حلمية مريضة لا يمكن الخروج منها كونها شرط لحياة الخواء التي يستطيبها هؤلاء البدو الأجلاف. ممارسة لطقوس سحرية تبتدع البطولات والأمجاد الكاذبة.
رمي الحجر في البركة الأسنة ممكن له إخراج بعض الدعاميص الغبية وليس أسماك كبيرة.ولكن ذلك لا يعني للعروبيون البدو علامة تنبيه أو درس أو قراءة للوقائع بعقلانية وأمانة . أمنية العروبيون المهوسون بالرمز ومجد القوة وصليل السيوف ومعارك الطواحين البائسة أن لا ينتكس ويسقط عقال رأس العشيرة. ذلك أقصى حالة للقدرة الكلية لهؤلاء فاقدي الفحولة .أن لا يتهشم الرمز. أن يبقى شاخصا مرعبا جبارا عاتيا حتى وأن كان في أقصى حالات الضعف والهشاشة والجبن والدونية.مغمضي العيون هؤلاء لا يرون أن السيوف لم تعد صدئه فقط وإنما تآكلت ،ولكنهم يهشون بها في الهواء مهللين بحناجر مبحوحة تعتقد أنها لا زالت تتقدم الصفوف بقيادة الفحل خالد بن الوليد أو صلاح الدين الأيوبي والحجاج أبن يوسف.
يا صدام يا (مغوار) أحنه نكمل المشوار.
اليوم يريدون إعادة الأسطوانة المشروخة ذاتها للخروج من مأزق الفشل والإحباط ومن ثم الحفاظ على ماء الوجه لتبرير سقوط الرمز البدوي العروبي بيد الأمريكان مستسلما ذليلا في جحر لم يسعه وبقية من قوارض.
في يوم الهزيمة الشنعاء عند سقوط التمثال وهروب الرمز، تحول بطلهم دون مقدمات أو اعتبارات أو حياء الى فأر تتقاذفه الجحور. تحدث المحللون العرب الفطاحل ولازالوا عن خيانة ما حدثت لرمز قوتهم وعزهم .خيانة سرقت المجد العربي وكللت عروبة العراق بالعار والشنار .تلك الرواية البائسة تريد التعبير عن الذات المفلسة المهانة المتعلقة بالرمز المؤله لتبقيه بعيدا نقيا غير ملوث .رمز يوحدهم ويضم شتاتهم تحت مظلته قانعين برغبة دونية بما تجود به يداه حتى وأن كانت تلك العطايا إهانات وتقريع كونه يعوضهم عن فحولتهم المستلبة .رمز لا يقهر أن لم يطعن غدرا وخيانة .لن يسقط دون أن تتجمع مؤامرات الكون لتنزله عن عرش الله الذي ابتناه بشجاعته وقسوته.ولكنهم لم يتحدثوا عن أن تلك الخيانة كانت تلوح براياتها منذ زمن بعيد وكانت سيناريو الحدث القادم وملامحه واجبة الوقوع وفق المعطيات الظاهرة داخل مؤسسة وجهاز حكومي بني من أسفله الى أعلاه على صراع دامي وسباق محموم لتوليفات شرسة للخيانة والغدر والرشوة والقتل والمؤامرات، وأن رمز تلك السلطة المليئة بالسوس والعفن هو من أسس لكل ذلك الهوس الوبائي الذي نخر جهاز الدولة وأحاله الى هشيم .كان الجميع يترقب السقوط بالخيانة أو دونها، بالهروب أو بالاستسلام ولا يشك بذلك أبدا ما عدا هؤلاء صغار العقول والمرتزقة وهواة الألاعيب والفذلكات والشعوذة.وحين سقطت بغداد قيل أن سبب ذلك جاء أثر معركة عجيبة غريبة فريدة أختلط بها الحابل بالنابل والولايات المتحدة وأجهزتها الأمنية تكتمت على الموضوع وأغلقت المنافذ على كل من يريد الوصول الى الحقيقة !!. وقد استعملت في تلك المعركة أسلحة حديثة من مثل القنبلة الصوتية والكهرومغناطيسية والارتدادية التي تفصل اللحم عن العظم أو تذيب العظم وتبقي اللحم والشحم.ولكننا شاهدنا أنفار تلك المعركة وهم يلوذون مذعورين تحت جسر الطريق السريع أو بين أحراش الطريق الممتد بين منطقتي البياع واليرموك وبين المطار.
