جمال كريم
الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 06:07
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
الى شاكر الانباري والاخرين...
لم يكن المهاجر ، العائد من بلاد قصية ذلك الانسان المسكون بالوجد والحنين والشوق الى قرية ونخيل وفراتين ومدينة وزقاق، وهو في مغتربه أو مهجره أو حتى منساه !.
أقول لم يكن المهاجر ثانية منغريا ببلاد الاقاصي لو لم يكن في بلاد ، تلفظ أبناءها وتقتل أبناءها , وتذبح أبناءها ، بل حتى تطمر أبناءها أحياء .
يعود المهاجر الحالم بذاكرة أخرى ، ليرى الموت كيف يتسلل الى الارواح والاشياء والمعاني ، ويرى المدن والشوارع تنضوي ، مقسورة ، تحت الخوف والرعب في ليلها الطويل المنجلي عن صباحات ثقيلة غالبا ما تملأها مدويات الانفجارات .
أن ترحل من بلاد ، في نواح كثيرة ، تتنازع وتتهاجر وتترامى بالنار والسكين ، يعني أنك مازلت رائق البال ، وما زلت تمسك براية القرار ، ومازلت ، حقا ، تحلم بالحرية والسلام والجمال ، جميل أيها المهاجر ثانية ، أن تترك البيت موحشا والفراش من بعدك مبعثرا وورد الحديقة ذابلا ، وتسلم ، عابرا الحدود بريش روحك ، من بلاد تتآكلها الصراعات والخلافات والانقسامات على بيت المال وكراسي الحكم العاجية.
ان ترحل أيها المهاجر ثانية ، ولم تبن شيئا مما كنت تحلم ، يعني أنك خائب، ومحبط، وخائف من المستقبل .
أيها المهاجر ، ثانية ، هل أعياك التعب أم أنهكت قواك الاحداث ، أم كنت تخشى الرصاصة المنفلتة من أياد امتهنت القتل والانتهاب واسكات الاخر بالموت الزؤام ، لكن مالفرق بين خطوة العودة الى البلاد التي أنت منها واليها وبين خطوة العودة الى بلاد أنت فيها ولها ، في الثانية تمضي الى الحياة بلا خوف ، تقول بلا خوف ، وتحتفي بالاحبة والاصدقاء الى فجر المدينة بلا خوف لترقد بسلام ...
هي هجرة أخرى الى الضفاف الاخرى ، وما كنا نعلم أن الذي يضيق بنا وطن يذوي بين الجهات والاهات والسيوف والرحيل ، ما كنا نعلم أننا في الطرقات والحدود سنخبيء أسماءنا ثانية ، ما كنا نعلم أن قاطعي السبل لو استوقفونا سائلين : من أي العمام أنتم ؟ سنجيب بلا تردد أو تلكؤ : أننا تشكيل عشائري جديد ..!! نمت بذرته بعد سقوط النظام المتدكتر! عندها ستنجو رقابنا ورؤوسنا من خناجر ورصاصات القتل الطائفي ، ما كنا نعلم ، أحبتي المنفيين ، هنا وهناك ، في الشمال والجنوب ، في الشرق والغرب ،أن الوطن سيكون أضيق من عين نملة وأننا سنهاجر ثانية .... الوداعات في ( حافظ القاضي ) ، مازالت تعصر القلوب وترميها على قارعة الطريق مثل ليمونة صفراء ، أمهات ,وآباء ، ورفقة وأتراب ، يتباعدون، بأياد ملوحة وعيون دامعة في نقاط السفر والترحال ، تمضي هذه الجموع من وطن تتلبده غيوم النفاقات والشعارات والآمال البعيدة ، تمضي وتمضي وتمضي بلا انقطاع .
اذن ، هي هجرة أخرى الى ضفاف ...
#جمال_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