أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دانا جلال - أينما نضع اقدامنا يكون المنفى















المزيد.....

أينما نضع اقدامنا يكون المنفى


دانا جلال

الحوار المتمدن-العدد: 684 - 2003 / 12 / 16 - 07:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 لقد عصى الغراب نبي الله نوح وسمي بغراب البين لانه بان عن نوح فذهب ، لذا تشاءموا به وزجروا نعيقه بالفراق والاغتراب واشتقوا من اسمه الغربة ، والغراب الذي  أطل على نوافذ الوطن العراقي ودام نعيقه 35 عاما لم يكن الافاشية مستندة على عصا العسكر ومصالح العشيرة المدعومة بانتهازية دولية  تحركها اسعار الاسهم ومؤشرات البورصة ، وحينما تحط غربان الفاشية فأن نوارس الحرية تهجع حاملة تساؤلاتها عن كون الغربة قاعدة  والوطن استثناء .
واغترب 4 ملايين عراقي في الشتات وتحول العراق الى اكبر بلد مصدر للمبدعين والمفكرين على حد تعبير الشاعرة لميعة عباس عمارة فتغيرت معادلة كون القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ لتصبح بغداد تصدر ، وفي الوطن طال انتظار اهلينا فقالوا لايرجعوا حتى يرجع غراب نوح ويقول البصريين حتى يرجع نشيط من مرو اما اهل الكوفة فانهم يقولون حتى يرجع مصقلة من سجستان . ولاْن الدكتاتور قد عامل العراق كبلد محتل وشعبه كشعب مقهورفقد حول العراقيين الى مبعدين او غرباء أو لم يقل ابو حيان التوحيدي ( أغرب الغرباء من صار غريبا في وطنه ، وأبعد البعداء  من كان بعيدا من محل قربه ) فكنا البعيدين عن الوطن ، وكنتم الغرباء في الوطن ، وبحكم تعدد اشكال القمع وتعدد جنسيات السوط فأن تفسير حالة الغربة والاغتراب في العراق اعمق من ان يفسرها احدالنظريات المتعلقة بتفسير ظاهرة الغربة والاغتراب بدأَ من نظرية الفيض الافلاطونية مرورا بالهيجلية الذي اعتبر الاغتراب نتاج سيطرة قوى صنعها الناس بأنفسهم والفرويدية الذي يوعزها الى نتاج الحضارة وقمع الناس لغرائزهم الجنسية وانتهاءً  بالمفهوم الماركسي الذي يرجعه الى عمليات الانتاج وفائض القيمة الذي يزيد فقر الفقراء وغنى الاغنياء في ظل علاقات الانتاج الرأسمالية ومن ثم يجعل المنتوج غريبا عن العمل ( العامل ) ، ويمكن أن نجد تفسير الظاهرة كونه ظاهرة جمعية عند باب العلم حيث يقول الامام علي (ع) ( الغنى في الغربة وطن ، والفقر في الوطن غربة ) وخاصة اذا ما فهمنا مفهوم الفقر بمعناه الشمولي الذي تطرق الية النص بمافيها الفقر بمفهومه المعرفي وليس المادي فقط .
وموضوع الغربة والاغتراب في المجتمعات العربية وعبر عصورها ليست بالمسألة الجديدة بحكم الظروف الاقتصادية والمناخية وسلطة العادات والتقاليد القبلية  ،  ولان الغربة والاغتراب قد شغل مساحة واسعة في حياة العرب فان انعكاسه قد ظهر حتى في طريقة تفسير احلامهم فقد فسر ابن سيرين  رؤية الانسان لفخذه قد قطعت  بتغرب الانسان عن قومه وعشيرته ويفسر النابلسي عودة الانسان من الاخرة بعد الدخول اليها بعودته من الغربة ، ان هذه التفسيرات تعبر عن نظرة الانسان لألم الغربة بل يصل الآم الغريب ودرجته في الاسلام الى درجة الشهادة( الغريق شهيد والحريق شهيد والغريب شهيد) ( كنز العمال في سنن الاقوال والافعال حرف ج ص 184 و651)
 ويمكن اعتبارتمرد بعض الشعراء على مفاهيم عصرهم  والذين عرفوا بشعراء الصعاليك تعبير عن الاغتراب الناتج عن الوعي الانساني ونقلة نوعية في ظاهرة الاغتراب في المجتمعات العربية اضافة الى مقدمات القصيدة العربية والمعروفة بالطليليات التي كانت تعبر عن غربة المكان والحنين الى الديار ، اما الشعر العراقي فيمكن اعتباره مفتاح فهم ودراسة تاريخ الغربة والاغتراب في العراق ، ان لم تكن تاريخ تراجيديا الحياة السياسية في العراق فانها لم تبدأ بمقدمة طليلية لان العمود الفقري للشعر العراقي بل القاسم المشترك لشعراء ومفكري العراق كانت الغربة والاغتراب  فقائمة المنفيين عن الوطن تطول فالكاظمي مات فقيرا في القاهرة والنجفي اغترب في ايران والكويت ودمشق  ، السياب  ، الجواهري ، البياتي ، بلند الحيدري ، مظفر النواب ،سعدي يوسف ، لميعة عباس عمارة ،غائب طعمة فرمان ، شمران الياسري ( ابو كاطع )، كاظم السماوي ،شيركو بي كه س ، حسب شيخ جعفر ، صلاح نيازي ، خزعل الماجدي ، حميد العقابي ، فوزي كريم ، رفيق صابر والقائمة تطول ، ويمكن اعتبار معلقة اخر الكلاسيكيين ( الجواهري ) الذي دفن في مقبرة الغرباء في دمشق والذي ينتظرتربة الرافدين رفاته اجمل صورة شعرية يختلج نفوس كل العراقيين
حييت سفحك عن بعد فحييني                   يادجلة الخير ، يا ام البساتين
حييت سفحك ظماَنا ألوذ  به                     لوذ الحمائم بين ألماء والطين
يادجلة الخير يا نبعا افارقه                       على الكراهة بين الحين والحين
اني وردت عيون الماء صافية                  نبعا فنبعا فما كانت لترويني
وفي زمن البحث عن اليوتيبيا الانسانية والجمهوريات الفاضلة قال سرفانتس ( أينما اضع قدمي يكون وطني ) ، اما في زمن العولمة ذات القطب الواحد وافرازاتها في العراق لم يجد الانسان العراقي سوى منفى يجاور منفى على حد تعبير البياتي شاعر المنافي والفقراء المدفون بوصيته بجوار الشاعر والفيلسوف المتصوف محي الدين العربي في دمشق
ونحن من منفى الى منفى ومن باب الى باب
نذوي كما تذوي الزنابق في التراب
فقراء ، ياقمري ،نموت
وقطارنا ابدا يفوت
ان تاريخ القمع في ذاكرة الانسان العراقي بما فيها الذاكرة الموروثة جعله ان يقول (اينما اضع قدمي يكون منفاي وجغرافية جرحي)
وقد يجد الانسان حريته المقرونة بالالم في غربته حيث يقول بلند الحيدري الذي قال عنة نزار القباني (لن يتكرر لان الملائكة لايتكررون) وقال عنه سعد البزاز ( انه من الرواد الذين شقوا نهر الشعر العربي الحديث)    
يوجعني سيدي ان لااعرف نفسي حرا
الا في الغربة
الا في حلم يوجزني بحرا
وبقايا سفن
اما اخر شعراء الصعاليك وثورتهم و الوريث الشرعي  لاميرهم عروة بن الورد ، والرافض لمؤسسات الثقافة الرسمية والمرفوض من قبلها ، والطارق والمطروق لقلوب الباحثين عن الحرية في الوطن العربي ( مظفر النواب ) الذي سيكون لاحقا مؤشرا لحرية الثقافة والغاء الحواجز والالغام تحت اية مسميات كانت في عراق الغد
سبحانك كل الاشياء رضيت سوى الذل
وان يوضع قلبي في قفص السلطان
وقنعت ان يكون نصيبي في الدنيا
كنصيب الطير
لكن سبحانك
حتى الطير لها اوطان
وتعود اليها وانا مازلت اطير
فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر
سجون متلاصقة
سجان يمسك سجان
ان الموقف من الشعر والشعراء ، من الفكر الانساني ونزوعه للحرية التي لاتعرف الضفاف ،و الموقف من الاخر وتقبله مهما كانت درجة الاختلاف سوف يحدد صدق الكلمات التي تعبر عنها الاحزاب والحركات والمؤسسات ومراكز القوى في العراق

