|
المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي ، خطوة إلی الوراء!!
عمر الخطاط
الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 10:54
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
يبدأ السطر الأول من البلاغ الصادر عن المؤتمر الرابع لحزبنا الشيوعي العمالي العراقي بعبارة " أنهى المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي أعماله بنجاح...". و سوف يتمحور مقالي هذا حول العبارة أعلاه. إن ّ السؤال المألوف الذي يلحّ على نيل الجواب هو كيف نجح المؤتمر، ولمن النجاح؟ والجواب الذي نحصل عليه من البلاغ جاء بالشكل التالي:" - النجاح- لأجل البناء السياسي للحزب...". ويمكن أن تلتقي أحدا خارج السياق فيضيف على ذاك الرد، عبارة "و لمستقبل الشيوعية و سلطتها و...". إنني في شك كبير من هذه الأجوبة، وأرى أن المؤتمر الرابع كان أبعد ما يكون عن تحقيق هذه الأهداف. الاستنتاج الذي توصلت إليه ليس وليد الساعة يعد صدور البلاغ الختامي للمؤتمر، بل كنت ُ أتوقعه منذ يوم إعلان عقد المؤتمر والدعوة إليه ، وقبله أيضا لأن السياسة السائدة في الحزب الشيوعي العمالي العراقي أبعد ما يكون عن هذا التوجه المعلن عنه. و للأسف أن المؤتمر الرابع لم يكن مكانا ملائما لبحث قضايا الشيوعية و موضوعات العمل الشيوعي، أو بناء الحزب بناء طبقيا سياسيا في العراق، بل كان خيبة للمساعي المبذولة في ذاك السبيل من جهة، ومن جهة أخری حسّم المؤتمر الأمور لصالح اليسار التقليدي وطغيانه على مصير الحزب والشيوعية العمالية. هذا الاستنتاج لا يجوز النظر إليه خلال عملية انتخاب المندوبين، و النقاشات التي جرت داخل قاعة المؤتمر، إذ أن انتخاب المؤتمرين، وحتى المواضيع المحورية للمؤتمر كان نتاجا لصراع آخر مختلف كان يجري قبل عقد المؤتمر في حزبنا منذ سنوات. هذا الصراع الذي كان يتمحور حول السلطة الشيوعية و بناء الحزب السياسي، بين النزعة الشيوعية و تيار "المحفلية" داخل الحزب.
منذ سنوات عديدة يسود هذا الأفق والسياسة اليسارية اللا عمالية واللا اجتماعية في حزبنا على شكل محفلية بيروقراطية غافلة عما يجري في المجتمع منذ تأسيس الحزب حتى عقد مؤتمره الرابع، و أخذت سياستُها تعطي صورة مشوهة عن الحزب والشيوعية وأهدافه التحررية و إن ما آلت إليه حركتنا السياسية في كردستان نموذج صارخ لهذه النزعة المحفلية في الحزب.
إن بناء الحزب السياسي القوي، ذي قيادات مقتدرة و متمكنة، الحزب الطبقي والقوي للطبقة العاملة، والذي يعمل في سبيل التحرر والإنسانية ويتحول إلى أداة نفس الحركة الاجتماعية التي يتمحور عمله اليومي حولها، حزب لقيادة النزعات الجذرية للطبقة العاملة والشيوعيين الذين تولدوا من صلب هذه الحركة، و يعملون بدأب وتواصل لتنظيم هذه الطبقة في كل الاتجاهات. وحزب تلك الحركات الاجتماعية التي تسعى جنبا إلى جنب الطبقة العاملة إلى تغييرات جذرية شاملة في کافة البنی الاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية السائدة. لم يفتح المؤتمر الرابع الباب لدخول المندوبين المؤثرين للطبقة العاملة وتلك الحركات، ولا القادة الحقيقيين للحركة العمالية العراقية، ولا لقائدات الحركة النسائية، بل عمل وبوعي تام على استبعاد قادة هذه الحركات الواقعية خارجه، وبهذه الخطوة خلق علامات استفهام كبيرة عند الطبقة العاملة و التحرريين في المجتمع. هذه الخطوة والتي هي سياسية بطبيعةالحال، نقلت المؤتمر إلى موقع معاد للحركة العمالية و التحررية، ومن جانب آخر شلّت التشكيلة الحزبية للحزب المزمع أن يتحول إلى وسيلة إيصال الطبقة العاملة إلى السلطة والمواقع القيادية في المجتمع.