الحديث عن أزمة هؤلاء من مبرري الهزائم والناعقين كالبوم في كهوف التأريخ وطالبي إدامة أسطورة الرمز حتى وهو في أقصى درجات دونيته وخذلانه وضياعه يعني حديث طويل عن أزمة الشارع العروبي البدوي في تجليات طبيعتها ومظاهرها وهي تفصح عن نفسها بطرق مختلفة ولكنها تجتمع حول حقيقة واحدة تعد مؤشرا على عزوف أصحابها عن مقاربة العقل والموضوعية والتواصل مع الحضارة متخلين عن كل ذلك لصالح الارتباط العضوي المتكامل بمفردات الغيب والتنجيم وعلم الأبراج الذي يجلب الحظ ويستعير لغة التأريخ المنقرض الطافح بأمجاد الأبطال الرموز الذين زرعوا الرعب في قلب الأعداء بسيوفهم البتارة وحشدوا لهم الكثير من رباط الخيل.
لا شك أن تغيرات عميقة واسعة تنال جوانب الحياة كافة .والبشر اليوم يعيشون في ظل ظواهر عالمية متسارعة وشاملة مثل نظام الاتصالات والمعلوماتية والعولمة والاندماج والتوسع الاقتصادي والإبداع العلمي والتقني والفكري .كل تلك الوسائل والطرق تسعى لتحجيم دور الفرد لتضعه في بوتقة الجميع ولصالح الجميع فما عساها فاعلة بالرمز وبالذات الرمز العروبي البدوي الذي لا يولد بغير أن تقبض كفه على السيف الذي أورثه له الأجداد منذ عصور الردة وحروب داحس والغبراء.ما عساها فاعلة بدعوة الرمز التاريخي الشامخ على ظهر جواده في عصر الليزر والكومبيوتر والصواريخ عابرة البحار.
قال أحدهم وهو يصف نهاية الدكتاتور صدام مستعيرا بطله التاريخي لإسقاطه على الحدث الجديد في محاولة لحشد العاطفة وربط الحدث بالموروث الجمعي العروبي حتى وأن كانت المقالة تقف بالضد من ذلك الرمز فأنها لا تستطيع أو لا تستسيغ الهروب من استعارة الرمز للوصول الى قلب العروبي المفرط العاطفة والمتلذذ بالبكاء على الأطلال والرموز.
((مطيحة رأس صدام في أبشع عملية إذلال لزعيم عربي عبر التأريخ منذ إذلال عبد الله الصغير آخر ملوك بني الأحمر حين سلم غرناطة لملوك القشتالة.))
هذا المثقف أسقط من حساباته وبحكم العادة والموروث حقيقة الشرعية القانونية والشعبية لهذا الرمز وكيف وضع نفسه عنوة ممثلا لشعب مسلوب الإرادة تحت سطوة القسوة والقهر، ليصوره زعيما لشعبه رغم أنف جميع الذين خطوا لوحة رفضهم لزعامته بالدم، وخير استفتاء لذلك الرفض كانت المقابر الجماعية والآلاف من المعوقين والأمهات الثكلى واليتامى والجياع .هذا المثقف وغيره ممن أعار قلمه وفكره لإدارات السلطة وأزلامها. لا يريد أو بالأحرى مقتنع بأن ليس هناك فرق بين الشرعية الجماهيرية القادمة عبر صناديق الاقتراع والشرعية الثورية المتوارثة أو سليلة الدبابة والبندقية وكاتم الصوت، وأنه متأكد وبيقين تام بأن النموذجين هما لديمقراطيتين تختلفان عن بعض برتوش طفيفة تأتي بحكم الضرورة وحسب التقاليد والأعراف والدين والموقع الجغرافي.أذن رد فعل مكتسب وليس إرادي يسيطر على الذهن العروبي ويستنطقه بعفوية مطلقة.سأل أحدهم عن المفهوم الفلسفي لليبرالية فأجاب :أنها تعني زواج المثيليين وهذا ليس من تقاليدنا، أذن نحن نرفضها !!؟؟؟.
من الطبيعي أن تلك المثل قد مرت بتغيرات ومراجعات في جميع العصور نتيجة لتغيرات كبيرة طرأت عليها عند الشعوب الحية. ولكنها في المحيط العربي والثقافة العربية لازالت تجتر ذات المفاهيم وتتفاعل بذات السلوك مع نمط محدد من الرموز والاستعارات الماضوية دون وجل أو حذر أو حياء .أذن أن علة العقل العربي تكمن في سلفيته الغير قابلة للتغيير على المدى المنظور.
