|
رمزية يوم المرأة العالمي..!
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 2214 - 2008 / 3 / 8 - 11:25
المحور:
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة
كلما تمر الأعوام، يجد المرء نفسه، في كل ثامنٍ من آذار من كل عام، أمام إلتزامٍ معنوي وأخلاقي، لما تمثله مكانة المرأة في المجتمع من عزة وكرامة، أن يشير بإصبعه أو بقلمه، أو بعدسته، الى واقع المرأة كفرد في المجتمع، قبل أن يرى فيها مجرد ممثلة لنصف هذا المجتمع..!
وربما، بل وللحقيقة أقول؛ بأن واقع المرأة في عراق اليوم، له من الخصوصية، ما يميزه عن غيره من واقع حياة المرأة في أقطار أخرى من العالم، وهذا في أعتقادي، ما يضاعف من أهمية ذلك الإلتزام، وهذا ما أغفلته أو بمعنى آخر لم تعطه أهمية إستثنائية ، بعض المنظمات الدولية المعنية بشؤون المرأة أو حقوق الإنسان؛ ولأكون أكثر دقة في القول، أشير الى أهمية مسؤولية الجهات الرسمية العراقية ومنظمات المجتمع المدني أزاء هذا الواقع، في ضرورة كشف تفاصيله وأبعاده ومن يقف ورائه ..!(1)
المرأة ، ومن هذا المنطلق، وبإعتبارها (كائن إجتماعي)، فهي تكتسب حقها في (المساواة الإنسانية)، مع أفراد المجتمع الآخرين من الذكور، منذ اليوم الأول للولادة..!
ومن هنا يطرح السؤال نفسه، فيما إذا كان في ميسور هذا الكائن البشري (المرأة) ، وهي تسير قدماً في الحياة منذ ذلك اليوم حتى مثواها الأخير، أن تجد طعماً أو حتى أثراً لتلك (المساواة) في جانبها الإنساني، التي حبتّها به الطبيعة ، مع أفراد المجتمع من الذكور، ولا أريد القول الرجال، فلمفردة الرجل صفة ودلالة آخرى غير تلك، أكثر سمواً ورفعةً، كما هي رفعة وسمو منزلة المرأة، وهذا ما يذكرني دائماً بما كان يستخدمه الراحل الكبير الشاعر محمد مهدي الجواهري، في إفتتاحياته في صحيفتة (الرأي العام)، عندما كان يخاطب به عبد الكريم قاسم فيقول؛ أيها [[الرجل الرجل]]..؟!
وهنا لا أريد أن أدخل في تفاصيل التأريخ وأتبجح بدور المرأة في الحياة، منذ شريعة حمورابي وحتى اليوم، أو أن أسرد تأريخ النساء اللامعات ممن حفظ لهن سجل التأريخ مكانتهن العظيمة في حياة شعوبهن وبلدانهن، سواء على مستوى القيادة السياسية أو في تأريخ الثقافة والأدب أو في أمور الحياة الإجتماعية الأخرى، ويكفي أن يكون العراق من البلدان الغنية عن التعريف في كل هذه المجالات..!
ولكن الأمر ينصرف بنا، ونحن نعيش اليوم في ذاكرة الزمن لنحيي ذكرى يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار لهذا العام، لنتوقف ولو قليلاً، لنطرح على أنفسنا السؤال نفسه، لنرى أي وضع تعيشه المرأة العراقية الآن في العراق، وهل تحقق لها طموحها في أن تشعر يوماً، بأنها ذلك الكائن الإجتماعي الذي يمتلك من الحقوق في المساواة الإنسانية، نفس ما يمتلكه نصف المجتمع الثاني، مجتمع الرجال (الذكور) ..؟؟!
