أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام تليمة - سهير القلماوي.. ودروس للإسلاميين















المزيد.....

سهير القلماوي.. ودروس للإسلاميين


عصام تليمة

الحوار المتمدن-العدد: 2210 - 2008 / 3 / 4 - 10:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جعل القائمون على الهيئة العامة للكتاب في هذا العام شخصية الدكتورة سهير القلماوي شخصية المعرض هذا العام، وأحسنوا في اختيارهم، وقد عدت إلى ذاكرتي وأرشيفي العلمي أراجع ما أعرفه عن هذه الشخصية العلمية، أول ما وجدته من مقالات للدكتورة سهير القلماوي، مجموعة مقالات في مجلة (الرسالة) التي كان يصدرها أديب العربية الكبير الأستاذ أحمد حسن الزيات، وقد بدأت كتب في المجلة من سنة 1934م، في سنتها الأولى والثانية وما بعدها، وقد فوجئت بالدكتورة سهير القلماوي وكانت وقتها طالبة في كلية الآداب، تكتب مقالات تتسم بالجدية، واللغة الرفيعة، والأفكار التي لا يختلف عليها أحد من ذوي الفطر السليمة، وكانت تمهر مقالاتها بالآنسة سهير القلماوي، وتكتب تحت عنوان المقال آية من القرآن الكريم تعبر به عن مضمون المقال، أو توصل به رسالة إلى القارئ، وأذكر من ذلك آيتين كتبتهما تحت عنوان مقالين لهما، الأولى: قوله تعالى: (وقل رب زدني علما)، والأخرى، قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم)، إلى آخر مقالاتها في مجلة الرسالة.
ومن المواقف التي حكاها لي عمي الدكتور عبد المنعم تليمة، وهو من أبرز تلامذة د. سهير القلماوي، أن إحدى الجامعات الأمريكية في مطلع الستينيات من القرن الماضي، جاءت لعقد دورة عن الأدب العربي في كلية الآداب، وطلبت من الدكتورة سهير الإشراف عليها وإعدادها، واستعانت الدكتوره سهير بالدكتور تليمة، وكان وقتها معيدا في كلية الآداب، وهي رئيسة قسم اللغة العربية، ولما انتهت الدورة حددت الجهة الأمريكية ثمانين جنيها لكل دكتور أو محاضر شارك في الدورة، ثم رصدت مكافأة أربعة آلاف جنيه للدكتورة سهير القلماوي مقابل إعدادها وإشرافها الكامل على الدورة، ففوجئوا بها تقول لهم: لقد شاركني في الإعداد والعمل وقام بنفس الدور الذي قمت به وأكثر هو تلميذي ومعيد عندي، وهو: عبد المنعم تليمة، وأطالب بنفس المبلغ له، أو أن يشاركني فيه قسمة عادلة بيني وبينه، فقالوا لها: ولكنه معيد وأنت رئيسة قسم، فاشترطت ذلك، إما أن يعطى نفس القيمة، أو تقتسم معه مكافأتها، فأذعنوا لطلبها وأعطوه نفس مكافأتها أربعة آلاف جنيه، كانت وقتها تمثل قيمة كبرى لشاب حديث التخرج.
تذكرت هذا الموقف، وأدمت قلبي هذه الكلمة من الشيخ الغزالي رحمه الله، يقول في مذكراته: كنا نرى طه حسين يتابع تلامذته في الشرق والغرب، ويتابع مسيرتهم، ويربت على كتفهم، ويشجعهم، ويحثهم على المواصلة، بينما لم نر من مشايخنا من فعل مثل هذا أو ربعه، فضلا عمن حاربونا في أفكارنا وتوجهاتنا.
وعندما ضغط عليها وعلى الدكتور عبد المنعم تليمة للإشراف على رسالة دكتوراه للسيدة جيهان السادات، ورفض عبد المنعم تليمة إعطاءها الدرجة ورد رسالتها، لأن ما تم كان مجاملة للرئيس السادات، أيدته في موقفه، ووقفت إلى جانبه، رغم أن الموقف كان مغريا لكل صاحب طموح في رضا السلطة عنه.
من مواقف الدكتورة سهير القلماوي التي ذكرت وغيرها، أجدني مضطرا للوقوف لاستلهام دروس وعبر لنا نحن الإسلاميين في التعامل مع فريق من الكتاب لا نحسبه ضمن صفوفنا، وربما غالى البعض فحسبهم في صفوف الأعداء للفكرة الإسلامية، أو للإسلام عموما بتعميم لا يليق، ومن هذه الدروس:
أولا: علينا أن نحكم على التراث العلمي لأي إنسان بمدى فائدته للبشرية، بغض النظر عن موقفه الديني، وعن اختلاف عقيدته، هذا مع من يختلف في عقيدته معنا، أما من يختلف معنا في الخندق الفكري، أو في التوجه الإصلاحي، أو في فهمه للإسلام، فهو من باب أولى، أن نغلب الجانب الخير فيه، وجانب الفائدة للعلم والإنسانية.
