أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل النقد البناء ممارسة مطلوبة أم شتيمة مرفوضة؟















المزيد.....

هل النقد البناء ممارسة مطلوبة أم شتيمة مرفوضة؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 2213 - 2008 / 3 / 7 - 09:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


حين يتصفح الإنسان الدراسات والبحوث والمقالات وتصريحات جمهرة من المسئولين والسياسيين العراقيين من مؤيدي الحكومة ومن معارضيها وفي داخل كل من هذه الطرفين التي تبحث في الشأن العراقي أو تتحدث عنه يصاب بالدوار ويفقد البوصلة التي تساعده على رؤية حقائق الوضع في العراق ويعجز عن فهم ما يحدث. وهي ليست بإشكالية جديدة , بل هي لصيقة بوضع العراق وغالبية دول الشرق الأوسط. وهي نتيجة منطقية لغياب الشفافية والاستعداد لقول الحقيقة وليس نصفها أو تغييبها كلية , سواء ممن يؤيد أو يعارض الحكومة. وأكثر الناس بعداً عن أوضاع العراق الفعلية هم الناس في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وغيرها من الدول غير الناطقة باللغة العربية , إذ أنهم يستندون في معلوماتهم إلى وكالات أنباء لا تنقل بالضرورة ما يفترض أن ينقل لهم من معلومات مدققة أو أنها تحرف مع سبق إصرار لغايات في نفس يعقوب.
ويبدو من الصعب علينا نحن العراقيين أن نعكس الواقع كما هو , إذ أن الصحافة العراقية لا تستطيع نشر ما نقوله صراحة ونعبر عن واقع الحال , فهي محكومة بأحزابها , وأحزابها محكومة بتحالفاتها , والتحالفات القائمة لا تعتمد الديمقراطية في التعامل مع بعضها أو تقبل النقد المتبادل في ما بينها , إذ أن النقد يعتبر سبة وشتيمة لا تحتمل ولا بد أن يرد الصاع صاعين , ويقال حينها أن البادئ أظلم! وهي لعمري كانت ولا زالت وستبقى لفترة طويلة واحدة من أكبر مصائبنا نحن العراقيين , إذ لا يؤخذ النقد على أنه ممارسة تهدف إلى تنبيه الآخر بالنواقص القائمة وضرورة معالجتها , وبالتالي فأن كان مصيباً فهو أمر جيد , وإن كان مخطئاً فيمكن أن يهمل الرأي. وحين تبدأ حواراً مع صديق لك , مع استخدام كل الود والأدب والمجاملة الضرورية واحترام الرأي الآخر في ممارسة النقاش مع أفكاره , إذ حالما يشعر الصديق أو الزميل بأنك تنتقده بصراحة حتى تجده يدير لك ظهر المجن ولا يراسلك ويهمل أي حوار معك. هذه الممارسة تشكل محنة لكل من يريد أن يمارس النقاش والنقد. وأكثر أولئك الذين لا يرتاحون لك بل ينزعجون منه اشد الانزعاج ويرفضون حتى اللقاء بك عند ممارستك النقد , هم السياسيون والحكام منهم على وجه لخصوص , رغم ما تحمله لهم من ود وتقدير أو لقضيتهم من احترام ودعم ومساندة. ولكن المثقفين مبتلون به أيضاً.
الوضع في العراق يستوجب الصراحة والشفافية والجرأة على قول الحقيقة وعدم إخفاء ذلك على الناس الذين يواجهون في كل لحظة الموت على أيدي أعداء الشعب من مختلف التشكيلات الإرهابية الدموية التي لا تعرف غير القتل , ثم القتل ثم القتل. عدم المكاشفة وطرح الوقائع للناس لا يساعد على تعبئة الناس بل يجعلهم يواجهون مفاجئات تدفع بهم إلى الإحباط والتحول صوب الأطراف الأخرى.
لدى الشعوب المتحضرة تسري القاعدة العامة التي تقول "صديقك من صَدَقكَ وليس من صدَّقكَ" , و"النقد شمعة تنير درب الآخرين". والسؤال هو : ألا يحق لنا , رغم أوضاعنا غير الحضارية الراهنة , أن نمارس , كشعب كان قد أسس لحضارة بشرية متقدمة في حينها , هذه القاعدة في عملنا مع الآخرين وفي رؤيتنا للأمور؟
كانت واحدة من أمراضنا القاسية في العراق تبرز حين يتحالف حزب ما مع حزب آخر , إذ عندها يبتعد عن النقد له ولسياساته. فمثل هذا النقد يعتبر تجاوزاً على التحالف مهما كانت سياسة الحليف سلبية , فالحليف المُنتقد سيغضب , وكأي طفل مدلل , سيزعل والعياذ بالله وستقوم القيامة وينتهي التحالف إلى بئس المصير؟
هذه الظاهرة السلبية ينبغي أن تنتهي وأن تصبح للمسئولين في السلطة وللجميع ولكل منا أذناً صاغية للآخر ولنقد الآخر , ويفترض بنا رغم كل مصاعبنا ومصائبنا أن نقبل بالرأي والرأي الآخر , أن نقبل بالنقد الموجه لي ولك وللآخرين على أنه ممارسة طبيعية وضرورية ومفيدة , لا أن نتجرعه وكأنه السم الزعاف. علينا أن نُعلّمَ بعضنا الآخر قبول النقد من خلال الإصرار على ممارسته حتى لو فقدنا أصدقاء أعزاء!
