|
معاناة المرأة العراقية.... هل لها من أخر ؟
محمد الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 2214 - 2008 / 3 / 8 - 11:26
المحور:
ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة
تحياتي بمنـاسـبة اليوم العالمي للنسـاء إلى المـرأة العـراقية المكـافحـة في وجـه عـاتيـات الزمـان ، هـذا الكفـاح الطويـل الذي امـتد في تاريخ العـراق المعـاصر فحسب قـرابة نصف قـرن منذ يـوم 8 شـباط الأسود الذي أجهض حزب البعث الفـاشـي فيه ثـورة الرابع عشـر مـن تمـوز.
لقـد كانت ومـا زالت معـاناة المـرأة العـراقيـة وعـائلتهـا وأطفالها شـديدة ومـأسـاوية طيلة هـذه العقـود ومـع تـوجيه التحية الأخوية لهـا في هـذا العيد العـالمي، إلا انـه ينبغـي في الوقت نفسـه فضـح وكشـف جـوانب معـاناتهـا والمطالبـة باسترجـاع حقـوقهـا وإنصافها كالنصف الفعـال في المجتمـع إلى جـانب النصـف الآخر مـن الرجـال بدلا مـن مواصـلة قمعهـا واضطهـادهـا بأبشع الأشكال الهمجية حيث لا يمـر أسبوع دون سـمـاع الأخبار عـن المآسـي والعنف والاضطهـاد الذي مـازالت تتـعـرض لـه المـرأة العـراقيـة مـن البصـرة إلى المـوصـل مـرورا بكردسـتان وتشير بعض الأرقام المـرعبة للمنظمـات الدولية إلى أن حالات قتل النسـاء بلغـت في عـام 2006 أكثر مـن 800 حيث ارتفعت لأكثر مـن ضعفي عـدد النسـاء الذين تعـرضن للقتل عـام 2003 بعدد329 امـرأة ، في وقت ترفض الجهات الحكومية الكشـف عن الأرقام الحقيقيـة التي قـد تكون أعلى بكثير عن أرقام المنظمـات الدولية نظـرا للتقديرات المرعبة لضحايا الاحتلال التي تقـدر بمليون ونصف منذ الحرب العدوانية على العراق عـام 2003 حسب تقدير مؤسسـة بريطانية.
ويكفي أن نـذكـر مجـرد بعض الأمثلة للاسـتدلال عـلى بشـاعة وهمجيـة مـا تتعـرض لـه المـرأة العـراقية سـواء عـلى أيـدي قـوات الاحتلال بقصفهـا العشـوائي للمـدن الآهلة بالسـكان أو اعتدائها على حـرمـات البيوت وقتل واغتصـاب النسـاء والبنأت كمـا أنفضح فـي أبو غـريب وحـديثـة ، أو مـا تتعـرض لـه النسـاء مـن قـتل واغتصـاب عـلى أيـدي المليشـيات الإرهابية المسـلحة بشتى الحجج والذرائع التي مـا انزل الله بهـا مـن سـلطان وترغم المرأة ، وحتى التي مـن الأديان الأخرى وخـاصة في مـدن الجنوب، على ارتـداء الحجاب حيث تعـرضـت 140 امـرأة في البصـرة الى القتـل وتـم مـؤخـرا الكشـف عـن مقبـرة تضـم رفـات ثمـانية نسـاء مجهـولات الهـوية فـي ديالـى وعثـرت الشـرطـة في المـوصـل على جثـة امـرأة تبين اثـار تعـذيب عـلى جسـدهـا وآثار ذبـح (نحـر) في الرقبة.
تتـعـدد جوانب معـاناة المـرأة العراقية فبـعد فقـدان الزوج والأب والابـن والأخ فـي حـروب صـدام ونظـامـه القمـعي الإرهابي الدمـوي واختفـاء وإبادة عشـرات الآلاف في حملات الأنفال والمقـابر الجمـاعية ، اسـتمرت المـعـاناة أيضا طيـلة اثنتي عشـرة سـنة عجـاف مـن الحصـار الدولي الظـالـم الذي شـاركت فيـه كـافة دول العـالـم تقـريبـا وفـي مقـدمتهـا دول الجـوار التي أغلقت المنـافذ والسبل ومنـعت إيصال الدواء والغـذاء بحجـة الالتـزام بالقـرارات الدولية المجحفـة ، تلك القـرارات التي ثبت بطـلانهـا عقب الغزو والاحتلال الأمريكي ، لعـدم وجـود أيـة أسلحة دمـار شـامـل بل بالعكـس فقـد ثبت استخدام الأمريكان في حربي عـام 1991 وعـام 2003 لليـورانيـوم المنضب وأسلحة الانشـطار العنقـوديـة ومـن يـدري أيـة أسلحة فتاكـة أخرى قـد تنكشـف تفاصيلهـا في مـراحـل لاحقـة.
