|
- إعلان دمشق بين مطرقة النظام وسندان أزمته الداخلية - 1/3
محمود جديد
الحوار المتمدن-العدد: 2220 - 2008 / 3 / 14 - 08:48
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
- يمرّ "إعلان دمشق" في هذه الأيام بظروف معقدة وصعبة ،فهو من جهة يعاني من أزمة داخلية رافقته منذ ولادته ، ولكنّها بلغت ذروتها أثناء انعقاد محلسه الوطني في أواخر العام الماضي ، ومن جهة أخرى يتعرّض لحملة قمعية جديدة من قبل النظام السوري الديكتاتوري تناولت العديد من قيادته ...وقبل الخوض في التفاصيل أودّ اعتماد وعرض المنطلقات والأسس التالية : 1 - إدانة الاعتقالات التعسفية التي تعرّض لها بعض قياديي "إعلان دمشق " ، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع بعض توجهاتهم السياسية ، لأنّ ما جرى هو خنق للحريات السياسية ، وتعدّ فاضح عاى حقوق الإنسان ، ولذلك يجب أن يكون موضع إدانة من قبل أي ديمقراطي حرّ . 2 - إذا كنّا كمعارضة ديمقراطية لا نتعامل مع بعضنا البعض بشكل ديمقراطي ، لايمكن أن نكون ديمقراطيين عندما نكون في السلطة ، ولذلك فمن حق أيّ مواطن التعبير عن وجهة نظره السياسية بشفافية ووضوح بعيداً عن التخوين والإدانة ، ما لم يثبت ما يشير إلى مثل هذه التهمة أو تلك بشكل قاطع وجليّ ، وليس استناداً إلى أحاسيس ومشاعر مبهمة تحرّكها دوافع وغرائز مريضة ، أو ظالمة ، أو جاهلة ، وهنا أقصد الذين يتهمون البعض بالخيانة إلى الخارج ، أو الذين يتهمون الآخرين بالتعامل مع النظام في الداخل ، وبعدم جديتهم بمواقفهم المعارضة له .... 3 - التمييز جيداً بين الخطأ السياسي والخيانة ، ولا يستطيع أي إنسان ، أو حزب أن يدّعي العصمة عن الخطأ مهما كان رصيده النضالي مرتفعاً ، وفي الوقت نفسه لايستطيع أيّ إنسان موضوعي أن ينفي بالمطلق وجود (ولو قلّة)بعض المرتبطين بدوائر أجنبية عن عمالة ،أو مايشبهها ، وما ظاهرة / فريد الغادري / وحزبه إلاّ نموذجاً ... 4 - علّمتنا تجارب الشعوب أنّ الأنظمة الحاكمة بممارساتها مع مواطنيها ، وفي كيفية استلامها للسلطة ، والطرق التي تتيحها لعملية تناوبها هي التي تحدّد أسلوب التغيير، وبذلك تتحمّل هذه الأنظمة المسؤولية الأولى عن أيّ ردود أفعال وممارسات المعارضة التي تتبعها للوصول إلى الحكم .... - عند قيام ائتلاف "إعلان دمشق " في تشرين الأول / أكتوبر / 2005 بعد مخاض طويل من الحراك السياسي ،داخل القطر العربي السوري وخارجه ، حظي باهتمام واسع بين الأوساط السياسية والمجتمعية السورية ، وتفاعل مع ولادته كتّاب وسياسيّون كثيرون ، ولم تتعرّض وثيقة من وثائق المعارضة السورية للتحليل والنقد كما تعرّض له بيان الإعلان عند قيامه ، ومع ذلك كان موضع ترحيب من أكثريّة الذين اهتمّوا به ، بالرغم من تعبيرهم عن تحفظات كثيرة على مضمون بعض بنوده ، وقد أصدر حزبنا بياناً مفصّلاً حوله ، كما كتبت مقالاً بعنوان :" إعلان دمشق المولود المنتظر ...