أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى عنترة - بعد أربع سنوات على إقالة ادريس البصري- الرجل القوي زمن الحسن الثاني-: ماذا تغير في وزارة الداخلية ؟!















المزيد.....

بعد أربع سنوات على إقالة ادريس البصري- الرجل القوي زمن الحسن الثاني-: ماذا تغير في وزارة الداخلية ؟!


مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 684 - 2003 / 12 / 16 - 07:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


استأثرت وزارة الداخلية باهتمام بالغ لدى الملك محمد السادس، ذلك أن قيمتها الإدارية والسياسية ظلت مستمرة كما في عهد الراحل الحسن الثاني، ولا أدل على ذلك جملة التغييرات التي عرفتها هذه الوزارة في ظرف وجيز بدءا بإقالة إدريس البصري وانتهاء بتعيين مصطفى الساهل مرورا بالتغييرات التي عرفتها مديريات الوزارة المذكورة.
فقد عرقت الداخلية تعاقب أربعة وزراء في ظرف لا يتجاوز أربع سنوات أي بمعدل وزير في كل سنة، الشيء الذي كسر قاعدة الاستقرار التي اتسم بها تاريخيا وزراء الداخلية على اعتبار الحساسية التي تتمتع بها داخل النظام المخزني.
فبعد إقالة البصري لأسباب تداخل فيها الموضوعي بالذاتي مع تغليب كفة هذا الأخير (أي الذاتي)، علما بأن بعض القراءات توحي بأن خصوم البصري داخل المحيط الملكي هم الذين ساهموا في تضخيم الجانب الذاتي مستغلين ظروف الإقالة لتصفية حساباتهم معه.. جيئ بأحمد الميداوي (المدير العام السابق للإدارة العامة للأمن الوطني)، لكن السياسة التي اتبعها هذا الأخير اتجاه المجتمعين السياسي والمدني والصورة التي رسمها للداخلية في زمن ما سمي بـ "المفهوم الجديد للسلطة" الذي أراده الملك محمد السادس كإطار وفلسفة لسلوكات رجالات الإدارة الترابية.. أسقطتاه في أخطاء ـ سبق الحديث عنها بقوة من لدن الصحافة المغربية ـ ذهب ضحيتها، فكان أن تم إبعاده عن الداخلية ليتم الإتيان بالتقنوقراطي إدريس جطو مع الإشارة إلى أنه تم الاحتفاظ بالميداوي وتم تعيينه مستشارا للملك وذلك لجعل قرارات الملك تتجه دوما في الاتجاه الصائب وخاصة منها تلك التي تهم قطاعات استراتيجية. وقد انتهى المطاف بالميداوي إلى تعيينه على رأس المجلس الأعلى للحسابات نظرا لأن صاحبنا كان داخل الديوان الملكي بدون حركية تذكر!؟
لم يعمر إدريس جطو طويلا على رأس الداخلية، ذلك أنه استطاع أن يخلق التوافق الذي عجز سلف عن خلقه بين الفرقاء السياسيين حول مدونة الانتخابات مع العلم بأن الهم الاساسي لجطو حينها كان هو تدبير المحطة الانتخابية التي كان يراهن عليها الحكم الجديد من أجل تأكيد صدق إرادته السياسية لدى الرأي العام الوطني والدولي خصوصا.
