أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - إنتبهوا: محمود عبدالفضيل يدق نواقيس الإنذار المبكر















المزيد.....

إنتبهوا: محمود عبدالفضيل يدق نواقيس الإنذار المبكر


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2218 - 2008 / 3 / 12 - 11:19
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الدكتور محمود عبد الفضيل ليس مجرد أستاذ يقوم بتدريس الاقتصاد فى الجامعة وإنما هو أيضاً مفكر اقتصادى، وكاتب صاحب قلم سلس يستطيع أن يتناول أعقد القضايا والمصطلحات الاقتصادية بأسلوب سهل وبسيط. كما يستطيع أن يبث فى الأرقام الجامدة روحاً وحياة وأن يربط الدلالات الاقتصادية لهذه الأرقام باتجاهات الريح السياسية والاجتماعية.
وكتابه الجديد "نواقيس الانذار المبكر"، الصادر حديثا عن "دار العين للنشر"، نموذج عملى لذلك كله.
وهو كتاب صغير الحجم، كبير القيمة، يمثل محاولة جادة لدق نواقيس الانذار المبكر حول مستقبل الاقتصاد والسياسة والمجتمع فى مصر قبل فوات الآوان. ويناقش – ببساطة – عدداً من القضايا الصعبة. حيث يعالج فى الجزء الأول قضايا نظرية حول ملامح الفئات الرأسمالية الجديدة وأزمة الحراك الاجتماعى والسياسى الراهن.
كما يعالج قضايا هامة تشغل بال كل مصرى مثل الخصخصة، والاستثمار الاجنبي المباشر، ومناخ الاستثمار، ومناخ العمل، والشائعات والتوقعات غير الرشيدة فى مجتمعنا.
بينما يناقش الجزء الثانى هموم وتحديات المستقبل فى مجالات مهمة مثل دور الجامعة،ومحاربة سرطان الفساد.
وينبهنا الدكتور عبد الفضيل من اول صفحة فى كتابه إلى أن هناك "تحديات كبرى تواجه الاقتصاد المصرى والإدارة المجتمعية خلال السنوات القادمة، وتحتاج لمزيد من الأمانة والشجاعة فى التشخيص والبحث عن سبل العلاج القويم قبل أن تتفاقم تلك المشاكل وتصيب المجتمع والأمة فى مقتل، لأن الاستخفاف بالمشاكل والتحديات الكبرى التى تلوح فى الأفق، والتركيز على الحلول الآنية للمشاكل والمسكنات الوقتية دون علاج المشكلات من جذورها هو الطريق نحو مزيد من التدهور نحو الأزمة الشاملة فى الأقتصاد والمجتمع".
ورغم أن الجانب الأكبر من فصول هذا الكتاب مقالات تم نشرها فى مجلة "المصور"، فإنها بترابطها معاً تعطى صورة مدهشة لأحوالنا.
فهو يبدأ بوضع يده على ملامح الفئات الرأسمالية الجديدة وسماتها. ودون استخدام لغة إيديولوجية زاعقة أو غير زاعقة يضعنا وجهاً لوجه أمام هذه الملامح.
فنرى أنها تعتمد فى تمويل جانب مهم من أنشطتها الاقتصادية على الاقتراض المفرط من القطاع المصرفى، والحصول على "التوكيلات التجارية" من "الشركات دولية النشاط" لتسويق المنتجات الأجنبية، والاعتماد على درجة عالية من "الاحتكار" فى السوق المحلية تساعدها على تحقيق أرباح احتكارية وغير تنافسية.
كذلك فإن هذه الفئات غير منشغلة بقضية الأختراع والتجديد، ناهيك عن التجويد الذى يجعل السلعة قابلة للتصدير والتنافسية فى الأسواق العالمية (باستثناء منتجات محدودة).
أضف إلى ذلك ضعف جانب "المسئولية الاجتماعية" فى مجمل نشاط بعض كبار رجال الأعمال.
ولذلك فإنه ليس غريباً بالنسبة لمثل هذه الفئات الجديدة أن يكون أحد مجالاتها المفضلة الاندفاع الجنونى نحو الاستثمار العقارى. وهذا دليل على خلل خطير فى الاقتصاد المصرى، خاصة أنه لا يسهم حقيقة فى حل مشكلة الاسكان للفئات الوسطى والفئات محدودة الدخل، كما أن العقارات عادة ما أصبحت تستخدم للمضاربة أو التربح وليس لاضافة إلى الطاقات الانتاجية فى الاقتصاد الوطنى. وهذا هو أحد الفروق الجوهرية بين السلوك الاستثمارى لبعض كبار رجال الأعمال فى مصر وبلدان آسيا الناهضة حيث توجهت الفوائض الإدخارية لدى القطاعين العائلى والخاص فى بلدان آسيا نحو القنوات الاستثمارية المنتجة والتصديرية فحققت أكبر قدر من النهوض الاقتصادى خلال حقبتين من الزمان فقط.
لكن الأخطر من ذلك كله هو مدى مشروعية كثير من الثروات وآليات الثراء السريع حيث يتحول فرد رقيق الحال إلى مليونير بين عشية وضحاها وبسرعة البرق نتيجة ازدهار اقتصاد "الصفقات" و "العمولات" وبعض الممارسات الاحتكارية الفاسدة. وهنا تكمن إحدى المشاكل الجوهرية التى تواجه مجتمعنا وتضعف معنوياته، حيث ينفصم "العائد" عن "الجهد"، وتضيع المعايير التى تحكم الخطوط الدقيقة الفاصلة بين "الحرام" و"الحلال".
