|
كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً(4)
هوشنك بروكا
الحوار المتمدن-العدد: 2215 - 2008 / 3 / 9 - 09:05
المحور:
المجتمع المدني
مما لا شك فيه، أنّ في كردستان المتحققة راهناً، لم تتحقق للآن، حقوق الإيزيديين المفترضة، لا على كونهم "جماعة" كردية من كردستان ولكردستان، ولا كمواطنين أفراد، إلا ما ندر، إما لأنهم متنفذون حزبياً، أو عشائرياً. الثابت، كما تقول الوقائع على الأرض، وكذا الباحثون في شئونها، هو أن الإيزيديين، في كردستان، إما "غائبون"، أو "مغيّبون" عن حقوقهم، نسبياً، إما قليلاً أو كثيراً. ولهذا "الغياب" أو "التغييب"، بالطبع، أسبابه الكثيرة، منها قريبة وأخرى بعيدة، منها ذاتية وأخرى موضوعية، منها مباشرة وأخرى غير مباشرة، منها مقصودة وأخرى غير مقصودة، منها بريئة وأخرى لابريئة...إلخ. ولكن كيف غابت كردستان إيزيدياً؟ كيف غُيِّب الإيزيديون كردستانياً؟ من غيّب الإيزيديين في كردستان، ومن غيّب هذه الأخيرة مكاناً "مؤجلاً" و"غائباً" فيهم؟ الآراء التي جاءتني، ربما تجيب على بعضٍ من هذا السؤال الكثير والمستمر...وربما سيستغرق السؤال ذاته، جواباً أكثر، مستغرقاً في أكثر من زمانٍ، وأكثر من مكان، وأكثر من كردستان...ربما!
I. أحزاب وقبائل ليس للإيزيديين فيها محلٌ من الإعراب
الإيزيديون، كغيرهم من أكرادهم، كانوا منذ البدء، حيث زمان الجبل الصعب، والبندقية الصعبة، للآن، "منظّمين"، ومنخرطين، في صفوف حركة التحرر الكردية، ومنضوين تحت لواء كردستان(ها)، فتشردوا في الجغرافيا كما في التاريخ، وفي ما بينهما من قتلٍ بالجملة، وجوعٍ بالجملة، وحرمانٍ بالجملة، وإقصاءٍ بالجملة. فهل للإيزيديين(كجماعة) مقابل ما قدموه من تاريخٍ، أيةُ جغرافيا تُذكر في فوق الأحزاب الكردية؟ ما هو إعراب الإيزيدي، في جمل الأحزاب الكردية، وفوقها ومراكز ومطابخ قرارها؟ هل الإيزيدي، كمكوّن كردي أصيل، فعلاً "مغيّب"، عن ما يمكن تسميته ب"استراتيجية الأمن القومي الكردي"؟ أيّ حسابٍ للإيزيديين، يمكن قراءته، في حسابات وأجندات الأحزاب الكردية الرئيسية؟ هل "لاحساب" الإيزيديين، ك"جماعة كردية أصيلة"(كما قالها رئيس العراق الكردي الكاك مسعود بارزاني أكثر من مرة)، سببه "الرأس الإيزيدي" المنظم أو "المروّض"، و"المدلل"، لدى فوق الأحزاب الكردية، أم إنّ سبب غياب "حساب" الإيزيديين، هو الفوق الكردي المسؤول نفسه؟ كيف يمكن تفسير الغياب أو التغييب الإيزيدي الأكيد والمطلق(0%) عن الفوق الكردي، حيث لا يشغل مسؤول إيزيدي واحد، أو حتى "نصفه"، عضوية فوقي قيادتي الحزبين الكردستانيين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني(تأسس على يد البارزاني الأكبر مصطفى، في 16 أغسطس/ آب 1946 على أراضي جمهورية مهاباد)، والإتحاد الوطني(تأسس على يد المام جلال طالباني، في 1 يونيو/ حزيران 1975، في العاصمة السورية بدمشق)، منذ تأسيسهما، إلى الآن، في حينٍ تبلغ نسبة الإيزيديين في العراق وكردستانه، أكثر من 10% من مجموع نسبة أكرادهم؟
الباحث في جامعة تل أبيب عيدان برير، يرى بأن "المفتاح الأساس لقبول الآخر، واحترامه، وحفظ حقوقه الإنسانية، وبالتالي لضمان حقوقه وقيامه بواجباته، هو بطبيعة الحال، تبني وجهة نظر منفتحة، وأكثر تعددية، تجاه المختلفين. ولذلك علاقة جداً قوية تتعلق بعمق التجربة الديمقراطية ودمج أفكارها الأساسية لدى "الإنسان/ المجتمع" و"المواطن/ الدولة".(...) ولكن الظاهر، هو أنّ كردستان اليوم، تفتقد إلى القدرة الكافية للتعامل مع "الآخر، بالشكل النزيه والمطلوب كما يجب، وكأنها أُصيبت بمرض الاستخفاف بالآخر، وتصغيره، وتغييبه، وبالتالي عدم احترام حقوقه، كما هو الحال في معظم بلدان الشرق الأوسط، رغم إدعائها الدائم، وزعمها على أنها ك"جزيرةٍ ديمقراطية في محيط مظلمٍ". فالعلة الأساس في "كردستان اليوم"، التي يصفها الباحث برير(الذي خصص رسالته في الماجستير، لدراسة الإيزيدية) ب"المصابة بمرض الإستخفاف بالآخر"، هي اختزالها القسري، غصباً عن الذي يريد أو لا يريد، إلى "كردستان الحزب"، أو "كردستان الفيفتي فيفتي" المقتسمة على "الليبرة"، بين الحزبين الرئيسيين الحاكمين لكردستان.
في حين أن الباحث زهير كاظم عبود، يذهب في خوفه على حقوق الإيزيديين "الغائبة المغيّبة" أبعد، إذ يصف المحيط الإيزيدي، ب"المحيط المريض"، و"المحيط المطارِد"، و"المحيط المكفّر"، و"المحيط الخطر"، و"المحيط المغالي"، و"المحيط المخلب"، و"المحيط المهدد والمطوّق للإيزيديين من الجهات الأربع"، و"المحيط الجاهز في أية فرصة لغرس أنيابه ومخالبه في الجسد الإيزيدي".
عضو البرلمان العراقي سابقاً، والمحامي كاميران خيري بك، رغم تأكيده على ضرورة المواصلة على "نهج البارزاني"، ورغم "اعتزازه" في كونه لايزال "سائراً" على ذات النهج، إلا أنه يحذّر الفوق الكردي المسؤول، من مغبة "إعادة كردستان لنفسها"، وإعادة تاريخ أكراد الأمس، راهناً، لنفسه. ف"تاريخ الإمارات الكردية كلها(سوران، بهدينان، الإمارات الإيزيدية، بوتان...إلخ)، يقول لنا أن كل تلك الإمارات والكيانات التقليدية الكردية، قد أُسقطت وآلت إلى الزوال، بتدبيرٍ من "العقل الخارجي اللاكردي، وبتنفيذٍ من العنصر الكردي. التاريخ الماضي، يقول لنا، أنّ الكردي، لا يسقطه إلا الكردي. التاريخ أثبت لنا، ماذا يمكن أن يكون "الكردي الحجل" بالنسبة لأكراده الآخرين". عليه، يقول المحامي كاميران، بضرورة "الإستفادة من دروس الكرد الماضية. المتابع للشأن الكردي، ولشئون كردستان اليوم، فسوف يلحظ، بأن التاريخ وكردستانه يكادان يعيدان نفسيهما. قد تكون المشاكل الآنية التي تعترض سبيل كردستاننا الآن، صغيرةً، أو ليست كبيرةً بذاك الحجم الذي يُتصور، ولكنها تبقى مع ذلك مشاكل، تحتاج إلى حلول عاجلة. فالمشاكل الصغيرة، التي تبقى إلى أمدٍ طويلٍ، دون حل، ستتحول دون أدنى شك إلى مشاكل أكبر في المستقبل، بحيث لا يمكن للمرء حلها بسهولة. تاريخ الكرد الماضي يقول، أنّ الكرد كانوا على الدوام بيادق الشطرنج، بأيدي لاعبين آخرين وعقول أخرى خارجية كانت تلعب بهم. أما اليوم، فأعتقد، يجب على الكرد، أن يعكسوا العملية، وذلك بأن يكونوا العقل المدبر الفاعل للشطرنج، بدلاً من مجرد بيادق ملعوبة بها".
بغض الطرف عمّا حصده البعض من الحزبيين المتنفذين الإيزيديين، بعضاً من المناصب والنياشين في كردستان هولير والسليمانية وما بينهما من كردستاناتٍ، إلا أنه يمكن القول، بأنّ القيادات الكردستانية الممثلة بالحزبين الرئيسيين "المالكين" لكردستان(بحسب البعض)، لا تحسب للكوادر الإيزيدية حساباً يُذكر، كما هو حال "كوادر" القبائل والجماعات الكردستانية الأخرى، التي وجدت لها موطئ قدم(أو أقدام) نفوذ في فوق تلك الأحزاب، ولجانها المركزية، ومكاتبها السياسية، ومراكز قرارها.
