غلاف الكتاب
-اسم الكتاب: وضع الأطفال في العالم – القيادة
-تقرير: منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)
-الطبعة: الأولى 2002
-الناشر: المكتب الرئيسي/ نيويورك ومكتب المنظمة الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا - عمان
عقد مؤتمر القمة العالمي للطفولة عام 1990، وقد أمكن منذ ذلك الحين تخفيض عدد الأطفال الذين يموتون دون سن الخامسة بمقدار ثلاثة ملايين طفل، وانخفض عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بمقدار 28 مليون طفل، وأمكن القضاء نهائيا على شلل الأطفال في 175 دولة.
ولكن مازال هناك عشرة ملايين طفل يموتون سنويا، ويعاني ستمائة مليون طفل من الفقر، ويوجد أكثر من مائة مليون آخرين في سن الدراسة خارج مقاعد المدارس. ويعرض تقرير وضع الأطفال في العالم الذي تصدره منظمة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) حالة الأطفال في العالم بالجداول والدراسات والتقارير ويوضح الإنجازات والإخفاقات، مقدما بذلك مدخلا لقراءة وفهم المستقبل الذي يتشكل من خلال هؤلاء الأطفال.
النجاح والفشل
بدأ العمل بالطبع قبل انعقاد المؤتمر بعقود عدة، وقد التزم قادة العالم في المؤتمر عام 1990 بتحقيق 27 هدفا، وبحلول عام 2000 جرت مراجعات لتحديد الإنجاز والإخفاق.
وقد نص الهدف الأول للمؤتمر على تخفيض معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة الثلث خلال عشر سنوات أي عام 2000، وقد أمكن تخفيض هذه المعدلات بنسبة 14%، وقد حققت أكثر من 60 دولة تخفيضا بنسبة الثلث. وقد انخفضت معدلات وفيات الأطفال في الشرق الأوسط من 76 حالة وفاة لكل ألف طفل إلى 62, وتبلغ معدلات وفيات الأطفال في الدول المتقدمة ست حالات وفاة لكل ألف طفل.
وقد حدد المؤتمر عام 2000 موعدا لاستئصال شلل الأطفال، وأمكن القضاء عليه نهائيا في 175 دولة، ويتوقع أن يخلو العالم من هذا المرض بحلول عام 2005, وسيكون المرض الثاني بعد الجدري الذي أمكن السيطرة عليه. ولايزال حوالي 30 مليون طفل رضيع بانتظار التحصين الروتيني ضد مجموعة من الأمراض.
وانخفضت حالات سوء التغذية بين الأطفال بنسبة 17% منذ عام 1990، وقد ازداد عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في أفريقيا.
وتزود 43 دولة جرعات من فيتامين (أ) لـ70% من الأطفال دون سن الخامسة، وتستخدم حوالي 72% من الأسر الملح الممزوج باليود، وارتفعت نسبة الرضاعة الطبيعية من 39% إلى 46%.
ولايزال 149 مليون طفل يعانون من سوء التغذية ثلثهم في آسيا، ولايزال أكثر من 100 مليون طفل في سن الدراسة الابتدائية خارج مقاعد الدراسة، وتموت 515 ألف امرأة سنويا بسبب الولادة.
ويعتبر اثنان من المغذيات الدقيقة عاملا رئيسيا في الوقاية من الجوع الخفي وهما فيتامين (أ) واليود، فنقص فيتامين (أ) يؤدي إلى العمى ويجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالمرض، في حين يؤدي نقص اليود إلى التخلف العقلي، وقد ارتفعت نسبة الذين يستهلكون الملح الممزوج باليود في الدول النامية من أقل من 20% إلى 72% ولايزال هناك 37 دولة تقل نسبة المحرومين من الملح الممزوج باليود فيها عن النصف.
ويولد كل عام 11 مليون طفل في جنوب آسيا و3.6 ملايين طفل في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بوزن ناقص (أقل من 2.5 كيلوغرام)، وفي المقابل فإن 57 دولة نامية تدنت نسبة ولادات الأطفال ناقصي الوزن فيها إلى أقل من 10%.
وطالب المؤتمر بتخفيض معدلات وفيات الأمهات بسبب الحمل والولادة بمقدار 50% ولكن ليس ثمة دليل على تراجع هذه النسبة بالقدر المطلوب. وتحققت مكاسب متواضعة في مجالي الرعاية السابقة للولادة والولادة بمساعدة إشراف مؤهل، فيوجد نقص كبير في القابلات المؤهلات ولا تتجاوز نسبة التغطية للرعاية في جنوب آسيا 29% و37% في أفريقيا. وبالرغم من أن معظم الدول النامية اتخذت تدابير لتقديم جرعات إضافية من الحديد للنساء الحوامل لتخفيض حالات فقر الدم، فإن الأدلة المتوافرة تشير إلى أنه لم يحدث سوى تغيير ضئيل خلال عقد التسعينات من القرن العشرين في تقليل حالات فقر الدم.
