كنتُ أشــرتُ في مادةٍ سابقةٍ ، إلى ما أسميتُـهُ مفاتيحَ الحربِ الأهليةِ ، المتمثلةَ في تجَـحْـفُلِ مسلّـحي الأحزابِ مع قواتِ الإحتلالِ ، وقيامِ هؤلاء المسلحين بعمليات اقتحامٍ ودهْـمٍ واعتقالٍ ، تنفيذاً لأوامر المحتلينَ الذين أخضعوا ميليشياتِ الأحزابِ المعينة إلى قيادتهم العسكرية ، وكلّـفوها ما عجزوا هم عنه : إخضاع الشعب العراقي إلى مشيئتهم .
لم أكنْ أعني في ما عنيتُ ، أوباشَ علاّوي والجلبي الذين جيءَ بهم من وراء الحدود ، إذ أنهم يُعتبَرون جزءاً من القوات الغازية ، لكني كنتُ أعني العناصرَ المسلّـحةَ لأحزابٍ وتنظيماتٍ كانت ذات دورٍ بارزٍ في المقاومة المسلحة ضد نظام صدام حسين .
من المؤلم إخراجُ هذه العناصر من محيطها وتاريخها ، ووضعها إزاء مهماتٍ غير لائقةٍ بها ، ولا تنسجم مع صفتها الكفاحية وامتداداتها في تاريخ العراق الوطني .
علينا أن نتفادى الحربَ الأهلية التي شــرعنا نشهد بوادرَها :
القتلَ والتفجيرَ المتبادلَينِ ، وإعلاءَ العصبية الطائفية والعرقية ، والإحتكامَ إلى السلاح بين أبناء البلاد .
التصريحُ الأخير للسيد مسعود البارزاني ، والذي يؤخَــذُ في سياقه الواقعي ، هو تصريحٌ في غاية الأهمية ، لأنه يبيّــن ، واضحاً ، وللمرة الأولى ، بعد الإحتلال ، موقفاً متشائماً حيالَ الأهداف الأميركية في ما يخصّ العراقَ بعامّةٍ ، وكردستان بخاصةٍ …
آملُ في أن يكون هذا التصريحُ مفتتَـحاً لإعادةِ نظرٍ .
لندن 19/12/2003