أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - إلقاء القبض على صدام : نصر إعلامي أمريكي صغير ، وانطلاقة كبرى للمقاومة الشاملة !















المزيد.....

إلقاء القبض على صدام : نصر إعلامي أمريكي صغير ، وانطلاقة كبرى للمقاومة الشاملة !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 684 - 2003 / 12 / 16 - 07:34
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


  في مدينة تكريت ذاتها ، والتي نبشتها القوات الأمريكية مترا مترا ، وخلال عملية وصفتها وكالات الأنباء جميعا بالسهلة والمترتبة  ، ألقت سلطات الاحتلال  الأمريكية القبض على  صدام حسين  منهية بذلك مسرحية هابطة سئمها العراقيون ،حاولت من خلالها قوات  الاحتلال التستر على مكان اختفاء الطاغية والامتناع عن إلقاء القبض عليه طوال ما يقرب من ثمانية أشهر .ومن التفاصيل التي أعلنت أن عملية إلقاء القبض تمت دون إطلاق رصاصة واحدة وأن الطاغية كان يختبئ في حفرة بعمق ست أقدام وكان معه شخصان ولم يقاوم أحد منهم بل إن الجنرال سانشيز أعلن أن صدام كان متعونا مع من ألقوا القبض عليه .
لا مراء في أن أغبى مخرج مسرحي لن يفكر في  هذه الحبكة المفضوحة والطريقة الساذجة التي قدمت بها العملية برمتها وهي ستعطي صدقية كبيرة لقول القائلين : أن  سلطات الاحتلال كانت تعرف مكان اختباء صدام ولكنها ترددت وتلكأت في إلقاء القبض عليه لأسباب سياسية وعسكرية مفادها أن طي صفحته ستعني دفع الجنوب العراقي وإقليم الفرات الأوسط والشمال إلى المساهمة في المقاومة المسلحة بعد أن  ينتفي احتمال خطر عودة هذا الطاغية إلى السلطة في حال هزيمة الاحتلال وانسحاب قواته .
     من الواضح تماما أن رائحة الطبخة المخابراتية قوية جدا في العملية الأمريكية الأخيرة ،  و  مما يزيد من صدقية القائلين بهذه الفكرة ،هو أن أخبارا وردت عن مشاركة قوات من المليشيات الكردية في العملية ، وأن جلال الطالباني هو أول من أعلن من إيران عن خبر الاعتقال . وإذا ما أضفنا إلى هذا الخبر ما أعلن بعد شهرين من سقوط بغداد ومن مصادر كردية أن ثلاث عمليات  لاعتقال صدام  على الأقل قد عرقلت  أو أوجلت من قبل سلطات الاحتلال ذاتها، فهل كان صدام حسين طيلة الأشهر الثماني الماضية تحت مراقبة وحراسة القوات الأمريكية بالتعاون مع المليشيات الكردية المتعاونة مع المخابرات الإقليمية والإيرانية في مقدمتها ؟
  قد لا تكون للإجابة على هذا السؤال أهمية سياسية  فائقة ، غير أن الأكيد هو أن إلقاء القبض على صدام قد غير وبشدة ملامح وقسمات الخريطة الجيوسياسية تماما ، فاعتبارا من اليوم ، سيواجه الأمريكان شعبا كاملا يطالبهم بالرحيل بعد أن حققوا أهدافهم المعلنة ، وهو سيرفع الحرج الثقيل والاتهام بالعمالة لصدام وبقايا نظامه عن كاهل المترددين من الانخراط في المقاومة المسلحة ضدهم . صحيح أن الأمريكان تفادوا احتمال انفجار شعبي بسبب تلكئهم في إلقاء القبض على الطاغية ولكنهم سيواجهون اليوم الحد الثاني من السيف الذي لعبوا به طويلا ألا  وهو حد المقاومة الشعبية بكل أشكالها وفي كافة أنحاء العراق .
و ليس بحثا عن براءة اختراع لا تهمنا قط ، بل للتذكير بالسياق السياسي  للحدث  نذكر بما كتبناه قبل ثلاثة أيام ونشر في جريدة "القدس العربي"  عدد 10/12/2003 حيث قلنا ( والمقاومة العراقية رغم أدائها الباسل الذي أربك المحتلين وأرعبهم تعاني من مأزق خطير يتمثل في انحصارها عملياتيا  في إطار جغرافي ضيق لا يخلو من التأثيرات الطائفية المقيتة وعدم نجاح المقاومة حتى الآن في الانفصال تماما وعلنا وبقوة عن صدام حسين وبقايا نظامه . ولا يمكن الخروج من  مأزق المقاومة هذا ،ونشرها في جميع أنحاء العراق ، إلا بمحاصرة وعزل صدام ومجموعته جماهيريا وتحميله مسئولية كل ما جرى للعراق والعراقيين طوال الثلاثة عقود الماضية ، وليس من المستبعد تماما أن  تكون سلطات الاحتلال وعملاؤها هي التي تقوم برفع صور الطاغية المهزوم والهتاف تأييدا له بهدف ترويع وإخافة العراقيين في الجنوب وإقليم الفرات الأوسط