|
دور وزارة التعليم العالي ....
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2206 - 2008 / 2 / 29 - 11:08
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
دور وزارة التعليم العالي في تطوير سياسات وخدمات الصحة النفسية بالعراق Role of Ministry of Higher Education in the Developmental of Mental Health Policies and Services in Iraq Submitted to First International Conference on Mental Services Abo Dhabi 2008 -22-18February Prof.Dr.Qassim Hussein Salih Head of Iraqi Psychological Association Salahidden University, Erbil, Iraq
ينفرد العراق بكون ملايينه السبعة والعشرين أحوج الشعوب كلها إلى خدمات الصحة النفسية. فمنذ عام 1980 والى الآن، شهد العراقيون أكثر من حرب كارثية، أولاها الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات. ولأول مرّة في التاريخ الحديث تخرج دولة من حرب كارثية لتدخل مباشرة في حرب كارثية أخرى باجتياح النظام العراقي السابق دولة الكويت، فكانت حرب الخليج الثانية1991. تلاهما حصار شامل استمر ثلاثة عشر عاماً أكل فيها الناس الخبز الأسود، فيما رموز النظام كانوا يأكلون لحم الغزلان المطعّم برائحة الهيل. ثم الحرب التي أطاحت بالنظام الدكتاتوري في 9 / 4/ 2003، وصولاً إلى مشاهد العنف اليومي الذي يتنفس فيه العراقيون الرعب الممزوج بالبارود، ويذهب ضحيته يومياً ما بين ثلاثين إلى أربعين إنساناً بريئاً أرتفع في السنة الأخيرة ( 2007 ) الى مائة، في حرب مركـّبة لم يشهدها شعب بمثل هذا الحجم من التدمير والبشاعة في القسوة واسترخاص حياة الإنسان. فضلاً عن الصدمات النفسية التي أحدثها اكتشاف عشرات الآلاف من ضحايا المقابر الجماعية، لم يبق منهم سوى عظامهم وملابسهم وهوياتهم، ولعب على صدور أطفال دفنوا أحياء في أحضان أمهاتهم؛ وضغوط ما بعد الصدمة والآثار النفسية الناجمة عن حرب الأنفال البشعة التي شنها النظام السابق ضد الشعب الكوردي، وعن مأساة حلبجة التي صارت هيروشيما العراق . هذا يعني أنه لا يوجد بيت عراقي لم يفقد عزيزاً أو قريباً أو صديقاً في مشهد موت تراجيدي، أو حالة عوق مستديمة، أو أسر امتد لسنوات، أو فراق ملايين الأحبة في هجرة خارج الوطن. فضلاً عما ولدّته سنوات الحصار من أزمات نفسية وتفكك عائلي وجرائم وانحرافات وتعاطي مخدرات، في أوساط الشباب بشكل خاص. إضافة إلى الخوف والقلق وفقدان الشعور بالأمن الناجم عن تعدد سبل الموت ومجهولية مصادره. باختصار، إن سبعة وعشرين مليون عراقي هم بحاجة حقيقية وسريعة إلى خدمات الصحة النفسية. وهذا يعني أنه ليس بمقدور وزارة أو وزارتين أو حتى الحكومة العراقية أن توفر هذه الخدمات بمفردها ، الأمر الذي يحتاج إلى مساعدات إنسانية ودولية، نأمل من هذا المؤتمر أن يكون ناشطاً فاعلاً في تحقيقها، ونرجو أن لا تنتهي جهوده الى مثل ما انتهت اليه مؤتمرات سابقة عقدت في عمان والقاهرة . ولكي تتضح الصورة، وبما يخدم وضع استراتيجية لخدمات الصحة النفسية في العراق، بالتعاون بين الوزارتين (الصحة والتعليم العالي في كل من بغداد وأربيل ) فأن وزارة التعليم العالي في بغداد تضم أثنتين وعشرين جامعة موزعة على محافظات القطر كافة، وعشرين كلية طبية, وأحد