ولكن .." ، وكان نقدنا مستهدفاً كشف سلبياته ، ونواقصه لتلافيها ، ودرء مفاعيلها ، حتى لايُولَد مشوّهاً ، وبالتالي محاولة صيانته كصيغة سياسية صالحة للبناء فوقها على طريق التغيير الديمقراطي الجذري المنشود ... وهذا مافعله واستهدفه الكثيرون غيرنا. - لقد تركت ظروف ولادة "إعلان دمشق " بصمات واضحة على هويته السياسية ، وتركيبته الداخلية لاحقاً ، وكان من أهمّ تلك الظروف ما يلي : 1 – الغزو الأمريكي الإجرامي للعراق ،واحتلاله ، وتدمير مقوّماته كدولة ، ورافق ذلك بالإعلان الواضح والصريح بأنّ الهدف الرئيسي لهذا الاحتلال هو : " إعادة صياغة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح أمريكا في المنطقة والعالم " ،وهذا ما أعلنه وزير خارجية الولايات المتحدة وقتذاك /كولن باول / في شهادة رسمية أمام الكونغرس الأمريكي ...كما صرّح دهاقنة المحافظين الجدد بأنّ المحطة القادمة بعد العراق ستكون في سورية ،وإيران ، وثمّ التوجّه إلى الصيد الثمين في السعودية ، وبعدها إلى مصر التي هي الجائزة الكبرى.....وقد تركت انعكاسات الاحتلال الأمريكي للعراق ، والتوجهات المعلنة للمحافظين الجدد آثارها السياسية في الساحة السورية وغيرها من ساحات المنطقة ... 2 - بعد عملية احتلال العراق والدور الذي لعبه الأكراد أثناءها وبعدها ، بدت المسألة الكردية في عصرها الذهبي ، واعتبر الكثيرون من الأكراد أنّ الفرصة التاريخية أصبحت متاحة لهم للسير بخطا ملموسة على طريق تشكيل الدولة الكردية بمساعدة حلفائهم الأمريكان ، وقد حصلوا فعلاً على محاصصة مجزية في العراق سياسياً ودستورياً ، وقد تفاعل الأكراد في بقية الأقطار المجاورة مع هذه المستجدات ، ممّا بعث فيهم حيوية جديدة لم يشهدوا مثيلاً لها في السابق،وزاد من آمالهم في تحقيق مطامح مشروعة ، وغير مشروعة ..... 3 - إنّ ظهور قرار مجلس الأمن 1559 بخصوص لبنان ، وخروج القوات السورية منه ، والتضييق على المقاومة ، واغتيال الشهيد : رفيق الحريري ، وتعيين القاضي : /ميليس / للتحقيق في هذه الجريمة، واستهداف النظام السوري وتهديده بسيف الاتهامات الموجهة إليه وبالمحكمة الدولية ....كلّ هذا ، أضاف معطيات جديدة ليلتقطها البعض ويضعها في حساباته ، وتوجهاته السياسية داخل الساحة السورية وخارجها ... 4 - محاصرة الشهيد :ياسر عرفات ،ثمّ اغتياله ، وحيازة "فريق أوسلو" على ( السلطة ) ،وعلى م.ت.ف في الساحة الفلسطينية ... 5 - تبلور صيرورة جديدة للحزب الشيوعي السوري / المكتب السياسي / بعد خروج قائده المناضل : رياض الترك بعد اعتقال تعسّفي لما يزيد عن 17 سنة ، وبعد عقد مؤتمرهم الحزبي ، حيث انتقل من الماركسية إلى الليبرالية ، كما فعلت العديد من الأحزاب الشيوعية في العالم بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي ... 6 - أجرت /حركة الإخوان المسلمين / السورية نقلة مهمة في مسارها السياسي ، حيث عقدت مؤتمراً في الخاج ، وأصدرت وثائق جديدة اعتمدت فيها شكلاً من أشكال الديمقراطية ، وضاعفت من حراكها السياسي في الخارج ، وعقدت عدّة لقاءات في لندن ،دعت إليها أطراف سياسية سورية بهدف بلورة صيغة سياسية ما للعمل المعارض في سورية ... 