أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بدر الدين شنن - انتصاراً لشعب غزة البطل














المزيد.....

انتصاراً لشعب غزة البطل


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 2209 - 2008 / 3 / 3 - 11:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم أ ستطع ، في الفاتح من آذار الجاري ، من متابعة مشهد المجزرة الصهيونية في غزة .. لم أ ستطع أن أتمالك نفسي عند رؤية مجموعات من النسوة الفلسطينيات .. يصرخن .. يستغثن .. وهن باكيات نائحات .. فوق جثامين أزواجهن وأخوتهن وأبنائهن .. من الرجال والشباب .. الفتية الصغار والرضع ، ومجموعات من أولاد غزة .. صبية وبنات .. يبكون .. يشهقون .. والدموع تبلل وجوههم وأ عناقهم .. وعيونهم تبحث فيما حولهم .. عن أب .. أو أخ .. أو أم .. أو قريب .. أو مغيث ، وحول الجميع ركام أحجار ، وجدران مهدمة ، وسقوف منهارة ، وغبار موت أ سود بشع .. يلف الفضاء من الأرض حتى السماء ..

أحسست بضيق خانق بصدري ، وانتشار قشعريرة مؤلمة في رأ سي ، وارتجاف في كياني كله ، وزوغان في البصر ، والدموع تجمدت كالزجاج في عيني . خفت أن تكون النهاية .. قد أزفت .. وأن صواريخ وقنابل المعتدي الإسرائيلي قد اصابت مني مقتلا ..

أغمضت عيني عن متابعة المشهد ، لعل ذلك يكون أقل وطأة .. وأتمكن من تجميع ما تبقى لدي من طاقة لأستعيد توازني .. ولأنتزع بقية من عمر .. أجد فيها ما يخفف شيئاً عن الأحبة في غزة وسط حصار النار والموت .. ففشلت وازددت ضيقاً وألما .. ووجدت نفسي وأنا مغمض العينين أ ستعرض المشهد مجدداً بصورة أبشع وأكثر ألما ..

حاولت أن أبحث عن ما يخفف عني .. ويساعدني على التحمل . رحت أتنفس بعمق قدر المستطاع ، مراهناً ، على الدقائق تلو الدقائق القادمة .. لكن لاجدوى . فالقشعريرة في الرأس تحولت إلى آلام هي أ سوأ من الصداع المبرح بما لايقاس . وسيطر على الشعور بالموت .. وتقبلت خاطرة الموت على أنه أفضل لي ، طالما أن حالي العاجزة .. عمراً .. ومرضاً .. ومنفىً ، قد جردتني حتى من قدرة تحمل مشهد المذبحة .. وهل أنا افضل من أي إنسان يذبح .. من أي طفل يتشظى بقنابل الصهاينة .. في رفح أو خان يونس أو جباليا أو غزة .. أو .. أوليس الموت في حالة العجز هذه أ شرف من الموت الذليل في غربة المنفى ؟

وارتكبت إثم السؤال الغبي الشاذ مرات عدة .. أين الدول العربية ، خاصة تلك التي تشتري الأسلحة كل عام بتلال من الذهب والدولارات ؟ أين مجلس الأمن ، الذي يتشدق بحق الشعوب بالأمن والسلم والاستقرار ؟ وكنت أزيح السؤال جانياً بسرعة ، وأقول لنفسي ، وهل هذه دول ، تلك التي تحولت إلى وكالات للشركات الاحتكارية العابرة للقارات ، ولتأمين مصالح هذه الشركات ، وا ستدامة أنظمتها المفوتة وتكديس ثروات أصحاب الجلالة والسمو والفخامة وعائلاتهم وعملائهم ، تقوم بذبح المعارضات والأحرار في بلدانها بوحشية هي أفظع من وحشية الصهاينة ؟ .. وهل مجلس الأمن إلاّ إدارة سجن للشعوب ، وملتقى لعصبة دولية يغطي تقسيم وإعادة تقسيم العالم حسب موازين القوى وتجاذبات المصالح على حساب الشعوب ؟ .

