|
الأرهاب الزراعي...؛؛
علي الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2212 - 2008 / 3 / 6 - 11:21
المحور:
الادارة و الاقتصاد
قد لا يكون وزير الزراعة ملما بما يجري خارج المنطقة الخضراء. ذلك ان الملايين من المزارعين في انحاء مختلفة من العراق ، يشدون الرحال الى العاصمة ، يأسا من وعود لا تشترى ولا تباع بينما واقع حالهم يقول- لقد خدعتمونا ويل لكم -. ان الهجرة من الريف الى بغداد تأخذ منحا خطيرا بعدما ضاقت السبل بالمزارعين بسبب الأهمال الطويل لمشاكلهم وانعدام الخطط الواضحة عن الاستثمار الحكومي والدعم.
ولذا ليس غريبا ان تعود ظاهرة "سكان الصرايف" الى بغداد وضواحيها لتنقل الى المسؤولين صورا حية عن أهمالهم وتجاهلهم لحقوق وانسانية الفلاحين منتجي قوت الشعب في بلادنا. وسيغدو سكان بغداد قريبا ضعف عددهم الحالي، اكثريتهم عاطلة عن العمل لتشكل احتياطيا ضخما للارهاب والجريمة المنظمة. ويتوقع أن تنافس بغداد القاهرة قريبا في سكنى المقابر وعدد المتسولين الاحداث من ملتحفي الارصفة والباحثين في القمامة عن فتات الطعام.
فهل يرضي هذا ضمائر المسؤولين المسخمة جباههم من اثر السجود الزائف ؟؟ أن بعض المزارعين الذين يتردى حالهم من سيئ الى اسوء ، يقول: "ياريته باقيه على عهد صدام حسين". مثل هذا القول ماكان يجب أن يقال لو عملت الحكومة بجدية لاصلاح حالة المزارعين الذين تزداد حياتهم مشقة. تعتبر هذه المقولة نذير شؤم ، لا يحب أن يسمعها اولئك الذين غامروا بحياتهم لينتخبوا نوابهم وحكومتهم، وان كنت لا اصدق بأن قائليها يعنون ما يقولون بالفعل ، فذلك عهد لا يتمناه احد. الحكومة والصحافة ووسائل الاعلام تتحدث عن خطة فرض القانون لمكافحة الارهاب، بل وتكرس وسائل الاعلام جزأ من برامجها لبث مواد اعلامية مدفوعة الثمن عن خطة فرض القانون. في وقت تتجاهل الحكومة خطرا لايقل شراسة هو "الارهاب الزراعي" القادم من دول الجوار كما هو الحل مع ارهابي القاعدة وغيرهم.
الزراعة العراقية بحاجة ماسة الى- ( خطة لفرض قانون حماية المنتوجات الزراعية العراقية)- ضد منافسة المنتوجات الزراعية المماثلة التي تتدفق من الدول الاخرى. أن مثل هذه الحماية كانت سائدة في مختلف العهود التي مر بها العراق منذ تأسيس الدولة العراقية. وذلك لأننا بحماية منتوجاتنا الزراعية من المنافسة نشجع على تدفق انتاجها وطنيا و نوفرتبعا لذلك الامن الغذائي الذي لا تستقيم بدونه حياة مجتمعنا ، ولا ينبغي الاعتماد على اي بديل اجنبي لأمننا الغذائي الوطني.
قبل سنين و بعد أن اغرقت السوق الفرنسية بمنتجات الصيد البحري من بعض دول الاتحاد الاوربي ، وعندما لم تنفع معها احتجاجات الصيادين الفرنسيين ،هوجمت منتجات الصيد البحري الاجنبية ودمرت بالكامل وهي على ارصفة الموانئ. والكل يعرف أن نظام قوى السوق الحرة هناك فلسفة وعقيدة رجال الاقتصاد و السياسة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر حماية مصالح مزارعي القمح والموز في امريكا حقا قوميا لاتنازعها عليه لا منظمة التجارة الحرة ولا اقرب حلفائها. فمن اين جيئ بقانون حرية التجارة هذا الذي تدمر به زراعتنا وصناعتنا وتدفع الى البطالة قوى العمل الحية من شباب وشابات العراق.
ولعلم وزارة الزراعة نقول ، أن مزارعي المنتجات الحقلية الشتوية والصيفية في البادية الجنوبية يتركون العمل المزرعي لأنه لم يعد مجزيا، ويتجهون الى بغداد بحثا عن اعمال في الجيش والشرطة وغيرها. ويوجهوا اللوم الى وزارة الزراعة لعجزها عن توفير القروض الزراعية و المشاريع الاروائية ، ولأنه لا اعمار ولا خدمات مكافحة الافات الزراعية منذ سنوات.
هذا في الوقت الذي تتوقف فيه امدادت الأسمدة الزراعية من قبل الدولة ، تشاهد متوفرة بكثافة في السوق السوداء بأسعار يتعذرعليهم دفعها. في هذه الظروف التي يحرم المزارعون من الدعم الحكومي لانتاجهم الزراعي ، يتدفق بحرية كاملة الانتاج الزراعي الايراني والسوري والكويتي بدون ضرائب جمركية او تحديدات كمية امام أنظار السلطات الادارية والامنية الحدودية. أن ما يجري بين العراق والدول المذكورة ليس تعاونا قائما على المنافع المتبادلة، وانما تبادل تجاري غير متكافئ لانه يتم على حساب المزارع العراقي.
