أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام شكري - أولويات وزير الثقافة - غير المفيدة- حول الديمقراطية والاسلام والعلمانية















المزيد.....

أولويات وزير الثقافة - غير المفيدة- حول الديمقراطية والاسلام والعلمانية


عصام شكري

الحوار المتمدن-العدد: 685 - 2003 / 12 / 17 - 05:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صرح مفيد الجزائري "وزير" الثقافة العراقي و..."نعم"، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بان العلمانية او فصل الدين عن الدولة في العراق ليست اليوم من الاولويات. وفي لقاء صحفي معه عبر عن اعتقاده بان "ثقافة الديمقراطية" والتي تراعي "الخليط الدقيق الاثني والديني في العراق" هي الاولوية اليوم. وادعى بان العراق بلد تقطنه اغلبية ساحقة من المسلمين وان "الاسلام مهم لنا". وفي تعقيب فلسفي ذكرني بعمق تصريحات وزير الثقافة  السابق البعثي لطيف نصيف جاسم* وضح بان:" هنالك علاقة عضوية بين الثقافة والديمقراطية".  وقال ان العلمانية تعتمد على "الاحترام الكامل لكل الجماعات الدينية لكي يكون لهم الحرية المطلقة كما الجماعات الاخرى في المجتمع". وفي مقالتي هذه، ساناقش تصريحاته *1 ، بقدر تعلق الامر بمفاهيم الديمقراطية والاسلام والعلمانية.