”
يولد كل عام 11 مليون طفل في جنوب آسيا و3.6 ملايين طفل في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بوزن ناقص (أقل من 2.5 كلغ)
”
وفي مجال التعليم فقد طالب المؤتمر برفع نسبة التعليم والالتحاق بالمدارس لتصل إلى 80% من الأطفال في سن التعليم الابتدائي، والحد من التفاوت بين الجنسين، وتعليم الأسر المهارات والقيم المطلوبة من أجل حياة أفضل. وقد ازدادت بالفعل نسبة الملتحقين بالمدارس إلى 82% وخفضت الفجوة بين الجنسين وتراجعت الأمية، ولكن مازال الملايين يتلقون تعليما متدني المستوى والنوعية ولا يستطيع ثلث الأطفال في الدول النامية (149 مليون طفل) الحصول على التعليم الأساسي، ومازال تمويل أنشطة التدخلات التعليمية في الأزمات الإنسانية بين الأولويات الدنيا.
لقد حقق العالم تقدما علميا وتقنيا هائلا في التسعينات التي يرصد فيها التقرير حالات متناقضة معها من الفقر والمرض والجهل والتخلف، فقد أمكن معرفة الخريطة الجينية، ونجحت محاولات استنساخ الكائنات الحية، وتحولت شبكة الإنترنت إلى وسيلة اتصال جماهيرية يستخدمها 300 مليون شخص، وأطلق التلسكوب الفضائي هابل أكثر المراصد الفضائية تطورا وحساسية، وبلغ حجم التداولات اليومية في المضاربات في أسواق العملات اليومية 1.5 تريليون دولار، فقد توافرت الموارد والمعرفة الفنية والتقنية ولكن لم تسخر بالكامل لأجل عالم جدير بالأطفال، وهذا بسبب ضلال القيادات والقصور في أداء الواجب.
والحل كما يراه معدو التقرير في خضوع الحكومات والمؤسسات الدولية للمساءلة والمحاسبة على واجباتها القيادية تجاه الأطفال ورفاههم، وأن يخضع من يخفق في تحقيق ذلك للمساءلة.
ويشير التقرير إلى نماذج ناجحة من القيادة، مثل يوليوس نيريري الذي تولى رئاسة الوزراء في تنزانيا عام 1961، وتقاعد من رئاسة الدولة عام 1985، وكانت نسبة التعليم عندما تولى الحكم 15% فقط وهي اليوم 91%، وتستوعب المدارس جميع الأطفال، وتزايد عدد الأطباء من 12 طبيبا إلى آلاف الأطباء. واستطاع رئيس جزر المالديف مأمون عبد القيوم تحقيق أفضل المؤشرات الاجتماعية في المنطقة، مثل انخفاض معدلات وفيات الرضع، وتوفر التعليم الأساسي وتحقيق معدلات جيدة في تعليم القراءة والكتابة.
وتعتبر النزاعات المسلحة أحد العوائق الرئيسية التي تعترض سبيل الوفاء بحقوق الطفل، وكذلك مرض الإيدز. وقد ناقش مجلس الأمن الدولي موضوع الإيدز للمرة الأولى عام 2000، مقرا بذلك أن المرض يشكل تهديدا للأمن والسلام الدوليين.
وأصيب في أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي حوالي 210 آلاف شخص بمرض الإيدز عام 2000 فارتفع عدد المصابين بالمرض إلى 1.8 مليون شخص، ويقدر عدد يتامى الإيدز في هاييتي بحوالي 74 ألف طفل.
وتشهد أفريقيا أكثر حالات الإيدز حجما وتدميرا، فهبطت أرقام معدلات العمر المتوقع بعد عقود من التحسن المستقر إلى المستويات التي كانت عليها أثناء الفترة الاستعمارية وما قبل الاستقلال.
وقد نجحت البرازيل في تخفيض معدلات الوفاة بسبب الإيدز إلى النصف بفضل تبنيها برنامج معالجة مجانيا لكل مصاب بالمرض، وقد استنسخت البرازيل الأدوية ذات الأسماء التجارية وأنتجت أدوية مقلدة مخفضة تكاليف دواء الكوكتيل الثلاثي الذي يساعد على بقاء مصاب الإيدز على قيد الحياة إلى 20% من تكلفته في نيويورك، ويتوقع أن تخفضه إلى 5% في المستقبل القريب.
ويقدر عدد الأطفال المصابين بالإيدز بحوالي 1.4 مليون طفل، 80% منهم يعيشون في أفريقيا، وقد توفي 4.3 ملايين طفل بسبب الإيدز، وأصبح 13 مليون طفل أيتاما بسبب الإيدز.
