|
ماذا ينتظر العرب بعد السلام الاسرائيلي
احمد محمود القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 02:09
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
بعد ان يتم التوقيع على اتفاق السلام بين سوريا واسرائيل، ومن المتوقع ان لا يستغرق هذا وقتا طويلا، ستندفع الأنظمة العربية الواحدة تلو الأخرى لإقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، وحتى قبل ان يتم توقيع اتفاقية سلام بين الدولتين، وتطبيع العلاقات السورية-الإسرائيلية، وقبل ان يتم أيضا تحقيق السلام بشكل كامل وعادل على الجبهة الفلسطينية، لأن معظم الأنظمة العربية، متعطشة لإقامة علاقات دبلوماسية مع الكيان الصهيوني، ليس حبا في السلام، بقدر ما هو حبا في التخلص مما يعرف بالقضية الفلسطينية وذيولها، والتي كانت تمثل قميص عثمان او الشماعة التي كانت تستغلها بعض أنظمة الحكم العربية، لابتزاز بعض الأنظمة العربية الأخرى الغنية بالنفط، من اجل الكسب المالي، تحت غطاء البناء العسكري، وزيادة القدرة العسكرية لقواتها، ومن اجل ما يدعونه مواجهة إسرائيل، ومن اجل استرداد الحق العربي المسلوب في فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة، كما كانت بعض الحكومات العربية، تستغلها لتبرير تقصيرها أمام شعوبها، من حيث الرخاء والبناء والرفاهية، بحجة ان القضية الفلسطينية، هي شغلها الشاغل الآن، وأنها تحشد كل طاقاتها من اجل المعركة مع العدو الصهيوني، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وهي كليشة من التبريرات، كان يستقبلها أبناء الشعب العربي في كل مكان، ويصدقونها، ويتحملوا قسوة الحياة والمعاناة في سبيلها من اجل ذلك، ولكن مع مرور الوقت، ثبت أن كل هذه الادعاءات والكليشيهات كاذبة وفاشلة، كما ان الإعلام الصهيوني والأمريكي، والذي يبيض وجه إسرائيل الصهيونية، أمام دول وشعوب العالم، على أنها واحة التقدم والرخاء والديموقراطية بالمنطقة، هذه الواحة هي ما تتوق إليها بعض الأنظمة العربية، لتتعرف على حقيقتها عن قرب، ولتنال منها بعض الدعم والتكنولوجيا والصدقات، إما بشكل مباشر منها، او من خلالها، حتى تصل إلى رضي وخيرات ودعم الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تهب الملك لمن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء بغير حساب، لأنظمة الحكم العربية وحكامها. ان الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، لن ينتهي، وحتى لو تم التوقيع على اتفاقية الحل النهائي، إذا لم يكن هذا الحل، عادلا وشاملا مائة بالمائة، وهو لن يكون كذلك بالقطع، لأن هذا الحل سيفرض على الفلسطينيين والعرب حتما، في ظل موازين القوى التي تميل لصالح الإسرائيليين بنسبة أكثر من تسعين بالمائة، و إلا لكان العرب والفلسطينيين أقاموا السلام، قبل حرب يونيو عام 1967م. عندما قامت الحرب العربية-الاسرائيلية في حزيران عام 1967م، كانت الشعوب العربية (خاصة الشعب الفلسطيني) تطمح لاستعادة الأرض الفلسطينية المغتصبة عام 1948م وبعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم وأراضيهم، وتعويضهم عن ممتلكاتهم التي افتقدوها وعن معاناتهم خارج أراضيهم وممتلكاتهم، لكن الهزيمة العربية، حققت المزيد من الخسائر بالأرض وفي السكان وفي اللاجئين ايضا، حتى أصبحت كل الأرض الفلسطينية العربية محتلة، وتضاعفت أعداد اللاجئين عن ذي قبل. عندما أقرت الأمم المتحدة القرار 242 بعد حرب عام 1967م مباشرة، من اجل حل القضية الفلسطينية، وطالبت اسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها، فلم ترض بعض الأنظمة العربية بهذا القرار، ولا منظمة التحرير الفلسطينية كذلك، رغم الهزيمة الساحقة التي ألمت بهم، لأن هذا القرار، لم يتطرق للب المشكلة الفلسطينية، ومشكلة الأرض المحتلة عام 1948م، ولا لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، الذين شردوا من أراضيهم وممتلكاتهم وبيوتهم وحق عودتهم وتعويضهم، بل كان الاعتقاد بان هذا القرار، سيحل مشكلة الأراضي العربية المحتلة عام 1967م فقط، ولهذا رفض القرار عربيا، لأنه بنظرهم، كان قرارا قاصرا أيضا، وغير عادل، وعلى الرغم من ذلك، فلم يتم أيضا تحقيق السلام على أساس انسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م، وها نحن الآن، وبعد مضي أكثر من أربعين عاما على القرار 242 وبعد خوض حرب أكتوبر عام 1973م وبعد قيام الفلسطينيين بالثورة وبالانتفاضة، لم تتمكن موازين القوى العربية والإسرائيلية من تحقيق سلاما شاملا أو حلا عادلا ومتوازنا، لأن موازين القوى تميل نحو الظلم والقهر والقوة، خاصة بع زوال الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية بصفة عامة، أي مع دولة الاحتلال الاسرائيلي المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية المجرمة في حق شعوب الأرض، وعلى ضوء ذلك، لم يتمكن الفلسطينيون من تحقيق أي من أهدافهم التي قاموا بالثورة من اجلها، وإذا كان العرب والفلسطينيون الآن، قبلوا بشروط السلام المجحفة الحالية، وتخلوا ولو مؤقتا عن حقوقهم الأصلية، فهذا لا يعني نسيانهم لهذه الحقوق الى الأبد، وتخليهم عنها، فهذه ما هي إلا استراحة المقاتل. مع ان هذه الاستراحة، قد تطول، لتصل إلى عشرات السنين او عشرات العقود،وهذه السنين لا تمثل كثيرا في حياة الشعوب، لأن السلام العربي والفلسطيني مع الإسرائيليين، ليس سلاما استراتيجيا لا في مخطط السياسة العربية، ولا في مخطط السياسة الفلسطينية، لا حاليا ولا مستقبلا، لأنه مبني أساسا على الظلم والقهر والعدوان والقوة، وسلب الحقوق الفلسطينية الشرعية، وليس على أساس من الحق والعدل والمساواة والحقوق المشروعة، لقد قبل به الفلسطينيون تحت ضغط الظروف الصعبة والطويلة، من المعاناة والقهر والظلم والقتل والتشريد، مع ان شعوبنا العربية، وشعبنا الفلسطيني منها، كبقية شعوب العالم، مع السلام والحرية والعدالة والإنسانية، في كل مكان وزمان، ولكن السلام المبني على الحق، والعدالة، وليس الاستسلام، وعلى أساس حق تقرير المصير، لكافة الشعوب المقهورة، والذي وتعترف به مواثيق الأمم المتحدة وقوانيها الشرعية. إن موازين القوى العربية الاسرائيلية والدولية، لن تدوم في ميلها لصالح دولة العدوان إسرائيل إلى الأبد، وسيأتي الوقت المناسب، لتتغير فيه هذه الموازين، لصالح العرب ولصالح الحق والعدل، وعندها لن يتقيد، لا الفلسطينيين ولا العرب، باتفاقيات السلام وبنودها، وستصبح فيه هذه الاتفاقيات، لاغية، وستكون في خبر كان، لأنها لن تعد مقدسة او تتناسب مع الأوضاع المستجدة وموازين القوى الجديدة، مع أن هذا الوضع الجديد، الذي نحلم فيه، سيحتاج إلى عشرات العقود كما ذكرت سابقا، وهذه العقود من الزمن في تاريخ الشعوب، لا تساوي سوى أياما معدودات كما ذكرت سابقا أيضا، فالدول العربية التي استقلت، عن الاستعمار، استقلت عبر نضال متواصل، وبدعم عربي كبير، بعد عشرات من السنين واوضح مثال على ذلك، استقلال الشعب الجزائري العظيم، عن الاستعمار الفرنسي، واستقلال الشعب اليمني