1. الديمقراطية والثقافة والاسلام: أولويات من؟

من حق الناس ان تسأل اية اولويات يقصد الوزير حقاً؟ هل أولويات حكومته اليمينية التابعة للولايات المتحدة؟ ام اولويات الجماهير المتمدنة في العراق والمكتوية بنيران الاسلام السياسي وفلول البعثيين وسلطات الاحتلال الانكلو- امريكي وبمجلس التوابع (الحاكم بأمره)؟ ام هي اولويات الحزب الشيوعي العراقي القابع الذليل تحت اغطية الاسلاميين المبخرة بعطور "واسلحة" الجمهورية الاسلامية في ايران؟. سافترض جدلاً ان اولويات الجزائري هي اولويات منزهة عن كل هؤلاء، وانها اولويات "الامة" بالمفهوم البرجوازي الكلاسيكي – القومي مضافاً له بالطبع النكهة الاسلامية المحببة الى قلبه. اي ان خلاص "الامة" اليوم يستدعي احترام "دين" الجماهير- اي الاسلام، حسب الجزائري. وانه لاوقت للحديث عن فصل الدين عن الدولة لان ذلك سيخلق شرخاً ينفذ منه اعداء "الامة" ليرجعوا الديكتاتورية التي ينفر منها الجزائري اشد النفور. اذاً: على المجتمع بملايينه الـ 25 ان يضحي وان يقبل باهانة نفسه بشكل مزدوج؛ بالهراء الفكري الاسلامي من جهة، وبالممارسات الاسلامية الارهابية (الديمقراطية طبعا بنظر الجزائري) ضد ملايين النساء والاطفال والشباب من جهة اخرى، لتستطيع "الامة" ان تقف على عتبة الديمقراطية التي يرصف وزيرنا الطريق اليها بشغف واضح. الا ان الديمقراطية التي يتمنى الوزير بنائها بالثقافة ( الاسلامية!!!) لا تعني بمفهومه الحريات السياسية غير المشروطة للجميع والتي لاشك في انها لن تتحقق الا بالعلمانية ( الدولة المحايدة دينياً وقومياً) بل تعني عنده "حكم الاغلبية البرلمانية".  وليس بمقدور الوزير خداع احد في العراق بان لحكم "الاغلبية البرلمانية" علاقة ما بحرية الناس او مساواتهم الاجتماعية او رفاه حياتهم. ان باستطاعة ديمقراطية الجزائري، بفيض "خيرات" الجمهورية الاسلامية الايرانية واموالها والسعودية وملايينها ان تغرق البرلمان العراقي المرتقب وتفيض معه وزارة الجزائري ايضاً باصحاب اللحى الصفراء والجباه الممهورة بعلائم التقوى والورع، ليتبين بعدها كم هي ديمقراطية تلك الديمقراطية. الا ان الحقيقة ان مشكلة الجزائري لا تكمن في الديمقراطية نفسها بل في تعريفه "للاغلبية". فالاغلبية حسب منظاره الاسلامي هي اغلبية دينية (مسلمين) وربما مذهبية (شيعة) وليس جماهير متمدنة وعلمانية. فاذا سأل الوزير الناس في شوارع بغداد*2 عن كونهم مسلمين بالمعنى التالي: هل تؤدون خمس صلوات في اليوم، هل تصومون كل شهر رمضان؟ هل تشربون البيرة؟ هل تسمعون الغناء وترقصون على ايقاع الموسيقى؟، وحتى، هل تأكلون اللحم الحلال؟.  ماذا سيتصور الوزير ان تكون اجابات الناس؟ بالطبع ستكون؛ كلا لا نصلي 5 مرات يومياً. كلا لانصوم كل رمضان. نعم نشرب ونحب البيرة والموسيقى والرقص ولانأبه باللحم الحلال. هل هؤلاء مسلمون؟ بهذا المعنى ليسوا مسلمين. بنظرمن تصبح هذه الملايين مسلمة؟ بنظر الساسة اليمينيين. ولكن لماذا؟  انهم يصورون الناس غالباً في المجتمعات التي يحكمها الاسلام او حتى تلك التي يلعب فيها دورالمعارضة (كمصر او الجزائر، واليوم العراق) بانهم مجموعة من البشر الصوفي المؤمن بالقدر والخرافة والمتعبد بلا توقف. يعرف الجزائري قبل غيره ان هذا هراء وان البشر الذين يتحدث عنهم ليسوا مسلمين بل ان الاسلام مفروض عليهم بالارهاب. فنمط معيشة وطموحات جماهير العراق حتى عندما شنت عليهم الاف الغارات وعشرات الحملات الايمانية الصدامية والتجويع بالحصارالامريكي وارهاب الجماعات الاسلامية الحالية لا تختلف عن تلك لبقية سكان العالم المتمدن. ان الوزير المثقف يزيف وعي جماهير العراق من اجل غاياته السياسية وللتزلف الذليل لرفاقه الاسلاميين. بدلاً من ان يدعي ان الاسلام دين الجماهير كان الاحرى به والاصدق له ان يعترف بان:"الديمقراطية التي يسبح بحمدها اليوم هي دينه الجديد" انها دين النظام العالمي الجديد – دين الولايات المتحدة الامريكية- دين جورج بوش، وانها التعويذة الجديدة التي يعلقها على صدره اليوم باعتزاز .

