|
قراءة ارجو ان تكون معاصرة للبيان الشيوعي
عبدالحسن حسين يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2212 - 2008 / 3 / 6 - 11:29
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
صدر البيان الشيوعي بتأريخ نوفمبر (كانون الثاني 1848) عندما طلبت عصبة الشيوعين من ماركس وانجلس كتابة برنامج للعصبة يبين مجمل اهدافها بطريقة مبسطة موجهة لكل الشغلية الاوروبية. ورغم ان البيان لم يكتب في وقت قريب فان كثيرا من الاحداث المهمة حدثت بعد كتابته وان البيان كتب استخلاصا لتجارب حدثت في اوروبا وقبل وصول الراسمالية الى مرحلتها الحالية (مرحلة الاحتكار) ثم ان البيان اسمى البلدان غير الاوروبية بام (البلدان الهمجية) التي هي نقيض (البلدان المتمدنة) التي هي الاوروبية الا ان علينا رغم ذلك ان ندرس كل تراث الماركسي وخصوصا الكتابات المتميزة منها, ومساهمة متواضعة في هذا المجال احاول ان ادرس (البيان الشيوعي) دراسة ارجو ان تكون معاصرة لعلي اساهم في تقديم بصيص نور في ماخور الهزيمة المظلم. ان تحديد المفاهيم التي استعملها البيان مثل الصراع الطبقي والعلاقة بين الطبقة والمجتمع والقديم والجديد واللحمة النسيجية التي تربط بين هذه المفاهيم التي يجب ان ندرسها ونستفيد منها في قرائتنا للبيان الشيوعي. يقول البيان (ان تأريخ كل مجتمع الى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ النضال بين الطبقات فالحر والعبد والنبيل والعامي والسيد والاقطاعي والقن والمعلم والصانع أي بأختصار المضطهدون والمضطَهدون كانوا في تعارض دائم) هي القضية الاولى التي نستفيد منها في قراءة البيان لأن المجتمعات الطبقية جميعا لها صفة مشتركة هي انها مجتمعات استغلالية رغم ان البيان يؤكد على مبدأ الصراع بين هذه الطبقات الا انه لا ينسى التناقض في الفئات التي تتكون منها كل طبقة على حدة: فالطبقة العاملة مثلا رغم انها تتعرض الى الاستغلال من الطبقة البرجوازية المسيطرة الى انها في بداية تكونها تكاد تكون طبقة غير متجانسة فالعامل الذي كان يملك ورشة خاصة به وخسرها بفعل التطور الرأسمالي وانتقل الى صفوف الطبقة العاملة يحلم بالعودة الى سابق عهده ويفتح ورشة اخرى جديدة الامر الذي يجعله لاينسجم مع العمال الاخرين الذين ليس لهم هذه التطلعات ويكونو بذلك اكثر انسجاما وربما اكثر وعيا لمصالحهم من غيرهم.. وفي الجانب الاخر أي الطبقة البرجوازية هناك ايضا تناقضات بين بعض فئاتها فالبرجوازية التجارية التي تعمل على اغراق السوق ببضائع مستوردة من أي مكان تحصل عليه لاتنسجم مع البرجوازية الصناعية التي قد يصيب انتاجها بالكساد من جراء ذلك. قراءتنا للبيان يجعلنا نستفيد من هذه المتناقضات وتوحيد وصفوفنا وايجاد شرح في الجانب الاخر لتسهيل مهمتنا. 2/ عند قراءتنا للبيان ومعرفتنا بالطريقة التي عرف فيها كاتبوه ميزة عصرهم عند كتابة البيان علينا ان نستخدم الطريقة ذاتها لمعرفة ماهي ميزة عصرنا الحاضر, لقد حدد ماركس وانجلس الطبقة المسيطرة (البرجوازية) وحدد الفئات التي تتكون منها هذه الطبقة وكذلك الفئة الاساسية التي تقود الطبقة ثم قام بتحديد الطبقة النقيض (الطبقة العاملة) والفئة المتميزة في هذه الطبقة. علينا من خلال قراءتنا للبيان تحديد الطبقة المسيطرة في بلادنا والطبقة النقيض لها وعلاقة هاتين الطبقتين بالوضع العامل المحلي والعالمي وافرازات الاحتلال الغاشم, اننا لا نكون صادقين بادعاءنا تمثيل الطبقة العاملة دون ان نعرف بدقة هذه العناصر الاساسية لاتستحقاقات المرحلة الحالية. 3/ عندما يحلل البيان الوضع الاقتصادي في فترة كتابته يحلل الوضع السياسي الناتج عن هذا الوضع أي ان البيان يقول ان الثورات تحدث عندما يكون عدم توافق يبين القاعدة الاقتصادية (التحتية) وبناءها الفوقي في السلطة السياسية, فالبرجوازية كما يقول البيان وصلت الى السلطة السياسية بعد ان سيطرت اقتصاديا من خلال التصنيع والتجارة واكتشاف الطرق البحرية المؤدية الى البلدان البعيدة التي حولت الى مستعمرات. ان البيان بفكرة معاصرة يقول ان البرجوازية عندما تصل الى مرحلة الاحتكار يكون التناقض بين البناء الفوقي والتحتي يصل الى نهايته وعلى الطبقة العاملة ان تقفز الى السلطة السياسية لتقضي على الطبقة البرجوازية التي تجاوزها في التطور واصبحت رجعية وبذلك يعود التطابق بين البنائين الفوقي والتحتي الى سابق عهده ليتطور المجتمع صعودا الى الامام. ان البيان يرفض التطويرية وتعاقب المراحل بطريقة متسلسلة, بل يطالب ان يكون الوعي والتنظيم (العامل الذاتي) هو اساس عملية الانتقال من مرحلة ادنى الى مرحلة اعلى. ان دعاة دعم البرجوازية حتى تستنفذ اغراضها لتسقط من تلقاء نفسها كالثمرة المتعفنة غريب عن البيان وغريب عن مجمل افكار ماركس وانجلس ولينين. 4/ يؤكد البيان على عالمية البرجوازية اثناء صعودها للسلطة فهي عندما تخرب الريف وينزح الفلاحين للاشتغال بالمدن اوجدت ايضا برجوازية مدينية تستغل الارض ولاتقبل الا العاملين فيها وبذلك تخضع الريف الى المدينة وتدمجه في درورتها الاقتصادية وتخضع البلدان (الهمجية) الى البلدان المتمدنة وتخرب الحرف في تلك البلدان من خلال اغراق اسواقها بمنتجات رخيصة وتخضع زراعتها لمتطلبات السوق الراسمالية دون النظر الى حاجة السكان المحلين. فزراعة القطن مثلا في مصر ازدهرت على حساب زراعة المواد الغذائية التي يحتاجها السكان المحليين لان مصانع (مانشستر) في بريطانيا تحتاج الى القطن. يكاد البيان يقول لنا الان ان النضال من اجل التحرر من النظام الرأسمالي يجب ان لايكون مجزئا في كل بلد على حدة بل يجب ان توحد جهود كل الطبقات المستغلة في كل البلدان ضد مستغليهم لان هؤلاء موحدين يتقاسمون الارباح والاسواق كل حسب كفائته وامكانياته في حماية النظام الرأسمالي العالمي. 5/ ينظر البيان الى الطبقة العاملة نظرة علمية واقعية فالطبقة العاملة ثورية من الناحية الموضعية لانها اكثر الطبقات استعدادا لقيادة الثورة ليست لانها طبقة مظلومة فقط بل من خلال وظيفتها في العملية الانتاجية لانها منتجة للخيرات المادية ولاتملك الا قوة عملها التي حولتها الرأسمالية الى سلعة خاضعة للعرض والطلب اسوة ببقية المنتجات. ثم ان الطبقة العاملة لديها استعداد للتنظيم اكثر من غيرها لانها تتجمع بأعداد كبيرة في مكان واحد وتتعرض لاضطهاد واحد هو البرجوازية. فالطبقة العاملة تستطيع ايقاف العمل ان ارادت ايقافه, وتستطيع ان تستولي على محل العمل ان اتفقت على ذلك. وقد اكد البيان قضية مهمة هي ان الطبقة العاملة لديها مهمات تخصها كطبقة لها مصالح اقتصادية ولديها مصالح في علاقتها مع الطبقات الاخرى اذ ان لها مصالح سياسية وهذه المصالح لاتتم الا بوجود تنظيم سياسي يعمل من اجل تغير السلطة السياسية لصالحها. 6/ حدد البيان مفهوم آخر تستخدم البرجوازية هو الوطن, وقد اعطى البيان مفهوم الوطن تفسير يختلف عن الفهم البرجوازي له, فالشيوعيين لا يهدمون الوطن كما تقول البرجوازية بل كما يقول البيان ان الوطن وحدة جغرافية وتأريخية وثقافية استقر وتكامل في فترة تاريخية محددة وباتالي هو ليس شعور بالانتماء الى ارض معينة بل عمل البيان على معرفة الظروف التي تجعل الانسان ينتمي الى ارض بعينها دون أي ارض وان زوال هذه الظروف كفيل بتغير فكر الانسان عن مفهوم الوطن واحلال مفهوم آخر محله. فالوطن مثلا في المجتمع البرجوازي هو وطن البرجوازية لانهم هم الذين يملكون فيه. فيقول البيان"ليس للعمال وطن فليس من العدل سلبهم مالايملكون) ولكن تغيير الملكية وانتقال المجتمع الى الشيوعية سيؤدي تدريجيا الى تغيير المفهوم عن الوطن ويتجاوز الحدود الضيقة للمفهوم البرجوازي. انها ملاحظات اولية بسيطة عن البيان الشيوعي اتمنى لغيري من المختصين الكتابة بشكل أوسع عنه لنستفيد من خبرتهم ولنساهم جميعا ببناء حزبنا الشيوعي المنشود على اسس ثابتة بعيدا عن النهج الاصلاحي.
#عبدالحسن_حسين_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأحلام الوردية في مقالة عبدالخالق ألعبثيه
-
مرة اخرى حول وحدة اليسار العراقي
-
إلى مانحي شهادة كتابة التاريخ مع التحية*
-
من تأريخ الحركة الشيوعية في العراق: الماضي وآفاق المستقبل
-
من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق(الماضي وآفاق المستقبل) ال
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|