ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 06:09
المحور:
المجتمع المدني
مضت أكثر من ثمانين عاماً على الولادة القيصرية للجمهورية اللبنانية، على يد القابلة الفرنسية، من الجسد العربي المستباح من ثلة رجال قاسمهم المشترك،
أنهم مرضى، ولا يزال مرضهم السياسي والفكري، ينذر بولادات أخرى، وربما ينذر بما هو أخطر من الولادة، قد ينذر بالإجهاض، أي بإلغاء ما هو مولود أو ما ينتظر دوره في الولادة .
ليس هناك في المنطقة رجل مريض أكثر من إسرائيل، فإجهاضها المستمر لمبادرات السلام لا يحصى، فضلاً عن تجاهلها لرزمة القرارات الدولية التي ظل يرددها الساسة العرب كالببغاوات عقب كل قمة عربية أو جلسة لمجلس الأمن، ولا يُفهم من إجهاضها وتجاهلها، إلا على أنها غير راغبة في تيسير الولادة الطبيعية للدولة الفلسطينية التي تنتظر دورها في الولادة بموجب المفاوضات القائمة على أساس مبادرة السلام العربية وخريطة الطريق الدولية .
لا تعني السنوات الثمانين لعمر الدولة اللبنانية، بلوغها سن الشيخوخة، فالعمر السياسي للدول يقاس بتاريخها ولا يقاس بعدد السنوات التي يعيشها الإنسان الواحد، لو كان الأمر على هذا الأساس، لرأينا دول تفنى ليلاً وأخرى تولد نهاراً، لأن الدولة في العرف السياسي والقانوني عبارة عن كيان يستمد وجوده من خلال وجود البشر الذين تتصل حياتهم بحياته .
فلبنان كدولة، لا يزال حديث الولادة، رغم الوعي الكبير لأفراده، والمخاطر المحدقة بلبنان تتساوى مع تلك التي تمارسها إسرائيل في فلسطين، قد يكون الخطر المحيط بلبنان أكبر، خصوصاً لجهة الإلغاء، وعواقب ذلك على المحيط نفسه .
لا نستطيع حصر السؤال عن الجهة التي تريد إلغاء لبنان، بإجابة أو إجابتين، لأننا سنكون أمام سيل من الإجابات المفتوحة، كلٌ بحسب رؤيته وقراءته لفنجان المنطقة، فالبعض يحصر إجابته بأميركا و إسرائيل، وآخر بسورية وإيران، لا ندّعي في هذا المقام حباً سورياً ولا حرصاً أميركياً على لبنان .
أميركا لا يهمها من لبنان شيئاً سوى تأمين حدود إسرائيل الشمالية سواء من حزب الله أو من الفصائل الفلسطينية، وهذا معروف للجميع، وما حديثها عن الديمقراطية إلا حديث أفك، أما سورية التوأم السيامي للبنان، لا يعقل أنها تريد إلغاءه، لو أرادت لألغته على يد أنظمتها العسكرية التي أعقبت جلاء فرنسا على أقل تقدير .
السؤال الذي لا جواب له، لماذا تخشى السلطة السورية من لبنان رغم ضعفه وتعرضه للإلغاء في أي لحظة ؟ هل دخولها المباشر على خط الأزمة العاصفة حباً بتدعيم قوة حلفائها اللبنانيين، وبالتالي تدعيم قوة الدولة اللبنانية كما يرددون، أم بسبب إلغاء جزء من العدالة التي ستحملها المحكمة الدولية قريباً ؟
أسئلة تجعل المرء يتوجس ويتشكك رغماً عن أنفه.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