أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجيد ابراهيم خليل - تبريرات العباسيين لتولي الخلافة















المزيد.....

تبريرات العباسيين لتولي الخلافة


مجيد ابراهيم خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1 - 04:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعتمد السلطة في تيرير مشروعيتها على مرجعية عقائدية أو فكرية ، تدعمها وتسندها ، وترى من خلال هذه المرجعية حقها دون الأخرين في الحكم . وبما أن الدولة العباسية قامت على أنقاض الدولة الأموية فقد لجأت إلى تبرير الخلافة بأساليب عدة ، فإلى جانب النزعة العسكرية لفرض الأمر الواقع بالقوة واللجوء إلى الحرب ، فإنهم دعموا حقهم في السلطة من منطلق ديني ، وكأنها تفويض إلهي وكأنهم المنقذون من الظلم وذلك لكسب الناس إلى صفهم ثم التفرد بالسلطة ، وعمليا استخدم العباسيون نفس أساليب الأمويين وحاربوا خصومهم بالسلاح والمال .
لقد كان الأمويون منشغلين بترسيخ كيان الدولة وتشريع الأنظمة المتنوعة لإدارتها ، رغم العقبات والثورات ، وقد ورث العباسيون هذ ا الكيان الذي بذل الكثير في بنائه ، وأنضجوه ، ووصلت الدولة في عهدهم إلى حال الرقي والازدهار وبناء حضارة متميزة .
تستند المبررات الدينية إلى أحاديث تتعلق بعم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أن هذة الأحاديث كتبت من وجهة نظر العباسيين ، فهي تدين الأمويين وتثبت حق العباسيين في الخلافة مما يولد شكوكا في صحتها ، فالتاريخ يكتب من وجهة نظر الحكام في الغالب ، وتكاد وجهة النظر الأخرى أن تكون مغيبة أو معدومة بفعل الإرهاب والخوف .
ولتبرير التسلط وتسلم مقاليد الخلافة ، يرى السفاح أنهم يد الله التي انتقمت من الأمويين فقد خطب قائلا : )(ثم وثب بنو حرب وبنو أمية وتداولوها فيما بينهم ، فجاروا فيها واستأثروا بها وظلموا أهلها فأملى الله لهم حينا حتى آسفوه ، فلما آسفوه انتقم منهم بأيدينا ورد علينا حقنا وتدارك بنا أمتنا(( (1)
فهذا تبريرديني للخلافة بجعلها إلهية وإضفاء مهمات العدالة وإنقاذ الأمة على يد العباسيين . وقد اشتدت الوعكة بالسفاح أثناء خطابه ، فصعد عمه داود بن علي قائلا : )(ولقد كانت أموركم ترمضنا ونحن على فرشنا ، ويشتد علينا سوء سيرة بني أمية فيكم وخرقهم بكم واستذلالهم لكم واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم ومغانمكم .. لكم ذمة الله تبارك وتعالى وذمة رسوله (ص) وذمة العباس رحمه الله أن نحكم فيكم بما أنزل الله ونعمل فيكم بكتاب الله ، ونسير في العامة منكم والخاصة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ...() . ويصف داود بن علي بني أمية أنهم )(ركبوا الآثام وظلموا الأنام وانتهكوا المحارم وغشوا الجرائم وجاروا في سيرتهم على العباد() (2) ، فهو يبرر الخلافة بظلم بني أمية للعباد وخصوصا في الجانب المالي ، وهو العصب الحساس الذي يستثير به الناس ، كما أنه يعد بالحكم وفق كتاب الله .
ويواصل داود بن علي قائلا : )( ألا وأنه ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين عبدالله بن محمد وأشار بيده إلى أبي العباس السفاح ، فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم ...)( (3) ، فهو يصدر حكم إدانة أو تقييم للفترة الأموية وكأنها ليست من الدين أو الخلافة ، فهو ينفيها عنهم ويثبتها للعباسيين بتبرير سياسي هو الأحقية وأنها باقية فيهم إلى ماشاء الله .
وقد خطب أبو العباس السفاح بعد قيامه بأيام بين الكوفة والحيرة فقال في خطبته ، مؤكدا على الجانب المالي )(ولأعطين حتى لا أرى للعطية موضعا ، إن أهل بيت اللعنة كانوا عليكم عذابا ، ساموكم ومنعوكم النصف ، وأخذوا الجار منكم بالجار ، وسلطوا شراركم على خياركم : وقد محا الله جورهم وأزهق باطلهم ، وأصلح بأهل بيت نبيه ما أفسدوا منكم ، ونحن متعهدوكم بالأعطية والصدقة والمعروف () وقال في خطبة أخرى )(الحمد لله الذي اصطفى الإسلام دينا لنفسه ، فكرمه وشرفه وعظمه ، واختاره لنا ، وأيده بنا وجعلنا أهله وكهفه وحصنه ... وذكرنا في كتابه المنزل فقال : )(إنما يريد الله ليذهب عنكم أهل الرجس ويطهركم تطهيرا() ثم جعلنا ورثته وعصبته (( فهو يضفي على الخلافة صفة قدسية ، من أن الله تعالى ذكرهم في القرآن وكأنهم ورثوا الخلافة . (4)
