|
في مطبخ القادم من الكابينة الكردية
هوشنك بروكا
الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 10:29
المحور:
المجتمع المدني
تحت هذا العنوان الخبر "المكتبان السياسيان ل( أ.و.ك) و( ح.د.ك) يبحثان عدة مسائل مهمة"، والذي نُشر هذه الأيام في أكثر من جهة كردية وعربية في كلٍّ من العراقين، اجتمعت قيادتي الحزبين الحاكمين لإقليم كردستان، في منتجع دوكان برئاسة كلٍّ من كوسرت رسول علي نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكوردستاني والسيد فاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني. قيل "أن الإجتماعات ستتواصل لعدة أيام متتالية"، وهو الأمر الذي يعني، أن هناك أكثر من قضية عالقة ومهمة للمناقشة والإتفاق عليه، كعادة كل الإجتماعات الكردية الماراتونية، الطويلة. بعد فشل الإتحاد الوطني الكردستاني وقيادته المقتسمة بين أكثر من رأس، في تعيين مرشحه ل"رئاسة الوزراء"، كخلفٍ لرئيس الكابينة الراهنة(الخامسة)، الذي كان من المفترض أن يصبح سلفاً، السيد نيجيرفان بارزاني، وذلك بحسب الإتفاق "التاريخي"، المبرم بين الحزبين في 21 يناير/ كانون الثاني 2006 ، والذي نصّ على "تبادل الجانبين لمنصبي رئيس الوزراء ورئيس البرلمان في نهاية 2007"(البند الثالث)، جاء الدور على "تفصيل" الحكومة الجديدة، أو القادم من تشكيلتها، التي ستختزل حقائبها إلى أقل من النصف، بحسب تصريحٍ أدلاه نائب رئيس الإقليم السيد كوسرت رسول، لوكالة الأنباء المستقلة(أصوات العراق، 13.01.08). الأرجح، هو أن أول ما سيتمخض عن هذه الإجتماعات التي ستتواصل لأيام، هو الوجه الجديد، الذي ستكون عليه الكابينة الكردية القادمة، ومن سيكون "ماذا"، و"أين" و"كيف"، في تشكيلتها الجديدة. في أوساط كوادر الديمقراطي الكردستاني هناك مقولة لرئيس الإقليم الكاك مسعود البارزاني، هي أصبحت بمثابة "المقولة النكتة"، إذ يُقال على لسانه، فيها: "هناك مؤسستان في البارتي(أي حزب البارزاني)، من الصعوبة بمكان إصلاحهما: مطبخ البارتي وإعلامه". ولكن الذي يخشاه المرء، أخذاً بهذه المقولة، هو أن يكون من الأصعب إصلاح "مطبخ" كردستان الحكومة، الذي يعيش هذه الأيام قياماً وقعوداً، أخذاً ورداً كبيراً، اختلافاً وإئتلافاً، ومداً وجزراً كثيراً...إلخ. هذه الأيام تعيش كردستان الحزبين، في مطبخٍ "غير سهلٍ"، ستُطبخ فيه القرارات بين الحزبين الرئيسيين، لتفصيل مستقبل "حكومة فاعلة" ب"وزراء فاعلين"، بدلاً من "الكثير المعطّل" من الوزراء المعطلين، في الحكومة التوفيقية(حكومة الترضية)، السابقة، المؤلفة من 42 وزارة، بينها 9 وزارات(بالإسم فقط) سميت جوازاً، ب"وزارات الإقليم"، وذلك لضرورة الإعراب، و الشعر، والسياسة، كردياً.
قيل أن هذه الوزارت ستُختزل إلى أقل من النصف، وذلك في إطار "مشروع ترشيق الحكومة"، وهي خطوة صحيحة، في الإتجاه الصحيح، نحو "كردستان الصحيحة"، فيما لو تصححت، وصحت معها نوايا القائمين عليها.