عن الاستعمار الإنجليزي وغيرها من الدول العربية الأخرى. ان حكومة إسرائيل، ستندم كثيرا، إذا لم تقبل بتحقيق السلام العادل، الذي يعطي الفلسطينيين أراضيهم المسلوبة، وتسمح للاجئين بعودتهم إلى أراضيهم ومنازلهم، وبالتعويض لهم عن خسائرهم ومعاناتهم الطويلة، لأن هذا الوقت، هو انسب وقت لتحقيق السلام بالنسبة لدولة اسرائيل، مقابل عودة الأرض المغتصبة في عام 1967م للعرب وللفلسطينيين، فالأوضاع العربية عامة والفلسطينية خاصة، تمر في ظروف هي الأسوأ في تاريخ الصراع ألإسرائيلي- العربي، ولن يتكرر أسوأ من هذه الظروف على الأمة العربية ولا على الشعب الفلسطيني، خاصة، وهي فرصة تاريخية على اسرائيل ان لا تضيعها. قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتنسيق الكامل مع الأنظمة العربية التي كانت تعرف بالرجعية، وباستعمال الأحزاب العربية الإسلامية، كأداة للتنفيذ، والتي كانت ترفع شعار معاداة الشيوعية، من اجل حرف دفة الصراع العربي-الاسرائيلي إلى وجهة أخرى، فبدل من ان يكون الصراع عربيا إسلاميا، ضد دولة اسرائيل الغاصبة وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، جعلته صراعا عربيا إسلاميا ضد الدولة الملحدة الشيوعية (الاتحاد السوفييتي سابقا) كما ظهر واضحا وجليا في المعارك التي خاضوها في أفغانستان، إلى جانب الجماعات الإرهابية، وتجار الحشيش والأفيون بشكل مباشر او غير مباشر، حيث كان الاتحاد السوفييتي، يدافع بشكل مباشر بجيشه وبكافة أسلحته عن النظام القائم هناك. تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية أيضا من إشعال نار الحرب بين جمهورية إيران الإسلامية والجمهورية العراقية لمدة ثماني سنين من الحرب المتواصلة، وبالتنسيق الكامل مع بعض دول أنظمة النفط العربية الخاضعة لسياسة الولايات المتحدة، من اجل تحطيم القدرات العسكرية العراقية المتعاظمة في ذلك الوقت، ومن اجل تحجيم دور جمهورية إيران الإسلامية، على شاكلة المثل القائل: (فخار يكسر بعضه)، التي رفعت شعارات أخافت بها دول الجوار العربية، واعتبرتها تهديدا لأنظمة حكمها، وكانت نتيجة هذه الحرب، ان تدمرت قوة العراق العسكرية، وتعطلت عجلة التنمية فيها لعشرات السنين، وعاد العراق إلى الوراء عشرات السنين، إضافة إلى خسائره الهائلة من القتلى والجرحى، كما تدمرت جمهورية إيران الإسلامية عسكريا، وفقدت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، واستنفذت مدخراتها المالية، ورجعت عشرات السنين إلى الوراء أيضا، بحيث لم تعد قادرة على توفير فرص العمل لأبنائها، هذه الدولة التي تملك احتياطا نفطيا هائلا يكفيها مئات السنين، وكانت تعتبر من أغنى دول العالم، وانتهت المعركة دون لا غالب ولا مغلوب، وكانت الخسائر على الجميع شاملة، كذلك خسرت دول الخليج العربية، والتي كانت تقف وراء العراق داعمة له ماديا وعسكريا وغذائيا، جزءا هائلا من مدخراتها المالية، ومن قوتها العسكرية، حتى أصبحت دول النفط العربية الخليجية دولا مدينة، بعد ان كانت دولا دائنة، والدولارات تفيض من خزائنها ولا تعرف ماذا تفعل بها، حتى ان هنرى كيسنجر-وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق يومها قال كلمته المدوية، في أوروبة بأعلى صوته، بأن الدولارات التي في حوزة الأنظمة العربية النفطية لا يستحقونها، لأنها وصلتهم بشكل غير شرعي، اثر حرب أكتوبر في العام 1973م، وارتفاع أسعار النفط في تلك الفترة بصورة غير طبيعية، ويجب ان تعود هذه الدولارات لأصحابها الحقيقيين، ثمنا للأسلحة التي يستعملونها في الدفاع عن أنفسهم، ونقوم نحن بتصنيعها لهم، كما أوجدت هذه الحرب شرخا كبيرا في العلاقات العربية الإيرانية، يصعب إصلاحه، وأوجدت حاجزا نفسيا بين الشعوب العربية والإيرانية يصعب كسره أيضا، ويحتاج إلى عشرات من السنين من اجل إصلاحه، فلمصلحة من كانت هذه الحرب ومن هو المستفيد الأول منها ؟ . لم تكتفي الولايات المتحدة الأمريكية عند هذا الحد من استنزاف الطاقات العسكرية والمالية العربية، فعمدت إلى إعطاء الضوء الأخضر بصورة خبيثة، للقيادة العراقية باحتلال دولة الكويت الشقيقة في العام 1990م، ولكي تقوم هي بعد ذلك بالتضامن مع دول التحالف الغربي ومن يسير في فلكها من الأنظمة العربية وغيرها من الدول، لتأخذ على عاتقها مهمة تحرير دولة الكويت، مستندة في مهمتها هذه لوجستيا، على عدم جواز احتلال أراضي دولة مستقلة عضوا في الأمم المتحدة او تغيير نظام الحكم فيها بالقوة، بغض النظر عن طبيعة هذا النظام، وما يمثله وجوده من أهمية بالنسبة للسلام العالمي، او لحقوق الانسان ولقضية الديموقراطية، وتمكنت الولايات المتحدة مرة أخرى من الاستحواذ على كافة الأموال والأرصدة الخليجية، بعد تحريرها لدولة الكويت، والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، ووزعت الفتات منها على بعض الأنظمة التي كانت مشاركة معها في الحرب كسوريا ومصر، لتخرج هي الفائز الأكبر بنصيب الأسد، و بأقل الخسائر الممكنة، وسيطرت على كامل المنطقة عسكريا، وعادت أرصدة دول الخليج العربية النفطية إلى الصفر، بل وحتى الى ما دون الصفر، وأصبحت مدينة ونفطها مرتهن لعشرات السنين. بغض النظر عن الحرب العراقية-الإيرانية وما وضع لها من سيناريوهات، وحرب الخليج وأسبابها ونتائجها وأهدافها، فان المنتصر الوحيد في كلا الحربين، هي الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، والخاسر الوحيد هي الأنظمة العربية وشعوبها، وخاصة الشعب الفلسطيني، والأوضاع الحالية، ما هي إلا نتيجة منطقية للأحداث الماضية. كما ذكرنا سابقا بأنه بعد تحقيق السلام على الجبهة السورية، هذا إذا ما تحقق، فان الدول العربية وأنظمتها كافة، ستندفع لإقامة علاقات دبلوماسية وطبيعية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، بحيث لن يعد هناك مبرر لديها ان تشتري السلاح وتكدسه، وتبني قواتها العسكرية على أساس مواجهة القوة العسكرية الاسرائيلية المفترضة، وبهذا ستكون الحدود العربية مشرعة أمام الغزو الصهيوني بكل أشكاله وصوره، الثقافي والتجاري والاقتصادي والمالي والإعلامي، وستتنفس هذه الدول والأنظمة (كما تعتقد) الصعداء بعد ان زال هذا الهم الذي كان يجثم على كاهلها وصدرها ويدعى " فلسطين " (كما تعتقد)، فماذا سيكون شغلها الشاغل بعد ذلك ؟ مما لا شك فيه، بأنها ستتجه لتنظيم البيت من الداخل والخارج، داخليا ستتفرغ لدعم أنظمة حكمها، وملاحقة القوى السياسية المعارضة لها، سواء القوى الإسلامية او القوى الديموقراطية واليسارية، وغيرها من القوى الأخرى، وسوف يشتد الصراع بين هذه الأنظمة والقوى الأخرى المعارضة، فقوى المعارضة ستطالب بتطبيق الديموقراطية، وخلق مؤسساتها الشرعية التي تجسدها كمجالس النواب والمجالس البلدية المنتخبة والأحزاب السياسية والنقابات العمالية وغيرها، وستطالب بالحريات العامة، وحرية الصحافة ومنع الاعتقالات للأسباب السياسية، وبالمساواة والعدالة، وبالقضاء على البطالة وبناء الوطن، وبمحاربة الفساد والفاسدين، وبمشاركتها بالحكم وبالقرارات المصيرية، وبتطبيق القانون على الجميع، دون تمييز بسبب اللون او الدين او العرق او الجنس، كما ستنشط الحركات النسائية بالمطالبة بنيل كامل حقوقها ومساواتها بالرجل، من كافة النواحي المتعلقة بالعمل وحق الانتخاب والترشيح والمساواة بالرواتب، وتقلد المناصب العليا السياسية وغيرها، وبالمقابل، فان الأنظمة والدول العربية لن ترضخ لهذه المطالب بسهولة، وستقاوم مثل هذه المطالب، والتي تعتبرها في نظرها خروج على المألوف بعنف، ولن توافق إلا على القدر اليسير منها، وبالشكل الذي تراه مناسبا لها، بحيث لا يمس مصالحها بالحكم وبالسيادة، وسيتواصل الصراع، وقد يأخذ عدة أشكال من المد والجزر والأخذ والعطا، ومن مظاهرات سلمية إلى عنيفة، وقد يشتد الصراع إلى أكثر من ذلك، كأن يكون صراعا بالسلاح، كما هو حادث ويحدث باستمرار بين القوى والأحزاب الإسلامية من جهة، وأنظمة الحكم في كل من مصر والجزائر، وقد تتغير الكثير من أنظمة الحكم على ضوء ذلك. أما على الصعيد الخارجي، فستتوجه بعض هذه الأنظمة لحل بعض مسائل الحدود العالقة فيما بينها وبين الدول المجاورة منذ مدة طويلة، خاصة وان معظم الدول العربية لديها مشاكل حدودية، فهناك مشكلة الحدود بين اليمن والسعودية، وان حلت بشكل غير عادل، واليمن وعمان، و عمان والإمارات والبحرين وقطر، وقطر والسعودية، والكويت والعراق، والمغرب والجزائر، ومصر والسودان، وقد تتصارع هذه الدول على الحدود، او قد تفتعل مثل هذا الصراع لتوجيه القلق والتذمر الشعبي من الداخل إلى الخارج، وبقدر ما تتفاقم الأوضاع الداخلية، ستحاول هذه الأنظمة تصعيد مشكلة الحدود مع الدول المجاورة، وقد يستعان بإسرائيل للتوسط فيما بينها في مرحلة من المراحل، لتقدم لهم النصح والإرشاد، وما يمكنهم عمله، سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي. أما على الصعيد الفلسطيني، فلن تسمح اسرائيل على المدى القريب والمتوسط، بإثارة أي من المشاكل لا من قبل السلطة او الجماهير الفلسطينية، خاصة من قبل السلطة الفلسطينية والتي وقعت على اتفاقيات السلام، والتزمت بتنفيذها بكافة بنودها، خاصة الجانب ألامني منها، أما ما يحدث من قبل الجماهير الفلسطينية، فستعمل اسرائيل على تنفيس الغضب الشعبي، وحل أي تأزم بالتنسيق الكامل مع الأجهزة الفلسطينية المعنية، وبأسلوب ذكي وفعال، وستحاول السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني، الذي سيحاول بدوره الانفكاك من القبضة الاقتصادية الإسرائيلية التبعية له، وذلك من خلال إيجاد شراكه فلسطينية-إسرائيلية في كثير من المشاريع المشتركة، بحيث يصب الجزء الكبير منها في مصلحة الاقتصاد الاسرائيلي، وسيبقى الاقتصاد الفلسطيني تابعا للاقتصاد الاسرائيلي، طالما لا يملك الاقتصاد الفلسطيني البنية التحتية القوية، والرأسمال الوفير، وقاعدة صناعية قوية، ومعابر وموانئ ومطارات مستقلة، تتمتع بحرية الحركة فيها، وانتقال رؤوس الأموال والسلع والأفراد والبضائع من مكان لآخر بدون عراقيل، وستعمل اسرائيل على مواصلة امتصاص البطالة المتزايدة لدى العمالة الفلسطينية، في كل من الضفة والقطاع، والتي قد تكون من مسببات إثارة المشاكل لدى السلطة وأيضا لديها، وستتخذ اسرائيل من الفلسطينيين حصان طروادة للعبور بهم إلى الكثير من الأسواق العربية، خاصة في بداية مشوار التطبيع، وفي الحالات التي تفشل فيه اسرائيل من تحقيق مكاسب في هذا المجال، وستعمد اسرائيل أيضا إلى إتباع سياسة الإغراق المعروفة على الصعيد التجاري، لضرب الصناعة العربية الناشئة