ولتبرير الأحقية بالخلافة ، نورد الأحاديث التي تبشر بخلافة بني العباس ، فقد أعلم الرسول صلى الله عليه وسلم عمه العباس أن الخلافة تؤول إلى ولده ولم يزل يتوقعون ذلك حتى آل الأمر إليهم . (5)
فيورد السيوطي في فصل الأحاديث المبشرة بخلافة بني العباس الأحاديث الآتية : قال الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس : )(فيكم النبوة والمملكة)( (6)
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس : )(إذا كان غداة الإثنين فأتني أنت وولدك حتى أدعو لهم بدعوة ينفعك الله بها وولدك ، فغدا وغدونا معه ، وألبسنا كساء ، ثم قال : اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لاتغادر ذنبا ، اللهم احفظه في ولده )( (7)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : )(رأيت بني مروان يتعاورون على منبري ، فساءني ذلك ، ورأيت بني العباس يتعاورون على منبري ، فسرني ذلك )( (8)
وقال الرسول : صلى الله عليه وسلم )( ليكونن من ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي ، يعز الله تعالى بهم الدين () (9)
كذلك نورد هذا الحديث ، قالت أم الفضل مررت بالنبي فقال : )( إنك حامل بغلام ، فإذا ولدت فأتيني به ، فلما ولدته أتيت به النبي ، فأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في أذنه اليسرى ، وألبأه من ريقه ، وسماه عبدالله ، وقال : اذهبي بأبي الخلفاء ، فأخبرت العباس – وكان رجلا لباسا – فلبس ثيابه ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما بصر به قام فقبل بين عينيه ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هو ما أخبرتك هو أبو الخلفاء حتى يكون منهم السفاح : حتى يكون منهم المهدي ، حتى يكون منهم من يصلي بعيسى علي السلام )( (10)
وفال الرسول صلى الله عليه وسلم للعباس وبنيه () تقاربوا بزحف بعضكم إلى بعض حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته ثم قال يارب هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستر إياهم بملاءتي هذه () (11)
وعن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : )( لايزال هذا أمر أمتي قائما بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد () (12)
كل الأحاديث المارة الذكر تبشر بخلافة بني العباس ، بعضها يعبر عن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه العباس واعتزازه به ، وبعضها مبالغ فيه وربما كانت للصنعة يد فيها وذلك بالتنبؤ بأسماء الخلفاء . ولا يغفل أحد الأحاديث ذكر الأمويين وعدم فرح الرسول بهم وفرحه بالعباسيين ، بل أن الحديث يحدد سنة قيام الدولة العباسية ، ويقول الرسول أن أمر الأمة قائم بالقسط حتى يثلمه يزيد ، ففي هذا الحديث النبوي رضا عن معاوية بن أبي سفيان ، فكيف يتم التوفيق بين هذا الأمر وأمر معاداة العلويين للأمويين ؟
وقد استخدم المال في الدعاية للدعوة العباسية والدفاع عنها ، حتى بعد قيامها ، فقد أرسل الخليفة المهدي في طلب هشام الكلبي وطلب منه أن يقرأ له كتابا مرسلا من الأندلس ، ولما استفظع هشام مضمون الكتاب الذي ثلب فيه كاتبه المهدي ثلبا عجيبا ((لم يبق له فيه شيئا)) ، بادر هشام إلى دكر مثالب الأمويين ، سر الخليفة بذلك ، وأمر أن تكتب هذه المثالب وترسل إلى صاحب الأندلس . كافأ الخليفة هشاما بعشرة أثواب فاخرة وعشرة آلاف درهم وبغلة بسرجها ولجامها . وهذا الحدث يبين استخدام المال للدعاية والدفاع عن العباسيين . (13)