من احتمال عودة النظام التي تبدو مستحيلة الآن ودفعهم بواسطة رفع تلك الصور ونشر الأشرطة الصوتية والرسائل الصدامية والإشاعات الخرافية  بعيدا عن المقاومة والثورة على الاحتلال الهمجي . إن سلاح استعمال صدام كبعبع لخنق المقاومة وتجفيف بحرها الجماهيري هو فعلا سلاح فعال ولكنه  ذو حدين قد ينقلب بمرور الوقت ضد الاحتلال فيشعل ثورة شاملة في جميع أنحاء العراق بسبب تلكأ وتردد الأمريكان في إلقاء القبض على صدام و طي صفحته نهائيا . وإن بوادر كثيرة تنتشر هذه الأيام في جميع أنحاء العراق وتشير إلى نفاذ صبر الناس واقتراب لحظة الانفجار الشاملة ضد الأمريكان وهذه المرة بسبب ما يبدو وكأنه حماية غير مباشرة لصدام توفرها قوات الاحتلال .)
  من الطبيعي والمتوقع تماما أن يردح الإعلام الأمريكي لهذا النصر الصغير بل والمغشوش ويحاول – المحتل الأمريكي - الظهور أمام الرأي العام العراقي بمظهر المنقِذ والمحرِّر والمخلِص وإخفاء صورة الغازي المدمر والنهاب والذي يوصي جنوده ببطح الشيوخ العراقيين أرضا والدوس على رؤوسهم  بالبساطيل العسكرية ، ومن الطبيعي أن يحتفل الشعب العراقي عن بكرة أبيه بهذه المناسبة السعيدة وأن يتذكر الضحايا وذوو الضحايا الذين أدمى صدام ونظامه الفاشي قلوبهم ودمر وطنهم ثم تسبب في تسليمه إلى الغزاة الأجانب ، غير أن من غير الطبيعي  أن يستمر الوضع العام في العراق على ما كان عليه قبل عملية "الفجر الأحمر " وهو الاسم الكودي الذي حملته عملية إلقاء القبض على صدام حسين  .
   ومن المشكلات الجديدة التي ستواجه سلطات الاحتلال ، إضافة إلى استمرار المقاومة العراقية ،التي لن تتوقف ، خصوصا بعد أن كشفت تفاصيل عملية الاعتقال عن عزلة صدام التامة ووضعه الصحي والنفسي بأن علاقته بالمقاومة ودوره فيها قد بولغ فيه كثيرا ،إن لم يكن مفتعلا وغير صحيح كلية وقد قال موفق الربيعي عضو مجلس الحكم المعين حرفيا وفي زلة لسان سيدفع ثمنها لدى أصدقائه الأمريكان  أن صدام لم تكن  له ،كما هو واضح من حيثيات إلقاء القبض عليه ، علاقة  بالمقاومة ولم يقم بأية اتصالات بها حيث لم يعثر بحوزته على أية وسيلة اتصال . ومن تلك المشكلات الجديدة ستبرز بقوة مضاعفة المطالبة بانتخابات عامة وحقيقية لهيئة صياغة الدستور والحكومة المؤقتة والتي حاول الاحتلال ومجلس الحكم الذي شكله الالتفاف عليها عبر ما يسمى بالانتخابات الجزئية أو غير المباشرة والمؤتمرات الإقليمية المعينة .كما ستطرح بالإلحاح المشكلات  المعيشية اليومية التي تعاني منها جماهير الناس وسوف تدرج مسألة المحاكم الخاصة التي ستحاكم صدام ورجال نظامه على جدول الأعمال وهي مسألة سيحاول أصدقاء الاحتلال في مجلس الحكم الاستفادة منها سياسيا وعلى حساب الانشغالات الشعبية الحقيقية الهادفة إلى تحقيق العدالة ضمن توجهات مصالحة وطنية فعلية تجنب البلد الانزلاق في حروب فئوية وطائفية عقيمة وثأرية .
  إن من المتوقع تماما أن تحاول سلطات الاحتلال في الأيام القليلة القادمة الدفع باتجاه حدوث عمليات انتقام وثأر واسعة النطاق تحت ضباب عملية اعتقال صدام حسين ، أما الهدف الحقيقي من تلك المجازر المتوقعة فهو ضمان دوام هيمنة المحتلين على الوضع وإشعار الجميع بأن الحاجة إلى وجودهم مازالت قائمة إن لم تكن قد تضاعفت  ، وسوف يجد المحتلون  الكثير من الشخصيات والأحزاب الكارتونية التي لا وزن لها في الشارع العراقي من يصفقون لهم وينفذون مآربهم لسبب بسيط هو أن وجود هذا النوع من " العراقيين " مرتبط ارتباط السبب بالنتيجة بالوجود الاحتلالي ذاته . 
   خلاصة القول هي أن النصر الأمريكي الصغير على الطاغية الذي طالما ساعدوه وتبنوه في مواجه شعب العراق سيتلاشى سريعا وأسرع مما يتصور البعض ، غير أن المشكلات الفعلية على أرض الواقع لن تتلاشى بل ستتفاقم الأمر الذي سيدخل الوجود الاحتلالي والمشروع الأمريكي برمته في عنق الزجاجة التي ستهشمها مقاومة شاملة رفع عنها اليوم عائق استراتيجي اسمه صدام حسين مما يبشر بأن فجرا عراقيا آخر سيطل ولكنه لن يكون بلون أمريكي " أحمر " !



