|
السؤال أين المرأة من حقوقها أم أين المجتمع من حقوق المرأة ؟
محمد أبو علان
الحوار المتمدن-العدد: 2218 - 2008 / 3 / 12 - 11:28
المحور:
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة
(364) يوماً من العام تترك حقوق المرأة جانباً، وفي الثامن من آذار من كل عام يستفيق الكثيرون من الكُتاب والإعلاميين في مجتمعنا العربي من سباتهم العميق، وتقييم المؤسسات والفصائل والنقابات احتفالات التكريم والتقدير للنساء، ويتذكرون في هذا اليوم إن المرأة نصف المجتمع، وأن لها حقوق يجب أن تحصل عليها، لما من حصول المرأة على حقوقها من دور في التنمية والنهوض بالمجتمع وغير ذلك من الشعارات التي هي في الحقيقة لا تشغل حيزاً من تفكيرهم ولا حتى من حياتهم اليومية طوال العام، وما يدفعهم لهذه الانتفاضة وليوم واحد لصالح المرأة وحقوقها هو ضرورات وظيفية أو مسائل شخصية تغيب بغياب شمس الثامن آذار أو حتى قبل انتصاف نهار ذلك اليوم. وحتى هذه الانتفاضة وهذا الانتصار لحقوق المرأة وليوم واحد فقط يخرجهما الكثيرون من هؤلاء الكُتاب والإعلاميين بطريقه مشوهه تجعل من تضامنهم هذا ذو مردود عكسي وسلبي على أنفسهم وحتى على المرأة نفسها، وينفرون من حولهم من هذا الموضوع، ومن بين ما استوقفني مما كتب في هذا اليوم العالمي للمرأة، وعن واقع المرأة في المجتمع الفلسطيني ما كتبه الإعلامي عمر حلمي الغول، والذي اختلط عليه الأمر في هذا اليوم، فلم نستطع التفريق عن الهدف الرئيس في مقالته المنشورة في صحيفة الحياة يوم 8/3/2008 تحت عنوان "سؤال اليوم- أين المرأة من حقوقها"، أهو الحديث عن حقوق المرأة؟، أم الحديث عن ما جرى في غزة من حرب أهلية وسفك للدماء هناك، ويصور في مقالته وكأن حقوق المرأة الفلسطينية ضاعت أو بدأت بالضياع فقط بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية، وبعد مواجهات حزيران 2006 والتي كانت نتيجتها سيطرت حماس على قطاع غزة. وفي معرض مقالته عرض عمر حلمي الغول مجموعة من العوامل قدر إنها سبب عدم نيل المرأة الفلسطينية لحقوقها، وأولها أن " الانقلاب العبثي أدار ظهره للقانون الأساسي (الدستور) الذي نص على مساواة المرأة بالرجل"، والعامل الثاني في واقع المرأة يحمله الكاتب للمرأة نفسها عبر ما سماه عامل ظلم المرأة لنفسها بقوله" لأن المرأة التي تقوم بالتصويت لصالح الجماعات السلفية في الانتخابات التشريعية والنقابية، انما تقوم عن سابق تصميم وإصرار بتقديم خدمات مجانية لاستمرار وقوع الظلم عليها وعلى قريناتها من النساء"، هذا ناهيك عن ضعف أداء القوى الوطنية والديمقراطية نتيجة الأزمة التي تعيشها هذه القوى، ومن يقرأ هذه المسببات التي عرضت لواقع المرأة الفلسطينية خاصة، والمرأة العربية عامة يشعر إن الكاتب يعيش مرحلة فقدان للذاكرة أبعدته عن الدوافع الحقيقية لواقع المرأة الفلسطينية والعربية، ومسبباته التي عرضها لهذا الواقع هي الدليل القطعي على فقدان الذاكرة هذه والتي يعاني منها الكاتب. فالنظام الأساسي الفلسطيني (الدستور) عمره من عمر السلطة الوطنية الفلسطينية، وطيلة هذا العمر والذي قارب على الأربعة عشر عاماً لم يتم العمل باتجاه تحقيق هذه المساواة بين الرجل والمرأة والتي نص عليها الدستور الفلسطيني، فإن تلقى مسئولية عدم تطبيقه على تيار دون غيره ففي هذا الكلام عدم منطقية وعدم موضوعية، والأجدر أن يتحمل المسئولية في هذا الجانب من حكم البلاد والعباد مدة تجاوزت الإثني عاماً التي مضت قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، ورأي الكاتب هنا تحكمه وجهة نظر سياسية بحته لا تمت بصله لواقع المرأة الفلسطينية وحقوقها بشيء، فالسلطة الوطنية الفلسطينية، وكافة فصائل العمل الوطني والإسلامي شريكة بالتساوي ليس في تردي واقع المرأة الفلسطينية فحسب، لا بل في تردي واقع المجتمع الفلسطيني وواقع قضيته الوطنية كذلك. أما حول موضوع تحميل المرأة لجزء من