2. العلمانية تعني فصل الدين عن الدولة ولا شئ آخر

العلمانية لا تعتمد على"الاحترام الكامل للجماعات الاسلامية" سواء كان كاملا ام منقوصاً بل تعتمد على انشاء دولة علمانية لادينية ولا قومية تمنع التمييز ضد البشر بواسطة هذه التعريفات المتخلفة والمسيئة لانسانيتنا.  نشأت العلمانية في اوروبا وتحديدا في فرنسا مع انتصار الثورة البرجوازية الفرنسية ودك اركان النظام الاقطاعي الكنسي فيها. ولم تنشا العلمانية هناك على مبدأ احترام "الكنيسة" والفرق المسيحية الهمجية المتصارعة بل بالعكس تماماً بقمع الكنيسة وبسن قانون الالحاد. اصبح الالحاد مسموحاً في فرنسا وليس جريمة يعاقب عليها القانون. وكان ذلك اواخر القرن الثامن عشر، اي قبل قرابة ال 210 سنوات!! فهل يدرك وزير التقافة معنى ذلك؟. ان العلمانية تردع تدخل الدين الفض في حياة المجتمع وحياة الاطفال والنساء وتمنع همجيته وتقريريته واطلاقيته الفكرية. انها تعني ان الاطفال لا ينشأون على دراسة الخرافات الدينية الاسلامية وقصص الرعب والنفور من الاخرين لانهم "ليسوا مسلمين"، بل على احترام العلم ومفاهيم حب الانسانية بلا شروط والابتعاد عن التعصب وكراهية الاخر. انها تعني عدم السماح قانوناً باجبارالاطفال على الحجاب من قبل الجماعات الاسلامية التي يود الوزيراطلاق العنان لها. وتعني عدم السماح قانونا بتطبيق قوانين الاسلام على النساء كالزواج باربع نساء او ضرب وتحقير المرأة واعتبارها ناقصة ( نصف شاهد في المحاكم او نصف وريثة في حالات الوفاة). ان العلمانية تعني ان لا مكان لتطبيق قوانين الاسلام الخاصة بالجلد والرجم بالحجارة وقطع الاكف والرقاب ومظاهر الوحشية الدموية الاخرى في المجتمع. العلمانية تعني الحرية للشباب في الملبس وممارسة الهوايات والتعبير عن الذات. العلمانية تعني ان المجتمع يتحرك ضمن اليات اجتماعية مدنية تتيح المجال للمنظمات النسوية والعمالية والفئآت المحرومة التدخل في رسم مصير المجتمع والدفاع عن حقوقها وحقوق مختلف الشرائح ضد استبداد الدولة، علمانية كانت ام اوتوقراطية، وضد استبداد الطبقة الراسمالية والدين كمؤسسة تابعة لها. ان العلمانية في حالة العراق تعني تحرر الملايين من النساء في الوسط والجنوب من ربقة القوى المتخلفة الهمجية للاسلاميين وان تكون هنالك الحرية "بالمعنى الحقوقي" لهم في الدفاع عن مدنيتهم وكرامتهم وحريتهم في الملبس والسفر والعلاقات والزواج والتعليم. والعلمانية في هذا الاطار تتناقض تناقضاً صارخاً مع مصالح شريحة متخلفة ورجعية من البرجوازية العراقية الجديدة هي الشريحة الدينية – القومية، تلك التي يبدو ان وزيرنا الجديد عين ممثلاً وناطقاً رسمياً بأسمها.
_____________________________________________________________
* دأب البعثيون على القول ان الجماهير في العراق غير مستعدة للديمقراطية بعد وانها بحاجة اولا الى وعي او ثقافة ديمقراطية ( والاصح: استبداد مستمر).
*1 كل الاقتباسات عن مقابلة الوزير مع وكالة رويترز ومقالة الصحفي أندرو هاموند من الانترنيت.
*2 جرى استفتاء بهذا المعنى مؤخراً اشار بوضوح الى "لا اسلامية" جماهير العراق وعلمانيتها. اما الركون الى موضوعية هكذا استفتاء فامر أخر مختلف. 



#عصام_شكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفاق السياسي للغرب حول -النسبية الثقافية- وحقوق الاطفال في ...
- المجتمع في العراق صراع مفاهيم ام تيارات اجتماعية؟
- هل تقبل الشبيبة باقل من حريتها الكاملة؟
- اتحاد العاطلين وسيلة نضالية بيد عمال العراق
- الاحتجاجات الجماهيرية وازمة الادارة المدنية الامريكية
- بوش والهــدف الاخلاقــــــــــــي للحـــــــــــرب!!!
- يجب منـع هذه الحرب بكل الطرق
- أسئلـــــــة للجنرال باول
- الطليعة الجسورة لقوى الانسانيـــــة
- بالمرصاد لمن يتاجر بأرواح العراقيين
- احمد الجلبي وهزيمة الباب الخلفي
- سقوط الاقنعةٌ- ردٌ على الكاتب علاء اللامــــي
- ردي على رسالة السيد صاحب الطاهر في موسوعة النهرين بخصوص من ...
- خسرنا البارحة قائدنا الكبير منصور حكمت
- "الرفع الفوري وغير المشروط للحصار عن العراق"


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام شكري - أولويات وزير الثقافة - غير المفيدة- حول الديمقراطية والاسلام والعلمانية