وينتمي ادريس  جطو  المزداد يوم 24 ماي1945 بمدينة الجديدة .وبعد انهاء دراسته بثانوية الخوارزمي بالدار البيضاء حيث حصل على شهادة الباكالوريا في شعبة التقنيات والرياضيات سنة 1964 التحق بكلية العلوم بالرباط التي حصل بها سنة 1966 على دبلوم الدراسات العليا في الفيزياء والكيمياء. وهو حاصل على دبلوم تدبير وتسيير المؤسسات سنة 1968 من (كوردوينرز كوليدج) بلندن. وفي نونبر 1993 عينه جلالة المغفور له الحسن الثاني وزيرا للتجارة والصناعة في حكومة محمد كريم العمراني. وفي 7 يونيو 1994 ثبته الراحل الحسن الثاني في مهامه ضمن حكومة عبد اللطيف الفيلالي. وعين جطو في 17 يوليوز 1994 وزيرا للتجارة والصناعة والصناعة التقليدية والتجارة الخارجية .وفي 27 فبراير 1995 عينه الراحل الحسن الثاني وزيرا للتجارة والصناعة والصناعة التقليدية .وفي 13 غشت 1997 عين ادريس جطو وزيرا للمالية والتجارة والصناعة والصناعة التقليدية. وقبل تعيينه في منصب وزير سنة 1993 شغل منصب رئيس مدير أو مسير لعدد من الشركات ورئيس  الجامعة المغربية للصناعات الجلدية وعضو مكتب الكونفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب ونائب رئيس الجمعية المغربية للمصدرين .
وفي 2 غشت 2001 عينه الملك محمد السادس  رئيسا مديرا عاما للمكتب الشريف للفوسفاط. وهو حاصل على وسام العرش من درجة فارس .
وفي 19 شتنبر 2001 عينه الملك محمد السادس  وزيرا للداخلية في حكومة التناوب التي ترأسها  الإتحادي عبد الرحمان اليوسفي(الكاتب الأول السابق للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية) وقد كلف على رأس  هذه الوزارة على الخصوص بتنظيم أول انتخابات تشريعية في عهد محمد السادس  وهي الانتخابات التي جرت في 27 شتنبر الماضي في جو من "الشفافية التامة" حسب جميع الملاحظين الوطنيين والدوليين .والسيد ادريس جطو متزوج وأب لاربعة أبناء.
وسيغادر جطو الداخلية ليخلفه على رأسها زميله مصطفى الساهل، وليعين على رأس الوزارة الأولى لأسباب عدة منها أساسا الصراع الذي ميز الحليفين في الكتلة الديمقراطية والحكومة على الوزارة الأولى، إذ شهد التسابق بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحليفه/ غريمه حزب الاستقلال تطاحنا لم تعرفه الانتخابات التشريعية الأخيرة(27شتنبر2002)، وكان الهدف من وراء بحثهما عن التحالفات الممكنة هو محاولة إثارة انتباه الملك إلى ضرورة احترام الانتقال من التناوب في صيغته التوافقية إلى الديمقراطية.. فضلا عن الضغط الذي قام به أساسا المحيط الملكي في اتجاه إبعاد الوزارة الأولى عن الحزبين المذكورين... وستعرف الحكومة التي يقود وزارتها الأولى إدريس جطو صعود فؤاد عالي الهمة من كاتب للدولة في الداخلية إلى وزير منتدب في نفس الوزارة.
وتبرز أهمية الداخلية من خلال الموقع الذي تحتله داخل النظام السياسي المغربي، ذلك أن الأدوار والمهام الموكولة إليها تجعل موقعها متقدما مقارنة  بباقي الوزارات. فضمن النظام الباترمونيالي كنظامنا المخزني هذا، يتم التركيز على وزارة الداخلية وتقدير مكانتها المتزايدة ومدى توسعها من خلال جهاز إداري هدفه تسيير وترسيخ السلطة وإرساء مقاربة شاملة على مجموع القطاعات ومستويات الحياة الاجتماعية، حيث لا تسمح هذه المراقبة باستقبال أعمال أو مبادرات تأتي من الأسفل. فقد برزت هذه الوزارة تاريخيا كأداة فعالة لمراقبة المجتمع و آلية هدفها خدمة تطور واستمرار النظام والحفاظ على شرعيته الدينية وسلطته الدنيوية، بالاعتماد في ذلك على الموارد الطبيعية والاقتصادية وعلى توظيف أحسن للاعتبارات السوسيولوجية والثقافية للمجتمع المغربي.