عشر قسما للعلوم التربوية والنفسية، وخمسة أقسام لعلم النفس، وقسمين للإرشاد النفسي، موزعة بين كليات التربية والآداب في جامعات الوسط والشمال والجنوب. فضلاً عن عدد من مراكز البحوث التربوية والنفسية. فيما تضم وزارة التعليم العالي باقليم كوردستان خمس جامعات رسمية (صلاح الدين ، السليمانية ، دهوك ، هولير الطبية ، وكويا) تضم اثنتين وخمسين كلية وخمسة أقسام للعلوم التربوية والنفسية . هذا يعني أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في كل من بغداد واقليم كوردستان شريك فاعل في تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية، ليس فقط على صعيد تقديم الخدمات النفسية للطلبة والتدريسيين والعاملين في مؤسساتها التعليمية، إنما أيضاً على صعيد الناس بشكل عام . غير أن واقع الحال يشير – للأسف الشديد – إلى أن المعنيين بالصحة النفسية في وزارة الصحة جعلوا دور وزارة التعليم العالي هامشياً. وهذا راجع – في اعتقادي الشخصي – إلى أن الأطباء النفسيين ينظرون إلى الاختصاصيين النفسيين ( السيكولوجست ) كما لو كانوا غير مؤهلين للتعامل مع خدمات الصحة النفسية. وهذه نظرة غير موضوعية، إذ أننا نعتقد أن للصحة النفسية ذراعين، الأيمن المتمثل بالأطباء النفسيين، وهو ذراع نشط وفاعل، والأيسر المتمثل بالمشتغلين في ميدان علم النفس، وهو مشلول أو خارج الاستعمال في مشاريع الصحة النفسية في العراق. ونرى أن الصيغة المثلى تكون في استثمار وزارتي الصحة لطاقات الكوادر في اختصاص علم النفس بالجامعات العراقية، بما يساعدها على تحقيق أهداف إستراتيجيتها. إستراتيجية مقترحة إن تصورنا لوضع استراتيجية لتقديم خدمات الصحة النفسية في العراق، يتضمن مرحلتين : (الأولى): إجراء مسوح ميدانية تستهدف معرفة الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً بين الناس، لاسيما: (الاكتئاب/ اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية/ القلق/ المخدرات والمواد ذات التأثير العقلي). ولتحقيق ذلك – كخطوة أولى – فأنه ينبغي القيام بالآتي : 1- اختيار ثلاث مناطق من العراق ( وسط، شمال، جنوب ) في إجراء المسح الميداني. 2- التركيز في إجراء هذه المسوح الميدانية على عينات من: * عوائل وأقرباء ضحايا الحروب. * عوائل وأقرباء ضحايا المقابر الجماعية والأنفال وحلبجة. * عوائل وأقرباء ضحايا الأعمال الإرهابية والتفجيرات بأنواعها. (الثانية): في ضوء ما تكشفه بيانات المسح الميداني ، يصار إلى توفير (قاعدة معلوماتية)، يتم في ضوئها وضع خطة لتقديم الخدمات النفسية تتضمن الاحتياجات من الكادر البشري بتخصصاته المطلوبة، والكلف المادية، وتوصيف تقديم هذه الخدمات في ثلاثة مسارات أساسية: * العلاج الدوائي والعلاج النفسي. * الإرشاد النفسي الفردي والأسري. * البرامج الإعلامية لإشاعة الثقافة النفسية. آليـة التنفـيذ أولاً: تشكيل فرق المسح الميداني يتم تشكيل ثلاث فرق للمسح الميداني من مؤسسات التعليم العالي في الوزارتين ، بالتعاون مع وزارتي الصحة في كل من بغداد وأربيل، وعلى النحو الآتي : 1- فريق جامعة بغداد، يشارك فيه: مركز البحوث النفسية، وقسم علم النفس بكلية الآداب،وقسما العلوم التربوية والنفسية بكلية التربية (ابن رشد) وكلية التربية للبنات، وكليات طب بغداد وطب الكندي والتمريض، والجمعية النفسية العراقية. 