الهوامش
1- السيوطي ، تاريخ الخلفاء ص72 دار الكتاب اللبناني بيروت ط 4 2002 م ؛ الطبري ، تاريخ الأمم والملوك ج 6 ص 82 مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت ، د ت .
2- ، الطبري ، تاريخ الأمم والملوك ج 6 ص83 .
3- المصدر السابق ج 6 ص84 .
4- البلاذري ، أنساب الأشراف ص 503 .
5- السيوطي ، تاريخ الخلفاء ص 72 .
6- أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ص847 ، قال الهيثمي : ((رواه البزار وفيه محمد بن عبدالرحمن العامري وهو ضعيف)) .
7- أخرجه الترمذي في سننه برقم 4129 قال : ((هذا حديث حسن غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه)) .
8- أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ص879 ، قال : ((رواه الطبراني وفيه زيد بن معاوية وهو متروك)) .
9- أخرجه السيوطي في الجامع الصغير عن جابر بن عبدالله كما في فيض القدير شرح الجامع الصغير برقم 7721 . وفيه عمر بن راشد المدني قال في الميزان : ((عن أبي حاتم : وجدت حديثه كذبا وزورا)) و((قال العقيلي : منكر الحديث)) ، و قال ابن عدي : ((كل أحاديثه لايتابع عليها ومن أحاديثه هذا الخبر)) وهو موضوع كما قال ذلك الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير ج5 ص71 .
10- أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ص8956 وقال الهيثمي : ((رواه الطبراني في المعجم الأوسط وفيه أحمد بن راشد الهلالي وقد اتهم بهذا الحديث)) . ملاحظة : ورد الحديث بصيغة مقاربة ، وهناك بعض الزيادات : ((هي لك ياعباس بعد اثنتين وثلاثين ومائة ثم منكم السفاح والمنصور والمهدي وهي في أولادهم حتى يكون آخرهم الذي يصلي بالمسيح عيسى بن مريم)) .
11- أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ص1726-1727 وقال : ((روى ابن ماجة بعضه في الأدب ، رواه الطبراني وإسناده حسن)) .
12- أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ص877 ((رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبي يعلى رجال الصحيح إلا أن مكحولا لم يدرك أبا عبادة)) .
13- الطبري ج6 ص395 .



#مجيد_ابراهيم_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوافع ثورة المختار الثقفي
- ما أسهل الاتهامات !
- استبداد الحكام
- حدث بالأمس ويحدث اليوم
- أساليب سلطوية - من التراث
- سطوة المال قراءة في التراث
- فنان الذاكرة و نشيد الموت العراقي
- الفنان علي رشيد الموسوي يقف ضد الحرب ... ألف غورنيكا


المزيد.....




- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجيد ابراهيم خليل - تبريرات العباسيين لتولي الخلافة