الظاهر أن المتعاقبين على كرسي الداخلية بعد إبعاد البصري جاؤوا في إطار مهمات آنية وتجريبية، بمعنى أن النظام لازال ـ كما يقول الصحافي والمحلل السياسي خالد الجامعي ـ يبحث جاهدا عن شخصية من طينة إدريس البصري لتولي الداخلية وبالتالي لملء الثغرة التي خلفها رحيل هذا الأخير، وبمعنى أكثر وضوحا فأن الملك محمدا السادس لازال لم يجد وزيرا للداخلية على مقاسه كما كان عليه الشأن مع والده الحسن الثاني، ويلاحظ أن نفس المعاناة سبق أن عاشها الملك الراحل الحسن الثاني إثر تسلمه مقاليد الحكم بعد وفاة والده محمد الخامس، ذلك أن هذه الوزارة عرفت تغييرات عدة (أحمد رضا اكديرة، أحمد الحمياني، عبد الرحمان الخطيب، محمد أوفقير...). ولعل الانتقال من "الداخلية الأمنية" إلى "الداخلية المدنية" ووشك العودة إلى الأولى يفيد عدم وضوح الرؤية لدى الحاكمين.. فالميداوي وفؤاد الهمة أريد منهما تجسيد الفلسلفة الجديدة للسلطة وتغيير صورة الإدارة الترابية من خلال تطبيع علاقتهما مع المواطن، إلا أن ذلك لم يتحقق  منه أي شيء يذكر بفعل الهاجس الأمني الذي أبداه الميداوي في سلوكه القمعي مع الحقوقيين ورجال الصحافة الحرة والمعطلين والإسلاميين.. كما أن الانتخابات التي جرت في عهده اتسمت بفوضى لم يسبق لها مثيل من حيث استعمال المال لدرجة جعلته يسقط في زلة الاعتراف الرسمي بهذا الاستعمال الكثيف للمال في انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين، ولو أن هذا الاعتراف  صدر عن وزير للداخلية في بلد يحترم فيها القانون (أي دولة القانون والمؤسسات) لاستتبعه تقديمه الاضطراري لاستقالته  في حالة عدم إدلائه ـ في أعقاب بحث دقيق  في هذه النازلة  بتقرير يتضمن معطيات ملموسة عن المتلاعبين تتوج بتقديمهم إلى العدالة قصد استخلاص النتائج السياسية الضرورية.
أما الداخلية في عهد ادريس جطو فقد تميزت برفع شعار "الداخلية المدنية" ودورها في تحريك القطاع الاقتصادي والاجتماعي، ذلك أنه قبيل تعيينه على رأس هذه الوزارة تم تعيين ولاة للجهات يمثلون نخبة من الوجوه التقنوقراطية التي سبق لها أن شغلت مسؤوليات وزارية أو تربعت على رأس مؤسسات عمومية (إدريس بنهيمة، محمد حصاد، محمد حلب..).
وتجدر الإشارة إلى أن تعيين ولاة الجهات في مرحلته الأولى تم خارج وزارة الداخلية، ذلك أن أقطاب "الحكومة البلاطية" (مقابل الحكومة السياسية أوالدستورية) هم الذين كانوا وراء هندسة الجهات، ونخص بالذكر في هذا الباب مزيان بلفقيه، محمد القباج... وقد ظل نفس الشعار مرفوعا مع مجيئ مصطفى الساهل إلى "أم الوزارات" أي جعل الداخلية محرك القطاع الاقتصادي والاجتماعي، لكن الأحداث الإرهابية التي عرفتها بلادنا في منتصف شهر ماي الماضي وبعدها حادث 11 شتنبر المتعلق بجريمة القريعة البشعة التي ذهب ضحيتها مغربي من ديانة يهودية بعثرت الأوراق جعلت الداخلية تتخلى عن هذه المهمة وسيعود الهاجس الأمني والإداري إلى الواجهة.. والأنكى من ذلك أننا  شهدنا سن مجموعة من التشريعات التي تؤطر قانونيا الفلسفة الأمنية في صيغتها الجديدة  (قانون مكافحة الإرهاب، تعديل المسطرة الجنائية..). وينتمي المصطفى الساهل الذي عينه الملك محمد السادس وزيرا للداخلية في خامس  ماي 1946 إلى منطقة أولاد فرج باقليم الجديدة. وقد عين الساهل، الحاصل على الاجازة في الحقوق وعلى دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، في 27 يوليوز 2001 واليا على جهة الرباط سلا زمور زعير.