المتتبع لشئون كردستان وحكوماتها، سوف يكتشف بسهولة، أنّ كل الحكومات المتعاقبة حتى الآن(الكابينة الخامسة التي تسمى بالموحدة)، تشكلت على مبدأ "الديمقراطية العشائرية"، وهو مبدأ اعتادته "حيتان كردستان"، مثلما عودت الآخر "المعارض المفترض" عليه، وأرضته، و روّضته، للعبور إلى كل كردستان، وكل الحكومة، وكل البرلمان، وكل الآسايش، لتصبح الكلّ السيد في الكل الأكيد. هذا المبدأ "العشائري" بإمتياز يقوم على: 1. المحاصصة الحزبية القائمة على اقتسام كردستان بين الحزبين الرئيسيين، وفقاً ل قاعدة الحزبين، "التاريخية"، الأبدية، ال"فيفتي فيفتي". 2. المحسوبية والترضية العشائرية، أي إرضاء كل جناح قبلي، أو ديني، أو إثني، ما أمكن، وذلك عبر لعبة "اصطياد" الرأس، ف"الحية تعيش برأسها ولاتموت إلا من رأسها"، كما يقول المثل الكردي. 3. استمالة الآخر المعارض أو المختلف حزبياً، ببعض مقعد، أو بعض حقيبةٍ، أو بعض عبورٍ إلى "استثمار الحكومة".
في إحدى وثائق حكومة إقليم كردستان(نبذة عن الحكومة)، نقرأ الآتي: "الاطراف في الائتلاف الحكومي، هي، الحزب الديمقراطى الكردستانى والاتحاد الوطني الكردستاني وحزب كادحي كردستان والحزب الاشتراكي الكردستاني والاتحاد الاسلامي الكردستاني والحزب الشيوعي الكردستاني والجماعة الاسلامية وحزب الاخاء التركماني. ومن بين اعضاء مجلس الوزراء هناك عدد من الكلدان والآشوريين ومن الكورد الفيليين، والكورد الايزيديين، والأخوة التركمان".
تقول هذه الوثيقة إذن، أن حكومة إقليم كردستان، هي حكومة مؤتلفة بين الغالبية الساحقة من مكونات كردستان، بأكثرياتها وأقلياتها. ولكن "الحقيقة الشارعية"، أو حقيقة "كردستان الشارع" تقول بغير ذلك، بل ربما بعكسها. هذه الحقيقة الحاضرة في "كردستان التحت"، و"الغائبة المغيّبة" في "كردستان الفوق"، تقول: أن كردستان، حكومةً، وبرلماناً، وآسايشاً، وبيشمركةً، هي من حزبين إلى حزبين(الديمقراطي الكردستاني & والإتحاد الوطني).
في مظنتي، أن الحكومات الكردية السابقة، فشلت للآن بعد زهاء 17 عاماً من كردستان المتحققة، في الإرتقاء بهذه الأخيرة من "كردستان الحزب والعشيرة"، إلى "كردستان المواطنة والمؤسسات المدنية".
وما جاء في اعتراف الحزبين الحاكمين ب"عدم قدرة حكومة إقليم كردستان، على حل المشاكل الأساسية كما هو مطلوب منها، مثل الكهرباء، الماء، الوقود، توفر المدارس بالقدر اللازم، إنجاز الطرق، قلة الرواتب والمستشفيات اللازمة، البنية التحتية لكوردستان لم يتم بناؤها بصورة متينة، ما ولّد جملة مشاكل أخرى، كالبطالة، غلاء السوق، انعدام أسس الاقتصاد الحر الحقيقي، الفقر ومشاكل اجتماعية أخرى"(يُنظر بيان المكتبان السياسيين للديمقراطي والإتحاد، بمناسبة انتفاضة آذار 1991/ 05.03.08). أسباب "فشل الحكومة"، لا تكمن في "فقر" ميزانية كردستان بالطبع، وأنما تكمن في الفساد الإداري، والسياسي، المستشريان في كل مفاصل كردستان، واللذان ينهشان جسدها كالسرطان، على حد تعبير أحد بيشمركة كردستان القدامى. البيان يعترف إذن بوجود "تقصير حكومي"(الذي هو في حقيقته "فشل حكومي") ل"حل مشاكل أساسية" في الإقليم. وهو الأمر الذي يعني ضرورة البحث عن حلول بديلة، ل"تفادي" أو "تجاوز التقصير/ الفشل" ما أمكن.
