يوم المرأة العالمي هو يوم النضال لتحريرالانسان من استغلال اخيه الانسان

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2213 - 2008 / 3 / 7 - 09:35
المحور: ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة
    

بدأ اضطهاد المرأة مع بدء استغلال الانسان لاخيه الانسان . فقد عاشت البشرية قرونا كانت فيها المرأة سيدة المجتمع الذي تسوده المحبة والعدل، في اقتسام العمل و وسائل العيش على ندرتها. فهي الام المنجبة للاجيال، وهي المربية والراعية عند المرض وهي المضحية عند تقاسم وسائل العيش من اجل خلق اجيال اصحاء اقوياء يضمنون استمرار الحياة ويحمون مجتمعها صغيرا كان ام كبيرا من الفناء. ومع تطور الانسان وتطور قواه المنتجة واصبح قادرا على انتاج اكثر من مستلزمات استمرار حياته بدأ الصراع بين البشر من اجل امتلاك اكبر عدد من قوى العمل ، أي البشر وبدأ نوع جديد من اقتسام العمل فرضته الملكية الخاصة لوسائل الانتاج يقوم على استغلال الانسان لاخيه الانسان . ومع استعباد الانسان المنتج، من خلال استغلال طاقاته الانتاجية بدأ استعباد المرأة باعتبارها المنتجة للقوى المنتجة وحصر نشاطها في المراحل الاولى من تطور النظم الاقتصادية الاجتماعية ، بانتاج اكبر عدد ممكن من القوى العاملة فلا حاجة لتطوير مداركها ولا الى تدخلها في أي شأن من شوؤن المجتمع الذي تشرف على ادارته الطبقات المالكة لوسائل الانتاج عبر تطور وسائل الانتاج وعلاقات الانتاج وفقا لمصالحها. في حين زجت علاقات الانتاج الراسمالية بالمرأة الى ميادين العمل ومضاعفة استغلالها واستعبادها ضمن استعباد شعبها واحتلال اوطانها.
ولم تستكن المرأة عبر تلك العصور لتدهور منزلتها واستعبادها المزدوج كمنتجة للقوى المنتجة وكشغيلة في مختلف ميادين الانتاج و كمواطنة من الدرجة الثانية في بلدان محتلة، بل تحدت و ناضلت وقدمت التضحيات في ثورات الشعوب وحروبها التحررية ونضالاتها الجماهيرية ، واقتحمت الكثير من الميادين القيادية التي لم تزد مواقعها الاجتماعية والاقتصادية على الصعيد العالمي الا مزيدا من التدهور . فقد تبوأت العديد من النسوة عبر التاريخ قيادة امبراطوريات وجيوش. وفي عصرنا تبوأت العشرات مراكز رئاسة الحكومات والبلدان ولكنها لم تستطع تغير علاقات الانتاج التي تسود عصرها، القائمة على المستوى الذي بلغته البشرية من تطور من خلال تطور وسائل الانتاج. فماذا احدثت زنوبيا ملكة تدمر او تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا من تطور في اوضاع المرأة على صعيد بلدانها او في العالم، بل ماذا فعلت انديرا غاندي المناضلة البارزة في الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي، عندما تسنمت رئاسة الوزراء في الهند ؟ وماذا ستفعل القرقوز الامريكي هلاري كلنتون اذا ما اصبحت اول امرأة تتبوأ رئاسة جمهورية القطب الاكبر للعولمة الرأسمالية؟ فقد قامت ادارتهن لبلدانهن على الاسس التي ترسخت من خلال علاقات الانتاج القائمة على المستوى القائم من وسائل الانتاج ولم يخرجن عنها الا ببعض الجوانب الهامشية ، بل واسهم بعضهن كتاتجر في الايغال بابشع وسائل الراسمالية لاستعباد الشعوب، الحروب كحربها في الفوكلند.