”
لايزال 149 مليون طفل يعانون من سوء التغذية ثلثهم في آسيا، ولايزال أكثر من 100 مليون طفل في سن الدراسة الابتدائية خارج مقاعد الدراسة، وتموت 515 ألف امرأة سنويا بسبب الولادة
”
مشاركة الأطفال
أجرت اليونيسيف عملية منتظمة لجمع أفكار الأطفال وآرائهم شملت حوالي 40 ألف طفل في مختلف أنحاء العالم، وتناولت المدرسة والعنف في حياتهم وتوقعاتهم من الحكومات. وتقدم نتائج هذه الاستطلاعات منظورا ذا قيمة فريدة حول وضع أطفال العالم من خلال عيون الأطفال أنفسهم.
وكان أكثر من نصف الأطفال الذين تمت مقابلتهم يرون أن أولياء أمورهم وحكوماتهم وأساتذتهم في المدرسة لا يستمعون إليهم، وطالبوا بحقهم في التمتع بالمحبة، وشكا 60% منهم من العنف الذي يقع عليهم في البيوت، ويعتقد معظمهم أن هناك تمييزا ضد الأطفال الفقراء والمعوقين وأبناء الجماعات العرقية المختلفة.
وقد يوضح الاستماع إلى الأطفال الطريقة التي يحتاجها العالم للتغيير، وعلى النقيض من ذلك فإن عدم الاهتمام باستشارة الأطفال جعلهم يغيبون عن أذهان صانعي السياسات على جميع المستويات.
الأسرة
إن مساعدة الأسر على أداء دورها نحو أطفالها هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية في رعاية الأطفال. ويمثل الفريق الوطني لرعاية الطفولة في الأردن نموذجا لما يمكن عمله وتقديمه في مجال الرعاية الوالدية، إذ تتعاون المؤسسات في برامج تحسين مهارات الرعاية الوالدية وزيادة المعرفة بالصحة والتغذية واحتياجات الطفل المعرفية ونشر المعرفة حول رعاية الطفل وتنميته، وقد أمكن الوصول إلى أكثر من 13 ألفا من الآباء والأمهات اكتسبوا مزيدا من الثقة بمهاراتهم في رعاية الأطفال.
واستهدف البرنامج سن تشريعات لحماية حقوق الأطفال، ورفع مستوى خدمات الرعاية الصحية للنساء الحوامل، وتحسين الرعاية بالطفل في دور الحضانة، ورفع مستوى التعليم في رياض الأطفال، ومساعدة الآباء والأمهات في تحسين مهارات الرعاية الوالدية، والتركيز على الأطفال اليتامى والمشردين وتوسيع الآفاق الثقافية للأطفال.
الأطفال والفقر
”
انخفضت معدلات وفيات الأطفال في الشرق الأوسط من 76 حالة وفاة لكل ألف طفل إلى 62 حالة وفاة، وتبلغ معدلات وفيات الأطفال في الدول المتقدمة 6 حالات وفاة لكل ألف طفل
”
رغم زيادة الثروة فإنها تركزت في بضع دول وازدادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وكان الأطفال هم أكثر من يتأثر بمثل هذه المشكلات. وكان الفقراء هم آخر المستفيدين من برامج الإصلاح الاقتصادي التي طبقت في معظم دول العالم، فقد ازدادت البطالة وظل حوالي 80 مليون شخص في فقر مدقع، واستمرت حالات عدم المساواة في توزيع الدخل على نحو لعله الأسوأ في تاريخ البشرية.
واهتمت خطة العقد الأول للقرن الحادي والعشرين نحو الطفولة بالعمل على إنقاذ الأطفال من الفقر والاستغلال والبيع والدعارة، ودعوة الدول جميعها إلى الالتزام بتوفير تعليم أساسي مجاني للأطفال بحيث يأتي العام 2015 ويكون جميع الأطفال في سن الدراسة موجودين في المدارس بالفعل، وتخفيض معدلات وفيات الأمهات إلى النصف بحلول عام 2010، وشن حملة على تجارة الأطفال واستغلالهم.
وعقدت بلبنان في أبريل/نيسان 2001 ندوة إقليمية لوضع خطة عمل سميت "عالم عربي جدير بالأطفال"، ثم تلاها مؤتمر لوزراء المالية العرب أوصى بتخصيص موازنات تركز على الأطفال، والالتزام بأهداف واقعية قابلة للقياس والمراجعة في مجال صحة الأطفال وتعليمهم ومكافحة المرض وحماية الأطفال من الإساءة والاستغلال، والموافقة على قبول المساءلة حول التقدم والإخفاق في العمل للأطفال.
المصدر :الجزيرة نت