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلاو* جديد اسمه المؤتمرات الإقليمية أو الانتخابات الجزئية !
- حول البعث والسطل وقضايا أخرى !
- الدرس السابع والعشرون : الفعل المضارع غير المتصل ولا المسبوق
- الحكيم والسيستاني وعملية الفرملة السياسية الأخيرة !
- دروس في النحو والإملاء الدرس السادس والعشرون : نائب الفاعل
- راهن ومستقبل حزب البعث العراقي في ضوء حرب الاغتيالات المتباد ...
- على هامش زيارة اللص بوش السرية إلى أرض الرافدين : والآن ماذا ...
- حين يصوغ العجم دستور العراق !
- دروس في النحو والإملاء :الدرس الخامس والعشرون :الفاعل
- الإبداع الفني والأدبي وظروف العنف
- دروس في النحو والإملاء الدرس الرابع والعشرون :الخبر
- خبير نفطي يؤكد تهافت تطمينات حمزة الجواهري بالأدلة والخرائط ...
- دروس في النحو والإملاء الدرس الثالث والعشرون:المبتدأ
- توضيح لغوي حول لفظ الجلالة في العلم العراقي
- دروس في النحو والإملاء الدرس الثاني والعشرون : علامات الإعرا ...
- عملاء لمخابرات صدام بالأمس و عبيد للأمريكان اليوم ! فضيحة ان ...
- دروس في النحو والإملاء الدرس الحادي والعشرون : المعرب والمبن ...
- دروس في النحو والإملاء الدرس العشرون : خلاصات ومسموحات حول ا ...
- أحفاد معاوية والمنطق -الباطني- : إنهم يغتالون الشهداء !
- قناة -سرايا الدفاع -وهشام الديوان والشهيد الحي علي إسماعيل !


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - إلقاء القبض على صدام : نصر إعلامي أمريكي صغير ، وانطلاقة كبرى للمقاومة الشاملة !