فالمعروف في سياسة تلك الأحزاب، لدى تعاملها مع أتباعها و"مريديها"، هو أنها تحاول دوماً "اصطياد" الجماعة، عبر استمالة أو إرضاء "رأسها"، وهذا يعني أنّ كسب "رفاقية" أية عشيرة، أو قبيلة، أو أية جماعة ضمن صفوف الحزب، في كردستان، يتطلب أولاً "تنظيم"، "الرأس الرئيس"، و"ترويضه"، أو "تربيته" عبر امتيازات الفوق الحزبي، وثم تقليده ببعضٍ من "القرار الكرسي"، أو"القرار المشورة"، أو "القرار الوظيفة" أو "القرار الحساب"، بما يتناسب وحجم جماعته، أو رجاله ومريديه. في الوقت الذي يصف فيه الكاتب مراد مادو "الحزبان الكرديان المتكاتفان، بالحزبين العلمانين، الذَين يعملان على فصل الدين عن الدولة، عبر دستور علماني، الكل امامه واحد .. وتربية قومية علمانية انسانية يتربى عليها الجيل الجديد ..."، نرى بعضاً كثيراً ممّن استطلعنا آراءهم يصف الحزبان، بتوصيفات خارجة على كل العلمانية وعلى كلّ أخواتها المعاصرات المدنيات، ك"العشائرية"، و"القبيلية"، و"الدينية"، و"التقليدية"، و"المتأثرة بالبعثية"، و"المحتوية لأعداء "الجبل الثورة"، والنهج الثورة"، و"السلوكيات الرجعية"، وسواها من التوصيفات والميزات. ظاهرة "تنظيم العشائر" أو "الجماعات"، هذه(حتى لو كان على حساب الزمان الشريف للجبل الصعب الشريف، الذي حمل كردستان الشريفة، على كتفه طيلة الثورات الشريفة)، دفعت بالبعض ممن قدموا الغالي والنفيس لأجل العراق وكردستانه، إلى الإستغراب من هذه "السلوكيات العشائرية" للأحزاب الكردية. فالكاتب صباح كنجي، على سبيل المثال لا الحصر، والذي فقد حوالي 14 فرداً من عائلته، كأكباش فداءٍ ل"الجبل الثورة"، يتساءل مستغرباً: "ما الذي يدفع بالحزبين حدك و أوك لتفضيل بعض المحسوبين على النظام البعثي المقبور ، على الكثير من أعضاء أحزابهم الأوفياء والمضحين ؟(...) ظاهرة الاستحواذ والهيمنة، التي يسلكها ويمارسها الحزبان ، في إطار العمل السياسي و الإجتماعي ، نابعة من هوية الحزبين ومحتوى فلسفتهم ، التي لا تخرج من نطاق مؤسسة العشيرة / الحزب". عليه، ف"السلطة العراقية(على حد رأي د. ميرزا دنايي) تعمدت في التعامل مع نخبة متمثلة بالسلطة العشائرية او الدينية، بدون الرجوع الى المجتمع والشارع وذلك لضمان ابقاء التخلف العشائري في كردستان عامة وبين الايزيدية خاصة. واستمرت هذه السياسة متبعة لحين سقوط النظام. وحينما استلمت القيادة الكردستانية السلطة على ارض الواقع، تعاملت مع المجتمع الايزيدي من خلال هذه التركة الثقيلة، فاستلمت هذه الهيكلية الهشة لتتعامل معها من هذا المنظار (البعثي) بدون ان تكلف نفسها بترميم البيت واعادة تأهيل القوى والطاقات التي من شأنها بناء المجتمع بشكل افضل".
ونظراً لطبيعة "الهيكلية العشائرية" للأحزاب الكردستانية الحاكمة، فأنه(بحسب الكاتب صبحي خدر حجو) "يستحيل" العبور إلى "الفوق الوظيفي المسؤول في كردستان"، بدو "خلفية أو فيزا عشائرية"، عليه، "لا يمكن للايزيدي ان يتقدم في سلم المسؤوليات الحزبية او الوظيفية الفعلية، لسببٍ يتعلق بآلية وطريقة التقديم للقيادات المحلية والمنطقية والعليا للاحزاب الحاكمة وللوظائف الفعلية العليا ، اذ ما تزال تجري بشكل عام وفق النفوذ القبلي والعشائري والعائلي. (...) ولا يغرنك عملية الانتخابات الحزبية التي تجري، فهي في اغلبها شكلية لاضفاء مسحة الديمقراطية على العمل الجاري. فالنتائج قبل ذلك تكون قد تقررت".
ولكن في القوت الذي يقرّ فيه الكاتب حسو نرمو بوجود مثل هذه "الحقيقة العشائرية" المرّة، التي تقوم عليها كل من عراق بغداد وعراق هولير، مثلما يقر ب"صعوبة ترجمة الدساتير على الأرض"، يقول متسائلاً: "في والوقت الذي يستشعر فيه المرء بضعف الولاء الوطني وإنعدام المواطنة الحقيقية أمام التجاذبات والاصطفافات الدينية والمذهبية والعشائرية، يفرض سؤال نفسه، ههنا، بإلحاح، هو، هل نقامر بمستقبل الايزيدية على حد المثل العراقي " لو ملازم لو ما لازم "، أم نحافظ على القليل الموجود، ونسعى لتحقيق ما هو أكثر وأفضل؟"
في السياق عينه، يذكّر د. خليل جندي المعنيين بشئون كردستان الراهنة، والقائمين على إدارة مكتسبات الثورات الكردية، ومنجزات بيشمركتها، ب"حساسية" وربما "خطورة مسألة احتواء الثورة لأعدائها السابقين"، وذلك في نبرةٍ فيها أكثر من غصة، واكثر من سؤال، وإشارة تعجب، قائلاً: "الآن الناس الذين ناضلوا ضد النظام البعثي في العراق وحملوا السلاح ضده(البيشمركه)، أكثر حساسية من غيرهم في أن تقع منجزات الثورة ومصير الناس تحت رحمة أولئك الناس الذين عادوا الثورة والحركة الكوردية وحملوا مراتب وأسماء تشكيلات البعث من ( رفيق، عميل أمن، مستشار وأمراء سرايا، رؤساء جحوش)!." أحد المستطلعين آراءهم ممن يصف نفسه على الدوام، بأنه "تلميذ في المدرسة البارزانية"، والذي يقول بأنه "فخورٌ بانضمامه إلى صفوف البارتي منذ سنة 1979 حتى الساعة"، السيد زيدو باعدري، يلوم قيادته في هذا الخصوص(أي التساهل مع البعثيين القدامى المتسترين وراء دماء الجبل الثورة)، ويطالبها، ب"أن يكون الإيزيديون أيضاً، مثلهم مثل كل مواطني كردستان والعراق، مشمولين ب"قانون اجتثاث البعث"، لأن الإيزيديين لن ينسوا منظر البلدوزرات التي تقدمتها الجحوش الصدامية من الإيزيديين، وهي تعدم مزاراتهم عن بكرة أبيها، كمزار "غفوري ريا"، و"كوجك بريم" في قرية كابارا، إضافةً إلى مزاراتٍ أخرى كثيرة في قرى خورِزا، وكرسافا، وبفطيا، وشيخ خدر، وشاريا، وسينا، وكريباني...إلخ. علماً أن هؤلاء أنفسهم، كانوا قد هرعوا، أيام كان المرء يُعدم لإجل الكردياتي، إلى ديكتاتور العراق صدام حسين، ووقوعوا له على بياض، موافقين على تغيير الأصل الكردي للإيزيديين، حيث ولدوا عليه، بجرة قلم إلى عرب أمويين".
الأحزاب الكردية، بحسب رأي د. جندي، وقعت في سلوكيات يمكن وصفها بالخطيرة، فهي بدلاً من أن تكون استمراراً ل"الحزب الجبل"، في أيام زمان، إنه أصبح يقلد الآن "سلوكياتٍ بعثية"، غريبة، وبعيدة كل البعد عن سلوكيات "الأحزاب المناضلة" في "الجبل المناضل"، فمثلا(والكلام للدكتور جندي)"عندما يزور المرء أحد فروع او مركز( لق و مَلبنَد) الأحزاب الكوردستانية في مناطق الايزيدية- وفي شنكال على وجه الخصوص- لا يشعر أنه داخل الى منظمة حزبية كوردية ، وإنما داخل الى أحدى منظمات حزب البعث المقبور، حيث نفس الوجوه ونفس مسؤولي أيام زمان!. إذن كيف يدافع هؤلاء عن حقوق الايزيديين؟!، وكيف يبث هؤلاء الشعور الوطني القومي الكوردي بين الجماهير؟! وكيف يثق الجمهور بهم؟!"
في الإطار ذاته، أي ما يمكن تسميته بمحاولة "تبعيث كردستان"، و"تبعيث سلوكيات أحزابها"، كردياً، يصل الحنق برئيس تحرير بحزاني نت، الكاتب سفو قوال سليمان، إلى درجة الأسف الشديد، ليقول: "أنه لأمرٌ مؤسف جداً، أن نعتقد بأن صداماً قد مات، لكن الحقيقة، كما تبدو، هي بعكس ذلك، فصدام لايزال حياً يُرزق، يحكم فينا ويفعل فينا ويشتم فينا.(...) في العراق السابق، كان هناك قرار صدّامي يقول نفذ ثم ناقش، ولكن الآن، القرار الكردي الرسمي يقول نفذ ولاتناقش". لدى تشخيصه لحالة "الغياب أو التغييب الإيزيدي المطلق"، عن "فوق" الأحزاب الكردية ومراكز قرارها، يضع د. جندي، الإتحاد الوطني جانباً، أو "بعيداً" عن هذا التشخيص، "لأنه يعيش صراعاته وأوضاعه الداخلية الصعبة، ووجوده وتأثيره في منطقة بهدينان وشنكال حيث سكنى الايزيدية، رمزي"، كما يقول. لذا، هو يصب جام تشخيصه، على الديمقراطي الكردستاني، "لأن جميع مناطق الايزيدية تقع في بهدينان الواقعة فعيلاً وعملياً تحت سيطرته". بعد تحليله لطبيعة "التربية الاسلامية المتعصبة لجمهرة كبيرة من أعضاء وجماهير البارتي بمن فيهم قياديين في لجنته المركزية، والمكتب السياسي، وفي جهاز الحكومة، تجاه الايزيديين باعتبارهم (كفار) يعبدون الشرّ!"، وكذا(والتحليل لا يزال لجندي) ل"طبيعة المجتمع الاسلامي والشارع الكوردي المتديّن الذي لا يقبل أولياء امور عليهم من غير الدين الاسلامي! وهذا يدخل، شئنا أم أبينا، في حسابات التعامل مع الطرف الآخر الايزيدي، ويقلل حتى من إندفاع الوطنيين الحقيقيين والعلمانيين داخل الحزب في الاهتمام بالأديان غير المسلمة وخاصة الايزيديين لأنهم يخافون من غضب الشارع"، بعد ذلك يدخلنا د. خليل إلى "بيت القصيد"، المعبّر والمفسّر ل"الغياب والتغييب" الإيزيديين، عن "بيت الحزب الديمقراطي الكردستاني"، وذلك عبر السؤال التالي: "وإلاّ كيف يفسر عدم وجود (كوردي ايزيدي) في اللجنة المركزية و(م.س) للحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ تأسيسه لحد اليوم؟! ولماذا لا يوجد ايزيدي كمسؤول علاقات، أو مدير مكتب ما، أو في مدرسة الكوادر، أو حتى (جايجي) ومسؤول (مرآب السيارات) في صلاح الدين حيث مقر قيادة الحزب منذ عام 1991، ألا يوجد إنسان ايزيدي مخلص، يعتمد عليه، يصل لتلك الأماكن كي يكون قريباً من مركز القرار؟"(د. خليل جندي).