2- فريق جامعة صلاح الدين – أربيل ، يشارك فيه: قسم التربية وعلم النفس بالجامعة، وفرع الطب النفسي بجامعة هولير الطبية، ووزارة الصحة في أربيل. 3- فريق جامعة البصرة، تشارك فيه: أقسام العلوم التربوية والنفسية، وعلم النفس، والإرشاد النفسي، وكلية الطب، والجهة التي تنسبها وزارة الصحة. ثانياً: تأسيس و/أو دعم مراكز الصحة النفسية 1- دعم وتنشيط مركز البحوث النفسية بجامعة بغداد، وتمكينه مادياً وعلميا لتقديم الخدمات النفسية للعاملين في الوسط الجامعي والمحتاجين لها بشكل عام. 2- لأن الشعب الكوردي في العراق تعرض لحروب كارثية، وفيه الكثير ممن يعانون من اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية، فضلاً عن صعوبة التوافق النفسي لدى المهاجرين العائدين إلى وطنهم، فأننا نقترح تأسيس مركز للصحة النفسية في جامعة صلاح الدين، يقدم خدماته للمحتاجين إليها، بالتعاون مع قسم التربية وعلم النفس بالجامعة، وفرع الطب النفسي بجامعة هولير الطبية. ويفضل البدء به من الآن لاستقرار الوضع الأمني في المنطقة، والإفادة من التجربة بهدف اعمامها. 3- دعم وتنشيط قسم الإرشاد النفسي بجامعة البصرة، وتمكينه مادياً وعلمياً لتقديم الخدمات النفسية، بالتعاون مع كلية طب البصرة. 4- دعم الجمعية النفسية العراقية علمياً ومادياً، والإفادة من كوادرها في إجراء الدراسات الميدانية واقامة دورات تدريبية في الاختبارات الخاصة بالصحة النفسية، والإرشاد النفسي الفردي والأسري. ثالثاً: الرسائل العلمية دعم طلبة الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه ) في أقسام علم النفس والعلوم التربوية والنفسية والإرشاد النفسي بالجامعات العراقية، الذين يختارون لرسائلهم موضوعات ميدانية تتناول الآثار النفسية للحروب وضغوط ما بعد الصدمة " الشدّة " والاكتئاب والحزن المرضي وعدم التوافق الأسري والاغتراب النفسي والاجتماعي . رابعاً: النشاط الإعلامي إعداد برامج تلفازية وإذاعية وموضوعات صحفية تستهدف إشاعة الثقافة النفسية وثقافة السلام بين العراقيين، والاستعانة بخبرات الاختصاصيين بكليات الإعلام وأقسام علم النفس. خامساً: البرامج التدريبية إقامة برامج تدريبية في (علم النفس الإكلينيكي) لعدد من الكوادر العلمية المتميزة في اختصاصات الاضطرابات النفسية والعلاج النفسي المعرفي والسلوكي والإرشاد النفسي، من العاملين بالجامعات العراقية ومراكز البحوث النفسية. الزميلات والزملاء في الماضي البعيد كان العراق متفرداً في ابتكار اشياء جميله وعظيمة: الكتابه ، العجله، بناء اول مدن في التاريخ ...والان يبتكرون في العراق ايضاً اشياء متفردة ولكن في قتل الناس الابرياء وتدمير وطننا الجميل فحولّوا العراق بلد الخيرات والتنوع الثقافي والحضاري الى بلد الكوارث التراجيديه، وعطّلوا النوايا الصادقة لبناء وطن مزدهر وشعب مرّفه . فعلى مدى ثماني وعشرين سنه متواصله هنالك ثمانية وعشرين مليون عراقي ينامون في الليل على كارثه ويستيقظون في الصباح على كارثه جديده. في كل بيت عراقي هنالك فاجعه ولكم ان تتذكروا : الانفال وحلبجه والمقابر الجماعية وضحايا الحرب العراقيه الايرانيه وحربي الخليج الثانيه