ورقة الاستاذ احمد نبيل الهلالى النقدمة الى مؤتمر القاهرة الثانى
ينعقد مؤتمرنا اليوم.. والعالم يواجه مرحلة مصيرية فاصلة في حياة الشعوب العربية.. وفى تاريخ البشرية جمعاء.. ان العربدة الإمبريالية بلغت ذروتها.. في ذات الوقت الذي يشهد فيه العالم ميلاد قوة عظمى جديدة.. هي قوة الشعوب.. وتبلور حركة شعبية عالمية.. صاعدة.. واعدة.. مناهضة للحرب والعدوان والاستغلال الرأسمالي.
ان المشاركين في مؤتمرنا ينتمون إلى أديان.. وأجناس.. وجنسيات.. وأيديولوجيات مختلفة ومع ذلك يوحد بينهم جميعا الموقف الواحد الرافض للعولمة المتوحشة وللإمبريالية والعنصرية، وانعقاد المؤتمر في القاهرة فرصة متاحة للقوى الشعبية المصرية لإسماع صوتها للرأي الحر العالمي، وإعلان موقف الشعب المصري الأصيل.. بعيدا عن التصريحات الرسمية.. وأطروحات أجهزة الإعلام الحكومية.
أيها السادة
اسمحوا لي ان اطرح عليكم، بوصفي شيوعي مصري، تطورا لما يجرى من حولنا والموقف الواجب منه.
أولا:-
الحرب القذرة في العراق هي الوجه الآخر لحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وهما حلقتان في مخطط عدواني واحد، لذلك أعلن الشيوعيون المصريون منذ الوهلة الأولى رفضهم لغزو العراق وأدانوا الحرب قبل اندلاعها.. وبعد وقوعها.
ثانيا:-
عدوان قوات التحالف على العراق هو غزو استعماري. ووجود قواته على ارض العراق هو احتلال غير مشروع، لذلك فللشعب العراقي الحق في مقاومة هذا الاحتلال.
والشيوعيون المصريون يؤيدون أعمال المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال.باعتبارها نضال مشروع في سبيل استعادة استقلال العراق وسيادته على أراضيه.
وهم يرفضون أي استسلام للواقع الإمبريالي وأي اعتراف كلى أو جزئي، صريح أو ضمني
بشرعية الاحتلال، أو بشرعية إفرازات الاحتلال.. من مجلس حكم الانتقالي، إلى حكومة مؤقتة مفروضة بأسنة رماح الاحتلال
إن أية قوة سياسية عراقية تتورط أدنى تورط في المشاركة في تنفيذ السيناريو الأمريكي إنما هي تختار لنفسها موقفا داخل خندق أعداء العراق.
ثالثا :-
إننا نعارض كل الحلول الاستسلامية للصراع العربي الإسرائيلي وفى مقدمتها خارطة الطريق الأمريكي الهادفة إلى وأد الانتفاضة.. إنها مدخل ضروري لتصفية القضية الفلسطينية، ومن حق الشعب الفلسطيني رفض هذه الحلول ومواصلة كفاحه السياسي والمسلح المشروع.
كما إننا نستنكر كافة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية والعربية التي تمارس من أجل تخلي الشعب الفلسطيني عن الكفاح المسلح في الوقت الذي يتمادى فيه العدو في عدوانه. دون ان يمارس الضاغطون أدنى ضغط عليه..كما نستنكر سياسة خلط الأوراق التي ترفع شعار (وقف العنف) دون أدنى تمييز بين جرائم الحرب الإسرائيلية والدفاع الشرعي الذي تمارسه الانتفاضة الفلسطينية.
العنف الذي يجب ان يتوقف فورا هو، على سبيل الحصر، العدوان الإسرائيلي وإرهاب الدولة الإسرائيلية والاستيطان الإسرائيلي.
واسمحوا لي من فوق هذا المنبر ان ابعث بتحية نضالية من أعماق القلب إلى حزب الله والى كافة الفصائل الفلسطينية الصامدة والممارسة لخيار المقاومة.
رابعا :-
نرفض وندين أية محاولة للتنازل عن حق العودة للشعب الفلسطيني.
ان التفريط في قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد حق العودة يضفي شرعية زائفة على الاغتصاب الإسرائيلي للتراب الفلسطيني.
خامسا :-
العدو الإمبريالي الصهيوني يحاول بخبث إضفاء طابع ديني على كفاح الشعوب العربية ضد الإمبريالية والصهيونية، ويبشر بالحديث الصريح أو المبطن عن حرب صليبية جديدة.