إذن، مهما حاولت الأحزاب الكردستانية التشدق ب"حقوق الإيزيديين"، أو ركوبها عبر قنواتها الخاصة، فإنّ الإيزيدية وحقوقها تبقى مهملة، غائبة ومغيّبة، و"لاشيء يستحق الذكر(كما يرى الحقوقي سعيد صالح)، سوى بعض التصريحات الرنانة، والخطابات الانشائية، التي لا تسد جوعاً، ولا تحل مشكلةً، من كومة المشاكل التي يعاني منها الايزيديون، ووضعهم المزري(...) فالمسؤول المباشر للوضع الحالي، الذي يعاني منه الايزيديون في العراق، هما الحزبان الرئيسيان (البارتي & اليكيتي)، وذلك نتيجة سيطرتهما الفعلية على مناطق الايزيديين، من خلال دوائرهم الحكومية ومقراتهم الحزبية الكثيرة". ف"الفرد الايزيدي يشعر بغبن تاريخي مورس ولا يزال يُمارس بحقهم. فهناك فهم خاطئ لحقيقة معتقدهم، تاريخهم، اصلهم، ووجودهم في العراق بشکل عام، وکوردستان علی وجه الخصوص"، على حد وصف الكاتب مجيد حسو. عضو البرلمان الكردستاني السيدة مريم بابا شيخ، تقرّ هي الأخرى ب"الحقوق الإيزيدية الناقصة"، فهي من موقعها كبرلمانية إيزيدية، "لا تدعي بأنّ الحقوق الإيزيدية، هي كاملةٌ ومكملة، كما قد يعتقد البعض، لا على مستوى الشارع الكردي، ولا على مستوى الأحزاب السياسية. كردستانياً، هناك تقصير، هناك غياب وتغييب لحقوق الإيزيديين، هناك لاإهتمام بهم، وتسيّب لوضعهم". فهي ترى ب"أن الحقوق تؤخذ ولا تُعطى".
رئيس مركز لالش(فرع الشيخان) السيد كريم سليمان، يبتعد عن توصيف الحالة الإيزيدية، ب"الغبن" أو "الظلم"، وسواها من التوصيفات "القاسية"، إلا أنه يقول بوجود "تقصير" وهوة بين المتحقق والمراد، ف"ليس كل ما يتمناه المرء يدركه"، على حد قوله، لذا فهو "يتمنى على القيادات الكردستانية أن تتفهم الوضع الإيزيدي، رغم ثقته بأنها(قيادة البارتي الديمقراطي الكردستاني، بخاصة) نجاة الإيزيديين، والطريق المثلى، للوصول إلى حقوقهم".
قريباً من الرأي السابق وربما متماهياً معه، يؤكد الشاعر أديب جه لكي عبر مقولةٍ لرئيس الإقليم الكاك مسعود بارزاني(اذا لم يکن الایزدیون کردًا، فلایوجد شعب باسم الکرد)، على "مركزية" الإيزيديين في كردستان، سياسياً، في كونهم أكراداً من كردستان ولكردستان. لذا لا يوافق الشاعر جه لكي على مصطلح "القصدية السياسية"، في "التعامل المتقصد" مع الإيزيديين، ب"إعتبارهم مواطنين من الدرجات الدنيا في كردستان"، "فاذا وجد نوع من الضیم فی منطقة ایزدیة معینة، فهو من هذا الباب، ویدخل ضمن خانة سوء التخطیط او الفساد الاداري..الخ. لکنه دون شك لیس مقصودا ولایدخل فی خانة اضطهاد الایزدیین مطلقاً"، على حد تعبيره. أما أن "یقول قائل بان ماحدث فی الشیخان یدخل ضمن الضیم الخاص الموجه ضد الایزدیین". فإن جواب جه لكي له، هو: "نعم انه کان في بعض اهدافه موجهاً ضد الایزدیین، لکنه يجزم ويقول بانه فی هدفه الاساسي کان موجهاً ضد سلطة حکومة کردستان. کان تحدیاً کبیراً لسلطة رئیس الحکومة ورئیس الاقلیم، قبل ان یکون تحدیاً للامیر تحسین سعید علی بگ. کان موجها ضد المثقفین المتنورین من العلمانیین الکرد المسلمین قبل غیرهم". فلا يوجد "ظلم أو إضطهاد" مقصود، سياسياً، على مستوى الأحزاب الكردية الحاكمة، بحسب البعض، وإنما هناك "أخطاء"، ف"الإيزيديون هم كرد وحالهم الآن هو حال الكرد عامة بما لهم وعليهم"، على حد رأي الشاعر قادر قاجاغ.
د. خليل جندي، يختلف في تحليله ل"الهياكل الحزبية"(الديمقراطي الكردستاني نموذجاً)، اختلافاً كبيراً مع هكذا آراء، تساوي، كردياً، بين "الكردي الإيزيدي" و"الكردي المسلم" مثلاً. فهو يرى بأنّ اتباع الحزب المذكور ل "سياسة التوازن وإرضاء العشائر" أصابه ب"التضخم في قيادة الحزب (اللجنة المركزية والمكتب السياسي) من حيث العدد وكبار السن، الذي يؤثر على حيوية وديناميكية عمل الحزب وتجديده، ومع ذلك لم تؤخذ نسبة الايزيدية وقوتهم (حوالي نصف مليون الذي يعادل مجموع عشرين عشيرة كوردية) في أن يكون بين ذلك التضخم شخص ايزيدي هرم، كي يكون هو الآخر قريب من مركز القرار؟!" وهو الأمر الذي أدى بالنتيجة(بحسب د. جندي)، إلى "تراجع الشعور القومي الوطني الكوردي، لصالح الشعور الديني والعشائري، بحيث يضع الايزيديين أمام تصورٍ وشعورٍ، بأن التمييز ضدهم كدين ما زال باقياً، والغبن ما زال مستمراً".
ولكن الكاتب مراد مادو يرى بعكس الكثيرين، إلى راهن الإيزيديين في كردستان، بأنه "راهن مشمس" يعكسه راهن "كردستان المشمسة"، فالإيزيديون(حسب اعتقاد مادو) دخلوا "الحرية" لأول مرة مع بداية "كردستان الحرة" وانتفاضتها سنة 1991، ومعها خرجت الإيزيدية من "المرحلة القطيعية ومارافقها من صمت وخذلان وجمود"، ومن "مرحلة البحث عن الذات"، التي "توّجت في حينها ببناية راقية مكتوبة على واجهتها، مركزلالش الثقافي الاجتماعي". هكذا خرجت الإيزيدية، كما يرى مادو من "مرحلة البحث عن الذات"، ربما إلى "مرحلة وعي الذات"، ليذهب في وصفه التعبيري ل"العصر المشمس لكردستان المشمسة"، متفائلاً، كالآتي: "مع انتفاضة اذار الخالدة 1991 نزعت الذات الانسانية نحو الحرية ، ليخرج الانسان العراقي من شرنقة العبودية ودخلت كوردستان فضاء حريتها.(...) مع الانتفاضة واجه الكورد الايزيديين الحرية بفرحة مزدوجة من انتهاء فترة مظلمة وبدء عصر مشمس في كوردستان ، بات الفرد الايزيدي في مواجهة مع ذاته توديعاً لحالة الاغتراب والدخول الى معترك الواقع بتفرعاته المفرحة المبكية ، تمثلت البداية في البحث عن الذات، بناية راقية في حينها توجت بواجهة (مركزلالش الثقافي الاجتماعي)، لينتظم الجيل الجديد متراصفا مع الجيل القديم وبشرائح مختلفة ومئات من المنتسبين والمشجعين ودعم كبير من حكومة الاقليم (حينها الجبهة الكورستانية)". الإيزيديون وحقوقهم في كردستان، ب"الحفظ والصون"، ومحل الحقوق الإيزيدية "الكاملة" من الإعراب الكامل في الجملة الكردية الكاملة، بحسب مادو، مرتبط ب"إكتمال كردستان". لذا هو يرى بأن الحقوق الإيزيدية "ستكتمل مع اكتمال كردستان"، فيقول: "ان وصولنا الى مرحلة القرب من اكتمال الحقوق مرتبط بحلقة اوسع نعايشها ولايمكن ان نتجرد او نبتعد عنها ، انها الخارطة الكوردستانية التي لم تكتمل بعد ولا زالت تتخبط بين انياب الغدر .. تكتمل حقوقنا يوم نشهد كوردستان تحوي النصف مليون ايزيدي في لم للشمل الكوردستاني".