إن بناء الحزب السياسي يعني قبل كل شيء بناءه الاجتماعي، إذ أن بناء الحزب لا يمكن تعريفه مکتبيا و بمعزل عن صراعه للظفر بالسلطة السیاسیة. لا يجوز لأي حزب أن يسمي نفسه حزبا سياسيا إن لم يثبت له في المجتمع موطئ قدم، وإن لم يقم باشراك الحركات الاجتماعية التي ينمو و يتطور داخلها إلى الميدان السياسي، و يمنحها آفاقه، و أن يستوعب شخصياتها، و يبرزهم. أن حزبنا وبعد أربعة مؤتمرات و خمسة عشر عام من تأسيسه، بات اليوم لا يمتنع عن القيام بهذه المهمة فحسب، بل أنه وفي مؤتمره الرابع وقف في الموقع المضاد لحركته، ولم يمنح اعتبارا سياسيا لقادة طبقته الاجتماعيين. لا أدري أي جواب سيعطی للحركة العمالية العراقية حين یرون أن فلاح علوان أو باسل مهدي الشخصيتين المناضلتين في الحركة العمالية في العراق، واللذان صمدا في أقسى الظروف و ظلوا أوفياء لحركتهما العمالية، وآخرين لم يحصلوا على أصوات المندوبين في المؤتمر ؟؟؟ هل سنقول لهم" لم يكسبوا الأصوات، ولم ينتخبهم أحد؟ !!! حقا، يحتاج المرء إلى جرأة كافية حين يتم الإعلان عن نجاح مؤتمر يغيبَّ عنه قادة الحركة العمالية في العراق؟ فأيّ معيار سياسي أو اجتماعي أو طبقي يقبل بهذا الوضع؟ هل هذا انتحار سياسي، أم نصر سياسي؟ أي معيار يليق لقياس درجات النجاح حين لا تحصل شخصيتان باسلتان مثل ينار محمد وهوزان محمود، مندوبتا أكثر شرائح المجتمع اضطهادا وحرمانا، أي النساء، و أبرز ناشطات الحركة التحررية النسائية على أصوات انتخابية؟ و مرة أخرى يكون الجواب " إنهما لم يكسبا على أصوات في اقتراع حر.!! ما الذي تتوقعه نساء العراق من المؤتمر الرابع حين يرين أن الحزب الوحيد المساند لحقوقهن و المناضل ضد الرجعية، يخيبنهن؟. بأية طريقة يتم الرد على تساؤلات المنظمات النسائية الأمريكية والأوروبية حين توجه لنا سؤالا أين تقف الناشطات النسائيات في المواقع السياسية لقيادة حركتكم؟ أي جواب يمكن أن نجيب به؟ هل سنقول إن من كنّ أنشط منهن كسبن أصواتهن؟؟؟
أي نخب انتصار سامّ هذا يرفع في المؤتمر الرابع! هل حقا هذا انتصار لمؤتمر حزب شيوعي ماركسي، أم احتفال و ثمالة لمحفل معين تغلبّ على غريمته السياسية في المؤتمر؟وبدون تردد أرجح الجواب الثاني... مثلما قلت ُإن هذه المحفلية موجودة داخل الحزب قبل المؤتمر الرابع أيضا، وهي في حالة تضاد وصراع مع التيار الشيوعي والعمالي داخل الحزب. الخلافات التي جرت في الصيف الماضي في " اتحاد المجالس" كانت في الأساس مع ممثلي هذا اليسار المحفلي الموجود داخل الحزب، والذي أتخذ موقفا تجاه أحد رموز الحركة العمالية في العراق وقامت بحملة سياسية لکسر شخصيته الاجتماعية.