ان وجـود مليـون أرملة ومـليـون ونصـف من الأطفال الأيتام يحتـم عـلى الحـكـومـة العـراقـية ان تـوفـر لهـم الضمـان الاجتمـاعـي والعيـش الكـريـم والـذي لا ينبغي أن يـعـتبـر هـبة أو مكـرمـة مـن احـد بـل هـو حـق مشـروع ينبـغي عـلى الاطـراف العـراقيـة الوطنية التي تدرك مسـؤوليـاتهـا أن تسعـى لانتزاعـه لهـم مـمن هـم عـلى سـدة الحـكم. إن المقـلق أن نلاحظ ازديـاد معـاناة العـائلـة العـراقية والنسـاء بشـكل خـاص في البحث عـن قـوتهـم اليـومـي بالارتباط مـع خطـة الحكـومـة ونوايـاهـا بتقليص الحصـة الغـذائية هـذا الصيف في وقت يعاني ملايين الأطفال مـن سـوء التغذيـة ويعيش أكثر مـن أربعة ملاييـن عـراقي دون خط الفقـر معتمـديـن بالأساس عـلى الحصة التموينية الغذائـية المـتعثـرة بالنظـر لحـالتهـم المعـاشية المزرية بسـبب الغلاء الفاحش والبطالة. كمـا اجبرت ملايـين مـن العـوائل على مغـادرة العـراق لتعيش في سـوريـا والأردن فـي ظـروف إنسانية مـأسـاوية إضافة إلى ملايـين أخرى أجبرت على مغادرة منازلها لتعيش في الخيـام في هجـرة داخلية بسبب التطهـير المذهبي والقـومي.
هنـاك جانب آخر هـام مـن معـاناة المـرأة العـراقية وقـد بدأ مـنذ عـام 1991 بسـبب تلوث مـناطق واسـعة مـن جنـوب العـراق بالإشعاعات النوويـة نتيجـة لاسـتخدام اليورانيوم المنضب في اعتده القصـف الأمريكي وقـد ارتفعت أعداد مـناطق التلـوث عقب العدوان الأمريكي عـام 2003 لتصل إلى 350 مـوقعـا باعتراف وزيـرة البيئـة الحـالية ، وتشير تقـارير صحية دوليـة بان هـم النسـاء بعـد الولادة في البصـرة مثـلا ليس جنس المـولـود ذكـرا أو أنثى بـل هـل إن المـولـود مشـوه ام طبـيعي . هـذا وتعتـبر الكثـير مـن المنظمـات الدولية اسـتخدام مثـل هـذه الأسلحة خـرقـا للقـوانيـن الدوليـة والمفـاهيـم الإنسانية ، ولكننـا لا نلاحظ أي دور او نشـاط يذكـر مـن قـبل الأمم المـتـحـدة ومنظمـة الصحة الدوليـة في هـذا المجـال او أيـة مطالبة للأمريكان المسؤولين عـن هـذه الجـريمـة بمعـالجة آثارها المدمـرة للبيئـة والبشـر والأجيال القـادمـة ، كمـا لـم نسـمع عـن أي جهـد حقـيقـي تبذلـه الحكـومة العـراقيـة للبدء بمعـالجة هـذه المـأسـاة ويمكن القـول بأنه ينطبق عليهـا حقـا مـأ غناه عـزيـز عـلي في احدي منولوجاتـه ( نايمـين أشـلون نومـه مسـتريحة بمـذهبي ).
أليس مـن حقنـا ان نتساءل عن الذي تحقـق مـن الوعـود المعسـولة الكـاذبة التي جـاء الغـزو والاحتلال تحت ذريعتهـا ، وماذا جلب للعراق والعـراقيين غيـر الخـراب والدمـار الذي أوصل العـراق إلى أسوأ مـمـا كـان عـليه فـي مجـال الخـدمـات والأمن ، فبعـد مـرور خمسـة سـنوات كارثية وبعـد تـدمـير وتحطيم البنى التحتية ادخـل العراق في نفـق الطـائفية والمحـاصصة البـغيضـة واستشـرى الفسـاد والقتـل والنهب والإرهاب والدمـار وكـوارث لا تحصى ولا تعـد وكـان نصيب المـرأة العراقية من كـل ذلك أكثر بكثير مـمـا تستحق.
مـرة أخرى تحية حـارة للمـرأة العـراقية المكـافحـة فـي عـيد المـرأة العالمي متمـنيـا لكـل نسـاء العـراق ولكـافة شـعبنـا العـراقي مسـتقبلا زاهـرا بعـد الخلاص مـن الاحتلال الأجنبي في ظـل سـيادة وديمقـراطية حقيقية والعدالة والمحـبة.
#محمد_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشرة محطات عراقية لعام 2007
-
سيد مقتدى ... أطلبك دم ابنتي
-
جدار الفصل المذهبي
-
اريعة سنوات من الخراب والدمار
-
نفط العراق للعراقيين
-
مؤتمر بغداد وتدويل القضية العراقية
-
أنقذوا الشعب العراقي من محنته بعد ثلاثة سنوات من الاحتلال
-
حيرة الناخب العراقي
-
مسودة الدستور ..... بعض الملاحظات
-
إخفاقات و-انجـازات- حكـومـة أيــاد علآوي الراحلة
-
حصـيلة عـامين مـن الاحتلال وسـقوط نظـام صـدام البعثي
-
العـدالة بالمحـاســبة ... فالمصـارحة ... فالحوار
-
الانتخــابات العـراقية ......مـالهــا ومـا عليهــا
-
يا أبناء النجف ... أنقذوا آثار مدينتكم القديمة
-
هل يتمكن النواب البريطانيون من انهاء حمـاقة العراق
-
لمـاذا يبقى الدم العراقي رخيصـا ؟
-
حصيلة مزرية لعام و ربع من الاحتلال
-
يوم سـعيد في بغداد
-
عن- السيـادة - والسـلطة في الثلاثين من حزيران
-
لا تهدمـوا سـجن أبو غريب
المزيد.....
-
شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
-
تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر
...
-
-إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم
...
-
كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن
...
-
قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك
...
-
الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو
...
-
زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج
...
-
زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي
...
-
علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا
...
المزيد.....
-
المرأة النمودج : الشهيدتان جانان وزهره قولاق سيز تركيا
/ غسان المغربي
المزيد.....
|