من يتتبع أحوال كردستان وشئونها، يعلم أن المشاكل التي وردت في "بيان إعتراف" الحزبين، باتت "مشاكل بنيوية"، من الصعب لكردستان عبورها، دون البحث عن "حلولٍ جذرية بنيوية". أما الحلول الممكنة، على صعوبتها الكبيرة جداً جداً، ونحن على أبواب الدخول في حكومة جديدة، بتشكيلة وزارية جديدة، هي: 1.تشكيل حكومة "إقليم كردستان" أي حكومة لكل الإقليم وكل كردستانه، بدلاً من حكومة لحزبين، بحزبين وإلى حزبين.
2. تشكيل حكومة فاعلة، بوزارت فاعلة، ووزراء فاعلين كفوئين، بدلاً من الحكومات السابقة "المفعولة بها". في كل الحكومات السابقة، صلاحيات المكتبان السياسيان، للحزبين الحاكمين، هي أكبر من صلاحيات كل الحكومة، وكل ما حواليها من مؤسساتٍ، تسمى على سبيل "الجدل الكردي" ب"المدنية". وهو الأمر الذي يعني، أن الحكومة(كل الحكومة من 1 إلى 5)، في السابق، كانت "حكومة ظل"، أو "حكومة لا حول لها" ضمن حكومة أكبر، وأوسع، وأعلى، هي "حكومة" المكتبين السياسيين للحزبين الرئيسيين.
3. توحيد الحكومة فعلياً، وعلى الأرض، وليس في "الإتفاقات التاريخية الورقية". للآن الوازارت الأربعة الفعلية الرئيسية لم تتوحد، لأسباب حزبية محاصصاتية بحتة، يعرفها القاصي والداني، القريب والبعيد. والمضحك المبكي، هو أن هذه الوزارات، مصطفة في تسلسل التشكيلة الوزارية، وراء بعضها البعض، وفي الفوق الأعلى من القائمة، من الرقم 3 إلى 10، كالتالي: 3. عثمان حاجي محمود، وزير الداخلية؛ 4. عبدالكريم سلطان شنكاري، وزير الاقليم لشؤون الداخلية؛ 5. سركيس آغا جان مامندو، وزير المالية والاقتصاد؛ 6. بايز سعيد محمد، وزير الاقليم للشؤون المالية، 7. فاروق جميل صادق، وزير العدل؛ 8. آزاد عزالدين ملا فندي، وزيرالاقليم لشؤون العدل؛ 9. عمر عثمان ابراهيم، وزير شؤون البيشمركة؛ 10. جعفر مصطفى، وزير الاقليم لشؤون البيشمركه.
فأين هي الحكومة "الموحدة"، حيث فيها الوزارات الأربعة الرئيسية، لا تزال مزدوجة: أربع وزارات ل"كردستان هولير"، وأربعة مثلها في التمام والكمال ل"كردستان السليمانية".
4. الإرتقاء بمفهوم "الحكومة"، إلى مستوى أكثر مدنيةً، وأكثر علمانيةً، وأكثر عمليةً، وبالتالي فكها أو تحريرها من الحسابات، والمحاصصات القائمة على أساس "التمثيل الطائفي، أو المذهبي، أو المناطقي، أو العشائري، أو العائلي، فضلاً عن الحزبي 100%". الآن هناك نقاشات كبيرة تدور في كواليس ومطابخ "المكاتب السياسية" القائمة على شئون تفصيل الحكومة القادمة، حول من سيشغل "أين"، ومن سيشتغل "ماذا"، ومن سيكون "كيف"، ومن سيداوم "إلى متى"؟ والأنكى، هو أن كلٌ(الكل الخارج عن الحزبين الحاكمين بالطبع)، ينتظر قرار "التعيين" من هذه المكاتب ل"منحها" حصتها، على جمرٍ من نار، للعبور إلى "كسرة خبز"، أو شقفة حقيبة، في الحكومة المنتظرة.