بيد أن أمراً ما بداخلي بدأ يصحو تدريجياً ، وأخذ يحملني إلى حال أخرى .. يذكرني .. أن المشهد في غزة .. ليس كله دموع ودماء .. وخراب ودمار .. وإنما هناك إرادة .. هناك أ سطورة مقاومة .. تخترق كل أ سوار وسقوف الاستسلام والعبودية .. إنها مقاومة شعب بكامله .. بكامله .. فهناك ما بين الخرائب الشامخة .. وبين الأشجار المحروقة .. مرابض صواريخ المقاومة ، التي ترد بإباء وتحد على حمم الطائرات والدبابات .. وهناك فتية يتنقلون بين انفجارات القذائف والصواريخ المعادية لانتشال الجرحى من براثن الموت ، ونقل جثامين الشهداء لتدفن بكرامة . وهناك المرأة الفلسطينية البطلة أم وأخت وزوجة وحبيبة الشهيد .. تبكي تصرخ .. تلعن .. لكنها تظل واقفة ، وتجمع ما تبقى من الأسرة أو اليتامى الذين قتل الصهاينة ذويهم ، تحت جزء من سقف منهار ، لتجدد الحياة .. لتمد الحياة من روح الأنوثة .. والأمومة الخالدة .. بالإرادة والأمل .. وهناك الرجال الرجال يتصدون بالبنادق للطائرا ت والدبابات .. وهناك من ليس معهم بنادق يتصدون لها بالحجارة وأذرعهم العارية .

في هذه الملحمة بامتياز .. تتجسد إرادة الحياة وحب البقاء وعشق الحرية .. تتجسد إرادة الرفض للعبودية الصهيونية .. وتتجسد إرادة الحق .. حق الشعوب بتقرير مصيرها ..

وفي قلب هذه الملحمة ، التي يخوضها شعب صغير بأرض صغيرة .. لكنه العملاق بصموده وإراته .. تنهض منارة التحدي .. رافعة الصوت حتى عنان السماء .. يجب أن نبقى .. وأن نحيا .. وأن نصمد .. وأن ننتصر ..

وبدأ الضعف بداخلي يتلاشى .. وبدأ الأمل يحفزني .. يشدني لأبقى .. ولولأقول شيئاً .. لأطلق صرخة غضب .. انتصاراً لحق شعب غزة البطل بتقرير مصيره .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وتبقى المعارضة عصية على القمع وعلى الانتهاء
- حول وحدة الطبقة العاملة والحركة النقابية
- المواطنة و- هيبة الدولة - والرعب
- ليس من طريق آخر للفوز بالحرية
- الأعزة في غزة لستم وحدكم
- الحرية والحياة لعارف دليلة
- السؤال الجدي في المشهد المعارض
- دفاعاً عن الوطن والديمقراطية
- غزة تحت حصار النار والموت
- التحدي الديمقراطي وإرهاب السلطة
- في التحالف ضد الاستبداد
- مع - الحوار المتمدن - .. مع اليسار والديمقراطية والعلمانية
- - أنابوليس - .. ورد الشعوب الثوري
- نحو حركة نقابية مستقلة
- سوريا على دروب الآلام
- ستبقى منارة ثورة أوكتوبر .. شامخة .. متوهجة
- من أجل سوريا الحبيبة
- ارتدادات زيارة الأسد لتركيا
- دور النضال المطلبي السياسي في التغيير
- حصاد زمن القحط


المزيد.....




- مصر.. فيديو صادم لشخصين يجلسان فوق شاحنة يثير تفاعلا
- مصر.. سيارة تلاحق دراجة والنهاية طلقة بالرأس.. تفاصيل جريمة ...
- انتقد حماس بمظاهرة.. تفاصيل مروعة عن مصير شاب في غزة شارك با ...
- أخطاء شائعة تفقد وجبة الفطور فوائدها
- وزير الدفاع الإسرائيلي يعلن توسيع العملية العسكرية في غزة، و ...
- إيطاليا تستهل محاكمة أنطونيلو لوفاتو الذي ترك عاملًا هنديا ل ...
- Oppo تزيح الستار عن هاتفها المتطور
- خسارة وزن أكبر وصحة أفضل بثلاثة أيام صوم فقط!
- دواء جديد قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب المفاجئة بنسبة ...
- خطة ترامب السرية


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بدر الدين شنن - انتصاراً لشعب غزة البطل