|
حرب تركيا على مسلحي حزب العمال الكردستاني: هل هي نهاية حلم دولة كردستان؟؟؟
إدريس الهبري
الحوار المتمدن-العدد: 2205 - 2008 / 2 / 28 - 01:53
المحور:
القضية الكردية
كشفت الحرب التي تشنها أنقرة على حزب العمال الكردستاني شمال العراق عن كثير من الحقائق ذات العلاقة بمفهوم السيادة والانتماء العرقي وحق تقرير المصير، هذه الحرب الدائرة بشمال العراق، بإقليم كردستان تحديدا، التي صار من اللازم قراءتها بما يلزم من التأمل، حتى نستطيع الوصول إلى حقيقة ما يجري وفقا للتجاذبات الإقليمية المتحكمة فيها، وكذا الملابسات والظروف التي تعرفها المنطقة. إن تركيا حين تقرر ملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض بشمال العراق، لا تسعى للقضاء على مجرد حزب معارض، ولا مجرد منظمة إرهابية كما صنفته الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، وإنما تهدف من وراء حربها عليه إلى كسر شوكة طموح كردي يتلخص في إنشاء دولة كردستان المستقلة، وهو طموح لا يهدد تركيا وحدها، بل يتجاوزها إلى إيران وسوريا والعراق. وتبدو كل هذه التحالفات التي تستهدف القضاء على حزب عبد الله أوجلان منطقية وواقعية بالنظر للخطر الذي يشكله الحزب في ارتباطه بحق تقرير المصير وإقامة دولة كردية مستقلة، أو على الأقل إحداث منطقة حكم ذاتي كما هو الحال بالعراق؛ لكن الملفت للانتباه هو هذا التحالف النشاز القائم في السر والعلن بين أنقرة وأكراد العراق بزعامة جلال طالباني ومسعود البرزاني، إذ يتحول مفهومي "الانتماء العرقي" و"حق تقرير المصير" إلى مفهومين ملتبسين وغير محددين، لأن الحالة كانت تستدعي وقوف أكراد العراق إلى جانب حزب العمال الكردستاني في محنته ومده بما يلزم من الدعم والمساندة مهما كان مستواهما. غير أن العكس هو الذي حصل حين وافق جلال طالباني ومسعود البرزاني على توغل الجيش التركي إلى شمال العراق لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردساتني وسحقهم. لكن الحالة الكردية العراقية، تبقى حالة فريدة جدا، بالنظر لتاريخ وجودها المبني على التناقضات الإقليمية أولا، وعلى تدبير الصراع الداخلي بين زعامات التنظيمات الكردية الذي كانت ناره تستعر بين الفينة والأخرى على أساس من تشييد تحالفات مرحلية مع السلطة المركزية ببغداد. حيث لم يألو الطالباني جهدا في تشكيل حلف مع الحكومة المركزية العراقية ضدا على الحزب الديمقراطي الكردستاني بمجرد انفصاله عنه، بعد أن كان يشغل عضوا بلجنته المركزية، وشارك في حملة عسكرية ضد الحزب الديمقراطي. وهو نفس الخيار الذي لجأ إليه مسعود البرزاني بعد نشوب صراع مسلح بين حزبه وحزب جلال طالباني عام 1966، حين طلب المساعدة من الحكومة المركزية العراقية. من هنا يصبح النموذج الكردي العراقي فريدا من نوعه، ويصبح موقفه من الحرب التي تشنها تركيا على مسلحي حزب العمال الكردستاني منسجما مع تاريخه الطويل وسجل تحالفاته الخارجية لأجل حسم الصراع الداخلي المؤسس على سؤال الوجود الضيق والطموح الفردي والزعامة، ويظل مخلصا لمساره التاريخي المبني على فهم خاص للقضية الكردية، وهو فهم يضرب مفهومي الانتماء العرقي وحق تقرير المصير في العمق. أما مفهوم السيادة فلا يبدو أن جلال طالباني رئيس دولة العراق المحتلة معني به، لأن ما يعنيه بالأساس هو سيادته الذاتية المرتهنة بالأمريكيين. من هذا المنطلق البحت، تصبح الهوية الكردية مجرد ادعاء زائف، وشعار للاستهلاك والمزايدات، ومطية لتحقيق المصالح الذاتية المرتبطة بشوفينية ونرجسية الزعامات ليس إلا، ويأخذ مفهوم الانتماء العرقي طبيعة زئبقية خاضعة في كل الأحوال للتحولات السياسية. ألم يحن الوقت للانقلاب على مفهوم العرق Race ذي الجذور البيولوجية والمرتبط بالماضي الكولونيالي، أو مفهوم الجماعة الإثنية Ethnic group، الذي عوضه، حين أوصى به الأنثربولوجي آشلي مونتاغيو؟؟؟ لماذا لا يستعاض عنه بمفهوم الأمة المحتضن لمكونات اللغة والدين والثقافة والجغرافيا وبعد أن أثبتت الأنثروبولوجيا صعوبة الحديث عن جماعة عرقية نقية؟؟؟ لماذا يتم تحريك النعرة العرقية لخلق بؤر توتر بكثير من أنحاء العالم في الوقت الذي أثبت كثير من العلماء مثل ل.ل. كاغلي، "سفورزا وستيف جونز أن مفهوم العرق والتفرقة العرقية في أوساط البشر مفهوماً بائدا، وأن التماثل المشترك من تركيب بني البشر الوراثي من ذوي الأعراق المختلفة أكثر من المتباين منه، وأن التباين والتفرقة الأساسية تكمن في ظاهر الأمور السطحية؟؟؟ كيف لم نتمكن من الانتباه، لحدود الآن، إلى حقيقة استخدام العرق وتوظيفه في حسم الصراعات السياسية والاقتصادية الكبرى بين الدول خاريجا وبين أقطاب اللعبة السياسية داخليا؟؟؟ كيف يتطابق العرق مع الأقلية فيتحول إلى نقاش سياسي تارة وعسكري تارة أخرى، يعالج العلاقات العرقية ووضعية الأقلية تجاه الأغلبية والتعصب والتحيز العنصري وأشكال الصراع وسبل حل المشكلة مثل الدمج والتذويب والتعددية والانفصالية والديمقراطية التوافقية والمحاصصة؟؟؟
#إدريس_الهبري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بعد زيارة بوش؟!
-
شارب أبو النجا أو حرب الشوارب
-
إستراتيجية بوش الجديدة في العراق: إلى أين؟
المزيد.....
-
ترامب ينشئ مركز احتجاز للمهاجرين في غوانتانامو.. وكوبا تندد
...
-
تفاصيل عملية تبادل الأسرى الجديدة بين -حماس- وإسرائيل
-
ترامب يوجه بإرسال 30 ألف مهاجر غير شرعي إلى غوانتانامو.. وكو
...
-
أمر تنفيذي لترامب لاحتجاز ما يصل لـ-30- ألف مهاجر في -غوانتا
...
-
ترامب يقرر تحويل غوانتانامو إلى مركز احتجاز لعشرات الآلاف من
...
-
الجمهوريون يحثون ترامب على معاقبة الجنائية الدولية لإصدارها
...
-
-تصرف وحشي-.. رئيس كوبا يندد بخطة ترامب لاحتجاز مهاجرين في غ
...
-
وفد قيادي من حماس يلتقي أردوغان في أنقرة ويبحث آخر التطورات
...
-
ترامب يوقع مذكرة رسمية تمهد لاحتجاز المهاجرين في غوانتانامو
...
-
الأونـروا: مـا الـعـمـل بـعـد الـقـرار الإسـرائـيـلـي؟
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|