كنت أنشر مقالات لي في صحيفة محترمة وفق اتفاق يؤكد ثلاثة مسائل :
1. أن لا يجري أي تعديل على المقالات أو عناوينها.
2. يمكن مناقشة أي مقترح بالتعديل ولا يعدل إن رفض الكاتب مقترح التعديل.
3. يحق للصحيفة عدم نشر أي مقال لأي سبب كان شريطة أن يعرف الكاتب بذلك لكي يتم النشر في مواقع أخرى.
تم هذا بشكل جيد إلى أن تعطل النشر ولم ابلغ لأكثر من عشرة مقالات. وحين استفسرت عرفت بأن السبب يكمن في احتمال انزعاج هذا الحليف أو ذاك من مقالاتي الصريحة والهادئة عموماً. فتوقفت عن النشر في تلك الصحيفة وفق الاتفاق , وأشعرتهم بحقهم في نشر أي مقال لي على أن يؤخذ من المواقع الإلكترونية ولن أرسل لهم مقالاتي بشكل خاص للنشر في صحيفتهم. ومقالات كلها تنشر مجاناً في كل المواقع المستعدة لنشر مقالاتي.
ما زلت أعمل وفق تلك الأسس وأقبل المناقشة حول مقالاتي بكل رحابة صدر , لأني لا امتلك الحقيقة دون غيري , ويمكن أن أكون مخطئاً في هذا الأمر أو ذاك , ويمكن المناقشة حول الآراء بما في ذلك إمكانية التعديل والتحسين والتغيير. ولكن أرفض القبول بمن يريد لي أن أتوقف عن النقد لأنها تحسب عليه , وبالتالي يغيب عن الواقع العراقي الحق في النقد والرأي المستقل الذي يمكن ويفترض أن ينشر حتى في الصحافة الحزبية الملتزمة بخط أحزابها أيضاً.
ليس سهلاً إقناع الأحزاب السياسية في العراق بهذه الوجهة , لأن كلاً منها ينظر إلى النقد من نفس المنظار , فهي علة جمعية وليست فردية , ومعالجتها يستوجب وجود مجتمع مدني ديمقراطي يحترم حرية الفرد وحقه في التفكير والتعبير والنشر , مجتمع عقلاني يرفض الهيمنة والاستبداد الفكري ويقبل التنوع والتعدد والنقد.
لقد مات كثيرون في العراق , وخاصة جمهرة من الصحفيات والصحفيين , لأنهم كتبوا الحقيقة التي لم تعجب البعض من القتلة , ويخشى البعض الآخر أن يموت أيضاً في ظل غياب الحماية للكتاب والصحفيين وللناس عموماً. فالخشية من النشر لا ترتبط الخشية من الانزعاج والغضب والزعل , بل ومن الموت أيضاً. وهي أكثر الأمور إساءة للإنسان وعقله وتفكيره وحريته الشخصية.
أتمنى أن نرى ذلك اليوم الذي يحق فيه الإنسان أن يوجه النقد دون أن يعتبر شتيمة , بل حقاً وواجباً يمارسه الإنسان في سبيل المصلحة العامة , عندها ستكون علامة البدء بنشوء مجتمع آخر غير الذي نعيش فيه حالياً , وهو أمر سيكون في مصلحة الجميع.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوى الإرهاب ونشاط بعض قوى اليسار الألماني ضد العراق في ألمان ...
- لنرفع صوت الإدانة ضد قتلة مرافقي المطران ونطالب بإطلاق سراحه ...
- حوار مع السيد الدكتور عبد الخالق حسين ... الانتخابات الأمريك ...
- نداء إلى المرجعيات الدينية المحترمة في النجف وكربلاء والكاظم ...
- الدولة التركية والعدوان الجديد على العراق
- الحقوق القومية بين النظرية والتطبيق*
- حوار مع السيد الدكتور عبد الخالق حسين ... الانتخابات الأمريك ...
- عن ماذا أدافع في العراق؟
- حوار مع السيد الدكتور كنعان مكية حول رؤيته للعراق الراهن 3-3
- حوار مع السيد الدكتور كنعان مكية حول رؤيته للعراق الراهن 2-3
- حوار مع السيد الدكتور كنعان مكية في رؤيته للعراق الراهن 1-3
- حوار مع السيد الدكتور عبد الخالق حسين الانتخابات الأمريكية و ...
- لتتضافر كل الجهود الخيرة لدعم مطالب الكُرد الفيلية العادلة
- إيران واللعب والمراهنة على كسب الوقت!
- 8 شباط المشئوم وكوارث العراق المتواصلة!
- لتتسع جادة الحوار الديمقراطي ... ليتسع صدر الإنسان لسماع الر ...
- لتتسع جادة الحوار الديمقراطي ... ليتسع صدر الإنسان لسماع الر ...
- رحل عنا بهدوء الشخصية الوطنية والديمقراطية العراقية والشاعر ...
- أين ألتقي وأين أختلف مع الأستاذ الدكتور سيَّار الجميل ؟لتتسع ...
- في الذكرى الأربعينية لرحيل الأستاذ كامل الجادرجي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل النقد البناء ممارسة مطلوبة أم شتيمة مرفوضة؟