أما الكاتب جهور سليمان فلا يريد الردّ على "البعض من المعارضين ممن يبنون آمالاً وأحلاماً وردية على مستقبل كردستان، سواء كان يعرف الحقائق جيداً، ولكنه يحرّفها، أو يتجاهلها طبعاً لكونها تقاطع مصالحه الشخصية، أو من يجهل الحقائق اصلا." ولكنه يدعوهم إلى قراءة التاريخ، والوقوف على الاسباب الذاتية التي ادّت الى فشل جميع الثورات الكردية، وحالت دون نيل الكورد لأبسط حقوقهم القومية، وكذلك يدعوهم بالرجوع الى الاسباب الحقيقية التي تكمن وراء هجرة وتهجير الايزديين من موطنهم مرغمين، على ترك لالشهم واقدس مايملكونه، فمن يقرأ الدستور الكردستاني ويصغي الى الإعلام، دون الوقوف على أرض الواقع ومدى تطبيق هذا الدستور ومبادئه، يتصوّر باننا نعيش في جمهورية افلاطونية". فالايزيديون، بحسب رأي الكاتب سفو قوال سليمان، "عانوا كثيراً في سبيل توفير المؤن والدعم اللوجستي للثوار الكرد، كما تحملوا الكثير في مواجهة العسكر، والذي زاد من حالهم سوءاً هو استباحة الجحوش الكردية السيئة الصيت للقرى الايزيدية، وذلك تحت حجج تتبع البيشمركه، مما ادى الى تعرضها للتدمير والحرق واخيراً التجريف للقرى المتبقية. والجدير ذكره، هو تكرار حرق الكثير من القرى لمرات ثلاث، بعد عودة اهاليها وبنائها مثل قرى القايدية والهويرية. آلاف العوائل شاركت في الكفاح الكردي وقدمت كل ما لديها، آملين في غدٍ مشرق بلا مظالم أو قتل أو تمييز، معتبرين الكردياتي هي الخلاص، والنهاية للموت المؤدلج دينياً، وذلك للفوز بكردستان الحلم، ليكون الإنسان والمواطنة، الأعلى والأقدس فيها. لم يكن الايزيديون المساكين يعلمون بأنه ليسوا سوى ارقاماً خاطئة في حسابات متغيرة حسب الاهواء والمصالح. (...) أما الآن، بعد توزيع الكعكة العراقية، فلا هم بكرد ولا بعرب، ولا هم بعراقيين أرضيين ولا هم بسماويين. انهم لا يساوون أيّ شئ، هم مجرد كتل بشرية في اللازمان واللامكان"
للكاتب حسو نرمو رأيٌّ آخر، فهو "يتهم" القيادة الإيزيدية أكثر من اتهامه ل"القيادة الكردستانية"، عليه فأنّ أسّ المشكلة وأساسها يكمن في القياديين الإيزيديين أكثر من غيرهم، ف"القيادة الكوردستانية وحكومة أقليم كوردستان(والكلام لنرمو)، التي تعتبر الملاذ الاول والاخير وسفينة النجاة، شئنا أم أبينا، منحت للإيزيديين، ذات الفرصة التي منحتها للاخوة المسيحيين عبر السيد سركيس آغاجان الذي نشدّ على أياديه، والذي خدم المسيحيين بكردستان وخدم هذه الأخيرة بمسيحييه. فكلّنا قرأ أو سمع أو شاهد الإستقبال الحار والحفاوة البابوية للرئيس بارزاني ورئيس حكومة الاقليم في الفاتيكان، حيث مهدّ وأسس وعمل له آغاجان عبر قنواته الخاصة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه أيزيدياً؛ ماذا كانت النتيجة التي وصلنا اليها، وبالتالي إلامَ تحوّل الايزيديون وهل يشكلون عامل قوة للاقليم وحكومته؟"
الكاتب خيري بوزاني، العضو في فرع الشيخان التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، يعترف ب"الحقيقة المرة"، المؤدية إلى مرارة "اللاحساب الإيزيدي" في حسابات الأحزاب الكردية، قائلاً: "القيادات الكوردستانية تجهل الأيزدية، ديانةً و مجتمعاً وتطلعات..."
فعلى الرغم من كون المناطق الإيزيدية الواقعة، جغرافياً، على الحدود بين العراقين(الكردي+العربي)، "بوابةً لعبور القضية الكردية إلى المناطق العربية، و مصدرا إقتصادياً مهماً وممولاً للثورات الكوردستانية، التي لم يبخل عليها الأيزيديون في كل مراحل نضالها، (...) إلا إن الملاحظ(كما يرى الناشط ناظم ختاري)، هو "إسقاط الإيزيديين من المشاركة في العملية السياسية، منذ استلام الأحزاب الكوردستانية للسلطة". أما أسباب "تهميش" الإيزيديين، و"هضم حقوقهم" كردياً، فيعتبره الناشط ختاري "تجاوباً مع تطلعات وتوجهات الإسلام السياسي الذي ازداد ويزداد تأثيره في المجتمع الكردستاني، والذي يدفع به نحو المزيد من التشدد والانغلاق اجتماعياً. وما يخشاه ختاري كردستانياً، هو "النزوع الكردي" إلى تأسيس "منظمات وأحزاب سياسية إسلامية متشددة، قد تتحول(مستقبلاً) إلى منظمات شبيهة بتلك التي تلحق أفدح الأضرار بقضايا شعوبها، نتيجة سياساتها المتطرفة، كالحركات السياسية الإسلامية الفلسطينية وحزب الله اللبناني".
للصحفي والكاتب كفاح محمود رؤية مختلفة، في هذا المنحى، فهو في الوقت الذي لا يقرّ ب"تهميش سياسي" متقصد من الفوق الكردي المسؤول للإيزيديين، ولا يميل إلى هذا الرأي، لا من بعيد ولا من قريب، إلا أنه لا ينكر في المقابل وجود وانتشار "ثقافة كره الآخر"، في العراقين(المركز+الإقليم)؛ تلك الثقافة المؤسسة على "العادات الظالمة" و"الإرث الثقيل"، إسلامياً، والتي يُطارد بها وعليها، "اللامسلم واللاعربي"(كالإيزيديين مثلاً)، إلى حد "القتل والتصفية"، فيقول: "هناك ارث وتراكم سيئ من الثقافة الدينية والاجتماعية والطبقية في الإقليم والعراق عموماً وخصوصاً ما يتعلق بالمكونات غير العربية وغير المسلمة وأحيانا حتى المذهبية ولعل ما يحدث منذ سقوط النظام السابق من تصفيات واغتيالات عشوائية لمعتنقي الايزيدية في الموصل وغيرها يدلل على وجود وفعالية تلك الثقافة وتأثيراتها على أوساط مهمة من المجتمع العربي والإسلامي بصرف النظر عن تأييدها من عدمه. وبذلك ما زال معتنقي هذه الديانة يتعرضون إلى اضطهاد وتصفية بسبب معتقداتهم الدينية وأصولهم العرقية والقومية، وما زالت هناك كثير من العادات والتقاليد الظالمة التي تكبل تطورهم وانطلاقهم سواء ما كان منها لدى الايزيديين أنفسهم أو لدى غيرهم من الديانات والأعراق، من شاكلة ( تحريم ) منتجاتهم من الألبان والاجبان أو اللحوم والأكل عموما، مما يخلق جوا ملوثا في التعامل بين أفراد المجتمع الواحد".
فوق ما للعامل الموضوعي، أو ما أسميه بالعامل المحيط أهميته، وتأثير الثقافة القادمة من جهته، على تغييب حقوق الإيزيديين كجماعة وكأفراد، إلا أنّ د. ممو عثمان يرى أنّ السبب الأساس وراء "تجهيل" الإيزيديين كردياً، أو "ابتلاع حقوقهم"، أو "تهميشهم"، أو "إهمالهم"، "هو ان الأيزيدين غير منظمين، ويحاربون بعضهم البعض عملاً ببوصلة مصالحهم الشخصية".
وبحسب ما يرى الكاتب وسام جوهر، فأن هناك "إزدواجية في المعايير"، "تتبعها" القيادات الكردية، إزاء "الملف الإيزيدي". فهي ب"نهجها الغريب"، "تطالب" المركز من جهة بحقوقها كأكراد، الى جانب حقوق أكرادها كعراقيين". أي أنها تحاول من خلال هذه "المطالبة المزدوجة"، تحقيق "مواطنة مزدوجة"، واحدة في "عراق بغداد"، وأخرى في "عراق هولير". ولكن الغريب(حسب رأي جوهر)، هو حجب الحقوق ذاتها على الإيزيديين، لتحقيق ذات المواطنة المزدوجة، في ذات العراق المزدوج. وهي "لا تتعامل" مع الحقوق الإيزيدية، إلا من منطلق "مبدأ الإحتواء". ف"الخطاب الكوردي الايزيدي هو خطاب مبني على مبدأ الوصاية و ليس المشاركة و الاخوة"، على حد قول جوهر. أما "الكوادر الايزيدية من اعضاء الحزبين الكورديين الرئيسيين(والكلام لجوهر)، و التي كانت من المفروض ان تكون المجموعة المتنفذة لقربها على الاقل النظري من مصدر القرار العراقي و الكوردستاني، فقد أرادت لنفسها لنفسها ان تكون شكلية مكتفية بامتيازاتها المنصبية و المادية و هذا ما يدعو الى الاسى". يقابل هذا الخطاب الكردي "المزدوج"(أو ازدواجية المعايير، أو سياسة الكيل بمكيالين)، خطاب إيزيدي "مزدوج" أيضاً. فالإيزيديون، منقسمون على أنفسهم، بين أكثر من خطاب وأكثر من رؤية إلى موضوعة "المواطنة"، حقوقاً وواجبات. البعض الأكبر من الإيزيديين، يرى أن الإيزيدية دين كردي قديم وحسب، أما المعتقدون به، من وجهة النظر الأثنولوجية والأنثروبولوجية، فهم "اكرادٌ أقحاح"، وهذا ما تؤكده غالبية الدراسات والبحوث العلمية، التي أشرنا إليه في البداية، وعليه فإن الإيزيديين يشكلون جزءاً أصيلاً من مكونات شعب كردستان، حيث الكردية هي جهة لسانهم وزمانهم ومكانهم وسمائهم. أما البعض الآخر، فيرى بأن الإيزيدية، هي "دينٌ وقومية"، حيث للإيزيديين(وفقاً لهذا الرأي) لسانهم الخاص(اللسان الإيزيدي)، وتاريخهم الخاص، وربما وطنهم الخاص(إيزيدخان). وظهرت في الآونة الأخيرة، بعد سقوط "عراق صدام"، أحزاباً وتيارات تتبنى هذه الرؤية، وتنادي بها بين الإيزيديين، في شنكال بخاصة(الحركة الإيزيدية للإصلاح والتقدم، مثالاً). الكاتبة سندس النجار، هي واحدة بين القلة القليلة من الأقلام الإيزيدية، التي تعتقد بأن "في كلا الرأيين حداً كبيراً من المعقولية"، أي أنّ الإيزيدية(على حد قولها)، هي "دينٌ وقومية"، في الآن نفسه. وهي بذلك، تعيد السبب الأساس في "ضعف الشعب الإيزيدي"، إلى عدم تبلور "خطاب إيزيدي موحد"، يدافع به الإيزيديون عن حقوقهم الغائبة.
