|
حديث الروح(12)
فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 2208 - 2008 / 3 / 2 - 04:12
المحور:
سيرة ذاتية
في الطريق إلى مهرجا ن موسكو أخبرت زميلي في اتحاد الطلبة الأستاذ جليل جواد وكان جارنا أيضا،بتركي للدراسة وملاحقة الشرطة السرية،وكذلك أخبرت الأستاذ عزيز عبد اللطيف واني حاليا متفرغ لأي عمل يطلبه الحزب،وفي احد الأيام كانت زوجة أخي في زيارة لأهلها ،وعندما عادت جلبت لي ورقة مطوية مرسلة من الأستاذ عزيزِ،وعندما فتحتها وجدت انه يريد مقابلتي،وانه سيأتي ألينا لأرافقه بزيارة لمقابلة الأستاذ حمد الله مرتضى الذي يرغب بمشاهدتي،وفعلا تهيأت لذلك الموعد وكان في شهر نيسان،وجاءني في الوقت المحدد،فاصطحبني معه وسرنا في الأزقة والدروب وإنا لا ادري الى أين متوجهين،ووصلنا بيت بالقرب من بيت الراحل هادي حميد طخة،فطرق الباب،وفتحه لنا هادي حميد فأدخلنا إلى احد الغرف فوجدت الأستاذ حمد الله،فرحب بنا وجلسنا على الفراش وتكلمنا في أمور عامة،ثم تطرق إلى نية الحزب إرسالي للمشاركة في مؤتمر الشباب في موسكو لأني امتلك جواز سفر نافذ المفعول وسافرت به الى سوريا ولبنان ولا يحتاج إلى موافقة الأمن أو مديرية السفر،ومد يده الى جيبه وأخرج كارت صغير وقال لي(هذه دعوة لك للاشتراك في مهرجان الطلبة والسباب الذي سيعقد في موسكو سنة 1957) فلم أتمالك نفسي من الفرح فنهضت وقبلته وشكرته وشكرت الحزب على رعايته واهتمامه برفاقه،ثم غادرت البيت بمفردي عائدا الى أهلي وأنا أكاد أطير من الفرح،وكان الوقت عصرا فذهبت الى والدتي وقبلت يدها وأخبرتها إن بقائي في البيت وعدم خروجي سوف يسبب لي المرض،والى متى أبقى في البيت ملاحقا من الأمن،وأخبرتها برغبتي في السفر الى سوريا لتغيير الجو والابتعاد عن عيون الشرطة،فوافقت على ذلك وطلبت مني الانتظار لحين مفاتحة والدي وأخذ موافقته،وكنت اخجل إن اكلم والدي لأنه لا يرفض لي طلبا لمحبته إياي ولعطفه لكوني آخر العنقود وضعيف الجسم،وفي اليوم التالي نادتني والدتي وكانت في غرفة والدي،فذهبت إليها وانكببت على والدي مقبلا يديه وسألني عن موعد سفري،فقلت له الآن حتى أبتعد عن الأمن،وكان الشهر مايس 1957 وقلت له إني سأبقى ثلاثة أشهر،فعلقت والدتي وهل تستطيع فراقنا كل هذه المدة،فسكت ولم أتكلم،فما كان من المرحوم والدي الذي كانت تتجسد فيه كل المعاني والصفات الإنسانية والشفقة والعطف ليس على أسرته فقط وإنما لأقاربه وأصحابه وجميع الناس إلا أن يفتح القاصة(صندوق حديدي) ويخرج منها مبلغ من المال سلمه لي وقال إذا احتجت لنقود اتصل بنا تلفونيا وسنرسل أليك ما تحتاجه،فقبلت يده وشكرته ودعوت له بطول العمر والصحة،وكان المبلغ 150 دينار وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت قياسا لقوته الشرائية،وفي صباح اليوم التالي نهضت مع أذان الفجر وارتديت ملابسي وتوجهت الى بغداد ووصلتها في الثامنة والنصف،فذهبت الى الصالحية حيث مكاتب السفريات،ودخلت الى شركة الرافدين لنقل المسافرين،وسلمت جواز سفري وقطعت بطاقة سفر الى دمشق،فقالوا أن السيارة ستتحرك يوم الخميس الساعة الرابعة عصرا،وعدت الى الحلة،وكان أول عمل قمت به إخراج بطاقة الدعوة من المكان الذي أخفيتها فيه،وقلعت كعب الحذاء ووضعت فيه البطاقة ثم أعدته الى مكانه،وفي اليوم التالي بدأت بجمع حاجياتي وملابسي وأخذت مجموعة من الصور التراثية التي أهداها لي صديقي غازي النائب وكانت تمثل حضارة بابل وآثارها لكي اهديها الى أعضاء الوفود المشاركة في المهرجان،وتوجهت يوم الخميس ظهرا الى بغداد ووصلتها في الساعة الثانية ظهرا،وذهبت الى شركة السفريات،وجلست في قاعة الانتظار،وبعد نصف ساعة محلنا حقائبنا الى السيارة الكبيرة التي ستقلنا الى سوريا،وصعدنا الى السيارة وكان يجلس بجانبي رجل تجاوز الأربعين وكان لطيفا يحفظ الكثير من القصص والحكايات والطرائف الأدبية والشعر،وكان حديثه ممتعا فابعد عن نفسي القلق والتفكير والخشية من التفتيش والمسائلة،وعندما وصلنا الحدود العراقية السورية في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، كان هناك مخفر للشرطة العراقية،وكان أكثر أفراد الشرطة نائمين،فنزل احد موظفي الشركة وهو يحمل جوازات السفر،فلم يتأخر إلا قليلا وأكمل