أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - عن ماذا أدافع في العراق؟















المزيد.....

عن ماذا أدافع في العراق؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 2198 - 2008 / 2 / 21 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تسلمت يوم أمس نسخة من رسالة شخصية موجهة بالأساس إلى صديق عزيز حول قضية عامة , مع ملاحظة موجهة لي. ويبدو أن الرسالة موزعة على نطاق واسع. ورغم ذلك سأتجنب ذكر اسم الصديق التي أرسلها أو التي وجهت له. جاء أشار نص الرسالة القصيرة إلى ما يلي: "إليك تقرير "الحياة" عن الفساد المالي في العراق، وفيه ما يشير لسرقة 100 مليار دولار خلال فترة ما سميّ عاراً بـ "العملية السياسية"، التي ندافع عنها". ثم يواصل فيقول : ألـ 100 مليار دولار هي ما يقارب ربع كل ما يملكه العراق من ثروات واحتياطيات. كتبت قبل عامين أشير إلى أن العراق "تعرض ويتعرض وسيتعرض لأكبر سرقة في التاريخ"" انتهى النص. وفي أسفل الرسالة كتب الصديق ما يلي: "ملاحظة للعزيز أبو سامر الحبيب كاظم , أبعدك تدافع عن "العملية السياسية" يا رفيقي وأستاذي؟ مع ودي الدائم". انتهت الرسالة التي يهمني مناقشة بعض ما جاء فيها من أفكار.
في البداية أود أن أشير إلى أني التقيت عدة مرات مع الصديق الفاضل وطرح عليَّ في الندوات السياسية التي دعيت إلى تقديم محاضرات ومداخلات فيها في لندن أو في لقاءات خاصة معه أسئلة متكررة عن مفهوم ومضمون العملية السياسية في العراق. وبذلت في حينها محاولة جادة للإجابة عن أسئلته من خلال رؤيتي الشخصية للمسألة والمفهوم. ولكن كما يبدو لم تقنعه تلك الإجابات. وهذا حقه المشروع. وفي هذه الرسالة تجاوز طرح السؤال إلى الاتهام الذي مفاده " أنك تدافع عن نظام فاسد وسارق ولا مستقبل له؟ وهذا يدفعني إلى التساؤل: ماذا يريد أن يقول هذا الصديق الطيب الذي قضى معي سنوات غير قليلة في النضال في منطقة كان الموت قاب قوسين أو أدنى منه ومني ومن الكثير من المناضلين الأحرار من أنصار الحزب الشيوعي العراق أو من بيشمركة الأحزاب الوطنية الكردستانية؟ فهو إنسان مناضل وهو مثقف وهو يدرك ما يجري في العراق وهو لا بد وأنه يفهم ماذا تعني العملية السياسية , وهو يعرف مواقفي السياسية من الوضع الجاري في العراق , وهولا يملك بديلاً لما يطرحه , فكيف سأتعامل معه في الإجابة عن ملاحظته الأخيرة؟
سأحاول هنا مناقشة المشكلة التي طرحها الصديق الكريم لا رغبة في إقناعه بما لا يريد الاقتناع من هذا الهاجس الذي هيمن على دماغه بالكامل وغير قادر على التخلص منه , بل أصبح ضاغطاً على كامل سلوكه السياسي , بل رغبة وللمرة الأخيرة في توضيح رأيي بمفهوم ومضمون العملية السياسية وما أشار إليه في رسالته. لقد أرفق الصديق برسالته القصيرة التقرير الخاص بالفساد المالي السائد في العراق والذي نشرته جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 19/2/2008 بقلم خلود العامري.
في نص الرسالة القصير يريد أن يقول كاتب الرسالة أنكم تدافعون عن السرقة والنهب في العراق , أنكم تدافعون عن عملية سياسية خاسرة هي عار علينا جميعاً , ومثل هذا العار لا يجوز القبول به. فهل يا ترى أن الصديق على صواب؟ المناقشة التالية تعبر عن وجهة نظري الشخصية , كما لا أعرف ما هو رأي الصديق الآخر الذي وجهت له الرسالة ولا الجهة التي اتهمها بالدفاع بل المشاركة في عار العملية العار.