الحديث الآن، جارٍ على قدمٍ وساق، حول مخصصات الحزبين و"خارجهما"، في تشكيلة هذه الحكومة المنتظرة. المرجح، حسب بعض التسريبات الأولية، هو أنه سيكون للحزبين 14 وزراة مناصفةً، على طريقة "الفيفتي فيفتي" السابقة، أما الوزارات الفائضة الباقية(حوالي 6 وزارات كحد أقصى، هذا فيما لو تم اختزال الحكومة فعلاً إلى أقل من النصف كما قيل). وفي حال بقاء الحكومة على "ائتلافها" السابق، فهذا يعني أن "الوزارت الفائضة" ستوّزَع على "الفائض" من الإئتلاف، أي "الأحزاب الفائضة"(حزب كادحي كردستان + الحزب الاشتراكي الكردستاني + الاتحاد الاسلامي الكردستاني + الحزب الشيوعي الكردستاني + الجماعة الاسلامية + حزب الاخاء التركماني)، وكذا الجماعات الإثنية الأخرى "الفائضة"(الكلدان + الآشوريون + الكورد الفيليون + الكورد الايزيديون + التركمان). لو حسبنا حصة كل طرف من هذه الأطراف "المشرَكة" في الإئتلاف، ب"وزير واحد"(لأن لا أحد يرضى على نفسه ب"نصف وزير"، أو "نصف حقيبة")، فهذا يعني أن على "المكاتب السياسية" الطابخة للحكومة، والمشغولة الآن بتوزيع "كعكتها"، أن تضع في حسابها، للمؤتلفين معها، إحدى عشرة وزارة(6 للأحزاب+5 للجماعات)، على رف الحكومة القادمة. لكن عملياً، هذا غير ممكن، لأنّ الحكومة القادمة(الرشيقة)، بحسب تصريحات نائب رئيس الإقليم، ستخفَّض وزاراتها إلى أقل من النصف، أي 20 وزارة كحد أقصى، فيما لو صحت تلك التصريحات ووقعت. وهو الأمر الذي يعني سقوط حصة 5 أطراف من الحكومة. والأرجح، هو أن الأحزاب لن تتنازل عن "منحتها" أو كعكتها الحكومية، بسهولة، وهذا سيعني "سقوط محتمل" لحصة الجماعات الإثنية، والدينية، الخمسة، المذكورة أعلاه(أقليات كردستان). قمت بإجراء هذه "الحسبة الحكومية"، بالطبع، تأسيساً على عقلية "فوق الحزب" في كردستان الفوق، و"تكتيكه"، لدى أي تناولٍ له ل"الملفات الحساسة"(ملفات المحاصصة بخاصة)، علماً أن "حكومات العالم" التي تشهد "وزارات لحقوق الإنسان"، على أقل تقدير، ليس هكذا، وفقاً لهكذا محاصصات، ومحسوبيات، تذهب إلى تشكيلاتها. فهي، والحال هذه، "تؤخر ولا تقدم" الأوطان وشعوبها، ناهيك عن تقطيعها، وتفتيتها، وتخريبها.
في الحكومات الكردية السابقة، كان بين الطاقم الحكومي، هناك من "يمثل"(قولاً وبالإسم فقط، طبعاً) "كل" مكونات كردستان، حسب تصريحات كبار المسؤولين الكردستانيين، فماذا كانت النتيجة؟ هل تعيين "وزيرين إيزيديين معطّلين للإقليم"، فتح الطريق أمام حلٍّ ممكنٍ، مثلاً، للكثير من مشاكل الإيزيديين التحتيين، العالقة في "كردستان المعلقة"، بين مؤسستين حديديتين(الحزب+العشيرة)؟ هل تعيين وزاء فيليين، غير ممثلين للغالبية الساحقة من الكرد الفيليين(حسبما يقول الشارع الفيلي، وتقول أحزابه)، قام بردم الهوة التي تتوسع يوماً إثر يوم، بينهم كمكوّن كردي أصيل، وبين الحزبين الكردستانيين الحاكمين المفصّلين لكل الحكومات السابقة؟ هل منح حقائب وزارية لا حول لها ولا قوة، لآشوريين، وتركمانيين وسواهم من الأقليات، يعني أن هؤلاء الأخيرين، يعيشون على كفي الله في كردستان، كما يُقال؟
هذا على صعيد الحكومات الماضية، التي ادّعت أنها "تمثل" كل كردستان وكل مكوناتها، بينما "الحقيقة الكردستانية" الغائبة بالطبع،، تقول أنها لم تمثل سوى الحزبين الرئيسيين، والمتنفذين فيهما، الذي اصبحوا مالكين لكل مفاتيح "فتح" كردستان و"إغلاقها". أما بالنسبة لمن قيل عنهم، بأنهم يمثلون هذا المكوّن وذاك، فحقيقة المكونات الكردستانية نفسها، تقول أنهم لم يمثلوا خلا أنفسهم، وحقائبهم، ومقاعدهم، في أحسن الأحوال.
