حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 2208 - 2008 / 3 / 2 - 10:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو قارنا الحال اليوم بما كان عليه الأمر قبل عقدين من الزمن لكدنا نقول: إن مفهوم المجتمع المدني مفهوم جديد على الثقافة السياسية العربية، وإن النظرة إلى هذا المفهوم قبل ذاك كانت هامشية وربما انطوت على شيء من الازدراء وحتى الاستخفاف أيضاً. لكن الحال انقلبت الآن وأصبح الكل يشتهي وصلاً مع هذا المفهوم، وصار الحديث يدور عنه بمناسبة أو من دون مناسبة. غير أن هذا التداول الواسع للمصطلح أو المفهوم لا يعني أنه يؤخذ في سياقه التاريخي، وأظن أنه يستخدم في حالات كثيرة في وصف مظاهر من النشاط أو التجمعات التي يصعب إدراجها في إطار مفهوم المجتمع المدني، فبات كل ما هو غير الدولة أو المؤسسات الحكومية يصنف من دون كبير عناء على أنه مجتمع مدنيمن دون النظر في طبيعة الوظائف التي تؤديها تلك التجمعات أو الرسالة التي تنطوي عليها بعض الأنشطة التي تدرج في سياق نشاط مؤسسات المجتمع المدني. ابتدأ مفهوم المجتمع المدني في الشيوع أكثر في المغرب العربي بسبب ما أثاره مشروع الانتقال إلى التعددية الحزبية من نقاش.مع بداية التسعينات أصبح المجتمع المدني موضوع تفكير معمماً على الصعيد العربي. فصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية مجلد ضخم بعنوان "المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية" عبارة عن توثيق لندوة أقامها المركز حول هذا الموضوع. وعن مركز البحوث العربية في القاهرة صدر في الفترة نفسها كتاب بوقائع ندوة وقضايا المجتمع المدني في ضوء أطروحات غرامشي. يعيب الكثير من الأطروحات التي تتناول مفهوم المجتمع المدني سعيها لإقامة التضاد بينه وبين الدولة. وبالتالي فإنه في الأغلب الأعم يقدمها بصفتها خصما لا شريكاً. هذا الطرح محمل بالخطورة، ليس لأن دولتنا العربية بريئة من حالة الخصومة التي كثيراً ما تختارها لنفسها في مواجهة المجتمع المدني، ناظرة إليه على الدوام نظرة الريبة والشك، وإنما لأن هذه المقابلة بين "ما هو دولة (وبين) ما هو غير دولة"، يمكن أن يقود إلى مزالق في وضعنا اليوم الذي باتت فيه الدولة ككيان حديث مستهدفة من الطوائف والعشائر والقبائل، التي نظرنا إليها دائماً على أنها سابقة للدولة ومعيقة لبنائها.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