وعلينا جميعا ان نحترس من الوقوع في هذا الشرك الذي يستهدف شق صفوف المعسكر المناهض للإمبريالية والصهيونية، بإبعاد غير المسلمين في الوطن العربي والعالم
عن ساحة المعركة برغم أنها ليست معركة المسلمين وحدهم.
ان صراعنا ضد الإمبريالية والصهيونية هو صراع تحرري وليس صراعا دينيا.. إنه صراع موجه ضد الصهيونية كأيديولوجية عنصرية.. وليس ضد اليهودية كدين. لذلك فمن الخطأ استعمال كلمتي يهودي وصهيوني كمترادفين.. فليس كل يهودي بصهيون.. كما ليس كل صهيوني بيهودي.
ان ملايين البشر من مختلف الأديان ومن غير المؤمنين بأديان نزلوا إلى الشوارع في كل أرجاء الأرض للتضامن مع شعبي العراق وفلسطين، في الوقت الذي هرولت فيه أنظمة ترفع عاليا راية الإسلام للحاق بركب العدوان الإمبريالي.
ان هذا ابلغ دليل ان معركة الشعوب العربية جزء لا يتجزأ من النضال التحرري العالمي ضد الإمبريالية والعنصرية.. والمعركة ضد أعداء البشر هي بالضرورة معركة كل البشر.
سادسا :-
هناك علاقة جدية ووثيقة بين الصراع الطبقي ضد الاستغلال الرأسمالي على المستوى المحلى والدولي.وبين الصراع التحرري ضد الإمبريالية والصهيونية.
إن علامات العولمة الإمبريالية مطبوعة على قانون العمل المصري الجديد وعلى إجراءات الفصل الجماعي للعمال، وطرد الفلاحين من الأرض وسياسات إفقار الجماهير الكادحة.
لذلك فان نضال الجماهير الشعبية في مصر ضد الاستغلال الرأسمالي والإفقار والفساد والاستبداد لا يمكن ان ينفصل، بل يجب ان يلتحم بالنضال العالمي ضد العولمة الإمبريالية والحرب.. ونحن مطالبون في مصر بإسراع الخطى من اجل تشكيل رافد مصري للحركة العالمية المناهضة للعولمة الرأسمالية.
سابعا :-
إننا نؤمن بان المعركة التي تواجهنا.. اكبر من قدرات أي من فصائلنا على انفراد. لذلك فان خوض هذه المعركة يتطلب اعرض تحالف بين كل القوى المناهضة لأعداء الشعوب.
ويوما بعد يوم يتأكد وجود أساس موضوعي على المستوى المحلى والعالمي لإقامة مثل هذه الجبهة الموحدة.. والنضال ضد العولمة الإمبريالية والحرب لا يمكن خوضه بالتجزئة أو على مستوى قطري فحسب، لان قوة رأس المال.. لن تقهرها سوى قوة المناهضين للعولمة الرأسمالية
ثامنا:-
إننا إذ نرصد تدنى أهمية الشارع العربي في الحملة الدولية ضد الاحتلال الأمريكي الصهيوني بالمقارنة بإسهام شعوب أوروبا والولايات المتحدة، نطالب الأنظمة العربية
برفع أيديها عن شعوبها، وإلغاء القيود الأمنية والقمعية المفروضة على حركتها، والتي تغيبها عن ساحات دعم الشعبين العراقي والفلسطيني.
تاسعا :-
ان الشيوعيين المصريين يتوجهون بتحية نضالية حارة إلى كل من شارك على مستوى العالم في الاحتجاج على البربرية الأمريكية-الإسرائيلية، ويحيون بصفة خاصة التيار المعارض للحرب المتنامي داخل الولايات المتحدة وبريطانيا.
ختاما أيها الاخوة.
معركتنا تبدو اليوم معركة غير متكافئة.. لكن لا يجب ان يدفعنا ذلك لليأس.. ولا يجب ان تفقد الشعوب الثقة بالنفس.. فالشعوب تمتلك طاقات كامنة هائلة تتفجر في خضم معارك المجابهة. وستظل إرادة وصمود الشعوب أقوى من مخططات أعدائها.
ان نضالات الشعوب.. مثل البحار.. يحكمها قانون المد والجزر.
والجزر حتى لو اشتد.. لا يعنى نضوب مياه البحر.
كما ان ظلمة الليل عندما تشتد.. فإنها الإيذان بقرب مطلع الفجر.