ولكن الجدير بالتأمل فى حالة مجتمعنا – كما يقول الدكتور عبد الفضيل – هو خطر اتساخ الأموال الذى يمتد إلى الأموال النظيفة لكى تصبح أقل بياضاً وأكثر رمادية. وهكذا تصبح الثروات الجديدة خليطا من "المشروع" و"الممنوع" أو "الأبيض" و"الأسود"، وحيث إغراء الكسب السريع يدغدغ مشاعر الجميع، وحيث تطغى "المغانم الخاصة" على حساب "المنافع العمومية".
وعندما تكون هذه هى ملامح تيار مؤثر فى الاقتصاد فى الوقت الراهن فإنه من الطبيعى أن تنعكس تأثيراتها على البنية الفوقية للمجتمع. وعلى حد التعبير البليغ للدكتور محمود عبدالفضيل فإن الناظر على حال المجتمع المصرى من خارجه يكاد يخيل له أن هذا المجتمع يسير بخطى بطيئة، وكأن أرجله "موضوعة فى الجبس" نتيجة عدم ضخ دماء جديدة فى عروقه وشرايينه لسنوات طويلة.
ولعل التجديد الوحيد الذى حدث كان على مستوى نخب رجال الأعمال حيث برزت على السطح نخبة جديدة من "رجال الأعمال" دون "سيرة ذاتية" معروفة، باستثناء القلة القليلة.
وهذا كله يقودنا إلى "المأزق المزدوج" الذى يعانى منه المجتمع المصرى حالياً على النحو التالى:
على الصعيد السياسى: إصرار الحزب الحاكم على الاحتكار الكامل للسلطة من ناحية، وعدم قدرة القوى السياسية الأخرى على تجديد كوادرها وبرامجها عن ناحية أخرى.
وعلى صعيد حركة المجتمع: نجد أن الطبقات الرئيسية الثلاث فى المجتمع قد لحقت بها تحولات وتشوهات جوهرية خلال عقدى الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى. فبالنسبة إلى الطبقة العليا نجد أنها تزخر بالأغنياء الجدد، الذين جاءت ولادتهم "غير طبيعية" فى عصر النفط والعولمة، ودون رصيد تاريخى يذكر ، بما لا يقارن بسابقتها التى كانت مستندة على أرضية إنتاجية صلبة تقوم على ملكية الأرض إذ كون معظك الأثرياء الجدد ثرواتهم من خلال مجالات التداول والوساطة والمقاولات، ومن خلال العلاقة برأس المال الأجنبى، وليس من خلال التراكم الانتاجى الإنمائى، على نحو ما فعلت رأسماليات فى بلدان نامية أخرى.
وعلى صعيد الطبقة الوسطى نجد أن هذه الطبقة التى شكلت العمود الفقرى لنهضة المجتمع المصرى منذ ثورة 1919 قد ترهلت وتشرذمت وفقدت جانبا كبيراً من قوة شكيمتها وكبريائها وأصبحت طبقة منهكة تعيش وضعا معنويا وماديا مؤلما.
وعلى صعيد الطبقات الشعبية نجد أنها تعانى منذ نهاية السبعينات فى عمليات مستمرة للتهميش الاجتماعى والبلبلة الفكرية وتعدد سبل العيش التى تصل أحياناً إلى حد "تسول الرزق" والتحايل على الحياة اليومية. ولهذا فهى تعانى من التوظف غير المنتظم ومن فقدان الاتجاه، بل لقد تحولت أعداد كبيرة منها لتكون مستودعا للبلطجة والعنف.
وكل هذه المظاهر لها انعكاساتها على مسار العملية السياسية خلال السنوات الماضية، كما ظهرت انعكاساتها بوضوح فى الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب. إذ شهدت إنسحاب الطبقة الوسطى وانصرافها من المشاركة فى العملية الانتخابية، وصعود نفوذ المال، وانتشار عمليات البلطجة بالاستناد إلى مستودع البطالة والفقر فى البلاد.
وهذا لا يفسر فقط معضلات الماضى والحاضر وإنما يدق أيضاً أجراس الانذار المبكر حول مستقبل السياسة والاقتصاد والمجتمع فى مصر المحروسة التى يجب أن نتنبه لها قبل أن تقع الفأس فى الرأس.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإهانة -الأكاديمية- لبابا الفاتيكان .. والتطاول -الفنى- على ...
- رغيف »العيش«!
- بارقة أمل .. من -الصعيد الجوانى- (3)
- تعمير سيناء .. مشروع مصر القومى
- نصف أمريكا الآخر (2)
- السعى بين -المهندسين- و-صلاح سالم-
- بارقة أمل .. من -الصعيد الجوانى- (1)
- بارقة أمل .. من -الصعيد الجوانى- (2)
- الإنفاق الحكومى.. بين العقلاء والمجانين
- فى مجتمع غارق فى الحنين إلى الماضى ..رؤية مستقبلية لمصر
- .. إنها الفوضى -الخلاقة-
- حتى لا تضيع دماء شهدائنا .. هدراً
- الكونجرس الأمريكى أمس .. والبرلمان الأوروبى اليوم .. وماذا ب ...
- هدايا -بوش- من بنوك الخليج
- حدود -دريد لحام- .. وحواجز -شنجن-!
- الاقتصاد السياسى للعسكريتاريا الباكستانية
- ميزانية حرب
- سلام آخر زمن : إسرائيل ترفع قضية على مصر!
- -بطة- هناك .. و-أسد- هنا!
- يحدث فى مصر .. فقط


المزيد.....




- السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت ...
- وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا ...
- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - إنتبهوا: محمود عبدالفضيل يدق نواقيس الإنذار المبكر