تأشيرها دون أن تفتش حقائبنا،وغادرنا المخفر ودخلنا بعد نصف ساعة المخفر السوري أبو شامات فتنفست الصعداء وشعرت بالراحة والاستقرار النفسي،وكانت اجراءت التفتيش بسيطة هناك ،فسارت السيارة حتى وصلنا الى دمشق في الساعة العاشرة والنصف صباحا،ووقفت السيارة في الكراج القريب من ساحة المرجة في وسط دمشق وهو قريب من الفندق الذي كنت انزل فيه سابقا. حملت حقيبتي وتوجهت الى فندق قصر النيل،وتسلقت سلالمه ودخلت غرفة الإدارة فوجدت صاحبه محمد بدوي وهو كردي،فرحب بي وأسكنني في غرفة مريحة،خلعت ملابسي وأخذت حماما باردا لأنفض عن جسمي غبار السفر ثم نمت في غرفتي ولم أستيقظ إلا صباح اليوم التالي،فارتديت ملابسي وذهبت الى احد المطاعم التي يرتادها العراقيون وتناولت طعامي ثم توجهت الى المقهى التي تعد الشاي العراقي وأكثر روادها من العراقيين،وأخذت انظر في وجوه الحاضرين فلم أرى احد اعرفه،فغادرت المقهى وتجولت في شوارع دمشق وبمحاذاة نهر بردى ثم عدت مساء الى الفندق،وأخذت بالتحدث مع صاحب الفندق وابنه خالد الذي أصبح رجلا،وذهبت في اليوم التالي الى إدارة جريدة النور الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري،ودخلت الى مكتب الاستعلامات وطلبت منه السماح لي بمكالمة رئيس التحرير بعد أن عرفته بنفسي،فاتصل به تلفونيا فأذن لي بمقابلته،فدخلت عليه مسلما فرحب بي أجمل ترحيب وطلب لي فنجان من القهوة،ثم طرحت عليه قضيتي وأعطيته عنوان الفندق الذي أقيم فيه، وبعد يومين اتصل بي تلفونيا احد الأشخاص وحدد لي موعدا سيزورني فيه لغرض التعارف،وفعلا في الساعة الرابعة كنت جالسا في قاعة الفندق فقدم شخص اسمر اللون قصير القامة سأل صاحب الفندق عني فسمعته ونهضت إليه وصافحته وعرفني بنفسه انه(عبد الجبار وهبي) وجلس بجانبي وجلبت له القهوة وتكلمنا قليلا ونهض يريد الذهاب بعد إن وعدني بزيارة ثانية خلال يومين،وبعد يومين جاءني يرفقه شخص آخر يحمل حقيبة اسمر اللون مربوع الجسم يناهز عمره الأربعين عاما،فنهضت مرحبا بهم وكان مع الأستاذ عبد الجبار وهبي طفلين فتى وفتاة أما الشخص الذي يحمل الحقيبة فقد جلبه ليسكن معي في غرفتي وهو احد المدعوين للمهرجان،فحمل عامل الفندق حقيبته الى غرفتي وسكن معي لمدة أسبوع وكنا نذهب كل يوم نتجول في شوارع دمشق ونأكل ونشرب معا وقد عرفت انه الأستاذ المحامي كاظم جعفر الصفار وكان ضابطا في الجيش وقد حكم عليه بالحبس ثلاث سنوات وطرده من الجيش لانتمائه للحزب الشيوعي،فتحول لممارسة المحاماة،وبعد أيام جاء الأستاذ عبد الجبار وهبي ومعه امرأة وطفلين فاستقبلتهم وقدمها لي أنها زوجته أم سعيد وكانت المحامية نظيمة وهبي واخذوا الأستاذ الصفار بعد أن هيئوا له شقة مجاورة لشقتهم،وبعد فترة جاء الأستاذ أبو سعيد ومعه شخص يضع نظارات على عينية يبلغ الخمسين من العمر عرفت فيما بعد انه الأستاذ محمد شرارة والد الدكتورة حياة شرارة فسكن معي في غرفتي وبعد أيام قدم الشهيد أبو سعيد ودعانا للمشاركة في سفرة لإقامة حفل تعارف،وستكون السفرة بواسطة القطار،وحدد يوم السفرة والوقت وسيكون التجمع في محطة القطار التي اعرف مكانها،وفعلا ذهبنا الى المكان المحدد أنا والأستاذ محمد شرارة والتقينا بإعداد كبيرة من أعضاء الوفد من كلا الجنسين وركبنا القطار متوجهين الى احد المصايف ونزلنا في منطقة خضراء تحيط بها الأشجار الباسقة وانتحينا جانبا منعزلا منها وأقمنا حفلة رائعة تخللتها الأغاني والأناشيد وعدنا مساء ذلك اليوم الى دمشق.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حديث الروح (13)
-
حديث الروح(14)
-
حديث الروح(15)
-
حديث الروح(16)
-
حدسث الروح(17)
-
حديث الروح(18)
-
حديث الروح(6)
-
حديث الروح(1)
-
حديث الروح(2)
-
حديث الروح(3)
-
حديث الروح(4)
-
حديث الروح(5)
-
العراق الجديد و الإنسان المهمش
-
الديمقراطية و التنمية البشرية
-
من يحسم جدل نهاية التاريخ ... الاشتراكية أم صدام الحضارات ؟
-
الديمقراطية والتجديد ركنان أساسيان في النظرية الماركسية
-
خاتمة المطاف
-
التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(1)
-
التطور اللارأسمالي والتحول إلى الاشتراكية(2)
-
الماركسية اللينينية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|