لو إفترضنا الجواب بالإيجاب، وهذا ما يحاول تصويره كلُ مَنْ بيدهِ سلطةَ تقريرِ هذه المساواة، رجالاً كانوا أو حتى نساء، فمن هنا، لا بد وأن نُقِرَ بأننا نعيش في ظلال مجتمعٍ "متوازنٍ" "عادل"؛ مجتمعٍ تسقط أمامه كلُ مسميات "الذكورةِ"، التي ينبري البعض الى لصقِها في توصيفه للمجتمع القائم، حقاً كان ذلك أم باطلا..!!
فهل الأمر حقاً كالذي إفترضناه..؟ وهل حقاً أن المرأة العراقية اليوم، تنعم ولو حتى بعشرِ معشار هذا الذي إفترضناه من "العدل والمساواة"، وهو في الواقع من نسج الخيال..!!؟
كلا وألف كلا، واقولها بأسفٍ شديد؛ فالمرأة العراقية اليوم وأؤكد اليوم، تعيش في أسفل دركٍ من الذلِ والأحباط؛ وهي ليست في معرض المناداة بحقها في المساواة مع الرجل في الحقوق حسب، بقدر ماهي في أشد الحاجة الى من يحمي وجود بقائها في الحياة؛ إذ هي اليوم، وبما تؤكده الوقائع،(*) ومنها تلك التي مصدرها السلطات المحلية؛ بأنها أضحت مشروع قتل دائم، ولا تملك لنفسها حتى حرية ما تلبس أو أيان تخرج أو ما تتزين به؛ فهي حيثما حلت وأيان رحلت، تعيش تحت طائلة التهديد بالقتل، ودمها بات مهدوراً ومعلناً عنه على جدران الأبنية في الشوارع والساحات، وفي المدارس والجامعات، إذا ما خرجت عن نهج وتعليمات زمر مسلحة لا ضابط لحركتها، وأغلبها تنضوي تحت مظلات قوى ومنظماتٍ ذات نفوذٍ سياسي..!؟؟ (2)
فإن كانت رمزية اليوم العالمي للمرأة على النطاق العالمي، تتجسد في نضالاتها من أجل حقها في المساواة في الحقوق النقابية والعمل والأجر، وفي المساواة السياسية والإجتماعية على مدى أكثر من قرن من الزمن، فإن رمزية هذا اليوم بالنسبة للمرأة العراقية - ورغم ما تحقق لها من بعض مظاهر لا زالت تتسم بشكليتها على الصعيد السياسي والإجتماعي والتشريعي- فإن هذه الرمزية قد أصبحت تتجسدُ، في مدى ما تحققه المرأة العراقية، من نجاح في الحفاظ والإبقاء على حياتها ككائن بشري له حق البقاء والحياة إسوة بأخيها الرجل، الذي بات هو نفسه رمزياً، الآلة الإرهابية المسلطة على رقاب النساء في العراق..!؟؟
المرأة العراقية اليوم وأشدد على اليوم، وفي ظل حكومة ما يدعى ب"الوحدة الوطنية" و "العملية السياسية"، تخوض غمار أبشع حرب سُلطت عليها بإسم الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعادات والتقاليد البالية ؛ حرب تستهدف حقها في البقاء، فكيف والحال، مصير حقوقها الأخرى في المساواة الإنسانية، حتى أصبح من غير المألوف أن يمر يوم دون أن تعثر السلطات المحلية على جثث لنساء مغدورات..؟؟! (3)
وحيث أشدد على ظاهرة قتل النساء في العراق، فهذا لا يحجب أو يغفل حجم معاناة المرأة العراقية التي جسدتها تداعيات السنوات الخمس الماضية، من إرهاب وتهجير طائفي، زائداً لما خلفته سنوات حروب الديكتاتورية، وما إقترفته من حرب الإبادة البشرية في الأنفال والإنتفاظة الشعبية، وما خلفته من مقابر جماعية..!