المسألة الأولى: ما هي العملية السياسية في الوضع الملموس في العراق ؟
قيل قديماً بأن الحرب ممارسة السياسة بطرق أخرى أي بالسلاح. ولكن هذا المفهوم يفترض أن ينتهي وأن نتبنى المقولة التي تؤكد بأن السياسة يفترض أن تمارس الأساليب الحضارية في معالجة مشكلات البشر وبعيداً عن القوة والعنف والسلاح. ومن هذا المنطلق والمنطق يفترض أن نفهم مضمون العملية السياسية في العراق. فحين يجري الحديث عن العملية السياسية في العراق فهو لا يعني سوى التخلي كلية عن استخدام أساليب العنف والقوة والانقلابات العسكرية وغير العسكرية في الصراع الفكري والسياسي من جهة ويفترض من جهة أخرى المشاركة في العمل السياسي السلمي والديمقراطي الذي يمكن أن يعني إما التحالف مع القوى المشاركة في الحكم , وإما الوقوف في صف المعارضة للحكومة وبرنامجها وسياساتها وإجراءاتها ومواقفها. أي أن العملية السياسية ليست شارعاً باتجاه واحد بل باتجاهين , أي لا تتضمن التحالف مع القوى والأحزاب السياسية العراقية فقط , بل يمكن ويفترض أن تتضمن أيضاً المعارضة للحكومة ولكن بدون حمل واستخدام السلاح.
إن رفض العملية السياسية أو رفض ممارسة السياسة لا يعني سوى حمل السلاح ومقاومة الحكومة من أجل إسقاطها بالقوة , وهو ما لا يجوز القبول به بعد اليوم بالنسبة للحالة العراقية , حسب رأيي. فأسلوب الانقلابات العسكرية وغير العسكرية وممارسة القوة في تغيير الأوضاع السياسية أو فرض قرار معين على المجتمع لم يجلب للعراق غير الكثير من المآسي والكوارث والموت ويفترض أن نتركه خلفنا جميعاً.
ولهذا سأبقى أؤيد العملية السياسية في العراق وأرفض أي عمل عسكري تحت أية واجهة كانت. وبالتالي فمن واجبي أن أمارس معارضة كل ما هو لا يتفق ونظرتي للأمور الجارية في العراق. ممارسة العملية السياسية في العراق يفترض أن تنطلق من سياسة موضوعية بناءة. فحين لا أكون قادراً على الوصول إلى الحكم ولا أريد المشاركة فيه , فما عليً إلا أن أنقف في صف المعارضة التي تنتقد كل ما تراه غير صحيح وتؤيد ما تراه صحيحاً. فأنا جزء من العملية السياسية ولكني لست جزءاً من الحكومة القائمة والفرق بين الحالتين كبير حقاً.
المسألة الثانية: هل من يشارك أو يؤيد العملية السياسية يتحمل مسئولية الفاسد المالي في العراق؟
يبدو لي أن هناك خلطاً كبيراً في المفاهيم والمعايير بل والقيم أيضاً. وأن هذا الخلط يقود إلى نتائج سلبية وتبنى عليها مواقف غير عقلانية ومسيئة. فالفرق بين أنك تؤد العملية السياسية وترفض القوة , وبين وجود فساد مالي وإداري ترفضه وتكافح ضد كبير جاداً. ومن المؤسف حقاً أن صديقاً يمتلك خبرة جديدة في العمل السياسي يقع في مثل هذا المطب.
العراق يا صديقي العزيز ليس البلد الوحيد الذي يسوده الفساد المالي والإداري والسرقة والنهب وممارسة الرشوة , فهو نظام سائد في العراق وفي الكثير من الدول النامية الأخرى , ولكن العراق يعتبر واحداً من أكثر البلدان سوءاً وشدة في هذا المجال , وهذا صحيح. والرشوة ليست وليدة اليوم , بل شكلت في عهد النظام المخلوع نظاماً قائماً , إذ بلغ موقع العراق مرتبة متقدمة جداً في سلم الفساد المالي بين دول العالم. وبعد ثلاثة حروب طاحنة , إضافة على الحروب الداخلية , وبعد حصار دام ثلاثة عشر عاماً ودكتاتورية دامت 35 عاماً , وسياسة تدميرية متواصلة لكل القيم والمعايير الإنسانية والحضارية لا يمكن إلا أن نتوقع سيادة الفساد المالي والإداري , خاصة وأن ما بني على الدكتاتورية الساقطة لا يتميز بخصائص إيجابية , بل فيه الكثير من السلبيات الموروثة من الماضي , كما برزت فيه وسادت الطائفية السياسية. إن استمرار وتفاقم الفساد المالي والإداري والمحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة والطائفية السياسية ... الخ تدفعنا إلى ممارسة النقد الموضوعي البناء وشجبها والمطالبة بتغيير هذه اللوحة الكالحة والبائسة وتقديم المقترحات في سبل مكافحة ذلك. أي لا بد من خوض النضال ضد هذه الظاهرة السائدة في بلدان كثيرة , ولكنها لا تعني بأي حال ترك العملية السياسية والتحول إلى الكفاح المسلح ضد الحكومة أو النظام القائم.