7 – ظهور تيار "ليبرالي" في سورية بعد احتلال العراق متمثلاً بشكل أساسي من عناصر سياسية وثقافية متناثرة عن مختلف الاتجاهات ، وخاصة الشيوعية منها ، وبعضهم بدافع انتهازي ، وقد باشروا في التعبير عن منطلقاتهم الفكرية والسياسية ، وقد أطلق عليهم بعض السياسيين السوريين ب " الليبراليين الجد " محاكاة مع ظاهرة " المحافظين الجدد" في الولايات المتحدة . 8 - ظهور جمعيات مناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق ، ومساندة لنضال الشعب الفلسطيني ، كما ازدهرت جمعيات حقوق الإنسان ، بعضها سوري المنشأ ، والآخر يحظى بدعم ورعاية غربية ،كما جرت العادة في بلدان أخرى ... 9 - بقاء التجمّع الوطني الديمقراطي على حاله من نقص الفعالية والتأثير ، بالرغم من متابعته الأحداث الداخلية والعربية بمواقف وآراء صائبة ، ومحاولته إيجاد صيغة / لجان إحياء المجتمع المدني / في دمشق والعديد من محافظات القطر العربي السوري ،كما استطاع أن يضم إليه حزب العمل الشيوعي ... 10 – استمرار النظام السوري في ممارساته القمعية المعهودة ، وخنق الحريات ، كما تراجع رئيسه الدكتور : بشار الأسد عمّا جاء في خطاب قسمه الأول حول احترام الرأي الآخر ، واعتبر أنّ الآخرين فهموا عبارته خطأً ، وبالتالي بدا هذا النظام ميئوساً منه في قدرته على الخروج من جلده ،والإقدام علىخطوة ديمقراطية حقيقية في القطر السوري ... ولادة "إعلان دمشق" ومسيرته خلال عامين : كانت ولادة "إعلان دمشق " مثار الكثير من النقاشات الحادّة والجادّة حول المنطلقات السياسية التي اعتمدها بيانه الأول ، حيث ظهرت أفكار وتعابير جديدة مثل : " ديمقراطية المكوّنات " في الشعب السوري ، وقد فهمها البعض بأنّها بديل عن الديمقراطية القائمة على أساس المواطنة ،وباعتبارها دعوة للمحاصصات الطائفية والمذهبية والقومية والأثنية كما هو جار في لبنان والعراق في ظل الاحتلال ، كما دخلت تعابير جديدة في مسألة الهويّة والانتماء مثل : " المتّحد السوري " كبديل عن الهويّة القومية العربية للشعب السوري ، والانتماء إلى " المنظومة العربية " كبديل عن الانتماء إلى الأمة العربية ...وأقرّ الإعلان بوجود "قضية كردية" في سورية دون تحديد ماهيّة هذه القضية وأبعادها ، وشعر الكثيرون بوجود مدلولات سياسية لذلك على غرار ما هو قائم في العراق وتركيا وإيران ...كما تجاهل البيان عن عمد – حسب تقديرنا- التعرّض ، أو حتى مجرّد الإشارة إلى المخططات الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وخاصة فيما يتعلّق بمشروع " الشرق الأوسط الكبير أو الجديد "، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، واستهداف المقاومات العربية في فلسطين والعراق ولبنان ، كما طالب البيان النظام السوري" بتغيير سياسته الخارجية " ، وأشار إلى " العزلة الخانقة التي وضع النظام البلاد فيها نتيجة سياساته المدمّرة والمغامرة وقصيرة النظر على المستوى العربي والإقليمي ..الخ" وما جاء ذكره هو في جوهر الأمر دعوة صريحة للنظام السوري لقطع علاقاته مع القوى المقاومة في الوطن العربي ،وأخذ دوره كاملاً في جوقة أتباع أمريكا مثل النظام المصري والسعودي والأردني وغيرها ... وعموماً ، فقد واجه "إعلان دمشق " كما ذكرت سابقاً موجعة واسعة من النقد بهدف تصحيح تشوّهات هذا الجنين مبكّراً قبل استفحالها ، وقد اضطرت قيادة إعلان دمشق إلى نشر وتعميم توضيحات لاحقة ترقّع فيها بعض الثغرات الواردة في بيان الإعلان ...