دانا جلال / استوكهولم



#دانا_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية واحترام بمناسبة اكمال العام الثاني لحوارنا المتمدن الذي ...
- زنادقة ام ثوار
- الى الاستاذ زهير كاظم عبود .. دعوة للتواصل والضحك
- حدود الحرية ... خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء
- نزعات عنصرية في الفكر والحياة الاسلامية - الجزء الاخير
- نزعات عنصرية في الفكر والحياة الاسلامية - الجزء الاول
- ملفات امنية
- مساحة الحرية في النص الديني ج2
- 1مساحة الحرية في النص الديني ج
- الى اعضاء مجلسى الحكم مع التحية
- التعذيب عبر التاريخ
- الزيباري ينهي سياسات العلوج
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن )) ج الاخير
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن )) ج2
- ذهنية التحريم (( تحريم الذهن)) ج1
- كوردستان الوطن المجزأ واشكالية الهوية ج2
- كوردستان/ الوطن المجزأ واشكالية الهوية ج1
- مسيرة الالف جريمة تبدأ بخطوة معاداة الشيوعية
- تشكل القزح في عالم رزكار
- الشوفينية ان كانت عربية او كردية فهو مرض يصيب الانسان بعمى ا ...


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دانا جلال - أينما نضع اقدامنا يكون المنفى