إن الموافقة على العملية السياسية ورفض أساليب الإرهاب وما يسمى بـ "المقاومة الوطنية أو الشريفة المسلحة" , لا يعني بأي حال الموافقة على الفساد المالي والإداري , ولا يعني القبول به , كما لا يعني الموافقة على ضعف أداء الحكومة في هذا المجال أو تورط بعض كبار الموظفين أو غيرهم في هذه المسألة. إن أن الفساد المالي والإداري هو الوجه الأول من العملية النقدية , في حين يشكل الإرهاب وجهها الثاني.
إن فهم العملية السياسية على أنه موافقة على ما يجري في العراق من جانب الصف الحكومي فيه خلل فكري وسياسي ومعرفي كبير من جانب الصديق العزيز , وأرى مناسباً أن يعيد النظر بمفهومه للعملية السياسية التي تعني لديه موافقة تامة مع الحكومة وسياساتها وإجراءاتها أو السكوت عن الفساد المالي والإداري السائدين في البلاد. العملية السياسية تعني الانخراط بالحياة السياسية الجارية في العراق بعيداً عن استخدام القوة والعنف والسلاح. وكل شيء بعد ذلك مقبول , سواء أكان الإنسان في صف الحكومة أم معارضاً لها. ولو كنت مطلعاً على مقالاتي التي كتبتها حول الفساد المالي لما حاولت تذكيري بهذا الأمر ولا حاولت ربطه بالعملية السياسية , إذ أن العملية السياسية الجارية حالياً في العراق لها نواقصها الجدية وعيوبها الواضحة , ولذلك فهي لا تزال عاجزة عن تحقيق التقدم المنشود على طريق الوحدة الوطنية وتأمين الالتزام بمبدأ المواطنة الحرة والموحدة... الخ.
20/2/2008 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع السيد الدكتور كنعان مكية حول رؤيته للعراق الراهن 3-3
- حوار مع السيد الدكتور كنعان مكية حول رؤيته للعراق الراهن 2-3
- حوار مع السيد الدكتور كنعان مكية في رؤيته للعراق الراهن 1-3
- حوار مع السيد الدكتور عبد الخالق حسين الانتخابات الأمريكية و ...
- لتتضافر كل الجهود الخيرة لدعم مطالب الكُرد الفيلية العادلة
- إيران واللعب والمراهنة على كسب الوقت!
- 8 شباط المشئوم وكوارث العراق المتواصلة!
- لتتسع جادة الحوار الديمقراطي ... ليتسع صدر الإنسان لسماع الر ...
- لتتسع جادة الحوار الديمقراطي ... ليتسع صدر الإنسان لسماع الر ...
- رحل عنا بهدوء الشخصية الوطنية والديمقراطية العراقية والشاعر ...
- أين ألتقي وأين أختلف مع الأستاذ الدكتور سيَّار الجميل ؟لتتسع ...
- في الذكرى الأربعينية لرحيل الأستاذ كامل الجادرجي
- أين تكمن أهمية نداء -مدنيون- في المرحلة الراهنة ؟
- لست أنا المقصود .. بل المقصود غيري ..!
- قتل الناس الأبرياء يعني النهاية القريبة التي تنتظر كل الإرها ...
- لتتسع جادة الحوار الديمقراطي ... ليتسع صدر الإنسان لسماع الر ...
- في الذكرى الأربعينية لرحيل الصديق الشاعر مرتضى الشيخ حسين
- رسالة مفتوحة إلى كافة القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية ...
- ألا تنتهي معاناة الكُرد الفيلية رغم سقوط نظام السياسات الفاش ...
- لتتسع جادة الحوار الديمقراطي ... ليتسع صدر الإنسان لسماع الر ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - عن ماذا أدافع في العراق؟