ولكن تبيّن فيما بعد أنّ هذه التوضيحات لم تلقَ قبول قوى فاعلة فيه بعد أن وافق ممثلها في الأمانة العامة عليها ، وجرى خلاف حادّ حول اعتمادها أثناء انعقاد المجلس الوطني لإعلان دمشق ، كما سنرى لاحقاً ...وعلى كلّ حال ، لقد تركت منطلقات وأجواء "إعلان دمشق" وسلوك بعض قياداته بصمات واضحة على مسيرته خلال العامين السابقين ، ومن أهمّ ملامحها وتجليّاتها ، ما يلي : 1 -هيمنة تحالف التيّار الليبرالي مع معظم الأحزاب الكردية ،والعناصر ذات التوجّه الإسلامي على تركيبة "إعلان دمشق" ومسيرته، بالرغم من ممانعة معظم أطراف " التجمّع الوطني الديمقراطي " ،وخاصة حزب الاتحاد الاشتراكي ،وقد بدا التمايز واضحاً بين الخطاب السياسي للتجمّع ، والخطاب السياسي لإعلان دمشق من خلال التصريحات والبيانات الصادرة لكلّ منهما ..فعلى سبيل المثال : الموقف تجاه العدوان الإسرائيلي على لبنان عام2006 ،ففي الوقت الذي برز فيه موقف التجمّع مسانداً ومؤيّداً للمقاومة اللبنانية بوضوح دون لفّ أو دوران ، وهجوم صريح على الدور الأمريكي والصهيوني بينما أحجم "إعلان دمشق " عن فضح الدور الأمريكي في مساندة ودعم العدوان ،وتشجيعه على الاستمرار فيه، وتجاهل بشكل تامّ الإشارة إلى اسم المقاومة اللبنانية الإسلامية ، أو المقاومة الفلسطينية بكلّ أطيافها في تصدّيها للعدوان الإسرائيلي المفتوح في فلسطين ولبنان ...كما ظهر بوضوح انحياز إعلان دمشق لقوى 14 آذار في لبنان ، و إقامة علاقات معها ، وهم كما هو معروف أحباب أمريكا في لبنان ... 2 -ظهور مواقف القوى الفاعلة في إعلان دمشق المجسّدة في بياناتها الحزبية ،وتصريحات قادتها أكثر وضوحاً وتجاوزاً لما يصدر باسم "إعلان دمشق" ،وهذا دليل على على وجود ممانعة ما كانت تجري داخل اجتماعت هذا الإعلان ، وقد بدت جليّة في بيانات حزب الشعب حول أحداث لبنان ( حروب ، وصراعات داخلية )،والتي لم تكن منصفة ولاموضوعية ، وقد أشرت إلى ذلك في مقال سابق...وعموماً ، فقد كان للتيار الليبرالي الدور الأكبر تأثيراً في توجيه الخطاب السياسي لإعلان دمشق ... 3 -برزت الأمور وكأنّ "إعلان دمشق " يحاول أن يسحب البساط السياسي من تحت أقدام التجمّع الديمقراطي ، وربّما السعي لفرطه ،وتماهيه داخل إعلان دمشق ، والتخلّص من هيمنة الأحزاب القومية واليسارية على مسيرة التجمّع... 4 - وضع "إعلان دمشق " لائحة داخلية ،شعرنا منذ الوهلة الأولى أنّ هدف التيار الليبرالي هو السعي لإشراك أكبر عدد ممكن من المستقلين في المجلس الوطني للاعتماد عليهم في تقويض ممانعة معظم أحزاب التجمع تجاه بلورة الخط السياسي للتيار الليبرالي بشكل كامل ، قولاً وعملاً داخل "إعلان دمشق "... 5 - محاولة التيار الليبرالي في إعلان دمشق وضع اليد على "لجان إحياء المجتمع المدني " ،واحتوائها وتسخيرها في تدعيم موقفه السياسي وقد نجح في تحقيق ذلك في العديد منها، بعد أن كانت على صلة جيدة بالتجمع الوطني الديمقراطي. 