فالإيزيديون ليسوا بمنقسمين بين أكثر من خطابٍ فحسب، وإنما هم في الأغلب، مشتتون، متصارعون، ومتعاركون تحت سقف الخطاب الواحد، والحزب الواحد، والمؤسسة الواحدة أيضاً، ف"الأكثرية الساحقة من الأيزيدين الشاغلين أو المشغولين في وبالسياسة لايفكرون الإ بما يخدم مصالحهم، ويرضي مسؤوليهم. الموجود، هو كذبٌ في كذب". على حد رأي الوزير السابق، والكاتب د. ممو عثمان، الذي يتابع سخطه، إزاء المسؤولين، الحزبيين، أو المتحزبين الإيزيديين، الممتهنين لما يمكن تسميته ب"الكذب والدجل السياسيين"، قائلاً: "سياسياً، على مستوى الداخل الإيزيدي، لا توجد أيزدياتي بالمعنى الذي نفهمه، أي العمل لوجه الله ولالشه، وخدمة الجالسين تحت قببها، وذلك عبر العمل الدؤوب على مختلف الصعد، لرفع الغبن التاريخي الطويل، المنصرم عن كاهل إيزيدييه. فهؤلاء، بدلاً من أن يسعوا من مواقع مسؤولياتهم، إلى رفع الوعي، بمختلف الإتجاهات، وعلى كافة الأصعدة، لدى الإيزيديين، بإعتبارهم ممثلين لحقوقهم، نراهم في أغلب الأحيان، لا يمثلون خلا مصالحهم الشخصية، ولا يسعون إلا لحصاد الألقاب والنياشين السياسية وصناعة التكتلات الكابحة، داخل هذا الحزب أو ذاك". ربما لهذا ولأسباب أخرى كثيرة، يرى رئيس تحرير موقع قنديل، الكاتب حسين حسن نرمو بأن "الأيزيديين للأسف عاشوا في معاناة أزمة قيادة حقيقية، في الماضي البعيد والقريب، ولا زالوا يعانون. تعتبر هذه الأزمة من المعضلات الرئيسية والتي حال دون حصول هذه الشريحة من الفسيفساء العراقي على حقوقهم المشروعة. هذه القيادة التي يمكن تمثيلها ب رأس الهرم، كانت دائماً مع الطرف القوي من المعادلة السياسية العراقية عامةً، لمراعاة المصالح الشخصية أكثر من مصالح عامة الأيزيدية ، لذا رأينا وبعد سقوط النظام الدكتاتوري مباشرة ً في نيسان 2003، كيف وقفت وبدون أية دراسة أو أستعانة أو أستشارة مع القيادات الأيزيدية الأخرى، من رجال الدين وشخصيات أيزيدية على مستوى حتى رؤساء العشائر، مع أحد الأطراف القوية من المعادلة السياسية الكوردستانية ، حيث لم يبقَ على الحياد ليفرض نفسه على كل الأطراف السياسية في العراق الجديد وكوردستان لنفس الأسباب التي ذكرناه أنفاً ، بغية تحقيق أكبر قدر ممكن من الحقوق لقومه المغلوبين على أمرهم" .
فحال الراهن الإيزيدي، على مستوى التشتت في الإنتماء السياسي، هو حال يُرثى له، على حد وصف الكاتب حسو نرمو، إذ يقول: "فالأمير وأخوه موزعان بين هذا الحزب وذاك، والعائلة الإيزيدية مقسمة بين اكثر من حزب، وأكثر من جهة تقتات عليها، فهذا مع البارتي، وذاك مع اليكيتي، وآخر مع الإصلاح، ورابع الله أعلم". أما وظيفياً، على مستوى "احتكار الكرسي"، فالحال(بحسب اعتقاد حسو نرمو)، يتجه من سيءٍ إلى أسوء، ف"الوزير يريد أن يكون مستشاراً ايضاً، والمستشار يريد أن يكون برلمانياً، والبرلماني يكون مستشاراً، ورئيس هيئة عليا أن يكون خبير تربوي ومستشار وبرلماني، بشرط أن يقضي نصف سنته في النعيم الألماني، حيث تقيم عائلته، وبرلماني سابق يتحول الى مستشار، ويختار زوجته لخلافته في مقعده البرلماني السابق، والامير يعين أبنه مستشاراً، والوزير يعيّن أبنه في ديوان الرئاسة، ويرسل أبنته في بعثة دراسية للخارج وينصب أبنته الاخرى رئيسةً لمنظمة خيرية".
فبالرغم من تحقيق بعض "المكتسبات اليتيمة"، كما تقول المحامية عالية بايزيد ، إلا أن ذلك "لا يعني اتخاذاً لأية خطوة، في اتجاه تحقيق مكسب عام لليزيدية، يشار إليه، لسببٍ بسيط، هو لأن الإيزيديين المعيّنين سواء في البرلمان أو الحكومة أو الجهات الأخرى ليسوا سوى مجرد موظفين يتلقون الأوامر الإدارية من مراجعهم، ولا يتحركون إلا لدوافع خاصة، ولا يملكون اتخاذ القرار دون مراجعهم ، ولو كانت تصب في الصالح العام. أما الوظائف العامة ـ الحساسة منها والتي تملك اتخاذ القرار ـ فلازالت حكراً على المتنفذين. والفرد اليزيدي، أمام كل هذا، لايجد له موطئ قدم، إلا ضمن تجمعاته السكنية. أما خارج منطقته، فهو هش، وغير مرئي هذا إن لم يقابل باالإستنكار والاستهجان".
في كردستان الراهنة، أو كردستان الفساد الراهن، كردستان الحزب هي مربط الفرس، ومربط الحكم، والحل والربط، فكل شيء يمر عبر فلتر أحزابها الحاكمة، وكل شاردة وورادة كردية، تبتدأ منها مثلما إليها تعود(كغيمة هارون الرشيد)، وهو الأمر الذي فتح المجال واسعاً أمام لوحة إيزيدية، فيها أكثر من حقيقة مرة. فعلى مستوى التمثيل الإيزيدي، لدى جهات كردستان المعنية مثلاً، يرى الإعلامي دخيل شمو بأنّ "ممثلي الأيزيدية المقربين من مصادر القرار في كردستان، هم مختارون بعناية، حزبيّاً. والحقيقة الأكثر مرارةً، هي أن الأيزيديّ الوحيد المنتخب أيزيدياً، في البرلمان العراقي الراهن، أصبح أداةً لتخريب الذات الأيزيدية و إهانتها، وهو الآن، يقعد و يصوّت، و يشطح، مع من يسعى الى تسيير أو جرّ الحقيقة الأيزيدية الى مهاوي التهلكة".
إذن، عملياً، "السياسي الإيزيدي" في نظر "مخططي السياسات الكردستانية"، هو "رقم ثانوي"، أو "هامشي" غير محسوب له في معادلاتها، لأن "وجوده طارئ في السياسة"، على حد وصف الناشط السياسي ناظم ختاري. وعليه، فمن الطبيعي، والحال هذه، أن تكون "الهوامش الغير فاعلة جدا هي المكان الطبيعي له" ، وأن يكون "التصويت بنعم في المعارك (الديمقراطية) من صلب واجباته"، وأن تكون "حقائبهم" الوزارية في الحكومات الكردستانية، على مقاس "طارئيتهم السياسية"، "ورغم ذلك قبل الأيزيديون بمثل هذا الوضع مرغمين، بحكم شعورهم الدائم إن النشاط في الهامش هو قدرهم وتغييره واقعٌ خارج إرادتهم"(ناظم ختاري).
فالإيزيديون على أية حال، سواء غياباً أو تغييباً، هم لا يزالون في حسابات الأحزاب الكردية، مقصيّين، مهمشين، طرفيين، "مفعولين بهم" ولا يشكلون رقماً محسوباً، على ما يبدو، في معادلاتها السياسية. بجردة حسابٍ بسيطة، ل"ما قدمه الإيزيديون" و"لما قُدِّم لهم"، يكشف الوزير السابق السيد جميل خدر عبدال، عن "مظلومية" الإيزيديين، ربما ك"رسالة عتاب" صريحة في أكثر من اتجاه، إلى الأحزاب الكردستانية، التي عمل في صفوفها كإيزيدي، ولا يزال، على "تقصيرها بحق إيزيدييها" قائلاً: "مقارنةً مع ما قدمه الإيزديون، أين هم الذين يمثلون الايزديين في البرلمان العراقي؟ أين هي الوظائف التي يشغلونها في الحكومة المركزية والسلك الدبلوماسي؟ ترى من يتحمل مسؤولية كل هذا التغييب الإيزيدي؟ برأيي، التحالف الكردستاني يتحمل كامل المسؤولية، ومن واجب الحزبين الرئيسيين إعادة النظر إلى هذا التهميش والتغييب والتقصير الحاصل بحق إيزيدييهم، في المستقبل. على الحزبين الرئيسيين، أن يتجاوزوا أخطاءهم بحق الإيزيديين، مستقبلاً، لكي يثبتوا لكافة مكونات شعب كردستان(والايزديون ضمناً)، بأنهم الراعي الأول والأخير لمصالح كل كردستان وكل أهلها".
