لاشك ان هذا اليوم لن يغيب عن ذاكرة العراقيين الذين كان الطاغية صدام قد نظر لهم بازدراء وتعامل معهم بعنف وقسوة ، وصلت به الى اعتبارهم اعداءه ، وكان الدكتور سعد البزاز في عام 1991 أول من اشار الى هذه الناحية المرضية في سلوك صدام ، فقد كان مولعاً بخلق الاعداء له ، لانه كان يعتقد ان القوة ستبقى حليفه الى الابد ، وهذا الاعتقاد الخاطىء بحد ذاته هو حالة مرضية لانها تخالف حقيقة المنطق والقانون الطبيعى بأن كل قوة تفنى مهما بلغت ، وحال وصولها الذروة فهى تبدأ بالتراجع والتنازل والانتهاء.
ولقد ادى هذه المهمة على اتم وجه بعد ان اذاق الشعب العراقي كؤوس المر ولوعات العذاب والحرمان والخوف واساليب البطش المروعة والموت الجماعي وسلط على حياتهم اشباه الرجال والناقصين والشواذ واللصوص والقتلة من عسكرين فاشلين ومنتسبين لاجهزة الامن ومنظومات الاستخبارات والمخابرات ووكلاء الحزب والجواسيس والمرتشين والحالمين بمجد زائف من تجار الكلام والشعر والمشعوذين والدجالين .. لقد كانوا ماكنة ثقيلة تسير ببطء على اجساد كل العراقيين بلا رحمة لتهرس اعصابهم وتسحق عظامهم وتسلبهم ارواحهم البريئة الطاهرة .
منح ماكنة الموت هذه كل الدعم المالي والمعنوي لتفتك بالمثقف والسياسى والاستاذ والمعلم والباحث والرياضى والصناعي والطالب والمرأة وحتى الاطفال ، كل ذلك في سبيل بقاءه على كرسى السلطة والتحكم برقاب شعب طيب كان يعرف جيدا من هو صدام حسين وماهى افعاله وماهو تاريخه الاسود .
انظروه الان وهو معتقلاً في مخبأه مثل فأر صغير ، جباناً حتى من اطلاق النار على نفسه ، لانه كان محباً لملذات الحياة يحاول اشباع غرائزه فقط منها بلا ادنى احساس بحياة الاخرين ومشاعرهم وطموحاتهم وبراءة انفسهم. ماذا كان يأمل أو ينتظر ؟ ان يخبأه العراقيين او يدافعون عنه؟؟ماذا كان يحلم ان يحقق من حفرته العامودية التى انزل فيها جسده غير ان تكون قبراً له؟
سيبقى هذا اليوم 14 ديسمبر يوماً خالداً في ضمير وذاكرة كل عراقي لان صدام حسين حفر في ذاكرة كل عائلة تواريخ اعتقال او اختطاف او تغييب أحد افرادها أو اعادته اليهم جسدا مسجى ومطالبتهم بثمن رصاصات اعدامه! ان تاريخ اليوم سيمحو من كل تلك الذاكرات تلك التواريخ وسيبقى هذا التاريخ فقط اليوم الحقيقي لسعادتهم وكم كان كل عراقي يحلم لو انه وقع بأيدى عراقية لكي تفعل به ما فعله بها خلال سنوات حكمه البغيض. أما كان الاجدى به ان يترك السلطة ويغادر العراق قبل 9 نيسان 2003 كما فعل شيفردنازه قيل ايام ؟؟ اما كان الاجدى به ان يجنب العراق كل ويلات الاحتلال ومصائبه ؟ لم يفعل ذلك لانه بكل بساطة : عدو للشعب العراقي لايريد له الخير حتى لوكان ذلك ضماناً لحياته وحياة عائلته ولكن الله اراد ان يذله وان يدحره لكى نراه في قفص المحكمة قريباً ولتقتص منه ارادة الشعب العراقي العظيم.
كاتب عراقي مقيم في تايلاند