6 - ظهور تناقض واضح بين قيادة التجمّع والتيار الليبرالي وحلفائه في إعلان دمشق ،من حيث تقييم الدور الخارجي والعلاقة به ، والموقف من الشخصيات السورية التي زارت الولايات المتحدة ومقابلة جهات سياسية وأمنية هناك ، وأخص بالذكر زيارة : كمال لبواني على سبيل المثال ، وموضوع قبول دعوة السفارة الأمريكية في دمشق بمناسبة العيد الوطني الأمريكي في تموز 2007 ، والتي استجاب لها شخصيتان بارزتان : هما السيدان رياض الترك ، ورياض سيف ، وما نجم عن هذا الحضور من ردود أفعال داخل الأوساط المعارضة السورية وكانت بمعظمها سلبية نظراً للجرائم التي ترتكبها الإدارة الأمريكية الراهنة في ساحات عديدة من الوطن العربي ، وقد قدّمت للنظام السوري الديكتاتوري ورقة صالحة للتوظيف والاستغلال والتشويه والقمع ضدّ المعارضة السورية ... 7 - ظهور جبهة الخلاص كمنافس لإعلان دمشق أحياناً ، أومكمّل له أحياناً أخرى ، وبدت ازدواجية المواقف والمواقع لحركة الإخوان المسلمين ، حتى أنّ الكاتب المعارض الدكتور : برهان غليون استغرب في إحدى محاضراته كيف سكتت قيادة إعلان دمشق عن ذلك ، ولم تعلن فصل الإخوان عقب إعلانها عن تشكيل جبهة الخلاص بقيادة عبدالحليم خدّام ، وقد أكّد موقفه هذا في مقال لاحق ، مع العلم أنّه ليبرالي ومدافع عن الإعلان ... 8 - تبلور خطين سياسيين واضحي المعالم داخل إعلان دمشق ، وخاصة فيما يتعلّق بالمسائل الخارجية ، وضمن هذا السياق تمّ التصدّي لوثيقة التوضيحات الصادرة بتاريخ 31/12/2006 الصادرة عن اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق ، هذه الوثيقة التي عالجت الكثير من الثغرات والسلبيات في البيان التأسيسي لإعلان دمشق ، والتي دار حولها النقاش ، ووجهت إليها الكثير من الملاحظات والانتقادات ، غير أنّ تحالف التيار الليبرالي داخل الإعلان وقف بقوّة ضدّ اعتمادها كوثيقة سياسية مكمّلة للبيان الأول لإعلان دمشق ، ممّا كشف أكثر فأكثر ملامح توجهاتهم السياسية ... 9 - صدر بيان في دمشق بتاريخ 26/9/2007 ضدّ قرار الكونغرس الأمريكي بتقسيم العراق ، والذي وقّع عليه قياديون من الاتحاد الاشتراكي ،ومن حزب العمل الشيوعي ، وعناصر قريبة من حزب البعث الديمقراطي ، وكوادر من الديمقراطيين الاجتماعيين ، وبعض الشخصيات الوطنية واليسارية السورية ، بينما رفض حزب الشعب ،والأحزاب الكردية ، والليبراليون الجددالمستقلون التوقيع عليه ... -- وعلى كل حال ، فإنّ أبرز ما لمسناه خلال العامين المنصرمين من عمر إعلان دمشق ، وحتى انعقاد مجلسه الوطني هو ما يلي : 1 - إنّ بعض الأحزاب ، والقوى و العناصر الليبرالية داخل سورية وخارجها راهنت على العاصفة الأمريكية التي هبّت بقوّة على وطننا العربي في عام 2003 أنّها ستزيل وتكنس العديد من الأنظمة العربية ، ومنها النظام السوري ، وأنّ المقاومات العربية لن تقدر على التصدّي لها في ظل التشتت العربي وضعفه ، ولذلك أسرعت في التكيّف مع المعطيات الجديدة مسبقاً ، وقد صرّح أحد قادة الأحزاب في جلسة حزبية خاصة في كانون أول /ديسمبر/ /2003 " بأنّ هناك رياح غربية ستقتلع الأنظمة ، وعلينا أن نلاقيها باتجاه وبرنامج ملائمين " ..