كما ولا يسع المرء أن يتجاهل وجود ما يزيد على المليون من الأرامل، أو الملايين من المهجرات والمهاجرات وسكنة الخيام وممن إفتقدن أطفالهن، أو الألوف من اليتامى والمعوقين أو من إختطفتهم مفخخات الإرهابيين من النساء ومئات إلوف الضحايا من المدنيين؛ إن كل هذا بات يشكل مع جرائم قتل النساء، لوحة لمسلسل درامي تراجيدي دام، يعجز عن وصفه أو الإحاطة بتفاصيله أبرعُ الأقلامِ، وأدقُ ريشِ الرسامين العظام..!!؟
وإن كانت رمزية اليوم العالمي للمرأة ، قد تجسدت أيضاً، بواقع التضامن الأممي الذي وقفته وتقفه المنظمات النسوية العالمية ومنظمات حقوق الإنسان، في دعمها لنضال المرأة من أجل حقها في المساواة ورفع الإضطهاد على الصعيد الأممي، فهي اليوم مدعوة وفي واقع يسمح لها أن تقدم الكثير من الدعم والمساندة للمنظمات النسوية العراقية، التي تجابه أصعب الأوقات في نضالها من أجل رفع الحيف عن المرأة، وما يلحقها من تنكيل وإضطهاد وتهجير وقتل على الهوية، ناهيك عن نضالها من أجل حق المرأة في المساواة في المجالات الأخرى ..!
فالمرأة العراقية تواقة بفطرتها الى الإنفتاح والإبتهاج بالأفراح والمسرات، ولكنها اليوم تضمر مأساتها يأساً وعذاباً وقهراً وعشقاً للمقابر؛ ومع ذلك فالثامن من آذارٍ من كل عام، يظل يوماً رائعاً في حياة المرأة العراقية ولها فيه ما يخلده من تراث عظيم..! 8/3/2008 ___________________________________________ (1) http://www.al-nnas.com/NEWS/news(13%20).htm (2) http://www.al-nnas.com/ARTICLE/BFadli/18basra.htm (3) http://www.yanabeealiraq.com/news_folder/n07030803.htm
(*) [[ السادس من آذار 2008 رن جرس التلفون .. الساعة: السابعة مساء ، المتكلم.. هل تعلم عمو؟! ماذا..؟ لقد قتلوا "...." 23 عاما..ً!! من ومتى وكيف..؟ كانت خارجة مع زوجها في منطقة (الغزالية) قبل أيام، فتصدت لهما زمرة مسلحة من الظلاميين، مطالبة أن ينظموا الى صفوفها تحت تهديد السلاح.. ولكن زوجها رفض ذلك، فأجبروه على السير معهم.. حاولت أن تحمي زوجها، وهي تستغيث وترجوهم فك سبيله .. أفرغوا رصاصات مسدساتهم في رأسها ليسكتوها وإنتهى كل شيء..؟؟؟؟؟ ]]
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا غزة أيضا..؟!
-
أحمدي نجاد على مشارف بغداد..!!؟
-
شهاب التميمي- الكلمة الحرة..!
-
فلسطين أم غزة..؟! غزة أم فلسطين..؟!
-
كل شيء هاديء في الجبهة..!!؟
-
سيناريو التوغل التركي..!؟
-
أوقفوا توغلكم أيها المعتدون..!!!
-
آفاق زيارة الرئيس الأيراني الى العراق..؟*
-
العراق:الصراع السياسي و-العرس البرلماني-..!
-
الجمعة الحزينة...!؟
-
الدولة المدنية الديمقراطية بين الطموح والواقع..!
-
العراق: الصداقة والتعاون أم شيء آخر..!
-
يا قلب ميسان..!*
-
التلوث الإشعاعي: الموت بصمت..!؟
-
الشهيدة..!
-
البصرة: قتل النساء وصمت الحكماء ...!!؟
-
حسن العتابي وداعاً..!!
-
مجلس النواب : الحاجة والضرورة..!
-
الحوار المتمدن والعملية النقدية..!
-
العراق: إشكالية إبرام العقود النفطية والمصلحة الوطنية..!
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المرأة النمودج : الشهيدتان جانان وزهره قولاق سيز تركيا
/ غسان المغربي
المزيد.....
|