|
المثقف ..والوطن ..والسلطة ..!!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 2201 - 2008 / 2 / 24 - 09:47
المحور:
المجتمع المدني
لست بصدد تعريف أو إيجاد تعريف للمثقف ، بقدر تبيان ما له ، من أهمية ودور يلعبه في حياة المجتمع ، فهو الدليل والهادي لبناء غد أفضل للمجتمع ، على كافة الصعد ، ولا يتقدم عليه في أهميته الفكرية والعلمية أي شخص آخر مهما علت منزلته السياسية ، أو الاجتماعية . فالمثقفون ، وعلى اختلاف درجاتهم ومستوياتهم ، هم حجر الزاوية في بناء المجتمع، تطويره وتقدمه وازدهاره ، ومجتمعنا العراقي اليوم ، بأمس الحاجة لهم لإعادة بنائه ، وكافة مؤسسات الدولة ، الذي خربته الفاشية ونظامها البعثي قبلا ، ولاحقا أكملت خرابه ، قوات الاحتلال وقوى حكم المحاصصة الدينية / الطائفية والقومية / العنصرية..ولكن أي نوع من هؤلاء المثقفين ، العراق بحاجة لهم ..؟
في كل وقت وزمان ، هناك مثقفون ، برسم الإيجار وتحت الطلب ، ولمن يدفع أكثر ، وفي العراق من هؤلاء تواجد الكثيرون منهم ، في الماضي والحاضر ،أُطلق عليهم اسم "مثقفي السلطة "،لأن ما يهمهم هو بقاء الحاكم في سلطته ، أطول فترة ممكنة ، باذلين الجهد على ترسيخ نظامه بشتى الوسائل والأساليب المتاحة لهم ، تحقيقا لطموحاته الشخصية ، المتناقضة في أغلب الأحيان ، مع تطلعات وأهداف الشعب ، فهم غير معنيين بمصلحة الشعب ولا حرية الوطن ، بقدر ما يعنيهم نفوذ زائف ، متساوقا مع توجهات الحاكم ونظام حكمه ، يحققون من ورائه كسبا ماديا ، وعيشا رغيدا ، على حساب لقمة عيش المواطن وحريته ..
الشعب العراقي ، يعيش في وطن محتل ، متعدد القوميات والأديان والطوائف ، فهو، يحتاج إلى مثقفين وطنيين وأحرار، يكرهون الاحتلال ويحاربونه ، وينبذون الطائفية والعنصرية ، بعيدين عن السلطة وتأثيرها ، يتمتعون بحرية الفكر والتفكير، وقدرة على المعالجة ، لا رقيب عليهم سوى ضمائرهم ووطنيتهم ، ولا خوف عليهم من مساءلة حاكم أو رقيب ، فيما يطرحون من معالجات جادة وصائبة ، لأوضاع البلد السائدة ،أمنية ، سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية، وغيرها من المشاكل ، التي تتطلب حلولا عاجلة ومؤثرة في نتائجها على حياة الشعب ، ووحدة أراضيه، كما تتطلب جرأة في النقد الصريح للفساد ، بغية علاجه ، بغض النظر عمن تسبب بهذا الفساد.. البعض من المثقفين العراقيين ،وخصوصا مِمَنْ كانوا مِنْ ذوي أصول فكرية ماركسية وشيوعية ، انقلبوا على أفكارهم وعقائدهم ، لـ " صحوة فكرية " ( لوثة فكرية ) أصابتهم باتجاهات بائسة ، طائفية وعنصرية محضة ، فما عاد يعجبهم النقد الذي يوجهه بعض الكتاب والمثقفين ، من وطنيين وديموقراطيين وتقدميين ، في الوقت الحاضر، لقوات الاحتلال " المتعددة الجنسية " ولسلطة المحاصصة الطائفية والعنصرية ، الشريك الفعلي ، لقوات الاحتلال ، لما أحدثته طرق ووسائل حكمهم الفاشلة ، من خراب ودمار في البلد ، وطيلة خمسة أعوام من حكمهم ، والمواطن العراقي ، يئن من ثقل البلوى التي فرضها هذا الحكم ، عن طريق ميليشياته المتعددة الأسماء والانتماءات ، والتي عاثت فسادا في كل شبر من الوطن ، أبسطها التهجير و قتل الأبرياء ، من النساء والرجال ، وانشغلت عنهم كل الحكومة ووزرائها ، بنهب ثروات لبلد ، وتقاسم مغانم الحكم ، دون حسيب أو رقيب ، مع تعطيل شبه كامل لعمل مؤسسات الدولة ..فمن يتحمل مسؤولية هذا الواقع العراقي المزري ، والخراب الذي شمل كل بيت وحارة ، ومن هو المسؤول عن معالجة هذا الهشيم الذي لم يبقِِ زاوية في هذا الوطن إلا وطالها الحريق الملتهب ، منذ أن دخل الاحتلال وحلفاؤه ، الذين تقاسموا أدوار الخراب لوطنهم ؟ مثقفو السلطة ، من المرتدين عن هويتهم الوطنية ، إلى طوائفهم وعنصريتهم ، يستغلون اسم شهاداتهم الطويل ، وسمعة الدولة التي منحتهم إياها ، للتضليل والخداع ، لأنهم ارتدوا عن أفكار ومبادئ الحزب الشيوعي ، التي اعتنقوها ، يوما ما ، واليوم أصبحوا دعاة طائفية قذرة ، وعنصرية حاقدة ، موظفين قدراتهم العلمية والفكرية ، للدفاع عن نهج حكم لتحالفات طائفية وعنصرية فشلت ، حتى اللحظة ، في تحقيق الأمن ولقمة العيش للمواطن ،ويحاولون كم الأفواه ولجم الأقلام ، عن صدورأية إشارة نقد لفشل السلطة في تنفيذ برنامجها المعلن ، بتحجيم نفوذ المليشيات ، وسحب أسلحتها ، وتدخلهاغير المشروع ، في مؤسسات الدولة ، وهم أيضا ، يحاولون إخفاء النتائج السلبية لممارسات قوات الاحتلال ، ودورها في تخريب الوطن ، ببناء ميليشيات جديدة ، تأتمر بإمرة مخابراته ، لتنفيذ مخططاتها الإجرامية ، في حالة عدم تحقيق أهدافه كاملة ، عند ما تبدأ المفاوضات الثنائية لعقد اتفاقات طويلة الأمد ، يُعَيُرنا هؤلاء المثقفين ، بنكران جميل هذا المحتل ، وحلفائه في الحكم ،لأنهم ، هم من أنقذوا العراق وشعبه، من حكم فاشي بغيض ، ولولاهم لما تحققت " الديموقراطية " ولا " الحرية " للشعب العراقي ..الوطنيون العراقيون ، وكل الشعب العراقي ، يعترف بأن أمريكا وجيشها ، هي من أسقطت النظام ، والحلفاء لها ، هم القابضون على الحكم القائم منذ العام 2003 ، وكل من إدارة الاحتلال ، والقوى العراقية المتعاونة معهم ، ساهمت في التدمير والخراب و"الحسم " لأموال الدولة ونهبها ،أموالا وأسلحة ومكائن ثقيلة ، وأحدثت خرابا للقصور والمتاحف ، فلم يبق للعراق لا مال ولا ثروات ولا تراث ، والأهم من كل هذا ، التدمير الذي لحق بنفسية المواطن ، جراء إشعال نيران الطائفية والعنصرية، بين مكونات الشعب ، وتأجيج لهيبها ..كل هذه حقائق لا يمكن إنكابرها ، ومن الضروري الإقرار والاعتراف بها ،من قبل الجميع ، حتى من قبل مثقفي السلطة ، والحديث عنها علانية ، فالقوى العراقية ، من العرب والكورد ، قوميين وعنصريين ، والأحزاب والقوى الإسلامية الطائفية ، المتعاونة مع المحتل ، كلها تتحمل مسؤولية ما جرى ويجري في العراق ، بغض النظر عن تسميات ومراحل الحكومات التي شكلت ، وللتذكيرفأن سقوط بغداد على يد المغول ، لا زال يدمغ العلقمي وحاشيته بالتواطؤ مع التتار ، ولن يُبِرئ ساحته ، أو يُخليه من المسؤولية ، وجود حاكم غاشم ،مثل المستنصر الخليفة العباسي ، ضعيف وسيئ الخُلق ، وما كان يهمه من أمر السلطة سوى جمع الذهب ، وهذا ما أودى بدولته للسقوط ، يشاركه بهذا الولع وهذا المصير ، رئيس النظام الفاشي صدام حسين ، فبناء القصور ، وتزيينها بالذهب ، وكتابة اسمه عليها ، تدلل على عنجهية مبتذلة وسوء خلق ، ونرجسية تافهة ، محاطا بمداحين ، من " مثقفي السلطة "، غذت فيه داء العظمة وشهوة الحكم ، وهذا مالا نريده أن يتكرر أيضا ، في عراق اليوم .. فما يحتاجه عراقنا ، مثقفين وطنيين أحرار يشكلون " السلطة الرابعة" ،يتمتعون بحرية تعبير مطلقة ، لإيجاد حلول على أسس وطنية ، لمشاكل المجتمع، الطائفية والعنصرية ، والكشف عن الفساد والمفسدين، وسارقي الثروات ، في أجهزة الدولة، ومن ميليشيات الحكم ، ومعالجة ملفاتهم، ومراقبة كل سلطات الحكم ومؤسساته، وعلاقتها الحالية والمستقبلية مع الإدارة الأمريكية ، وقواتها المتواجدة على أرض الوطن العراقي ..
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفقات مشبوهة ..والقادم أعظم ...!!
-
هل تُصْلِح المرجعيات الطائفية ... الحكم إن فسد ..؟
-
البعث وشباط الأسود ..والقطار الأمريكي ..!!
-
هل نصمت ...؟ إذن نستحق ..!!
-
شهادة الفقر ..والبطاقة التموينية ..!!
-
مجتمع ذكوري ..في دول ديموقراطية ..!!
-
حراك سياسي ..أم صحوة سياسية ..!؟
-
كركوك والبصرة ..الأخطر في الصراع العراقي ..القومي والطائفي .
...
-
الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!(4)القسم الأخير
-
الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!! (3)
-
الحرية والديموقراطية..في العراق...!!(2)
-
الحرية والديموقراطية في العراق.. ! ( 1 )
-
جرائم الشرف ..عار المجتمع الرجولي ..!!
-
الحوار المتمدن ..مدرسة ومختبر ..!
-
الإنفراج الأمني ..ضوء فجر كاذب ..!
-
قانون المساءلة والعدالة : بين الحقد والمصالحة..!
-
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..! / القسم الثاني
...
-
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ..!(1)
-
المادة 142من الدستور ..عقبة في استقرار العراق ..!!
-
عراق لكل العراقيين ..!
المزيد.....
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
-
محمد المناعي: اليوم العالمي للإعاقة فرصة لتعزيز حقوق ذوي الا
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام 3 مصريين وتكشف عن أسمائهم وما
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|