المظهر المكشوف لهذه الأزمة هو حالات التعبير عن الهزيمة والإحباط وردود الفعل الحانقة والرافضة لهما دون وعي أو تقييم عقلاني للأسباب والنتائج.حين يتحول المثقف بمساندة رمزه السلطوي الى محرض ومنظر أيدلوجي لتبرير تلك الهزائم ورميها بعيدا عن الزعيم الرمز وتعليقها على شماعات عديدة منها خيانة الجماهير والرفاق والمؤامرة الخارجية.ثم يبدأ الحشد وإعادة النظر في ما حدث بشكل تهريجي تحريضي يجعل الهزيمة والخذلان والخيبة للرمز والزعيم انتصارا لصموده وقدرته على تجاوز المحن والبقاء في المواجهة المصيرية في انتظار معارك تاريخية قادمة.ألم يحيل الكتبة في سلطة صدام وغيرهم من هواة رموز القسوة والجبروت جميع هزائمه وخيباته الى انتصارات مدوية.ألم يتسابق المثقفون العرب وضمن شروط نزعة البداوة في نصرة الأخ ظالما أم مظلوما ليقصروا نتاجاتهم على طقوس واحتفالات تمجيد الهوس الجرمي للقائد الرمز صدام ومقابره الجماعية.ألم يصمت كل هؤلاء من سليطي اللسان ولحد الآن عن التضامن مع سجناء ومعتقلي الرأي في جميع البلدان العربية رغم وشائج الصداقة والرفقة والإبداع.
أنشأ السوريون والمصريون طقوس احتفالات تمتد لأيام طوال احتفاءا بما أسموه انتصار أكتوبر .تقام في تلك الأيام الحفلات الغنائية ويحتفي المثقفون بقدوم تلك الذكرى عبر مهرجانات ثقافية ورياضية وسينمائية وتقدم الأوسمة بمختلف نماذجها ومسمياتها.الحق يقال أن معجزة كانت قد حدثت وعبر الجيش المصري قناة السويس وحطم خط بارليف .بداية لنصر تأريخي يفقأ العين ولكن نهاية الحرب كانت محزنة ومفجعة ومخزية حد الثمالة وكانت مهمة المثقف العربي عسيرة في تنفيذ رغبة السلطة بذكر وتمجيد الشطر الأول من الحرب وأبعاد شطرها القبيح الثاني وهو النتيجة والخلاصة لتلك الحرب. فالمهمة فادحة يجب أن تبذل فيها أقصى الجهود للتعمية علي ما جرى من وقائع، حيث دمر الجيشين المصريين الثاني والثالث وعبرت طلائع القوات الإسرائيلية داخل الأراضي المصرية واقتربت من قاهرة المعز وتوقفت عند الكيلو 101 وعلى بعد50 كم من مشارفها. إما في الجبهة السورية فقد كانت الأوضاع في ذروة الإحباط والخذلان فقد وصل الجيش الإسرائيلي الى مشارف العاصمة السورية وعلى بعد 30 كم مبتلعا أرض هضبة الجولان كاملة ومن ضمنها جبل الشيخ المطل على العاصمة .فما الذي فعله مثقف السلطان غير تمجيد صمود الرمز والتهريج والتضليل والتعتيم على النتائج المذلة التي وافق عليها رموز السلطة فشحذ المثقف العروبي قلمه وصرخ بأعلى صوته لدعوة الجهاد واستدعاء التأريخ واستعارة وتمجيد بطولات الأجداد العظام واهبي الحكمة وروح البطولة لحفيدهم الماسك بصولجان الحق والقدر، الذي لا تستقيم الدنيا والدين دونه ودون حكمته وبعد نظره ودرايته وبطولته ليبقى الرمز الضرورة رغم الهزيمة النكراء .إما وثائق ومقدمات تلك الحرب والاتصالات للتمهيد لها ونتائجها فقد عتم عليها وأخفيت في خزائن البنتاغون والوثائق والتعهدات التي نصت عليها اتفاقيات الذل لوقف إطلاق النار فلم يطلع عليها أو بالأحرى سيكون مصير من يريد الإطلاع عليها التغييب والمجهول. فهي من ممتلكات الرمز ووثائق تخص خوارقه وحكمته ومعجزاته وصمت المثقفون العروبيون وراحوا يتلقفون الجوائز عن إبداعهم في تمجيد الرمز وخوارقه وبث الوعي في الوجه الواحد لصفحة الحرب الأولى وتغاضوا عن عورات الحاكم بأمر الله والمسبب الرئيسي لتلك الجريمة البشعة والخذلان الذي لف الأمتين.