المسئولية في واقعها نتيجة انتخابها لقوى ذات توجهات دينية وسلفيه فهذا فيه الكثير من الإساءة للمرأة عبر اتهامها بطريقة غير مباشرة بعدم المعرفة وعدم القدرة على الاختيار الصحيح لمن يمثل مصالحها في المؤسسة التشريعية، فالمرأة في المجتمع الفلسطيني والمجتمعات العربية باتت على درجة من العلم والمعرفة يعطيها القدرة والحق باختيار من تشاء ليمثلها، أما عدم توافق خيارها مع وجهات نظر الكاتب ومن يشاركونه وجهة النظر هذه لا يعني أن المرأة ليست بدرجة المعرفة والذكاء التي يتمتع بها الكاتب وشركائه في الرأي. ومعطيات ونتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية تثبت عدم صحة ودقة وجهة نظر هذا التوجه، فعدد النساء اللواتي مارسن حقهن في الاقتراع في الانتخابات التشريعية 2006 بلغ (476901) ناخبة، منهن (311547) ناخبة من الفئة العمرية ما بين (18 – 40) عام، وهؤلاء يمثلن حوالي 65.3% من إجمالي عدد المقترعات النساء، والفئة العمرية من 18- إلى 40 هي من أكثر فئات النساء تحصيل علمي، بالتالي لديهن من القدرة على تحديد خياراتهن بالدرجة التي يعتقدن أن خيارهن سليم ومطابق لمعتقداتهن، وهذا لا يعني أن أل 35.7% المتبقية من النساء المقترعات لا ثقته بصحة خيارهن، ولكن المنطق يقول إن الإنسان كلما زاد تحصيله العملي زادت دقة معرفته وقدرته على تقدير الأمور، بالتالي اعتبار خيارات المرأة موضوع خاضع لحملات وعمليات غسيل دماغ يتعرضن لها فيه الكثير من الحط من قدرات المرأة واحترامها والإساءة لها مع سبق الإصرار والترصد، وأصحاب هذا الرأي هم من نصبوا أنفسهم نواب للتفكير عن بقية المجتمع ونصبوا أنفسهم موجهين له عبر أفكار وتصورات مسبقة لا تخضع للموضوعية بقدر خضوعها لمواقف سياسية ضيقة الأفق ومصالح شخصية في أحيانٍ أخرى. وفي سياق الحديث عن المرأة والانتخابات يتحدث الكاتب وكأن الحياة الديمقراطية والمدنية في المجتمعات العربية نشطه على قدم وساق، فأين هي الحياة الديمقراطية والمدنية التي تشارك المرأة العربية فيها وتعطي صوتها للسلفيين فيها، فالانتخابات التشريعية والنقابية معطله في كافة العالم العربي، فلا حقوق لا للرجال ولا للنساء في هذه المجتمعات والقمع والاضطهاد هي السمة الأساسية في الحياة المدنية للمجتمع العربي باستثناء عدد محدود من هذه المجتمعات عددها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وحتى هذا الجزء من المجتمعات العربية التي تمارس الحياة الديمقراطية جرّت عليها الانتخابات مزيداً من الويلات والكوارث نتيجة عقلية السياسيين فيها وما الواقع الفلسطيني واللبناني إلا خير دليل وأقوى شاهد على ذلك. وبالتالي من الخطأ الفادح الفصل في الأمور في مجتمعنا العربي، والتعامل مع قضية المرأة وحقوقها كقضية منفصلة عن قضايا المجتمع برمته، فالاستبداد السياسي، والظلم والقهر الاجتماعي والاقتصادي قضايا يعاني منها ويعيشها كل مواطن عربي رجلاً كان أم امرأة ومن المحيط إلى الخليج، فعلينا أولاً النهوض بواقع المجتمع وتفعيل الحياة الديمقراطية والمدنية الحقيقية القائمة على أساس النظام والقانون ومبدأ تداول السلطة، وعندها ستكون أحوال المجتمعات العربية أفضل لكلا الجنسيين، شريطة أن تكون عملية النهوض هذه قائمة على أساس ثقافتنا ومعتقداتنا العربية الأصلية، وليس على أساس برامج مستوردة يعمل الكثير على ترويجها تحت عناوين زائفة باسم تمكين المرأة والديمقراطية وحقوق الإنسان مقابل حفنة من الدولارات وليس لتحقيق حقوق المرأة الحقيقية القائمة على احترامها وتقدير ذاتها. *- كاتب من فلسطين http://blog.amin.org/yafa1948/
#محمد_أبو_علان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تفشل المرأة العربية في الانتخابات خارج الكوته النسائية
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
المرأة النمودج : الشهيدتان جانان وزهره قولاق سيز تركيا
/ غسان المغربي
المزيد.....
|