وسبق للساهل أن تقلد عدة مناصب ادارية من بينها على الخصوص  مراقب مالي ورئيس  مصلحة ميزانية التسيير ورئيس  قسم ميزانية التجهيز ومدير الميزانية ومكلف بالكتابة العامة بوزارة المالية ومديرا عاما لصندوق التجهيز الجماعي ،كما شغل مناصب أخرى كمتصرف، ثم عين سنة 1995 وزيرا للصيد البحري والملاحة التجاري.    وشغل الساهل أيضا منصب مندوب الحكومة لدى "بنك المغرب" وعضو في المجلس الاداري للصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الذي يوجد مقره بالكويت.  والساهل متزوج وله طفلان.
وكانت بعض المنابر المغريبة قد تحدثت عن إمكانية إسناد شؤون الداخلية إلى حفيظ بنهاشم المدير العام السابق للأمن الوطني، وهو الشيء الذي قوبل بالاستحسان من قبل المناصرين للفلسفة الأمنية على اعتبار أن هذا الرجل يمتلك خبرة كبيرة ويعرف جيدا مجال الإدارة الترابية، لكن الأحداث المرتبطة بقضيتي هشام المنظري ومنير الرماش(بارون للمخدرات) وتفاعلاتها الأخيرة أبعدت بنهاشم عن دائرة الأسماء المرشحة لتولي مسؤولية وزارة الداخلية مكان الساهل الذي لم يجسد بعد صورة الرجل الذي، ربما، يبحث عنه النظام.
 فيما يرى البعض أن الساهل البعيد عن الأضواء استفاد من تجربتي الميداوي والبصري بحثا عن تحصين موقعه وتجنبا لكل المخاطر والمنزلقات التي قد تعصف به...
ولعل رفيق الملك في الدراسة فؤاد عالي الهمة يستحق الوقوف عنده لكون مهامه أضحت متعددة، وهي مهام تهم أساسا التنسيق بين الأجهزة الأمنية المدنية وكل ما يهم رأي الملك نظرا لقربه منه. وهو في ذلك  يسير على خطى البصري في تعامله سابقا مع السلطات العليا..
وينتمي فؤاد عالي الهمة المزداد يوم سادس دجنبر 1962 إلى منطقة مراكش، وبعد ان اتم دروسه الاعدادية بالمعهد المولوي وحصل على شهادة الباكالوريا سنة 1981 تابع دراسته العليا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، حيث أحرز على الاجازة في القانون والقانون المقارن سنة 1986 وشهادتين للدروس العليا في العلوم السياسية سنة 1988 والعلوم الادارية سنة 1989 .وحضر فؤاد عالي الهمة كذلك بحثا لنيل الاجازة في موضوع مالية الجماعات المحلية وأمضى فترة تدريب بوزارة الداخلية من سنة 1986 الى 1990.وانتخب عالي الهمة رئيسا للمجلس البلدي لبن جرير من 1992 الى 1997 ونائبا برلمانيا عن منطقة الرحامنة (اقليم قلعة السراغنة) من 1995 الى 1997.وكان عالي الهمة قد عين من طرف الملك الحسن الثاني في اكتوبر 1997 رئيسا لديوان الملك محمد السادس ولي العهد انذاك .وفي التاسع من نونبر 1999 عينه الملك محمد السادس  كاتبا للدولة في الداخلية واعيد تعيينه في المنصب نفسه في 6 شتنبر 2000.