المتوقع، هو أن الحكومة القادمة، المنتظَرة، ستكون مهامها أصعب، وأن إشكالياتها على مستوى "التمثيل الديكور"، ستكون أكبر. في القادم من الحكومة، ستسقط الحصة(الشكلية، الروتينية) من البعض الأقلّوي، وهو الأمر الذي سيدخل القائمين على شئون الحكم في كردستان، إلى مرمى "الإنتقاد المباشر"، و"الإتهام المباشر"، و"المعارضة المباشرة"، و"السخط المباشر". الحقائب الست(المحتملة) الإضافية، أو الفائضة، والتي تنتظر التوزيع، هي لا تزال حقائب غير مقررة، ومجهولة الأصحاب والعناوين، ولكنها لن تكفي، بأيّ حالٍ من الأحوال، ل"ترضية" كل "الأطراف المؤتلفة" الإضافية، كما ذكرت. فعلى سبيل المثال لا الحصر، وعلى حدّ قول بعض المسرّبين، هناك 3 إيزيديين مرشحين ل"تعيين" واحدٍ من بينهم، في "الطاقم الحكومي" القادم، ولا أحد من هؤلاء الثلاثة، على علمٍ بما يجري ويُطبخ له أو لزملائه الآخرين، في المكاتب السياسية العليا، فضلاً عن "اللاعلم الأكيد" للشارع الإيزيدي، بمن س"ينوب" عنه أو يمثله. حال المكونات(الأقليات) الأخرى في كردستان، كالفيليين والآشوريين والتركمان والشبك وسواهم، لا أظنه أن يكون بأحسن من حال أقرانهم الإيزيديين.
أين المشكلة؟ المشكلة، في أسها وأساسها، هي أن عقلية الفوق الكردي الحاكم، قد عوّدت مكوناتها الكردستانية، زهاء خمسة حكوماتٍ "حزبية محاصصاتية 100%"، من عمر كردستان المتحققة، على "الديمقراطية العشائرية"، و"التمثيل العشائري"، و"المواطنة العشائرية". فلا وجود في كردستان ل"مواطن" فاعل، ينتخب ممثله، انتخاباً مباشراً، بقدر ما أن هناك "مواطن عشائري"، هو مجرد "رقم تحت الخيمة"، ملزمٌ بما يقرره، أو يفكه ويربطه، أو يكونه رأسه وشيخه. من هنا، لم تسعَ الأحزاب الكردستانية الحاكمة، طيلة حكمها، إلى التأسيس ل"كردستان الحقوق" على أساس "مبدأ المواطنة"، بقدر ما سعت ولا تزال إلى "كردستان العشيرة"، فقامت بإرضاء العشيرة وترويضها، عبر "الرأس" القائم عليها، تاركةً المواطن المسكين، الخارج عن كل الحساب وكل كردستان، ليرزح تحت أكثر من حكمٍ، وأكثر من قانونٍ، وأكثر من "دولة"(دولة العشيرة، دولة الحزب، دولة القوة...إلخ).