الكاتب حسو هورمي يضع نفسه في خانة "الإيزيديين المتفائلين"، و"المؤمنين بوجود فسحات أمل يمكن استثمارها"، فهو على الرغم من الحقوق الإيزيدية "المؤجلة" و"اللامتحققة"، يرى بأن "الجهود تبذل من جهة القيادات الكردستانية" لتحقيق المزيد من الحقوق. فما تحقق من حقوقٍ إيزيدية، بحسب هورمي، ليس ب"النهاية"، وهي(الحقوق المتحققة)، لا تشكل "نهاية المطاف ولا تشفي غليل الإيزيديين ولا غليل القيادة الكوردستانية". وهو الأمر الذي يعني، بأن القيادة الكردستانية، "عطشانة" للحقوق الإيزيدية، تماماً كالإيزيديين، وهي تسعى جهدها ل"شفاء غليلها" منها بتحقيق المزيد، خصوصاً(بعد تثبيتها للديانة الإيزيدية في الدستور العراقي الدائم بغية تثبيتها في دستور الإقليم) ، تماماً، كما الإيزيديون يسعون لذات الإشفاء، وذات الغليل، لإطفاء ذات العطش إلى حقوقهم من كردستان إلى كردستان.
وفي الوقت الذي يعدد فيه الكاتب أديب جه لكي "المناصب الإيزيدية، كالوزير والبرلماني والحاكم والمدير العام ومعاون المحافظ والقائمقام، التي حصلوا عليها في كردستان، بعد انتفاضة 1991 أولاً، وثم في عموم العراق أيضاً"، تستغراب الكاتبة عروبة بايزيد، قائلةً: "ان المناصب الحساسة في الدولة و السلك الدبلوماسي، خالية تماما من أية شخصية ايزيدية، رغم أن بين الإيزيديين هناك من يستطيع ان يثبت جدارته في هذا المجال، ولكني أرى بأن اقصاءهم متعمدٌ، وهذه رسالةٌ واضحة على ان الإيزيديين مواطنون من درجةٍ أدنى وأقل من الآخرين، وليسوا مؤهلين للمناصب الحساسة". في سياق "مسؤولية الفوق الكردي" ذاتها، يحمّل الناشط علي سيدو أسباب كلّ ما يتعرض له الإيزيديون من ظلمٍ وتهميشٍ وتغييب، على كلٍّ من "القيادة الإيزيدية بالدرجة الأساس"، و"الأحزاب الكردية الرئيسية". ف"القيادات الكردية(والكلام لسيدو) تحملت مسئولية الإيزيديين أمام الجهات الرسمية في الدولة والقوات الأمريكية، وتأخذ باسمهم حصتهم من الواردات الاقتصادية والمجالس المحلية ومجلس النواب وباقي الوظائف. لأن تلك الاحزاب وعن طريق مجموعة أشخاص من الإيزيديين، سدت جميع الأبواب بوجههم ووضعتهم أمام باب واحد، ولا مخرج منه إلا بموافقتهم وحسب ما تتطلبه المصلحة الكردية ضاربة بذلك عرض الحائط الخصوصية التي يجب ان يتمتع بها الإيزيديون، بحيث لا تستطيع أن تقول بأنني إيزيدي من دون ان تسبقها بكلمة كردي-إيزيدي. فإذا قلت غير ذلك فإنك تعتبر من الصداميين، وإذا كان البعض يعتبر بأن قبول الطلبة الإيزيديين في جامعات كردستان هو فضل عليهم، فهم ليسوا على حق، وعليهم أن يتذكروا عدد الاصوات ال (109000)، التي استفادت منها القائمة الكردية في انتخابات عام 2005 دون مقابل".
وفي إشارةٍ إلى غياب دور أقلياتٍ كالشبك والإيزيديين، في سياسات الإقليم، يسأل اللواء حسين مرعان، كلٍّ من رئيس الأقليم مسعود البارزاني ونائبه كوسرت رسول، معاتباً: "ما الدعم الذي قُدِّمَ وممكن تقديمه الى الأخوه الشبك والإيزديين، حتى نستعيد موقعنا الطبيعي بين هاتين الشريحتين المهمتين الكرديتين، كي نقطع والى الأبد دابر المتسولين والمنافقين من دعاة الدفاع عن حقوق الإيزيديه والشبك؟" ثم يضيف سائلاً: "هل رفعت ام سترفع القيود والمعامله الغير لائقه بحق المنتمين الى صفوف الإتحاد الوطني الكردستاني في منطقة بادينان وبالعكس؟ وهل تعاد حقوق الذين أغتصبت املاكهم نتيجة تلك السياسه الخاطئه كما حدث في مزار محمد رشان وكافة مناطق الأيزيديه وبدون أستثناء". ولكن الأحزاب الكردستانية المتنفذة بعامة، على ما يبدو من سلوكياتها الراهنة، تترك أبوابها مفتوحةً، على مصراعيها، أمام "ركاب الفرص" ومنتهزيها "الوصوليين"، "المنافقين"، "المتملقين"، أعداء كردياتي الجبل بالأمس، وأصدقاء كردياتي المدينة اليوم، أو "رفاق أوقات السلم"، كما يسميهم د. خليل جندي. فالحزب الديمقراطي الكردستاني(هنا مثالاً)، على حد توصيف د. جندي، يتبع "سياسة اللاحذف، ففي كثير من الأحيان لا يميز البارتي بين الناس المخلصين له، وللقضية الوطنية والكوردايتي، وبين المنافقين والمتملقين وأصحاب السوابق والذين اصطفوا مع النظام السابق وعادوا الحركة الكردية والحزب!. ومهما أخطأ هؤلاء الناس وشكى الناس منهم، فلن تبالي القيادة بصيحات الناس ضدهم ولن يُحاسبوا أو يُطردوا من مسؤولياتهم ومن الحزب، بل ربما يُكافؤن، بحيث يؤدي ذلك الى امتعاض الشارع ولا مبالاة الناس وابتعادهم من الحزب".
في المجمل وحسبما يرى الكاتب صبحي خدر حجو، هناك "خيبة امل كبيرة من القوى والاحزاب الكردية الحاكمة، التي اختلفت تطبيقاتها في الواقع العملي عن برامجها وشعاراتها المعلنة، الى جانب تغلب الشعور لدى الايزيديين من انهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الادنى سواء من المسؤولين او الشارع المسلم". ويرى الكاتب حجو، هذه القضية "جداً هامة" حيث أنها تعكس قضية "استحالة" تبوء الإيزيديين، والحال هذه، للمراكز الحساسة في الحزب والدولة، مهما امتلكت تلك الكوادر الإيزيدية من إمكانيات، والأسباب بحسب الكاتب حجو، هي: "أنّ الكوادر والقاعدة الحزبية والجماهيرية للحزبين، لا تتقبل هذه القضية النشاز، بسبب الخلفية الدينية لها ، والتي تلبس لبوساً متشددا يوما بعد آخر ، ، بينما كان الامر يختلف تماماً عندما كان المرحوم البطل محمود ايزيدي الذي كان قد اسس ثورة كولان وقادها في منطقة بهدينان وكانت الجماهير المسلمة اساسا تجلّه الى درجة تقرب من العبادة وتخلق الاساطير البطولية عنه. (...) في حين أنّ المسلم الحزبي او غير الحزبي، الآن، يشعر بغرابة شديدة لمجرد التفكير بأن يحكمه إيزيدي او يكون مسؤولا عنه...فهذا امرٌ من قبيل النشاز للغاية!!".
اللواء حسين مرعان، الذي خبر كواليس الأحزاب الكردية والكثير من "كلماتها السرية"، يذهب الوجهة السيكولوجية ذاتها، التي تقول بوجود نوع من "التابو في أن يرتقي الإيزيدي سلم المسؤولية في وسطٍ مسلم". عليه فإن "التفكير الديني المترسب في المجتمع الكردستاني، لا يستسيغ تبوء إيزيدي، مهما تعاظمت أمكاناته، للفوق من المحيط المسلم. فكون إيزيدي يدير أو يترأس وسطاً مسلماً، هو أمر من قبيل الغير مقبول، والغير مرغوبٍ فيه. فالأحزاب الكردستانية، هي أحزاب ضاعت مبادئها بين االعشائرية والعلمانية.
