أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد سمير أرمانيوس - إجابة الحاجة، أم إيجاد الحاجة؟














المزيد.....

إجابة الحاجة، أم إيجاد الحاجة؟


عماد سمير أرمانيوس

الحوار المتمدن-العدد: 2212 - 2008 / 3 / 6 - 10:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإجابة تبدو بسيطة للوهلة الأولى، فالعلاقة التناقضية جلية بوضوح، ذلك أن إجابة الحاجة لا تعطي إلا وهماً من السعادة، تلك التي تبقى أسيرة اللحظة الراهنة، وتزول بزوال الحاجة التي تحرِّكها; أما إيجاد الحاجة فهو سعي للمشاركة يبقى كحالة مقيمة في الذات، تنبع من الداخل وتصدر عن الاكتفاء والرضى. والاستهلاك نقيض المشاركة لأنه مرادف لمتعة الامتلاك، بينما المشاركة لذة العطاء. المستهلِك معزول في أنانيته وفي عطش للتملك لا يرتوي; أما الذي جعل مِن بذل الذات طريقاً إلى الآخر فهو الذي يكتشف جمال السعي معاً للتجاوز نحو الأسمى.
الإعلام، يتَّسم بالإتقان والإفادة من معطيات علم النفس الحديث الذي يمكِّنه من التأثير على المستهلك. مثالاً على ذلك أن تخطيط المتاجر الكبرى في فرنسا يهدف إلى إيقاع الزبائن في الفخ. فهناك متجر اختباري أقيمَ خصيصاً لهذا الغرض قرب باريس، غايته مراقبة العوامل التي من شأنها أن تستوقف الزبون وتثير انتباهه لسلع معينة وتغريه بشراء ما يفيض عن حاجاته. ونحن نرى في مجتمعنا ازدهاراً في حركة انتشار هذه المتاجر الكبرى في مختلف المدن. صحيح أنها تساعد على توفير الوقت لأنك تجد فيها كل ما يلزمك، ولست بحاجة أن تلفَّ في الأسواق، ولكنها، في الوقت نفسه، تقدم لك إغراءات لشراء ما لست بحاجة إليه، اللهم إلا إذا تحلَّيت بالإرادة، وبالقدرة على المقاومة، وبالوعي الذي يمكِّنك من رسم سياسة استهلاكية خاصة بك تحددها إمكاناتك ونمط معيشتك.
ومن الأساليب الذكية التي يلجأ إليها الإعلان، اعتماد مبدأ التواتر وسعة الانتشار، بحيث يحاصَر المستهلك من كل جهة: يجده في الجرائد والمجلات والسينما والتلفزيون والإذاعة وعلى الملصقات الجدرانية والشاشات الإلكترونية في الشوارع.
مظاهر غزو هذه الثقافة لمجتمعنا تتمثل في التهافت على الكماليات على حساب الحاجات الأساسية، والاستعاضة عن الأغذية الطبيعية -مثلا- بغذاء اصطناعي. ألا يفرض الكورن فليكس نفسه في كثير من عائلات مجتمعنا كوجبة صباحية، يستعاض بها عن تناول الفول والطعمية والبيض أو حتى منتجات الألبان؟ ألا يقتني الباعة المتجوِّلون الهواتف المحمولة، بينما هم عاجزون عن تأمين تكاليف الغذاء والتعليم لأولادهم؟
البنية الفكرية في مجتمعنا محورها موبوء، مشروطا بالامتلاك؛ فالعلاقة بين الإنسان والأشياء انقلبت رأساً على عقب؛ إذ إنها تفترض أن الإنسان وُجِدَ من أجل الأشياء وامتلاكها، في حين أن الأشياء وُجِدَت أصلاً من أجل الإنسان وفي خدمة تحقيق إنسانيته.
فالحياة الإنسانية يتبلور معناها في أن الإنسان لا يحقق ذاته إلا إذا شارك في ما يتجاوزها، أي إذا شارك في إحقاق القيم، وأخلص في خدمة قضية أبعد من ذاته، وانفتح على الآخرين في حركة مزدوجة من التقبل والعطاء. الكينونة هي في البذل لا في الامتلاك. البذل أساس المشاركة، وفيه القيمة الحقيقية لحياة الإنسان..
إننا لا نسوق مبادئ دينية -مسيحية- وإنما مبادئ يترجمها أسلوب حياة كل الذين صفت قلوبُهم وشفَّت نفوسُهم، لأي دين أو عقيدة انتموا؛ هؤلاء هم المؤمنون بأن معنى الوجود الإنساني يكمن في التفوق على محدوديَّة "الأنا" وفي تحريرها من سجن فرديتها.
هذه دعوة للوقوف في وجه نزعة "الأنا" التي تنتشر باطراد في مجتمعنا، ينتج منها تسطيح للفكر، وتدمير للعلاقات الإنسانية، وتشييئ للفرد، وقلق وجودي في عالم يزداد فيه الإنسان غربة. هذا نداء للعودة إلى الأصالة حيث تنبع قيمة الإنسان من ذاته، لا تُستَمَد من سلطة أو من مال.

ملاحظات: مجتمعنا لا يحتاج إلى الفتنة؛ بل هناك من يوجد لنا الفتن؛ من؟ بالقطع ذو المصالح.
لماذا نستجيب؟ إنها إجابة الحاجة. كيف أصبحت حاجة؟ إنه الإعلام.
الحال: أصبحنا نوجد الحاجة ونستجيب لها... لماذا؟ لأن "أصبح" تفيد التحول..
السؤال: أين كنا؟ وكيف أصبحنا؟



#عماد_سمير_أرمانيوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ال مبارك أم الإخوان
- الطائفية.. ثقافة الجحيم


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين ...
- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عماد سمير أرمانيوس - إجابة الحاجة، أم إيجاد الحاجة؟