من المؤكد أن إدريس البصري قد رحل عن الداخلية كشخص فيما ظل حاضرا كمؤسسة إدارية لها امتدادها داخل مجموعة من القطاعات الإدارية، فلم تعد هذه المؤسسة التي كانت تضم: الداخلية، مديرية مراقبة التراب الوطني(جهاز المخابرات)، الإدارة العامة للأمن الوطني.. خاضعة لمصدر واحد من حيث اتخاذ القرار، بل تعددت المصادر بعدما "تجزأت" هذه المؤسسة وأصبحت مكوناتها بيد مسؤوليها في اتصال مباشر  مع الملك وفي بعض الأحيان بفؤاد عالي الهمة الذي يشرف ـ كما أشرنا ـ على التنسيق بين مختلف الأجهزة خاصة في القضايا التي تتطلب رأي السلطات العليا. لكن بالرغم من تقسيم العمل الذي تحدثنا عنه بين مختلف الأجهزة والإدارات لازال الحكم لم يجد بعد وزير داخليته على اعتبار أن جوهر النظام لازال لم يتغير ولازالت استراتيجيته يلفها نوع من الغموض.. فكل الوزراء الذين تعاقبوا على كرسي الداخلية لم يغيروا أساس البنية الإستقبالية ولا الوظيفية الموكولة إليها:
أولا، لأن القرار لازال مشتتا، بمعنى أن مصدره ليس الوزير كما كان الشأن عليه زمن إدريس البصري الذي كان يمركز كل القرارات في يده، والذي كان ديوانه كان حينها يشكل قلب الداخلية، بحيث كان يستقبل كل المراسلات والأخبار ويعيد تركيبها وصياغتها قبل أن ينقلها إلى الدوائر المسؤولة وربما لأن البصري كان يجسد صورة وزير الداخلية الفعلي. أما اليوم فقد أضحت مديرية الشؤون العامة للداخلية التي يقودها رفيق الملك في الدراسة ياسين المنصوري تعلب دورا هاما في التخفيف من الثقل الذي كان يسقط على ديوان وزير الداخلية، وذلك بالحسم في بعض القضايا التي لا تتطلب رأي الوزير. وتجدر الإشارة إلى أن مديرية المنصوري تشكل قطبا أسياسيا داخل وزارة الداخلية.
وكان محمد الظريف قد أشرف في بداية الأمر على إعادة هيكلة مديرية الشؤون العامة  قبل أن ينتقل إلى ولاية الدار البيضاء الكبرى. وتجمع هذه المديرية أربع مديريات وهي الشؤون العامة التي يشرف على مسؤوليتها نور الدين بنبراهيم القادم من مديرية مراقبة التراب الوطني، الدراسات والأبحاث (محمد الأمزازي)، الولاة (الشرقي الظريف) والانتخابات (ابراهيم بوفوس).
ثانيا، لأن الإطار الإداري لم يلحقه أي تغيير يذكر في اتجاه تطوير هذه المؤسسة وذلك لسبب أساسي هو أن المتعاقبين على كرسي هذه الوزارة جاؤوا لتنفيذ مهام آنية في انتظار ظهور الوزير الحقيقي. ونسوق في هذا الباب مثلا الجنرال حميدو لعنيكري الذي يتضح أنه يشكل المدير الفعلي للأمن الوطني، فقد جاء حاملا معه مشروعا إصلاحيا طموحا يؤكد الذين اطلعوا على مضامينه أنه سيطور لا محالة الجهاز الأمني تماشيا مع الأوضاع المخيفة التي باتت تعرفها البلاد في السنوات الأخيرة. فهذه التغييرات الجارية بالبلاد تأتي أيضا في إطار إرادة المغرب ممارسة التغيير وأيضا تفعيل مضامين اتفاقيات الشراكة الأوربية المغربية.