والوليدة، والتي لن تستطيع الصمود أمام البضائع الاسرائيلية ذات التكنولوجيا والجودة العالية، وستعمل أيضا على فتح الكثير من المشاريع الاقتصادية للاستفادة من رخص الأيدي العاملة العربية في الكثير من الساحات، و سيكون وضع اسرائيل بالمنطقة كالأخطبوط، رأسه وجسمه على الأرض الفلسطينية وأرجله منتشرة في أرجاء الوطن العربي، يحركها كما يشاء، ويستخدمها للحصول على كافة احتياجاته ومآربه، ولن تنسى اسرائيل ( في وقت لاحق) حقوق اليهود العرب الذين طردوا من ديارهم بدون وجه حق، من الكثير من الدول العربية كمصر واليمن والعراق وسوريا والمغرب العربي وغيرها من الدول العربية، ويجب ان لا نفاجأ إذا ما طالبت اسرائيل بحق العودة لبعض اليهود إلى ديارهم، وحقهم بالتعويض أيضا، وعودتهم مثلا إلى منطقة خيبر والمدينة بالسعودية والى المدينة المنورة وغيرها من المناطق العربية التي تحتوي على بعض الأماكن الدينية اليهودية، والتي تعود ملكية بعض الأراضي فيها إلى يهود بني قنيقاع وبني النضير وبني قريظة، الذين كانوا يقطنون المدينة المنورة و منطقة خيبر، وقد تطالب بعودة أحفادهم والتعويض لهم عن ممتلكاتهم، وستعمل اسرائيل كل جهدها على شراء وسائل الإعلام العربية المرئية والمقروءة والمسموعة مهما غلا ثمنها، بشكل مباشر او غير مباشر، وستعمل على استغلالها من اجل ترويج سياساتها بالمنطقة، وتبييض وجهها الملطخ بالدم الفلسطيني والعربي، وستكون أجهزة الإعلام بكافة أنواعها ووسائلها، السلاح المسلط على رؤوس الكثير من المسئولين والحكام العرب، الذين يكونوا قد تورطوا في حبائل وشرائك الصهيونية، وستعمل الصهيونية على ابتزازهم بشتى الطرق والوسائل، بالفضائح الجنسية او المالية وغيرها، بحيث لن يستطيعوا عمل أي شيء حيالها، لأنها ستكون محبوكة ضدهم بذكاء ودهاء كبيرين، وسيكون القرن والعصر السائد هو عصر انتصار الصهيونية، ما لم تحصل معجزات، كما حدث للاتحاد السوفييتي وانهار من الوجود، فقد يحدث للولايات المتحدة الأمريكية حامية وداعمة اسرائيل نفس المصير، والمؤشرات على ذلك تظهر من حربهم الآن في العراق، وضد الشعب اللبناني العظيم، لكني أومن ببزوغ النهار مهما طال الليل، ولن تكون الصورة قاتمة إلى هذا الحد، فقد يظهر صلاح الدين من جديد، ليخلص المنطقة العربية والإسلامية من رجس الصهيونية، وان ناظره لقريب.
#احمد_محمود_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عروض الأزياء عروض للجمال وليس للأزياء
-
دراسة بعنوان:الفضائح مواضيع نسبية
-
مفهوم الخيانة الزوجية بين المرأة والرجل، ونتائجها المدمرة
-
دراسة بعنوان: الختان، عملية قتل للأنوثة وللمتعة الجنسية، مع
...
-
من هو سبب المشاكل، المرأة أم الرجل؟؟؟؟؟
-
مع تصريحات سيف الإسلام القذافي قلبا وقالبا، ولكن؟؟؟
-
هل جمال المرأة نقمة ام نعمة عليها ؟؟
-
علماء يهود يفضحون الخرافات المتوارثة، ويقولون: (فلسطين ليست
...
-
خيانة الصداقة
-
لغة الجنس عند الكاتبات والأديبات العربيات، وأثرها على القاري
...
-
وراء كل عذاب امرأة رجل
-
بقرة ومعزة شلومو
-
مع حق العودة والتعويض للجميع
-
جدار الفصل العنصري وقضم الأراضي
-
العولمة والاستعمار الجديد
-
الدولة الفلسطينية المقترحة شكل بلا مضمون
-
لقاء بالصدفة، مع صحفية على الناصية
-
أصول اليهود واليهودية، وكيف تنامى اعدادهم في فلسطين
-
أصول اليهود واليهودية في العالم العربي
-
النظام الاجتماعي وعلاقته بمشكلة المرأة العربية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|