أما الكاتب صباح كنجي، فيرى أن الإيزيديين في الأحزاب الكردية، "مصنّفون في خانة العقدة الدونية"، ويتم التعامل معهم، ب"فوقية" تجعلهم "لا يرتقون" إلى مستوى المشاركة في صناعة القرار، من هنا يفسر الكاتب كنجي "سبب عدم وصول أي إيزيدي إلى عضوية اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني ، منذُ تأسيسه قبل أكثر من ستين عاماً ، وكذلك الحال في الأتحاد الوطني الكردستاني منذ ُ أربعة عقود ، رغم وجود المئات من الأيزيديين في صفوف الحزبين ، وهكذا الحال في بقية الأحزاب ، ما عدا حزب الشعب في فترة محدودة ، حيث وصل إلى قيادته عددٌ من الأيزيديين ، كان المرحوم سامي سنجاري وحزب الشعب، وقتها، بحاجة لجهودهم ". ويسهب الكاتب كنجي، في فضحه وتعريته للنظرة "الفوقية"، التي تتعامل بها الأحزاب الكردية، من خلال "أبراجها العاجية" مع الإيزيديين العاملين أو "الشغالين" في صفوفهم، فيقول متسائلاً: "حدثني أحد العاملين في مؤسسة مهمة ، إنه أثناء تكليفه بمهمة رسمية ، جاءه شخص ، وطلب منه أن لا يتعاون أو ينسق مع زميله له في ذات المؤسسة لأنه من حزب آخر...!! ...حسنا ً هذا تصرف ، لا يليق بالبشر ، لا يجرأ ُ على ممارسته ، إلا من كان في الدرك الأسفل من الكائنات غير الإنسانية ... هل يرضى بهذا السلوك السيد مسعود البارزاني أمْ السيد جلال الطالباني أم غيرهم من قادة الحزبين ؟"(صباح كنجي) فعلى الرغم من أن "الايزيديين يشكلون عشرة بالمئة من الكورد و20% من منطقة البارتي في القسم الغربي، ويفترض ان تكون نسبتهم خمس القيادة"(والكلام لرئيس تحرير بحزاني نت الكاتب سفو قوال سليمان)، رغم ذلك فإن "قيادة البارتي واليكيتي خالية منهم، ولم يصل للآن، إيزيدي واحد لقيادة الحزبين على مدى كل تاريخهما، وبهذا يعتبر الايزيديون مغيّبون عن اي قرار كردي". وفضلاً عن الغياب الإيزيدي وتغييبهم المطلق من فوق الأحزاب الكردية، "فأن هنالك داخل (ل.م) و (م.س) تكتلات، وكل كتلة تحاول فرض رأيها وأتباعها ، وبما أنه لا وجود لمن يمثل صوت الايزيديين في القيادة الحزبية، فأن الكثير من حقوقهم تضيع ضمن ذلك الصراع"(د. خليل جندي)
وفي إشارةٍ إلى "لا فعالية"(أو ربما هامشية) الكوادر الإيزيدية و"لاتأثيرها" على "مطابخ" القرار الكردي، ويعدها عن أسرارها، يشدد الكاتب عيدو بابا شيخ على "ضرورة تفعيل" دورها، فيقول: "أما الكوادر الإيزيدية المتحزبة، ومن ضمنها أنا، فمن المفترَض أن نفعّل من دورنا وأن نتفاعل أكثر، لأجل تفعيل الحق الإيزيدي، وتحقيق ما يمكن تحقيقه لبني جلدتنا. علينا أن نسعى جهدنا، كي لا يغيب الصوت الإيزيدي عن مطبخ القرار الكردستاني، اكثر مما غاب. كما أتمنى لكوادرنا الإدارية، أن ترتقي إلى مستوى المسؤولية. فالمسؤول الإداري، هو مسؤول من شأنه أن يدير الكلّ كالكل، كل المنطقة لكل من فيها وما عليها، لا أن يجعل من المنطقة خاتماً في إصبع حزبه أو ذويه".
أما الوزير السابق الكاتب د. ممو ممو عثمان، فيصف مشهد هذه الحالة المريضة، بأكثر من "فيروس حزبي"، وأكثر من "ورم حزبي سرطاني"، ب"المسرحية المقلوبة"، الخارجة على كل "المفاهيم" والقيم العصرية المتداولة، والمتعارف عليها، فيقول "المشهد، والحال هذه، هو ليس سوى مسرحية تُقرأ، وتُمثّل وتشاهَد، بعكس المفاهيم المتداول عليها: فمن كان عدواً للأكراد، ومع هذا الحزب ضد الحزب الآخر، انتقل الى الحزب الثاني مع الكتلة الفلانية، ويصفق ويزمر ما يسعد سيده. ومن صرح سابقاً، بانه إلحادي لايؤمن بأي دين، أصبح الآن يدافع عن الأيزيدياتي ضد اية محاولة إصلاح، تُطرح وتُبادر، هنا وهناك".
في الوقت الذي يلقي فيه البعض بكرة اللوم في ملعب الأحزاب الكردية، ربما لأنها "تتجاهل"، أو "تتقصد"، أو "تتعمد" في "إبعاد" الإيزيديين من "مطابخ" قرارها، و"تهمشهم"، أو "لا تحسب لهم حساباً"، أو لأنهم "أرقاماً هشة"، لا تشكل وزناً أو ثقلاً يُذكر في معادلاتها الكبيرة، نرى البعض الآخر ممَن قضوا زماناً كثيراً، بحلوه ومرّه، مع أحزابٍ آمنوا بها، يلقون بسبب "ضعف القرار الإيزيدي" الأساس، على عاتق "الكوادر الإيزيدية الحزبية الضعيفة" و"الفاقدة لروح الديبلوماسية" نفسها. و"الدليل(بحسب رأي السيد زيدو باعدري) هو عدم وصول أي إيزيدي، للآن، إلى مستوى اللجنة المركزية في كلا الحزبين البارتي واليكيتي، رغم وجود شهداء إيزيديين ضمن الرعيل الأول، كالشهيدين محمود إيزيدي وحسين بابا شيخ".
الكاتب شفان شيخ علو على الرغم من لومه للأحزاب الكردية، وتأكيده على ضرورة بحثها "عن السبب في عدم قدرتها، للآن، على تلوين لجانها المركزية باللون الايزيدي"، الأمر الذي "يترجم القصور في إدراك تلك الأحزاب لإستراتجيتها القومية، (على ما يرى شيخ علو)، لسبب بسيط جداً، وهو لأن الإيزيديين هم كردٌ أصلاء بحسب ما تذهب إليه القيادات الكردية"، رغم ذلك إلا أنه "يستغرب من نتيجة الانتخابات التي جرت قبل عقد من الزمان، في لجنة محلية سيميل للديمقراطي الكردستاني، حيث أنّ "شواهين"(جمع شاهين أي الصقر) الايزيدية في تلك المنطقة كانوا يشكلون أكثر من 50% من نسبة أعضاء تلك المحلية، ومع ذلك لم يصل أي إيزيدي إلى عضوية اللجنة المذكورة، وذلك لأنهم تفرغوا لإصطياد بعضهم البعض في الماء العكر، بدلاً من تكاتفهم". "في المقابل(حسب اعتقاد الكاتب شيخ علو) ينتهج الإتحاد الوطني مع أعضائه الإيزيديين سياسة أكثر حكمةً. فرغم كون الإتحاد يشكل "الحزب الأقلية" في المناطق الإيزيدية(باعدرا والشيخان)، وتبعيتها بحكم جغرافيتها إلى البارتي، إلا أنّ هناك نوع من التنسيق بين الإيزيديين الإتحاديين، وهو الأمر الذي يترجم السبب الكامن وراء ترأس إيزيديَين ل"ملبند سيميل"(قادر حسن)، و"ملبند الشيخان"(نايف سعيد).
الإيزيديون بشروا خيراً بالعراق الجديد، وتفاءلوا بكردستان في أن يكون للإيزيديين أيضاً، أسوةً بغيرهم، مكاناً تحت شمسها، والكاتب وسام جوهر كان واحداً من بين أولئك المتفائلين الإيزيديين الكثيرين، فيقول: "كنت ايضاً متفائلا بما ستقدمه القيادة الكوردية من انجازات و خدمات لعموم شعب كوردستان و بالاخص الشعب الايزيدي. لا اخفي المرارة التي اشعر على اثر خيبة الامل التي اصبت بها تجاه القيادات العراقية الجديدة بما في ذلك القبادة الكوردية. نظرة بسيطة على واقع الايزيدية في العراق كافية ان نفهم بان ما حدث لايقبل به العقل و المنطق. الايزيدي اصبح مواطنا من الدرجات الادنى في العراق و كوردستان شانه في ذلك كشان بقية اقليات العراق، لا بل هو من اكثر المتضررين". عليه فإنّ الإيزيديين(بحسب جوهر)، "لم يجنوا من العراق الفيدرالي لحد الان سوى قطع الاعناق و حرق المقدسات و التجويع و التشريد الى اوطان المشرق و المغرب. الشعب الايزيدي اصبح مهدداً بشكل خطير في الحفاظ على بقائه، على ارض الآباء و الاجداد، هذه الارض التي تخجل من الايزيدي الذي يمشي عليها لكثرة الدماء الايزيدية التي سالت عليها منذ المئات من السنين. الايزيدية محرومين من ابسط حقوقهم رغم مشاركتهم الكاملة في دفع فاتورة الواجبات" وعلى حد رأي الكاتب صبحي خدر حجو، "يمكن للمرء ان يجزم بان القيادة الكوردستانية رغم احترام الايزيديين لها ، ورغم ما قدمه الايزيديون من تضحيات وقرابين ومساهماتهم المتنوعة في الحركة الكوردية، بكل مأسيها، الاّ انها (القيادة الكوردستانية) واحزابها واداراتها، مازالت لا تمتلك النهج الواضح والمستقيم، الذي يؤمّن ويضمن الحقوق الاساسية ومن جميع الجوانب للمكونات الكوردستانية خاصة الاقلية منها ، وهي مازالت لم تستوعب تماماً الخصوصيات التي لدى هذه المكونات، وأنّ هذه ( الخصوصيات ) ما زالت لها المكانة الكبرى والاولى لديها"(يُنظر: دعوى لرسم نهج سليم للتعامل مع المكونات الكردستانية، الحوار المتمدن، 23.11.05) .
أما الإعلامي دخيل شمو، فكان واحداً من بين الذين لم يستسيغوا من قبل ولم يحبذوا "فكرة تأسيس حزب ايزيدي، حتى ظهور نتائج إنتخابات المجلس الوطني العراقي الأخير"، كما يقول، ولكن بعد هذا "المجلس العراقي الأخير"، الغائب إيزيدياً، راجع على ما يبدو، حساباته السياسية التي ربما جاءت خلافاً للمكان والزمان الإيزيديين المناسبين، فيقول: "حينها راودني السؤال المتكرر أبداً، الذي عجزت عن الإجابة عليه: "من هو ممثلكم"؟ عندئذ، راجعت حساباتي، إيزيدياً، بقديمها وجديدها، وبدأت بإعادة الأشياء إلى أسها وأساسها، فتوصلت الى النتيجة التالية: الحزبان العملاقان في كردستان تمكّنا من اختيار أو اصطفاء ممثلين عنهم بين الأيزيديين، إلا أنهما فشلا فشلاً ذريعاً، ومعهم الأيزيديون أنفسهم، في إنتخاب ممثلين إيزيديين من بين الإيزيديين وللإيزيديين وإليهم. إذن، فلنبحث عن ممثل حقيقي ينوب عن الإيزيديين، حينها يكون لذاك المقام مقال!!!"
