أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - -ثقافة المقاومة- التي ينشرها -الجهاديون-!














المزيد.....


-ثقافة المقاومة- التي ينشرها -الجهاديون-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2205 - 2008 / 2 / 28 - 10:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُنْظَر إلى الجماعات الإسلامية "الجهادية"، التي تَنْبُذ، أو تكاد تَنْبُذ، كل سياسة لا تكون على هيئة "سَيْف"، على أنَّها "خطُّ الدفاع الأخير" عن "الأمَّة" في مواجهة العدو الأوَّل للإسلام والمسلمين، وهو، في المقام الأوَّل، الولايات المتحدة (مُذْ حكمها بوش وفريقه على وجه الخصوص) وإسرائيل (بصرف النظر عمَّن يحكمها).

وتوصُّلاً إلى اجتذاب مزيدٍ من الأنصار والمؤيِّدين لها، فكراً وممارَسةً، من المواطنين المختلفين (قليلاً أو كثيراً) عن تلك الجماعات، في الأفكار وطريقة التفكير ووجهات النظر والميول وطرائق العيش، يَزْعُم بعض ممثِّليها الفكريين والسياسيين والإعلاميين أنَّ تلك الجماعات تتوفَّر على إنتاج وبثِّ ونَشْر ما يسمُّونه "ثقافة المقاومة"، فهذا المصطلح (الذي لا مكان له في البنية الفكرية والثقافية الأساسية لتلك الجماعات) يقع موقعاً حسناً من نفوس كثير ممَّن لديهم ميْلاً قوياً إلى المشارَكة في مقاوَمة ومواجهة ما نتعرَّض له من مخاطر (بعضها من الوزن الاستراتيجي والتاريخي) من قِبَل هذا العدو، الذي ينجح دائماً في إقناعنا بأنَّه عدوٌّ لنا، ويضطَّرنا، بالتالي، إلى أن نبادله عداءً بعداء، وإنْ لم نوفَّق بعد في مبادلته العداء بما يفيدنا ويضره.

إنَّ أحداً من الواقعيين الموضوعيين في التفكير، والنظر إلى الأمور، لا يُنْكِر أنَّ بعضاً مِمَّن ينتسبون إلى "الإسلام الجهادي" يُظْهِرون جرأة وبطولةً قلَّ نظيرهما (ولا نقول "لا نظير لهما) في مواجهة ومحاربة هذا العدو، وأنَّ لـ "الدافع الديني" أهميَّة كبرى في عملهم القتالي البطولي الجريء، وإنْ كان هذا الدافع يختلف قوَّة باختلاف نمط العيش والتفكير بين شبابنا، فـ "العام" من ظاهرة "قَتْل العدو من خلال قتل النفس (ظاهرة القنابل البشرية)" هو أنَّ "المَيْل الاستشهادي" يقوى ويشتد بين شباب أُفْقِروا اقتصادياً (في المقام الأوَّل) حتى أصبح العدم عندهم خيراً من الوجود، فاستسهلوا واسترخصوا التضحية بالنفس (في هذه الطريقة) توصُّلاً إلى "دار البقاء" التي هي خيرٌ وأبقى.

وإنصافاً للحقيقة ينبغي لنا أن نشير إلى أنَّ هذا النمط من القتال، أو المقاومة، ليس بمٌنْتَج إسلامي صرف، فثمَّة أُناس من غير المسلمين زاولوه من قبل. أمَّا في أمْر "الدافع" إلى القتال، والمقاومة، وإلى الاستبسال فيهما، فنرى، أيضاً، أنَّ بعضاً من الدوافع غير الدينية يمكن أن تَعْدِل، أو تفوق، لجهة قوَّتها، "الدافع الديني" لدى "الاستشهاديين (الذين يُفضِّل بعضٌ منَّا، ومن غيرنا، وصفهم بـ "الانتحاريين")".

مَنْ يَسْحَر عقولهم وقلوبهم قوَّة "الدافع الديني" لدى "الجهاديين الاستشهاديين"، ونتائجه الميدانية المباشِرة، لا يبقى لديهم من قوَّة البصر والبصيرة ما يعينهم على رؤية النتائج والعواقب التي تتعدَّى الحدود الضيِّقة للنتائج الميدانية المباشِرة، وكأنَّ وصول تلك الجماعات "الجهادية" إلى السلطة، في بلادنا، وهَدْمِها مجتمعنا "الفاسِد"، بحسب ميزانها الفكري الفاسِد، لتَبْتني من "حجارته" مجتمعاً من النمط الذي ابتنته "طالبان" في أفغانستان، والذي لا يصلح أبداً للعيش الآدمي، ليسا بالأمر الذي يستأهل خوفنا وقلقتا وخشيتنا!