السبب إذن، هو غياب برلمان منتخَب حقيقي يمثل كل كردستان، وكل مكوناتها بحق وحقيقة. السبب، هو اختزال كل كردستان في مصالح حزبين رئيسيين، يملكان كل كردستان وكل مفاتيحها السرية والعلنية، وكل كبيرة وصغيرة فيها. السبب، هو غياب "كردستان المواطنة"، واختطافها من قبل "كردستان الحزب". الحكومة، عملياً، هي مؤسسة تنفيذية، تنفذ ما تصادق عليه المؤسسة التشريعية(البرلمان)، وليس العكس. فهي(الحكومة)، كمؤسسة تنفذ "الدولة" وتحققها، لا تحتاج إلى وزير محسوب على هذا المكون، أو ذاك، و تلك الطائفة، وهاته العشيرة أو تلك. هي، تنفذ ما يقرره البرلمان، وهي تقوم بما يقوله ويوقع عليه هذا الأخير. ولكن عملياً، "لاوجود" البرلمان، و"لافاعليته"، كردياً، وغيابه ك"مممثل حقيقي" من الشعب، بالشعب، وللشعب، وإلى الشعب، وتبعيته فعلياً وخضوعه الكامل للمصالح الحزبية "العليا"، هو الذي أفقد مصداقية كل شيء، اسمه "مواطنة" أو "مواطن" أو "انتخاب" أو "تمثيل" في كردستان الداخلة في الحزب أولاً وآخراً. واقع حال كردستان يقول، أن "الحزب الفوق" في "كردستان الفوق"، هو الجهة الوحيدة التي لا شريك لها، التي تخوّل، وتقول، وتشرّع، وتقرر، وتنفذ، دون أن يكون هناك مجرد اعتراض، أو معارضة، أو شبيهها، على ذاك الحزب "المقفّل" لكلّ شيء، أو كل الحقوق عليه، والذي بات كتحصيل حاصل، أكبر من الوطن، وأكبر من كل مواطنيه.
عليه، أرى وأقول أن كردستان وأكرادها، ولا أكرادها، وأديانها، وطوائفها، وسائر مكوناتها، شبعت من "خبز ومَرَق" الحكومات الكردية الحزبية، العشائرية، المحاصصاتية، الضيقة، والتي لم ولن تسد رمقاً ولا جوعاً. فليكن في الحكومة، من يكون، ولتستوزر "المكاتب السياسية" العليا، من تشاء في المكان الذي تشاء، ومتى تشاء، ولكن بشرط أن يكون، فيها: الدين لله وكردستان الوطن للجميع؛ الحزب للرفاق وكردستان للجميع؛ العشيرة للخيمة، وهذه لقهوتها المرة، ومرتشفيها، فيما كردستان البرلمان، وكردستان الحكومة، وكردستان الآسايش، وكردستان الأخضر والأصفر والأبيض والأحمر، وكردستان "أي رقيب"، وكردستان البارزاني الأكبر مصطفى(البارزاني الجبل)، تكون وطناً للجميع.
#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(4)
-
كردستان الحاضرة الغائبة إيزيدياً(3)
-
الحرب بين -شمسَين-: مَن يطفئ مَن؟(2/2)
-
الحرب بين شمسَين: مَن يطفئ مَن؟ (1)
-
كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً (2)
-
كردستان الحاضرة العائبة إيزيدياً 1
-
جمهورية سعدالله خليل
-
كردستان في مهّب الفساد
-
شعب الله الشفوي
-
القذافي ديكتاتوراً -نبيلاً-
-
شنكَال، ظلاً للسيدة الأولى كركوك
-
هل الإيزيدية دينٌ اسمه رجل ؟!
-
مانديلا(نا) ومانديلا(هم)
-
كردستان تأكل نساءها
-
وطار الرئيس...
-
المام جلال ومحامي الشيطان
-
د. سعدالدين إبراهيم: لا فرق بين الزرقاوي وهوشي مينه إلا بالت
...
-
أكراد الله وأكراد الشيطان
-
صناعة الأعداء عربياً
-
الأسد: هوية مقلوبة للجولان المقلوب
المزيد.....
-
جنوب إفريقيا: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية خطوة نحو تحقيق
...
-
ماذا قالت حماس عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو.. كندا: عل
...
-
مدعي المحكمة الجنائية الدولية: نعول على تعاون الأطراف بشأن م
...
-
شاهد.. دول اوروبية تعلن امتثالها لحكم الجنائية الدولية باعتق
...
-
أول تعليق لكريم خان بعد مذكرة اعتقال نتانياهو
-
الرئيس الإسرائيلي: إصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق
...
-
فلسطين تعلق على إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال
...
-
أول تعليق من جالانت على قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار
...
-
فلسطين ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|