لقد ادركت البشرية بعد نضال طويل وتجارب مريرة السبب الرئيس لكل معاناتها وهو علاقات الانتاج القائمة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وان السبيل الوحيد لتحررها هو التحرر من علاقات الانتاج هذه . وان الامر مرهون بتوعية وتعبئة كل طاقاتها على الصعيد الوطني والعالمي . وانطلقت طلائعها في حركات ومنظمات مسلحة بالنظرية الثورية وبالنهج الماركسي اللينيني لقيادة العملية التاريخية فطورت الحركة النقابية العمالية والحركة الديموقراطية النسوية والى جانب يوم العمال العالمي سجلت اليوم العالمي للمرأة باعتبارهما القوتين الفعالتين في المجتمع . واجترحت البشرية بقيادة طلائعها العمالية والنسوية المأثر التاريخية خلال القرن العشرين مسجلة نجاح اول تجربة في تحويل حلم البشرية في بناء علاقات انتاج اشتراكية ولولفترة وجيزة في عمر الزمن وقدمت مثالا رائعا في مجال تحرير المرأة ومساواتها واحتلال مواقعها كمنتجة للقوى المنتجة وفي جميع ميادين الانتاج والحياة، وتمكنت من تحرير البشرية من الفاشية تحت شعار " الوطن الام يناديكم". ولكن البشرية منيت بانتكاسات كبيرة نتيجة عجز طليعتها عن مواجهة متطلبات نجاح تجربة بناء علاقات الانتاج الاشتراكية وجعلها مثالا يحتذى وسندا موثوقا، وذلك لاسباب ذاتية وموضوعية . فقد نخرت طلائعها من قادة الاحزاب الشيوعية وحكومات البلدان الاشتراكية ، البيروقراطية والامتيازات والكراسي ، وتخلت عن النظرية الثورية والمنهجية الديالكتيكية لانها لم تعد تستجيب لطومحاتها الطبقية الجديدة ، في حين استغلت الراسمالية الثورة العلمية التكنولوجية للتطور وبلوغ مرحلة العولمة الراسمالية وهي تملك من القوى والادوات ما لم تبلغه كل الانظمة التي سبقتها من وسائل واساليب تركيع البشرية عموما ولاسيما قواها المنتجة المراة والشغيلة.
ورغم ذلك انطلقت البشرية بحركات جماهيرية جبارة تربط بين نضالات الجماهير وفي مقدمتهم الشغيلة والمرأة وبين النضال ضد علاقات الانتاج الراسمالية، باعتبارها الاساس الذي تقوم عليه كل الكوارث والالام التي تعانيها البشرية عموما وكل الشعوب، ولاسيما الشغيلة والمرأة. وصعد اقطاب العولمة الراسمالية وفي طليعتهم الامبريالية الامريكية في جرائمهم بحق البشعوب المستعبدة ، وتقديمها مثلا لشعوب العالم . فالمرأة العراقية تقتل ويمثل بجسدها وتغتصب وتباع وتشترى كاملة او مجزءة تحت شعارات التحرير والديموقراطية وضمان مساهمتها في صنع القرار بمنحها 25% في البرلمان والحكومة. ويقتل اطفالها وزوجها فترمل وييتم اطفالها وتسجن في البيوت تحت تهديد الموت في كل خطوة تخطوها وتحرم من فرص العمل . ورغم ذلك تنهض المرأة العراقية البطلة بدورها التاريخي في حماية الشعب العراقي وحماية كرامته فهي تتحدى الموت وتخرج للعمل لتطعم اطفالها في حين يتردد الكثير من الرجال في ذلك . وتمتحن في كل يوم عاطفتها كأم تجاه اولادها ووطنيتها في اعدادهم لبناء العراق الحر المزدهر بابنائه الشجعان المتعلمين الذين لايهابون الموت فتودعهم يوميا الى مدارسهم ولا تعلم هل سيعودون .
نعم ان المراة العراقية جديرة بكل هذا الدعم والتضامن العالمي وتشكر جميع المنظمات الوطنية والعالمية المساندة لنضالها والمطالبة بتحريرها واصدار القوانين الرادعة لمقترفين الجرائم بحقها والقوانين التي تضمن حقوقها وهي عن تجربتها الخاصة وتجارب البشرية تطالب بربط كل هذه النضالات بالنضال ضد علاقات الانتاج الراسمالية وادتها الرئيسية الامبريالية الامريكية ، والمطالبة بتحرير العراق من الاحتلال. وبذلك فقط يمكن تحريرها وتحرير جميع نساء العالم بل وتحرير البشرية

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات