أول أيار : توقعوا الأسوأ في واشنطن ، وفي شوارع العالم وساحاته

حازم صاغيّة

الحوار المتمدن-العدد: 119 - 2002 / 5 / 3 - 17:18
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

الحياة
(ت.م: 02 -05-2002 )
(ت.هـ: 19-02-1423 )
(جهة المصدر: )
(العدد: 14287 )
(الصفحة: 1 )

الباحث عن أول أيار (مايو) العمالي - الصناعي لن يعثر الا علي القليل منه. هذا ما لم يعد قوله جديداً. فالآن تتداخل أصوات العمال بأصوات لا حصر لها من مطالبات ترفعها لجان وتنظيمات قطاعية ومنظمات غير حكومية. وفي معظم الحالات تطغي الأصوات الثانية علي الأولي.
وبالطبع لا تخلو مناسبة في مثل هذا الاتساع من فولكلور: تظاهرة مانيلا، مثلاً، بذريعة 1 أيار كانت للتضامن مع الرئيس المخلوع، ابن الشعب ، جوزيف استرادا. لكنها لا تخلو أيضاً من تضارب تعجز المناسبة عن توحيده: في فنزويلا تظاهر مؤيدو الرئيس هوغو شافيز وخصومه، وكل من الطرفين وريث أصيل للطبقة العاملة! في فرنسا، الأمر يبدو وقحاً: فاستباقاً للتظاهرة الضخمة ضده، ولدورة الانتخابات الثانية، وكذلك عملاً بتقليد يميني مديد، قاد جان ماري لوبن اليوم المفترض للعمال تظاهرةً لتكريم... جاندارك: الجندية الفلاحة العذراء التي تروي الخرافة أنها أخرجت الغزاة الانكليز من بلدها في القرن 51.
لكن، وبالعودة الي الحركات الأكثر احتراماً للمناسبة، تبدو كل واحدة منها مشغولة بهمّها الوطني: فرنسا 1 أيار ضد لوبن ونتائج الدورة الرئاسية الأولي. إيطاليا ضد بيرلوسكوني و إصلاحاته ...
مع هذا يمكن ان نلحظ اتجاهات توحيد ربما تسني لها أن تطغي علي اتجاهات الفرز والتبعثر، أقله في أوروبا: فالصراع ضد اليمين المتطرف، ولو تصدّرته فرنسا، غدا شاغلاً أوروبياً عاماً تحت وطأة التقدم الذي أحرزته وتحرزه أحزاب هذا اليمين في عموم القارة. لهذا رأينا القوي المناهضة للفاشية في برلين تستعجل نهار العيد نزولاً الي الشارع وصداماً مع الشرطة.
وعن هذا العنوان تتوزع عناوين فرعية عدة تتصل بالهجرة واللجوء: ففي سيدني بأستراليا، نجم العنف عن تضامن المتظاهرين مع طالبي اللجوء، إذ للغرض هذا زحفوا باتجاه مكتب رئيس الحكومة اليميني.
الا أن العناوين تتصل كلها تقريباً، في نحو أو آخر، بالعولمة. والاحتجاج علي الأخيرة يمكن أن يكون قاسماً مشتركاً آخر للمعترضين، علماً أن مناهضة العولمة تبدو للمتخلفين من دعاتها، مناهضةً للهجرة والمهاجرين أساساً.
وفي الحالات جميعاً هناك درجة الاستقطاب الأرفع. فكثيرون من ممثلي النقابات البريطانية، مثلاً، رفضوا مسبقاً إدانة اعمال العنف المحتملة، أو إدانة الـ003-004 فوضوي من المرشحين بالإقدام عليها. وللمرة الأولي ينضم الي تظاهرة مؤتمر النقابات أعضاء من جماعة المقاومة المعولمة كان المؤتمر... قبلاً شديد الحرص علي التنصل منهم. وفي المقابل، ردّت تظاهرة اليمين الفرنسي المتطرف بشعارات وهتافات تذكّر بالانقسامات العصيبة التي عرفها التاريخ الفرنسي: لوبن الي الأليزيه، شيراك الي لاسانتي أحد أشهر سجون فرنسا.
لكن ما لا شك فيه أن 11 أيلول (سبتمبر) كان هناك: فقد استعدّ للمتظاهرين 01 آلاف شرطي انتشروا في مايفير، أغني أحياء لندن. ذاك أن تركيز وزراء الداخلية علي الأمن و الصفر تسامح مع المشاغبين أضحي أقرب الي النهج. وفي انكلترا تحديداً (دون سائر بريطانيا)، تتخوف أحزاب التيار العريض كلها من أن ينجح الفاشيون، متذرّعين بالأمن، في تحقيق انتصارات في الانتخابات المحلية التي تجري اليوم.
وبسبب 11 أيلول، صار للكلام عن الهجرة والعمالة مذاق آخر. حتي العولمة بات التصدي لها يتطابق كلياً، وأكثر من ذي قبل، مع مناوأة أميركا: يصحّ ذلك في سائر معارضيها اليمينيين منهم واليساريين.
والحال أن الأصولية الأمنية لما بعد 11 أيلول زادت في حجب المسائل الاجتماعية الضاغطة التي لا تندرج تحت خانة الأمن . وبدورها جدّت تطورات تزيد التطرف الأميركي تطرفاً، وتزيد العداء للولايات المتحدة عداء. فمثلاً، بيَّن التورط شبه المرجّح في انقلاب الـ84 ساعة الفنزويلي، أن حرص ادارة بوش علي الديموقراطية لا يفوق حرصها علي (حتي علي) حرية التجارة. والدليل معركة الصلب.
وفي المقابل: إذا كان الجيش الجمهوري الإيرلندي ، المحبوب في واشنطن، أكثر ما يُحرج أصوليتها الأمنية وتعريفها للارهاب، فهذا ما تغير أيضاً. ذاك أن المعلومات شبه المرجّحة عن تدريب الجيش الجمهوري لـ فارك الكولومبية لقاء ملايين الدولارات المتأتية عن تهريب المخدرات، تقطع بأن كل من يحمل بندقية إرهابي. فكيف وأن مدريد استقبلت 1 أيار بقنبلتين يُرجّح أن إيتّا وراءهما؟
إذاً، لنتوقع الأسوأ في واشنطن وفي شوارع مدن العالم وساحاتها. والأسباب شتي.

#حازم_صاغيّة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات