أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كاظم المقدادي - على ضوء نتائج أحدث دراسة ميدانية علمية: متى تنفذ منظمة الصحة العالمية مهمتها المؤجلة في العراق ؟















المزيد.....


على ضوء نتائج أحدث دراسة ميدانية علمية: متى تنفذ منظمة الصحة العالمية مهمتها المؤجلة في العراق ؟


كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 682 - 2003 / 12 / 14 - 06:38
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


يسجل على منظمة الصحة العالمية ( مصع) WHO ، وهي إحدى الوكالات الدولية المتخصصة المعنية التابعة للأمم المتحدة، موقفها من ضحايا اليورانيوم المنضب Depleted Uranium اللاأبالي، وغير العلمي، والبعيد عن الأخلاقية المهنية،التي ضحت بها تحت الضغوط الأميركية. فقد صمتت طويلاً عقب إستخدام القوات الأميركية والبريطانية والفرنسية لذخيرة اليورانيوم المنضب لأول مرة في الميادين  "الحية" ضد القوات العراقية عام 1991 ، رغم علمها بأنها تصنع من نفايات نووية، وهي فتاكة، لكونها مشعة وسامة كيمياوياً. ولم تحرك ساكناً طيلة عقد كامل حيال ما خلفه السلاح الخطير من إنتشار لأمراض سرطانية نادرة، وتشوهات ولادية، وولادات ميتة، وإجهاض، وعقم، وإعتلالات عصبية، وتلف غير قابل للإصلاح في جهاز المناعة والكبد والكليتين والدماغ، وغيرها.
    ومع أن إستخدام السلاح الفتاك المذكور قد تكرر في كل من البوسنة وكوسوفو وصربيا وأفغانستان، وفي العراق مجدداً، وظهور ذات الأمراض والحالات المرضية،التي تعزا إليه، لم تتحرك –كما يفترض بها كمنظمة دولية متخصصة- وتجري تقييمات، ودراسات ميدانية، وفحوصات، وتحاليل طبية وعلمية، وتعلن رأيها العلمي الصريح. ولحد اليوم، لم تقم بأكثر من إعداد مذكرة من 4 صفحات تزعم فيها معالجة ما هو أساسي في الموضوع، بينما إحتوت معلومات غامضة وتتناقض على نحو فاضح مع الحقائق العلمية المتوفرة..
الموقف من الضحايا العراقيين
    لموقفها من الضحايا العراقيين حكاية طويلة وملف كبير.خلاصته إنها بعد طول إنتظار، ومماطلات، وإتهامات متبادلة، بينها وبين النظام العراقي السابق، وتأجيل لمواعيد عديدة إتفقت عليها معه، أرسلت، في 23/8/2001، فريق من خبرائها للعراق، تألف من 8 أخصائيين في امراض السرطان، والتشوهات الخلقية، وطب العمل والصحة.وكان الفريق برئاسة د.عبد العزيز صالح- المدير الإقليمي المساعد لمنظمة الصحة العالمية لحوض شرقي المتوسط، الذي صرح اَنذاك بان العراق ومنظمة الصحة العالمية اتفقا علي التعاون حول قضية احتمال تأثير اليورانيوم المنضب علي الصحة في العراق.وقد إلتقى الوفد  بخبراء في وزارة الصحة، وإجرى مناقشات مع العاملين في وكالات الامم المتحدة في العراق. ومكث في بغداد 4 أيام فقط، بعدها أُذيع بان الجانبين بحثا في اعداد الدراسات والمعلومات التي توضح استخدام سلاح اليورانيوم المنضب اثناء الحرب، ورصد التأثيرات البيئية والصحية علي شعب العراق والامراض الجديدة التي ظهرت بين المواطنين. وأعلن  د. صالح  بان الفريق سيقوم بأخذ عينات لفحصها بدقة ومعرفة مدي وجود نسبة اليورانيوم فيها،عبر اجهزة خاصة لكشف نسبة الاشعاعات الملوثة للبيئة العراقية، وأن منظمة الصحة العالمية ستقوم، ايضا، بمتابعة الاثار السلبية الناجمة عن اليورانيوم المنضب وتأثيراته السلبية علي البيئة العراقية والتي بدورها تصيب الانسان والنبات وبقية الكائنات الحية.. وكان من المقرر ان تعرض النتائج  في مؤتمر للخبراء في جنيف..
    حيال هذا إستبشر المعنيون، ونحن منهم، خيراً بتلك التصريحات، لاسيما وأن منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت، في 3/5/2001، في جنيف، عن إتفاقها مع العراق على خطة للكشف معا عن الروابط المحتملة بين اليورانيوم المنضب والامراض التي أصابت الشعب العراقي في اعقاب حرب الخليج الثانية. واوضحت ميليندا هنري- المتحدثة باسمها-  بان وفدا عراقيا وخبراء في المنظمة العالمية وضعوا اطار عمل وتعاون خلال المحادثات التي اجروها من 9 الى 11  نيسان/ابريل 2001، في مقر المنظمة في جنيف. واضافت انه حتى ولو كان الطرفان سيركزان على اليورانيوم المنضب، فمن المتوقع ايضا ان يعيدا النظر بكل المخاطر البيئية الاخرى التي تنعكس على الصحة. وأوضحت بان اطار الاتفاق يتضمن ثلاثة اقسام، هي الاطلاع على الامراض وبخاصة انواع السرطانات، وسوء التكونات الوراثية، وقياس نسبة اليورانيوم المنضب لدى الاشخاص المصابين، بالاضافة الى الابحاث والوقاية. وأفادت مصادر صحافية بان الحكومة العراقية اَنذاك أبرمت اتفاقا مع (مصع) يقضي بإجراء وفد من المنظمة فحوصات طبية علي المواطنين العراقيين المصابين بالسرطان والتشوهات الخلقية لتحديد صلة هذه الإصابات باستخدام الولايات المتحدة لقذائف اليورانيوم المنضب خلال حرب الخليج الثانية.وأفيد بأنه كان مقرراً،أيضاً، أن تعلن المنظمة عن تقرير في هذا الشأن بعد إجرائها للفحوصات والاختبارات المطلوبة.
وعود.. لم تنفذ
    وقبل هذا كان متحدثاً باسم الأمم المتحدة قد أكد إعتزام منظمة الصحة العالمية إرسال فريق إلى العراق، بناء على طلبه، لدراسة الآثار الصحية لليورانيوم المنضب، الذي استخدم في القذائف الحربية التي أطلقتها قوات التحالف الدولي عليه أثناء حرب عام 1991. وأعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP والوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA، في 25/1/2001، إنهما يدرسان طلبات إرسال بعثات لتقصي الحقائق إلى العراق، والبوسنة ويوغسلافيا، لدراسة آثار التعرض لليورانيوم المنضب.وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فريد إيكهارد إن الوكالات الثلاث ستنسق نشاطاتها، لكنه لم يحدد بعد  موعد لإيفاد فرقها إلى العراق.
    وتزامن هذا مع إعلان  الأمم المتحدة عن توصل خبراءها إلى أدلة أولية على وجود نشاط إشعاعي في 8 من 11 موقع في كوسوفو قصفتها قوات حلف الناتو عام 1999 بذخائر تحتوي على اليورانيوم المنضب. ونُشرت تقارير عديدة تؤكد تزايد الإصابات السرطانية في البوسنة وكوسوفو عقب الحرب.
    وبعد ذلك وجهت منظمة الصحة العالمية نداء للمجتمع الدولي بالمشاركة في تمويل صندوق عاجل يتيح دفع نفقات أبحاث الكشف عن الأضرار المحتملة لليورانيوم المنضب في العراق والبلقان، نظرا لأنها لا تملك أموالا خاصة لذلك. وقالت بانها تحتاج لنحو مليوني دولار لستة أشهر مقبلة من أجل تعزيز دراساتها على الأرض، والاتصال بالهيئات الصحية المحلية لمعرفة احتمال وجود أضرار ناجمة عن اليورانيوم المنضب، ومساعدة سلطات البلدان المعنية على تعزيز الرقابة على أمراض معينة مثل السرطان.وأضافت، في بيان رسمي:" في الوقت الذي يعتقد فيه الاختصاصيون حاليا أن احتمال التعرض لليورانيوم المنضب ضعيف، فإن المعلومات مع ذلك غير كافية للتوصل إلى استنتاجات نهائية".وقال مدير النشاطات الطارئة فيها كزافييه لوس، في مؤتمر صحفي، إنه "من غير المقبول أن يبقى الشك قائما"، مضيفا  "أن هذا الشك، مع كل التكهنات التي تصحبه، يكشف عن ضرورة سد النقص في معلوماتنا بشأن الموضوع"..
خطوة إيجابية.. ولكن
    لقد إعتبرنا، مع معنيين اَخرين، إستجابة (مصع) لدراسة اَثار اليورانيوم المنضب على الشعب العراقي،  خطوة إيجابية، وبذات الوقت إنتقدنا، في مقالات نشرناها في مجلة " الثقافة الجديدة" ومجلة " رسالة العراق" وصحف عربية، إقتصار  دراسة وتقييم نتائج الكارثة البيئية والصحية في العراق على منظمة الصحة العالمية وحدها، وقلنا إنه أمر ناقص، لكونه يتعارض وتشخيصات العلماء والخبراء المعنيين، وبضمنهم خبراء في وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، المؤكدة بعدم إمكانية النجاح بمثل هذه المهمة من دون الإسهام الفعال لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبرامج الأمم المتحدة للتنمية، ولمكافحة التلوث، ولمكافحة السرطان، وغيرها، بالتعاون والتنسيق مع مراكز أبحاث ومعامل إختبارات متخصصة، دولية وإقليمية ووطنية.وإعتبرناها مهمة إنسانية اَنية وملحة.
     ولعل الأهم هو أعرابنا صراحة عن مخاوفنا من أن لا تنفذ الإتفاقات بين  منظمة الصحة العالمية  ووزارة الصحة العراقية لصالح الضحايا، وإن بددها،اَنذاك، أمل  ان  تتدارك (مصع) مواقفها السابقة وتستعيد هيبتها، ومصداقيتها العلمية، وحياديتها، بإلتزام الموضوعية عند أخذها للعينات، بحيث تشمل المناطق الأكثر تضرراً، بعيداً عن ألاعيب وتدخلات أجهزة النظام العراقي السابق، وتكون جريئة  بإعلان النتائج  التي ستتوصل إليها،غير اَبهة بضغوط الإدارية الامريكية، فتحذو حذو كبير خبرائها- البرفسور الدكتور كارول سيكورا-رئيس البرنامج الدولي لمكافحة السرطان- الذي  زار العراق، وأطلع  بام عينيه على نتائج كارثة إستخدام  سلاح اليورانيوم المنضب، والحصار الإقتصادي الدولي، ونشر مشاهداته، ووجهة نظره الصريحة،  في مجلة British Medical Journal  المرموقة..
    و سرعان ما تحققت المخاوف.. فقد شرعت طغمة صدام حسين، حال سفر خبراء (مصع)، بمساعيها لتوظيف جريمة اليورانيوم المنضب لغاياتها الدنيئة. ولم يرجع خبراء (مصع) الى العراق بعد إسبوعين- كما أُعلن اَنذاك- لتنفيذ مهمتهم. وهو ما دفعنا للتشكيك، في مقال نشرناه في مجلة " الثقافة الجديدة"، عقب مرور 6 أشهر، بإنجاز المهمة عموماً، وبأن يتجرأ خبراء( مصع)، أو غيرها من الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، في مرحلة ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، المس بأفعال البنتاغون، والمجاهرة بكشف حقيقة المستور بشأن سلاحه الفتاك!
من نتائج إستخدام اليورانيوم مجدداً
    واليوم، وقد مرت 8 أشهر على تعرض الشعب العراقي مجدداً  وبجرعات مضاعفة لمخاطر سلاح اليورانيوم المنضب،الذي إستخدمته القوات الأنكلو-أميركية في الحرب الأخيرة، رغم معرفتها بأضراره على المدنيين، والنتائج الأولية تؤشر حصول كارثة رهيبة، دفعت بالدكتور سعيد اسماعيل حقي- وزير الصحة العراقي المؤقت السابق- للإعراب عن قلقه البالغ من ارتفاع نسب الاصابة بالامراض السرطانية في مدينة البصرة جنوب العراق، واكد، في تصريحات له في 16/8/ 2003  ان حالات الاصابة بالامراض السرطانية المتوقع تسجيلها لاحقا تنذر بما وصفه بالكارثة السرطانية الخطيرة. واوضح ان ازدياد الاصابة بهذه الامراض يعود الى مخلفات الحروب التي شهدتها منطقة البصرة تحديدا والتي استخدمت فيها كميات كبيرة من اليورانيوم المنضب، مشيرا الى ان نتائج هذا المركب بدأت تظهر على السطح بشكل قد لا يمكن السيطرة عليه، منبهاً الى ضعف الامكانات الصحية ونقص الادوية والمعدات الطبية اللازمة لمكافحة هذه الامراض ومعالجتها، الامر الذى دفع السلطة الحالية في بغداد الى الاستعانة بمختلف دول العالم لمساعدتها..
    وفي 13/9/2003، نقلت الوكالة القطرية للأنباء، عن  صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية، بان اكثر من 6 آلاف جندياً اميركياً تم سحبهم من العراق لاسباب مرضية منذ بداية الحرب،وان الغالبية تم اجلاؤها بسبب اعتلالات جسدية أو نفسية مختلفة، وسط مخاوف من وجود مواد اشعاعية في العراق.ونقلت الوكالة عن «انتر برس سيرفيس» قولها: فى حين يشكك الخبراء فى وجود سبب واحد لكل هذه الامراض، يظل البعض يساوره القلق من عدم توفير الحماية المناسبة، سواء للقوات المتمركزة فى العراق او لسكانه المدنيين، من المواد الاشعاعية التى خلفتها الحرب. وقد تصاعدت هذه المخاوف عندما قام سكوت بيترسون- احد محررى صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»- بقياس مستوى الاشعاع فى بعض مناطق بغداد، التى تعرضت لقصف مكثف من جانب القوات الاميركية، وإكتشف، في 15/5/2003، بان مستويات الاشعاع تزيد بما يترواح بين 1000 و1900 مرة عن المستوى المسموح به فى المناطق السكنية المجاورة للركام المضروب باليورانيوم،الذي يلهو به الاطفال.وقد أكدت هذه النتائج دراسة ميدانية علمية مستقلة..
تلوث إشعاعي خطير
    لقد استخدمت القوات الأمريكية والبريطانية من ذخيرة اليورانيوم المنضب ما يقدر بـ 1200-3000 طن        في الحرب الأخيرة على العراق،أي  ما بين 3- 6 أمثال ما استخدمته  في حرب عام 1991..لالقاء الضوء علـى بعض تأثيرات هذا السلاح على الحالة الصحية فـي العراق, ولكشف اَثاره السلبـيـة على البيئة والحياة هناك, زار العراق خلال الفترة 27/ 9 الى 10 / 10/ 2003, فريق علمي شكله المركز الطبي  لأبحاث اليورانيوم Uranium Medical Research Center( وهو مركز أمريكي متخصص مستقل،أسسه ويديره العالم أساف دوراكوفيتش، وهو طبيب عقيد سابق في الجيش الأمريكي، وخبير بالطب الذري والإشعاع) بالتعاون مع العالم الألماني سيغفرت هورست غونتر(وهو طبيب أطفال ومتخصص بالتأثيرات الاشعاعية الطـبـيـة) والعالم العراقي محمد الشيخلي ( لمتخصص في الفيزياء الحيوية الاشعاعية والطب الذري، وعميد سابق لكلية العلوم في جامعة بغداد). ورافـق الفـريـق العلمي ميدانياً فريق إعلامي ألماني. وهذه هي أول دراسة إشعاعية ميدانية علمية تنفذ عقب الحرب الأخيرة على العراق.
     أجرى الفريق العلمي مسحاً ميدانياً إشعاعياً لمسارح العمليات العسكرية في 10 مدن في وسط العراق وجنوبه,هي: بغداد، وما حولها, والصويرة، والكوت، والناصرية، والشطرة، والبصرة، وأم قصر، والفاو، وكربلاء، والنجف.اهتمت الدراسة في الدرجة الأولى بقياس مستوى الاشعاع في الركام المتروك وما حوله, والتأثير الصحي في الاشخاص الساكنين بالقرب منه. كما أخذ الفريق 100 عينة من التربة والماء والهواء، ومن أنسجة جثث الجنود العراقيين، ومن بول الاشخاص الذين يُشك في حملهم لاعراض التعرض الاشعاعي.
    أعد البرفسور الدكتور محمد الشيخلي  تقريراً علمياً عن الدراسة ونتائجها الأولية، خصّ به العدد الأخير من مجلة "البيئة والتنمية"، كانون الأول/ ديسمبر الجاري. جاء فيه: أظهرت الاستطلاعات الميدانية والقياسات التي أجراها الفريق العلمي في العراق  النتائج الأولية الآتية:
    أولاً: ارتفاع مستوى التلوث الاشعاعي في مناطق شاسعـة من اجواء بغداد ومناطق جنـوب العراق. ان النتائج الأولية تشير الى زيادة هذا المستوى في هواء بعض المناطق عن 10 أضعاف المستوى الطبيعي. والغريب ان القراءات الاشعاعية كانت عـاليـة في الهـواء أكثر من التـربة, ولعـل هذا مؤشر على ان الدقائق المشعـة التي يحملها الغبـار والهـواء من النوع الدقيق الذي يسهـل استنشاقه وترسبه وبقاؤه في حويصلات الرئة.
    ثانياً: يزيد مستوى الاشعاع في مناطق اختراق اطلاقات اليورانيوم للمدرعات العراقية على 30 ألف مرة عن الحد الطبيعي, وينخفض داخل جسم الدبابة ومحيطها, الا أنه يشكل عامل خطورة كبيرة على من يقترب من الدبابة او يمس اجزاءها والغبار المتراكم عليها, اضافة الى السكان الذين يعيشون بالقرب منها. وقد لوحظ ان الشظايا التي تخلفها بعض الاطلاقات المنفجرة تنتشر على رقعة واسعة, ولا سيما في مناطق الحقول, مما يهدد تلوث المياه السطحية والدورات الزراعية والغذائية اضافة الى المياه الجوفية مع تقادم الوقت. وفي منطقة قرب البصرة وجدنا احدى القذائف وقد اخترقت جسم دبابة ودخلت في حائط معمل لانتاج الثلج واستقرت بعض الشظايا في حوض الماء الرئيسي الذي ينتج الثلج منه ويستخدمه آلاف الاشخاص في فصل الصيف. وهذا مثال على التأثير المباشر في صحة السكان.
    ثالثاً: انتشار رقعة التعرّض الاشعاعي والسمي لمخلفات اليورانيوم, ولا سيما بين آلاف من العراقيين الذين عمدوا الى رفع محركات وادوات الآليات المصابة والمحترقة لبيعها او الاستفادة منها. وقد وجد الفريق ان جميع الآليات والدروع التي فحصها رُفعت محركاتها واجزاؤها السليمة بعد تعرضها للقصف والاحتراق. ويذكر ان مستوى الاشعاع لدى أحد هؤلاء الاشخاص كان يزيد ألف مرة على المستوى الطبيعي, وذلك على يديه ووجهه وملابسه, اضافة الى ما تعرض له الكثير من الأطفال الذين يلهون باللعب ببعض القذائف واجزائها المنشطرة. وطاول التلوث اجساد الجنود القتلى داخل الدبابات والذين دفنوا قرب هذه الدبابات, فوصل مستوى الاشعاع في بذلة أحد الجنود القتلى الى ألفي مرة أكثر من المستوى الطبيعي.
    رابعاً: ظهور حالات من آلام المفاصل والرعاف والتهابات عصبية وآلام في الظهر واضطرابات في النظر وحرقة في البول لدى السكان القريبين من موقع الدروع المصابة, وهي أعراض تشابه أعراض التعرض الاشعاعي. واخضعوا لفحص أولي واخذت عينات من بولهم للتحليل والدراسة.
    خامساً: عمدت قوات الاحتلال الى رفع عدد كبير من الدبابات والآليات المصابة واخلائها الى مناطق بعيدة, وقشط التربة تحت هذه الآليات واستبدالها بتربة جديدة بعد القاء التربة الملوثة في مناطق نائية. ولعل هذا الاجراء نابع من معرفة هذه القوات بخطورة التلوث الاشعاعي والسمي الذي تسببه مخلفات اليورانيوم بهذه الاليات, ولكن من دون ان يحذروا الناس من مغبة الاقتراب منها. كما ان عملية اخلاء الآليات والتربة الملوثة من دون معالجة موقعية هي عملية توسيع لرقعة التلوث ولا تختلف عن عمليات دفن الحاويات والنفايات الملوثة في ارض الغير, التي تنتهجها بعض الشركات والدول المنتجة للصناعة النووية.
    وأضاف البرفسور الشيخلي: ومما زاد في الطين بلة ان هذه الدروع تعرضت الى نزع محركاتها ومحتوياتها من قبل آلاف العراقيين على امتداد مواقع العمليات, في محاولة لبيعها والاستفادة من حديدها, مما وسع رقعة انتشار التأثير الاشعاعي. واذا علمنا ان معظم الدروع نشرت في الحقول وتحت الاشجار وقرب مسارب المياه وبين البيوت السكنية, يمكننا تصور حجم الكارثة البيئية والصحية التي يتعرض لها الشعب العراقي الآن وعلى مدى أجيال مقبلة.
    وتساءل الشيخلي بحق: اذا كان استخدام بليون قذيفة (320 طناً) من اليورانيوم المنضب في حرب الخليج الثانية سبب تدميراً لبيئة جنوب العراق ومواقع العمليات في الكويت, تأثر بموجبه 100 ألف جندي حليف، ومئات الآلاف من العراقيين, فماذا ستكون مضاعفات استخدام ضعفي هذه الكمية من الاسلحة في الحرب الأخيرة, كما يقدر الخبراء العسكريون؟ وما هي آثارها في صحة السكان وسلامة البيئة في العراق؟
أما  اَن  الأوان ؟!!
     وقبل هذه النتائج الجديدة خلصت العشرات من الدراسات العلمية المستقلة الى ربط إرتفاع الاصابة بالسرطانات لدى الاطفال، والتشوهات والعيوب الخلقية، وتلف الكليتين والكبد وجهاز المناعة، وإعتلالات عصبية وعضلية، بإستخدام ذخيرة اليورانيوم المنضب ومن اَثار إشعاعاتها وسمومها. وتوقعت ظهور اضرارا بايولوجية اخرى على المدى الطويل.وفي اَخر دراسة للبيانات المتوفرة، قام بها برنامج الامم المتحدة للبيئة UNEP، خلصت الى ان الحرب الاخيرة على العراق فاقمت بشكل لاشك فيه من المشاكل البيئية الخطيرة التى تراكمت فى العراق خلال العقدين الماضيين.وطالب المدير التنفيذي للبرنامج  د.كلاوس توبفر الإدارة الأمريكية، في 28/4/2003، بضرورة دخول خبراء البرنامج للعراق فوراً، وإجراء تقييم ميداني شامل للمشاكل البيئية القائمة في العراق، وتحذير المواطنين من مغبة الإقتراب من ركام الحرب.بيد أن سلطة الإحتلال لم تسمح لهم، لحد اليوم، بدخول العراق.
    بالنسبة لبرنامج البيئة المذكور فقد حاول من جانبه، على الأقل، للقيام بما يمليه عليه واجبه وإلتزاماته، وأكدت النتائج الأولية لدراسة المركز الطبي لأبحاث اليورانيوم المذكورة تلوثاً إشعاعياً واسعاً وخطيراً في أرجاء العراق.. فمتى تتحرك منظمة الصحة العالمية لتنفيذ مهمتها المؤجلة منذ قرابة السنتين ونصف، وتبادر لمطالبة سلطة الإحتلال بالسماح لها بدخول العراق لإجراء تقييم ميداني شامل لعوامل التدهور الصحي هناك منذ عام 1991، وتقديم العون لمعالجة ما يمكن معالجته،على الأقل رأفة  بصحة وحياة ما تبقى من براعم حاضر ومستقبل الشعب العراقي ؟
    نأمل أن تطلب وزارة الصحة العراقية الجديدة ذلك من منظمة الصحة العالمية !
----------------                                                    
* طبيب وباحث في التأثيرات الصحية والبيئية لليورانيوم المنضب، عراقي مقيم في السويد



#كاظم_المقدادي (هاشتاغ)       Al-muqdadi_Kadhim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقبال العيد الذهبي !
- مجلس الحكم مطالب بالإرتقاء الى مستوى التحديات والأخطار -الإن ...
- الى أنظار مجلس الحكم الإنتقالي العراقي: التلوث الإشعاعي وأضر ...
- الملف الأمني ومجلس الحكم اعتماد العراقيين علي قواهم الذاتية ...
- غبار اليورانيوم يسمم الحياة في العراق والخليج
- عودة أصحاب الكفاءات العلمية بين حاجة الوطن والمصلحة الذاتية
- مهمة إنقاذ أطفالنا لا تكتمل من دون تنظيف العراق من مخلفات ال ...
- الملف النووي الدولي والإزدواجية الأميركية
- إستحداث وزارة للبيئة ضرورة اَنية ملحة !
- الموقف من قضية المرأة العراقية
- الى متى يبقى أطفال العراق ضحايا لمخلفات الحرب ؟
- إنتشار التسمم الإشعاعي في التويثة وقوات الإحتلال لا تحرك ساك ...
- لمناسبة الخامس من حزيران- يوم البيئة العالمي تجاهل التلوث ال ...
- الأول من حزيران -عيد الطفل العالمي
- الولايات المتحدة والتلوث الإشعاعي في العراق
- الولايات المتحدة والبيئة العراقية
- الأمم المتحدة تحث على مواجهة التلوث وبقايا اليورانيوم المنضب ...
- كي لا تتكرر ماَسي اليورانيوم المنضب في العراق
- خامسة عشر عاماً على كارثة حلبجه.. والخطر ماثل
- للحقيقة والتأريخ وفاءاً لذكرى شهيد الشعب والوطن وصفي طاهر ور ...


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - كاظم المقدادي - على ضوء نتائج أحدث دراسة ميدانية علمية: متى تنفذ منظمة الصحة العالمية مهمتها المؤجلة في العراق ؟