وحتى لا يُساء فَهْم هذا الذي قُلْت، أقول توضيحاً إنَّني لا أُفاضِل بين حكوماتنا وبين حكومة "الجهاديين"، فكلا الطرفين يُمْعِن في مجتمعنا قتلاً وهَدْماً؛ بما يجعله، أي يجعل هذا الطرف أو ذاك، مضاداً للآخر في الأسلوب والطريقة والوسيلة.

وعلى أولئك المتغنِّين بـ "ثقافة المقاومة"، التي يزعمون أنَّ الجماعات الإسلامية "الجهادية" تتوفَّر على نشرها فينا، وبيننا، ألاَّ يضربوا صفحاً عن حقيقة أنَّ بعضاً (أي كثيراً) من "الجهاديين" لا يَمْلِك من "الدافع الديني" لـ "الاستشهاد" إلاَّ ما ارتفع فيه منسوب "النزعة التكفيرية"، فـ "الاستشهادي" منهم يقتل نفسه توصُّلاً إلى قتل عدوٍّ ليس بالعدو، فكم من المسلمين "كُفِّروا" ليُسْتباح قتلهم بـ "القنابل البشرية"؟!

والجماعات الإسلامية "الجهادية"، وبتأليهها للسيف، تميل، ويشتد لديها المَيْل، إلى استصغار واستتفاه ونَبْذ كل صراعٍ آخر، لشعوبنا ومجتمعاتنا مصلحة حقيقية في خوضه والانتصار فيه، فهي جماعات لا وزن لها (فِكراً وسياسةً وتنظيماً) في قضايا ومطالب وحقوق ومصالح اقتصادية واجتماعية تخصُّ الغالبية العظمى من أبناء مجتمعنا، وكأنَّ السيف والترس هما كل حياتنا!

حتى في قتالهم العدو الحقيقي يُظْهِرون ويؤكِّدون فشلهم في توحيد وحشد المجتمع وقواه، فَهُم لا يقاتلونه، ولا يستمرون في قتاله، إلاَّ بمجتمع مزَّقوه، وأمعنوا في تمزيقه، بـ "مبضع التكفير"، الذي يصنعونه ويستعملونه بما يُوافِق "المبدأ الأهم" الذي يُحْكُمهم، تفكيراً وعملاً، وهو مبدأ "العداء للآخر"، الذي قد ينتهي بهم إلى العيش والعمل بحسب مبدأ "أنا وحدي"!

وعندما يتحوَّل القتال (قتال العدو) في حدِّ ذاته إلى ما يشبه "المبدأ الديني" الذي لا حَيْدَ عنه إلاَّ بـ "الكفر"، يَقَع الطلاق البائن بين "الحرب" و"السياسة"، فتُصاب البندقية والرصاصة والقنبلة والقذيفة بعمى سياسي، فيأتي القتال بنتائج تفيد الجلاَّد وتضرُّ الضحية، وكأنَّ "الحساب السياسي" للعمل القتالي، أو "الجهادي"، رجس من عمل الشيطان!

ويكفي أن تتمكَّن تلك الجماعات من "القيادة" حتى يغدو "المقود"، أي مجتمعنا، أو بعضه، محارِباً ضد ذاته، وضد مصالحه وحقوقه، وكأنَّه قد كره العدو حتى كره نفسه!

بقي أن أقول (في هذا الضيِّق من المكان) إنَّني أعْلَم أنَّ هذا الذي قُلْت لن يقع موقعاً حسناً من نفوس كثير من القرَّاء، فالأوهام ما زالت تغشى الأبصار والبصائر، حتى كاد النُطْق بالحقيقة يُسْمَع فحسب بأُذُن الناطق بها!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مادية وجدلية العلاقة بين -الكتلة- و-الفضاء-
- تعصُّب جديد قد ينفجر حروباً مدمِّرة!
- الموقع الإلكتروني للجريدة اليومية
- التلويح ب -كوسوفو-!
- مفاوضات أم جعجعة بلا طحين؟!
- مرض يدعى -المظهرية-!
- وَقْفَة تستحق الإشادة والتقدير!
- اغتيال مغنية.. ما ظَهَر منه وما استتر!
- -نار الغلاء- فاكهة الشتاء!
- -المواطَنة- في -الوطن العربي-!
- -حرية العقيدة- بين تركيا وبريطانيا ومصر!
- بوتين يرى العالم بعين لا يغشاها وهم!
- مع الحكيم
- إعادة فتح وتشغيل معبر رفح هي التحدِّي الأول!
- الحركة والسكون في الكون
- حتى لا يأتي هدم -الجدار- بما تشتهي إسرائيل!
- طريقان متوازيتان يجب أن تلتقيا
- بوش: للاجئ الفلسطيني الحق في التعويض عن حقِّه في العودة!
- رئيس بونابرتي أم لحود ثانٍ؟!
- -بقرة بوش- لن يَحْلبها غير إسرائيل!


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جواد البشيتي - -ثقافة المقاومة- التي ينشرها -الجهاديون-!