الأمين العام للحركة الإيزيدية للإصلاح والتقدم، السيد وعد حمد مطو، يرى بأن التعرف على "نسبة التعداد السكاني للاكراد مقارنة بالعرب في العراق"، و"مدى النفوذ الكردي في العراق وكردستانه مقارنة بالعرب، خصوصاً في محافظة نينوى، تلك المحافظة التي تنتمي اليها ما نسبته 90% من الإيزيديين"، ربما سيؤدي بنا إلى بعضٍ من الجواب على "السؤال الأكبر"، إيزيدياً، "هل يمكن اعتبار الشأن الايزيدي قضيةً إيزيديةً مستقلة، ام قضيةً كرديةً، باعتبار الايزيدية جزءاً لا يتجزء من الكرد وكردستان؟" بمعرفة الحقائق السابقة، وبالعبور إلى الجواب عن "السؤال الأكبر" السابق، إيزيدياً، يمكن للمرء(بحسب السيد مطو) العبور إلى "جزء من حقيقة تهميش حقوق الايزيدية. (...) فمن خلال الاجابة على هذه الاسئلة، يمكن الوصول الى قناعة تامة، بأن كل ما يتعرض له الايزيدي في العراق، من انتهاكاتٍ، ومن تجريدٍ للحقوق، يقع بالدرجة الأساس، على عاتق القيادات الكردية". وهو الأمر الذي يبرر ضمناً، أسباب حاجة الإيزيديين(كما هو واضح من قناعة مطو) إلى "حزب" يمثلهم، ويدافع عن حقوقهم الغائبة أو المغيّبة.
على الرغم من تباين آراء النخبة الإيزيدية السياسية والثقافية، في خصوص تبني الأحزاب الكردية للقضية الإيزيدية، كقضية أقدم جماعة كردية، تعرضت لظلم أكثر من تاريخ وأكثر من جغرافيا وأكثر من سياسة، وبالتالي اختلافهم(كثيراً أو قليلاً) مع بعضهم البعض، حول المحل "الممكن" أو "الغير ممكن"، لإعراب الإيزيديين في لغة تلك الأحزاب ومطابخها، إلا أنّ الثابت هو، أنّ غياب الإيزيديين، ك"مشاركين أكراد" في صناعة القرار الكردي، الصادر من فوق الأحزاب الكردية، هو حقيقة كردستانية وعراقية واقعة، لا مفر منها. عدم وصول أي إيزيدي إلى درجة عضوية اللجنة المركزية في كلا الحزبين الرئيسيين، وعدم تسلم أياً منهم بعض منصبٍ قريبٍ من مراكز أو "مطابخ" القرار الكردي، هو دليلٌ أكيد على هذا الغياب أو "التغييب" الإيزيدي، كردياً. حتى الإيزيدي الوزير، هو وزيرٌ(كسواه من الوزراء المهمشين)، هو وزير مختزل في لقبه المسجون بمكتب محصورٍ بين جدرانٍ أربعة، مع جيرانه الوزراء "الإقليميين" الآخرين، حيث هناك 9 وزراء للإقليم من أصل 42 وزيراً، في الكابينة الموحدة الخامسة، علماً أنه لا يُعرف عن صلاحيات هؤلاء الوزراء التسعة، ولا عن "شئون وزارتهم" أيّ شيء، سوى أنهم وزراء من الإقليم ول"الإقليم" وإلى الإقليم، ولكن كيف، ومتى، ولماذا...فهذا ما لا يعرفه سوى القائمون على شئونها، الخارجة عن كل الشئون.
الحديث عن "غياب إيزيدي" كجماعة كردية أصيلة، ك"أكرادٍ مشاركين" في كردستان، لا يعني أن حال الأقليات الكردية الأخرى(كالكورد الفيليين والشبك وسواهم)، هي أحسن أو أكثر حضوراً، بما لا يقاس مع إيزيدييهم. قطعاً لا. فكردستان لم تصبح للآن، بوابةً واسعةً، رحبةً، ممكنةً، لعبور الأقليات منها، إلى حقوقها المفترضة، وهنا يكمن بيت القصيد الضائع والمضيّع كردياً.
ما جاء في وثائق "الحزب الكوردي الفيلي العراقي" مثلاً، يترجم الكثير، من معاناة أكرادهم(الهامشيين)، في كردستان الراهنة، بالرغم مما عانوه وقاسوه، في ظل عراق القتل بالجملة، والأنفال، والكيمياء، والشنق اليومي، والتهجير، وتدمير المكان والإنسان. نقرأ في البرنامج السياسي للحزب المذكور أعلاه، الحقائق "الفيلية" التالية: 1. كانت الإنتخابات العراقية الأولى التي جرت في العراق بعد سقوط النظام البعثفاشي درساً بليغاً للكرد الفيليين أينما تواجدوا على أرض العراق، بل وكانت إشارة مهمة للقائمة الكوردستانية والأحزاب الكوردية الكبيرة على عدم قدرتها في كسب الصوت الكوردي الفيلي، والتي إنتبهت لها بعد الإنتخابات فقط! 2. لقد اثبتت الانتخابات بأن الحركة الكوردية وقائمتها الإنتخابية بكل ثقلها السياسي وإمكانياتها التنظيمية والمالية لم تستطع الوصول الى العمق الديموغرافي والنفسي لهذه الشريحة المهمة. و كان بإمكانها ذلك لو كان هذا الكيان السياسي للكورد الفيليين موجودا. 3. أحد الأسباب الأساسية وراء فشل الأحزاب الكردية في كسب صوت الشارع الفيلي، هو الإعتماد الكلي على الأسماء الفيليية التي تعمل معها والتي معظمها بعيدة عن هذه الشريحة نتيجة لعملها التنظيمي مع الأحزاب الكوردية. 4. الكرد الفيليون، شاركوا في تأسيس الأحزاب الكردستانية، وناضلوا فيها، وفجّروا الثورات الكردية، وقدموا الغالي والنفيس، ودخلوا في "كردستان أيام زمان"، وحملوها على أنهارٍ من دمائهم، إلا أنهم خرجوا أخيراً من مولد "كردستان الراهنة الأخيرة"، بلا حمص ولا حقوق ولا هم يحزنون. 5. فالأكراد سواء في كوردستان أو خارجها ،والعراقيون عموماً، لازالوا يعيشون ضمن تشكيلات عشائرية وأنحيازات سياسية ذات صبغة قبلية وطائفية وحتى عائلية، لذا من صالح الكورد الفيليين ان يكون لهم كيان سياسي واضح في برنامجه وتحالفاته.
على ضوء "الحقائق الفيلية" هذه، ألا يمكن قراءة الكثير من "الحقائق الإيزيدية"( فضلاً عن حقائق الأقليات الأخرى) فيها، بإعتبارهما جماعتين أو أقليتين دينيتين كرديتين أصليتين، مهمّشتين في كردستان؟ أليس من الحري بالفوق الكردي الحاكم المتمثل في الحزبين الرئيسيين أن يسأل نفسه، لماذا لم تفكر هذه الجماعات ب"مظلومياتها" أيام الجبل الصعب، والدم الصعب، والشهادة الصعبة، من أجل كردستان الصعبة؟ أليس من الحري بها أن تستمع إلى صوت "الجمهور التحت" من أكرادها(كلهم بلا استثناء) المهمشين، أفراداً وجماعات، بدلاً من ركونهم الأكيد، إلى استشارات "شيوخهم السياسيين"(كشيوخ ممثلين لجماعاتهم)، المختزلين لكردستان في جيوبهم الخضراء، وكأنها "آيات منزلة"، سقطت لتوها من فم الله؟ أليس من مصلحة كردستان القادمة، أن تعترف القيادات السياسية بأخطائها المرتكبة تجاه أكرادها(كل أكرادها المغيّبين)، الذين لا صوت لهم في كردستان الراهنة، وأن تفكر بكردستانٍ أكثر وأكبر وأرحب وأعلى، مثلما دعا إليها البارزاني الأكبر مصطفى، وأخرون كثيرون، أيام "يان كردستان يان نمان/ إما كردستان أو الفناء"؟ أسئلةٌ أتركها، مفتوحةً على مصراعيها، برسم "كردستان الفوق"، و"الحزب الفوق" و"أكرادهما الفوقيين". ...للمكتوب صلة إشارة: عذراً للقارئ الكريم، على الإدامة والإستغراق في هذه القراءة، ولكن لضرورة الحرف والمكتوب أحياناً أحكامها.
#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كردستان الحاضرة الغائبة إيزيدياً(3)
-
الحرب بين -شمسَين-: مَن يطفئ مَن؟(2/2)
-
الحرب بين شمسَين: مَن يطفئ مَن؟ (1)
-
كردستان الحاضرة الغائبة، إيزيدياً (2)
-
كردستان الحاضرة العائبة إيزيدياً 1
-
جمهورية سعدالله خليل
-
كردستان في مهّب الفساد
-
شعب الله الشفوي
-
القذافي ديكتاتوراً -نبيلاً-
-
شنكَال، ظلاً للسيدة الأولى كركوك
-
هل الإيزيدية دينٌ اسمه رجل ؟!
-
مانديلا(نا) ومانديلا(هم)
-
كردستان تأكل نساءها
-
وطار الرئيس...
-
المام جلال ومحامي الشيطان
-
د. سعدالدين إبراهيم: لا فرق بين الزرقاوي وهوشي مينه إلا بالت
...
-
أكراد الله وأكراد الشيطان
-
صناعة الأعداء عربياً
-
الأسد: هوية مقلوبة للجولان المقلوب
-
دولة الجبل والعبور التركي الصعب
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|