وكان عبد الحليم خدّام أحد مَن راهن على ذلك ، وهو المشهور عبر تاريخه برائحة الشمّ السياسي الانتهازية المسبقة والتي تساعده على القفز من هذه السفينة إلى تلك في الوقت المناسب قبل الغرق ، وقد استخدمها عدّة مرّات في حياته السياسية منذ قيام الثامن من آذار /مارس/ 1963 ، ويأتي انشقاقه الأخير ضمن هذا السياق ... 2 - رواج أفكار التقوقع القطري داخل سورية وخارجها ، وهي نفسها أفكار ملوك الطوائف في الأندلس التي قرأنا وسمعنا عنها الكثير ، ومن هذه الأفكار مقولة :سورية أوّلاً ، ولننزل عن ظهرنا الهموم والمشاكل القومية ، ونلتفت لبناء سورية ، فقد قدّمنا الكثير من أجل فلسطين ولبنان والعراق وغيرها ، وما حصدنا إلاّ المتاعب والكوارث ...وهذه الأفكار تتناغم مع المشاريع الخارجية المعادية التي تستهدف المزيد من تفتيت أمتنا وإضعافها ونهبها ... 3 - استهداف مكشوف للانتماء القومي من بعض القوى والعناصر اليسارية السابقة، أو الليبراليين الجدد ، وحتى في أوساط مرتدة عن التيار القومي ، وضمن هذا السياق جرى التشكيك بوجود الأمة العربية من الأساس ، والتنكّر للقومية العربية ، وأصبح استخدام مقولاتها شبهة لصاحبها توجَّه من قبل هؤلاء ، كما تحسّ أنّهم يغصّون عندما يجرّهم حديثهم ،أو مقالهم لذكرها ،وممّا يدعو للاستغراب والدهشة والاستنكار أنّ هؤلاء الذين يحاولون الخروج من جلدهم القومي العربي يتوددون ويتباهون بتحالفهم ودعمهم لقوى من قوميات أخرى رأسمالها السياسي الأساسي تمسّكها بقوميتها ، وتعصبها الأعمى لها ، وهنا أريد التأكيد على أنّني لاأتكلّم من منطلق شوفيني على الإطلاق ،وأحترم وأتعاطف مع المطالب العادلة والمنطقية لمطالب تلك القوميات ... 4 - ارتفاع أسهم الأحزاب والقوى الكردية في بورصة المعارضة السورية لسببين أساسيين : الأول ، هو الحصول على شهادة حسن سلوك من الولايات المتحدة وحلفائها ، عبر الإعلان عن التخلّي عن الفكر القومي العربي ، وإبداء الحرص على مصالح الأقليات في الوطن العربي ، وهذه الشهادة صالحة للاستثمار والتوظيف مع الواقع الجديد في ظل الهيمنة الأمريكية الراهنة ومشاريعها المستقبلية ، والثاني : استغلال حيوية الشارع الكردي بهدف توظيفه في النشاط السياسي الميداني للمعارضة السورية التي تفتقر لمثل تلك الحيوية والفعالية ... - وفي ظلّ هذه الأجواء كلّها انعقد المجلس الوطني لإعلان دمشق الذي كان ضروريّاً جدّاً لو كانت أوضاعه الذاتية صحيّة ، وتمّت المحافظة على سريّة انعقاده وأسماء هيئاته القيادية ... وهذا ما سأتابعه في الحلقة الثانية من مقالي بمزيد من التفصيل والتوضيح ...
#محمود_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من صفرو الى بومال دادس...لا لتجريم النضال الاجتماعي ! ولا لإ
...
-
واجب ُنصرة صفرو المناضلة المحكمة تقرر السراح المؤقت ل 42 معت
...
-
لقاء أنابولس ملهاة استعراضية جديدة لكسب الوقت لمزيد من الاست
...
-
تنامي حركة مقاومة الغلاء: تظاهر أكثر من 2000 مواطن بمدينة صف
...
-
على ضوء خطاب الولاية الثانية في سورية ، وما ورد بخصوص الإصلا
...
-
من تاريخ قمع النقابة العمالية بالفصل 288 من القانون الجنائي
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|