في تقريرلاصوات العراق الاخبارية المستقلة بثته في 23/2/2008 ، ورد انه في عام 2006 ضخت مزارع الطماطم في الزبير كمية من الطماطم قدرت بحولي 644,000 طنا الى الاسواق المحلية في البصرة وما حولها ، بمعدل 5 -6 الاف طنا يوميا ، في حين انخفضت الكمية حاليا الى 54000 طنا. وانخفض عدد المزارع من 6000 مزرعة تنتج الطماطم في عام 2002 الى 4000 مزرعة حاليا والرقم في تناقص. وليس هذا فحسب فان تلك المزارع كانت توظف اكثر من 250,000 شخص في موسمي الزراعة وجمع المحصول ، مما سيدفع بمئات الالاف منهم الى البطالة والعوز وربما الجريمة . وقد تكبد مزارعوا الطماطم في مناطق الزبير جنوب غرب البصرة اضرارا فادحة بسبب موجة البرد الشديدة في الموسم الحالي، حيث فقدوا ما يقارب 70% - 85% من محصولهم هذا العام. وقد ساعد على ذلك سوء نوعية الأغطية البلاستيكية القادمة من ايران التي اجبر المزارعون على شرائها و ليس لها قدرة حماية المزروعات من البرد لقلة سمكها. كانت الدولة قبل 2003 تزود المزارعين بنوع من الاغطية البلاستيكية اكثر سمكا واحسن نوعية بسعر 900,000 الف دينار فيما سعر البلاستيك الايراني الرديئ لا يقل عن مليوني دينارا.
فلمصلحة من يستورد هذا النوع من البلاستيك الضار بمصلحة المزارع والاقتصاد الوطني في حين أن سعره اعلى بمقدار الضعف عن البلاستيك الافضل نوعا والمجرب عمليا؟. . والان يا سيدي الوزير المحترم ، هلا قلت للمزارعين فيما اذا كانت لكم " ثلث خطة " لفرض قانون الحماية لمنتوجاتنا الزراعية من "الارهاب الزراعي" الوافد من دول الجوار قبل أن يفوت الاوان وتحل الكارثة بالزراعة والمزارعين ؟؟.
#علي_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وزراء ...فوق العادة..؛؛
-
الجزء الثاني/ عقود نفط كوردستان -- سرقة لا سقف لها ولا قاع -
...
-
عقود نفط كوردستان--سرقة لا سقف لها ولا قاع --؛؛
-
المباح في بلد الحلال حرام والحرام حلال...؛؛
-
مستقبل اليسار العراقي عندما - يحكم التاريخ - بأقصاء حزب فهد.
...
-
وزير التجارة ( برئ ) حتى يثبت هروبه خارج العراق..؛؛
-
الحقيقة الضائعة في احداث-جند السماء واليمانيين- الاخيرة ؛؛
-
الجزء الثاني الوجه غير المنظور - لتحرير العراق -؛؛
-
الوجه غير المنظور - لتحرير العراق-..؛؛ 1 - 2
-
التحالفات والتحالفات المضادة..عبث مراهقين ام ضحك على الذقون.
...
-
استحقاقات ما بعد القبض على مجرم تفجير سامراء..؛؛
-
البرزاني والطلباني يلعبان بالنارفيما سيادة العراق تنتهك..؛؛
-
التحالف الثلاثي الجديد نذير شؤم ام بارقةأمل..؟؟
-
من وراء نهاية زواج المتعة بين الكورد والشيعة..؟
-
ما حاجة خطة فرض القانون للدعاية لها في الفضائيات
-
الا يخجل الصدريون كونهم...صدريين؟؟
-
دولة نصف حكومتها وبرلمانها يتخم في عمان وطهران والخليج
-
تفكيك التكتلات الطائفية شرط لتفعيل دور البرلمان
-
ليت للحقيقة قدرة النطق...يا دولة رئيس الوزراء ؛؛
-
ليت للحقيقة القدرة على النطق...يادولة رئيس الوزراء ؛؛
المزيد.....
-
البنك الدولي: إسرائيل دمرت 93% من فروع البنوك في غزة
-
يقترب من الـ 51 .. سعر الدولار اليوم في البنك المركزي والبنو
...
-
كلنا هنلبس دهب براحتنا من تاني “تراجع سعر الذهب اليوم عيار
...
-
إحصاءات أوروبية: روسيا ثاني مورد غاز للاتحاد الأوروبي بعد ال
...
-
“27 لاعب في القائمة” تشكيلة العراق المتوقعة في كاس الخليج..
...
-
وفد إسباني يزور الجزائر لتعزيز العلاقات بعد رفع القيود على ا
...
-
الكشف عن أسباب تأخير إرسال الموازنات: أضرار اقتصادية هائلة!
...
-
شركات نفط الإقليم تعلن عن زيادة بالإنتاج هذا العام
-
بلومبيرغ: -هوندا- و-نيسان- تستعدان لمفاوضات اندماج
-
بريطانيا تفرض عقوبات على 20 ناقلة نفط من أسطول الظل الروسي
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|