والثالثة وهذه الحرب الوحشيه المركيه التي بسببها تزهق ارواح مائة عراقي في اليوم ، وهجرة ثلاثة ملايين وتهجير مئات الآلآف ، فضلا عن عشرات الالاف من الارامل وخمسه ملايين من الاطفال الايتام . ومع كل هذه المآسي والفواجع التي لم يتعرض لمثلها في وحشيتها وطول زمنها اي شعب في التاريخ الحديث والقديم فأنه لاتوجد هنالك خدمات في الصحه النفسيه ولا حتى بالمستوى القريب من المقبول . فالسياسيون منشغلون بالصراعات فيما بينهم ، وكثير من اعضاء البرلمان مصابون بالبارانويا السياسيه اعني الشك المرضي بالآخر ..كل جماعة منهم رافعة شعار (لأتغدى بصاحبي قبل ان يتعشى بي ) وانشغال سياسي بهذا الحال لن تشغله هموم العراقيين . فضلاً عن ان المسؤلين في وزارة الصحه منشغلون بعقد المؤتمرات والايفادات خارج العراق اكثر من انشغالهم بتوفير الخدمات النفسيه لمئات الآلآف من العراقيين المصابين بانواع الامراض النفسيه الناجمه عن الفواجع التي تعرضوا لها على مدى (28)سنه وماتزال في حياتهم ختام المساء وافتتاحيه الصباح . ومشكله اخرى هي ان المعنيين بالصحة النفسية من الاطباءالنفسيين وعلماء النفس والاكاديميين يقطعون المسافات الطويله ويعقدون المؤتمرات ويبذلون جهوداً طيبه ،غير ان معظم توصياتهم تنتهي بأنتهاء مؤتمراتهم. فقبل هذا المؤتمر عقدت ثلاثة مؤتمرات في الصحة النفسيه اختتمت اعمالها بتوصيات مهمه ،غير انها لم تجد طريقها الى التطبيق . وما أرجوه لهذا المؤتمر ان تأخذ توصياته طريقها من ابو ظبي الى بغداد ، وان تجد من بين متخذي القرار في بغداد من تأخذه الغيرة على اهله فيعمل على تنفيذها . مـــع وافــر التقدير والاحترام.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤتمر الخدمات النفسية والرعاية الأساسية عقب الكوارث ، الرؤى
...
-
حوار مع فرويد - 5
-
حوار مع فرويد -4
-
حوار مع فرويد -3
-
حوار مع فرويد - 2
-
حوار مع فرويد
-
ماركس ولينين ام فهد وسلام ؟!
-
بعض الأمراض النفسية في قوى اليسار العراقي
-
البديل المنقذ لعراق مدني ديمقراطي ..وساطة لتوحيد قوى اليسار
-
البديل المنقذ لعراق مدني ديمقراطي / ملاحظات على دعوة ..ودعوة
...
-
العلم العراقي ..المقترح اقراره
-
ذكريات مع الدكتور علي الوردي
-
العراقيون ...شعب أسطوري !
-
العراقيون في عام 2020
-
كاظم الساهر..والعراقيون
-
الحوار المتمدن .. تكريم لضحايا الفكر
-
العراقيون وسيكزلوجيا التطير
-
المرأة ..والعراف
-
العراقي ..وسيكولوجيا الهوس السياسي
-
مركز دراسات المجتمع العراقي من الفكرة الى التأسيس
المزيد.....
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
-
-وسط حصار خانق-.. مدير مستشفى -كمال عدوان- يطلق نداء استغاثة
...
-
رسائل روسية.. أوروبا في مرمى صاروخ - أوريشنيك-
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 80 صاورخا على المناطق الشم
...
-
مروحية تنقذ رجلا عالقا على حافة جرف في سان فرانسيسكو
-
أردوغان: أزمة أوكرانيا كشفت أهمية الطاقة
-
تظاهرة مليونية بصنعاء دعما لغزة ولبنان
-
-بينها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية -..-حزب ال
...
-
بريطانيا.. تحذير من دخول مواجهة مع روسيا
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|