أعلم أن كلامي هذا ربما قوبل بهجوم شديد من بعض الإسلاميين، وربما ظنوه تخريفا، ولكن هذا المعيار هو الذي تعامل به النبي صلى الله عليه وسلم في تقويم الأشخاص، والأفكار التي لا تصطدم مع ثوابت العقيدة، فنراه صلى الله عليه وقد طلب ـ كما في صحيح الإمام مسلم ـ من أحد الصحابة أن ينشده شعرا لأمية بن أبي الصلت، فلما أنشده الصحابي بيتا لأمية، قال صلى الله عليه وسلم: هيه، أي يريد المزيد، حتى أنشده الصحابي مائة بيت لأمية. وفي حديث آخر، أنشد صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أمية:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
فقال صلى الله عليه وسلم: "آمن شعره، وكفر قلبه" وفي رواية: "كاد أن يسلم".
ثانيا: علينا ألا نسلم تسليما نهائيا بما يكتبه بعض الباحثين الإسلاميين ولو كانوا كبارا في تقويم الشخصيات والأفكار، وبخاصة من عاصروهم، فقد قال علماؤنا قديما: المعاصرة حجاب، أي أنها تحجب في أحيان كثيرة الرؤية المنصفة للشخص والفكر، فمثلا شخصية كطه حسين، لو توقفنا عند ما كتبه الأستاذ أنور الجندي على أهميته وقيمته لخرجنا بالرجل من الإسلام كلية، ولكن ما كتبه في الحقيقة ليس نهاية المطاف، ولا آخر نقطة في الكتابة، فقد حدثت تطورات ودراسات عن طه حسين بعد أنور الجندي، تعطي صورة أخرى، غير ما كتبه الجندي وكثير من الكتاب الإسلاميين عن طه حسين، صورة هي في الواقع تبين أن الرجل اجتهد في مواقف أو رأي، سواء لم يتسلح بأدوات الاجتهاد، أم خالفه التوفيق فيها، ثم زاده الهجوم حدة وشراسة فصار عنادا، لست هنا أبرئ أحدا ولا أتهم الآخر، ولكن أريد معيارا علميا لا نخطئ فيه في تقويم الأفكار، فمثلا من يقرأ مذكرات سكرتير طه حسين الخاص، الدكتور محمد الدسوقي (أيام مع طه حسين) يجد مواقف للرجل في أخريات حياته فيها نصرة للقرآن، ومنها موقف له رد على محمود أبو رية تطاوله على القرآن.
ثالثا: هناك هوجة أو موضة سرت في أوصال بعض الأقلام الإسلامية انتهت للأسف بالتنازل عن معظم رموز الإصلاح والتجديد في العصر الحديث إلا القليل لصالح اليساريين والعلمانيين، فمحمد عبده كان ممن يخالطون النساء في مجلس الأميرة نازلي، وجمال الدين الأفغاني تارة يوصم بالماسونية، وتارة بأنه شيعي، وسعد زغلول كان علمانيا، وفلان كان كذا، وكل هذا والطرف الآخر العلماني واليساري مرحبا بذلك، بل تبنوا هؤلاء الرموز، فليس معنى وجود موقف غامض في حياة مفكر، أو مصلح، أو وجود شبهة أن نلقي به في عرض البحر، وأن نقذف به في تابوت الإهمال والطرد، بل معناه أنه يصيب ويخطئ، ورحم الله الشيخ الغزالي عندما قال: لقد نسي الفرنسيين أخطاء نابليون ولم يتذكروا له إلا حملاته وانتصاراته لأجل فرنسا، وغيره كذلك، ولا أدري في بلادنا لماذا لا نذكر إلا ما يسيء للرموز، ونغض الطرف عما هو في حسناتهم.
رابعا: لا ينبغي التعميم في الأحكام، ولا في تقييم الأفكار، فلتناقش كل فكرة على حدة وحدها، ولا يحكم على إنسان بفكرة واحدة أنها هي كل فكره.
خامسا: عدم اتهام النيات، فلنناقش الأفكار في ضوء الأفكار فقط، ولنبتعد بالنيات ونتركها لمن يطلع عليها وحده، وهو الله سبحانه وتعالى، فلا نتهم أحدا بالعمالة لأحد، وأقرب نموذج لذلك خالد محمد خالد، عندما كتب (من هنا نبدأ) ينكر على الإسلام الجانب السياسي فيه، وقد اتهم بالعمالة لجهات أجنبية، حتى رآه المرحوم محمد عبد الله السمان على باب وزارة الأوقاف يطلب قرضا حسنا بمبلغ زهيد يستعين به على مطالب الحياة.



#عصام_تليمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ظلمت بعض الكتابات الإسلامية غير المسلمين؟


المزيد.....




- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام تليمة - سهير القلماوي.. ودروس للإسلاميين