إن ما يهم هذا المحفل بالدرجة الأولى طوال عمره السياسي هو الاحتفاظ بالزمام السياسي لمحفله وفرقته، لا العمل السياسي داخل المجتمع من أجل الظفر بالسلطة السياسية. وأكثر ما يخشاه هذا المحفل هو اشتداد قوة الحزب ونموه و تطوره الاجتماعي، إذ يخشى حينئذ أن يضيع الضياع ويخسر مواقعه القيادية. يطلق هذا المحفل شعاراته من وراء الصراع الطبقي والاجتماعي و من أمام أجهزة الحاسوب، ولا يربط مصيره بمصير المجتمع و الطبقة العاملة. وفيما يتعلق بإدارة العمل الحزبي يتصور أنها صاحب الفكر دوما، وأن هناك دوما في الأسفل قوة لتنفیذ سياساته. إن ما يمكن وصف المؤتمر سياسيا به منذ انتخاب المندوبين حتى صدور البلاغ النهائي هو أن المحفلية هي التي أنجزت المؤتمر، وأنها اختارت المندوبين، وأنها شكلت آلية المصادقة على القرارات و الاقتراحات، وأنها هي التي صوتت و هي التي فازت بالأصوات كلها، لذلك فأن ديباجة البلاغ الصادر التي تؤكد في سطرها الأول على النجاح والانتصار لا تعني سوى هيمنة هذه المحفلية على الحزب و الحركة ومصيرهما. کان هذا التيار المحفلي داخل الحزب یعي تماما أنه لو لم يمر المؤتمر في هذه العملية، لخسر زمام الأخذ بمصير الحزب الشيوعي العمالي العراقي. كان علي إدراك تام أنه وبدون إبعاد العناصر التي أشرنا إليها أعلاه من المؤتمر، لن يكون بإمكانه إدامة حياته المحفلية "المريحة". ويدرك هذا التيار أيضا إن أية خطوة للحزب يخطوها داخل الحركة العمالية في العراق، سوف يعني نهاية حياته. لهذا عمل ما بوسعه لترجيح كفة ميزان القوى لصالحه وبالنتيجة لم تكن الانتخابات التي جرت في المؤتمر أكثر من انتخابات محفلية بحتة. فلا يمكن لأحد أن يبعث بقوى من السليمانية وبشدر لكي يقرر بها مصير ال ح. ش.ع.ع. و ثم يقوم بمخاطبة هذه القوى بأن مهمتها انتهت داخل ح. ش.ع.ع و آن لها أن تنشط في الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني!!! هل حدث مثلما حدث عندنا في أية بقعة من العالم؟
قبل أن أنهي حديثي، أرى من المفيد أن أشير إلى الدور السلبي لرفاق الحزب الحكمتي. فقد لعب الحزب الشيوعي العمالي الإيراني وامتداده الحزب الحكمتي منذ القدم حتى يومنا هذا دورا سلبيا في علاقاته مع الحزب العراقي، و أن المحفلية التي شلّت عملنا، قد عمل أولئك الرفاق عملا جديا على خلقها في قيادة حزبنا. و حسب علمي لم يتعامل هؤلاء الرفاق معنا كحزب وحركة سياسيين أبدا. منذ تأسيس الحزب العراقي يعمل أولئك الرفاق على دعم شُلة معينة "محفل"، و مساندتهم و جعلهم أصحاب الزمام والقرار في حزبنا، ولكن ما يؤسف له إن هؤلاء الأشخاص فشلوا في أن يتحولوا إلى قادة سياسيين مؤثرين في المجتمع، وقد جرّوا معهم الحركة إلى الانحدار والهاوية، ورغم كل ذلك يحظى هؤلاء بدعم الرفاق الحكمتيين ومساندتهم. هذه المساندة المتحيزة والتي هي بالتأكيد سياسية، کان السبب عن ابتعادنا عن الحركة الواقعية الموجودة، و اضطرار عشرات بل مئات الكوادر الكفوءة البارزة إلى الابتعاد عن الحزب، أو الانقطاع عنه. من المفيد أن يعيد هؤلاء الرفاق النظر إلى سياساتهم بهذا الشأن. وأخيرا، أؤكد أن المؤتمر الرابع يعتبر نقطة مظلمة في تاريخ حزبنا، و إنذارا بخطر ابتعادنا عن الحركة العمالية والشيوعية، والجري خلف الحركات الأخرى، لهذا و من منطلق الحركة الشيوعية العمالية أرى أن هذا المؤتمر غير شرعي، ولا يمثل التيار الشيوعي. إن قادة الحركة الشيوعية العمالية تقع على عاتقهم مهمة رفض هذا المؤتمر ومقرراته، وأن يعملوا على تحويل الحزب الشيوعي العمالي العراقي إلى حزب الطبقة العاملة و ممثليهم، حزب الحریة والتحرر، حزب الحركة التحررية النسوية..الخ.. وإلا فمصير الحزب و حركتنا و تاريخنا کناشطين شيوعيين داخل الحزب سوف يذهب أدراج الرياح..
27.02.2008
#عمر_الخطاط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاجدى تقوية أتحاد المجالس والنقابات العمالية وقيادته!...ملا
...
-
الصور الكامنة خلف الإعدام
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|