فعدم خلخلة البنية الإدارية والوظيفية لهذه الوزارة وتركيز الجهود على عقلنة مواردها البشرية في اتجاه رفع التهميش والإقصاء الممارس ضد العديد من الكفاءات داخل أقسام ومديريات هذه الوزارة يدلان على أن واقع الحال لازال لم يتغير، فالأكيد أن أية خطوة إصلاحية في هذا الاتجاه ستحدث اصطدامات داخل هذه المؤسسة.
ثالثا، لأن الملك محمدا السادس اختار في بداية الأمر تفكيك المؤسسة الإدارية التي ورثها عن الراحل والده، إذ ظهر في موقع المشرف المباشر عن العمالات والأقاليم، ولعل الصلاحيات الاقتصادية التي أعطيت لولاة الجهات وتكليفهم بإعداد تقارير ورفعها إليه يفيد بأن هؤلاء خاضعون مباشرة لسلطته.. وعلى غير ما كما كان الحال عليه بالأمس حين كان يشرف على هذه الوحدات عبر الداخلية.. علاوة على أن أغلب الوجوه المعنية التي أسندت إليها مسؤوليات داخل الإدارة الترابية تنتمي إلى المرحلة السابقة زمن الراحل الحسن الثاني.
الملاحظ، إذن، أن وزارة الداخلية لازالت تدبر مجمل القضايا الأمنية الكبرى، فالمفاوضات حول ملف الصحراء المغربية لازال يشرف عليها الوزير المنتدب في الداخلية، كما أن التدخل وضبط الحياة الحزبية ازدادت حدته، والدليل الدافع على ذلك هو غضبة الدكتور عبد الكريم الخطيب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية جراء الضغط الذي مورس عليه بغية إبعاد مصطفى الرميد(قيادي في حزب العدالة والتنمية) عن رئاسة الفريق النيابي لحزبه رغم التشبث الذي أبداه نواب الحزب بتوصيتهم لفائدته.. وأيضا التدخل في الحياة المجتمعية من خلال تأطير الحركات الاجتماعية، مما يفيد عموما بأن هذه الوزارة هي وزارة فوق "العادية"، إضافة إلى أن مسؤوليها يحظون بمكانة خاصة وغير خاضعين للمساءلة والمحاسبة.. ومن هذا المنطلق يتضح أن إبعاد إدريس البصري لم يكن نهاية مرحلة ولانهاية تصور ولانهاية موقع وزارة الداخلية وكأن هناك اتفاقا ضمنيا بين أطراف اللعبة السياسية على إبقاْء الوزارة في موقعها الذي يميزها داخل النظام السياسي المغربي.
وتأسيسا على ما سبقت الإشارة إليه يظهر أن التحديث على مستوى تدبير شؤون الداخلية لازال يسير بخطى سلحفاتية نظرا لتجذر الثقافة المحافظة داخل مؤسسات الدولة، مما يجعل من الصعوبة بمكان  على هذه المؤسسات التخلص من الذيول التاريخية التي تجرها وراءها هذه الثقافة واستشراف ثقافة بديلة سمتها الأساسية الحداثة والمرونة .
فإصلاح وعصرنة الداخلية يمر عبر تفكيكها بنيويا ووظيفيا وإعادة بنائها على أساس فصل وظائفها الحالية، في اتجاه إحداث وزارة خاصة ـ على سبيل المثال ـ بمراقبة وتسيير الإدارة الترابية، ووكالة أمنية وأخرى استخباراتية (التجربة الأمريكية نموذجا) مع إلحاق مهام الشرطة القضائية بوزارة العدل في أفق جعل الداخلية كباقي الوزارات في جميع أصقاع العالم  ودفعها للانخراط في تحديث الدولة والمجتمع.



#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد مرورسنتين على الخطاب التاريخي لأجدير بخنيفرة إدماج الأما ...


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى عنترة - بعد أربع سنوات على إقالة ادريس البصري- الرجل القوي زمن الحسن الثاني-: ماذا تغير في وزارة الداخلية ؟!