اليوم وهذا الوجه الملتحي الذليل الخائب يسحب من جحره ويفحص مثل النعجة الجرباء طيعا خانعا رذيلا .تحشد على سيماه كل قباحات الكون لرجل فاقد الرجولة .هذا المنظر وقع كالصاعقة على مخصيي السلطة من الكتبة والمتفذلكين وهز دواخلهم النتنه المريضة ليحشدوا أقلامهم في زفة عجيبة تريد أن تبعد عن هذا الرمز الذي تحول فجأة من أسد صهور في المتخيل المريض الى فأر مغطى بالكامل بوحل الخزي والخذلان،يبعدون عنه الصورة التي ظهر بها بهذا المنظر المقزز الباعث على الغثيان والقرف .لحية طالت ووجه مستكين يستجدي عطف اليد التي تفحصه وتعبث بشعره بحثا عن داء الجرب أو جوقة من قمل وديدان.هذا الرمز المهان المكشوف العورة يدير رأسه حسب ما تشتهي تلك اليد الفاحصة باستكانة المتخاذل الطيع الذليل.
اليوم يحشد مخصيي السلطة قوتهم لتبرير وضع رمزهم وصاحب نعمتهم ليصيغوا الروايات عن الخيانة والمخدر المدسوس بالطعام والهجوم بالغاز المخدر مغفلين أو مهملين أن ذلك الرمز الخنوع كان قد صبغ شعر رأسه قبل أيام معدودة وهي روحية تستحق الدراسة والتأمل وكان يحمل مسدسا ولكنه كان يحمل أيضا روح فأر محاصر وشبح إنسان متهالك لا يريد غير سلامته.هؤلاء مثقفو الرمز السلطوي في رواياتهم وبدعهم تلك يصرون على أن هذا المجرم العاتي والقاتل الوحشي الذي تحول الى حشرة عفنة تلتحف الأرض وتغور في ملجأ وتتبول من خلال أنبوب،على أنه رمز العراق والعرب ولا يمكن للغير أهانته وأن عرضه على شاشات التلفاز بذلك الشكل من الإهانة والإذلال هو طعن للكرامة العربية والفحولة العربية واعتداء فاحش على قيم الإسلام.
إذا كان هذا الذليل اللعين الدوني هو رمز العراق ورمز العروبة فقبحا وتبا لتلك البقاع الموبوءة بالخذلان واللوثات والعاهات النفسية.تعسا لكل هؤلاء الذين يرتضون أن يكون فاشي سفاح مثلهم الأعلى ورمز أمتهم .تبا لكل تلك الأرواح الخانعة الذليلة التي تعتقد أن ذلك الأبتر الجبان المتخاذل الذي ملأ أرض العراق بالمقابر الجماعية وداس كرامة الشعب وأذاقه مر العذاب والهوان لا يستحق مثل هذه الإهانة وأكثر منها.نحن نعرف الغاية من تقولاتهم تلك التي يبتغون بها إخراج رمزهم من ذله وعاره . هؤلاء الرعاع الجبناء يريدون القول بأن أرض العراق مجدبة خاوية لا تنجب سوى النماذج السيئة القاتلة القاسية أو العكس المتخاذلة والدونية.
وإذا كان بعض الكتبة والمخصيين يرفضون منظر المهانة التي ظهر عليها خوفا على رمزهم وقائدهم ومحاولة لاسترجاع بعض من ماء وجهه القبيح، فهناك الملايين من الشرفاء التي تعتبر هذا الفأر الذليل غريبا لا يمت بصلة لأرض العراق الطاهرة ولا لقيم البشر الأسوياء .أذن أنها خصومة الشرف بينهم وبيننا ونحن اليوم نستطيب المناظر المهينة التي عرضت لذلك الفأر الدعي الغريب عن القيم والأعراف والأخلاق النبيلة ،ولا نرتجي شيئا من بعدها حتى لو أتى بمحاكمة .فكل ذلك الذل والمهانة والخذلان الذي وشح وجه المجرم صدام كان من أبدع وأروع المناظر التي شاهدها عالم اليوم وتلك اللحظة التي سجلها التأريخ كواحدة من أبدع اللحظات التي يذل ويهان بها مجرم سفاح قتل الآلاف دون أن يرمش له جفن أو تتملكه لحظة ندم. ومع الجدل القادم عن نوع ومكان المحكمة والقضاة والقانون والإجراءات التي تتخذ لمحاكمة رمز البداوة العروبي على هؤلاء أن يتذكروا شرفهم المهان وكرامتهم المشكوك بها وليسترجعوا التأريخ حين عرض صدام وصحبه صورة الشهيد عبد الكريم الذي قتلوه دون محاكمة وبصقوا في وجهه وهو شهيد. وأنا ومعي الجميع ننتظر حقنة الهلوسة (باربيتيوتيس ) التي تجعل الشخص يفقد قدرة السيطرة على دواخله فيروح رمز الفئران القذر الخانع يغرد مثل البلبل الصداح وليهلوس ومعه جوقة المطبلين بما يريدون بعد ذلك اليوم الذي انتظرته الملايين العراقية بصبر لم تمتلكه أمة قبلهم .