أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - علي محيي الدين - الحركة النقابية قادرة على النهوض مجدداً















المزيد.....

الحركة النقابية قادرة على النهوض مجدداً


علي محيي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 117 - 2002 / 5 / 1 - 11:24
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    




لم يكن الاول من ايار يوما مهرجانا فارغا او احتفالا خطابيا رتيبا بل كان، منذ انطلاقته وحتى اليوم، شعلة نضال حقيقية مستمرة.
من قلب مواقع الاستغلال، من اميركا الرأسمالية، انطلقت المواجهة النضالية بالدم والشهادة، وقادها يومذاك اتحاد المنظمات النقابية العمالية في الولايات المتحدة وكندا الذي دعا الى تظاهرة واسعة في الاول من ايار 1886 في مدينة شيكاغو للمطالبة بتنفيذ مطالب الحد الادنى للفئات الشعبية المسحوقة وفي طليعتها تحديد ساعات العمل اليومي بثماني ساعات وتحديد الحد الادنى للأجور وتحريم تشغيل الصغار والنساء في الاعمال المتعبة وبناء المساكن الشعبية وسن قوانين لتوفير الوقاية من حوادث العمل...
أدت تلك التظاهرة الى مواجهات مع سلطة القمع بما هي اي السلطة ممثلة لمصالح رأس المال المتوحش القابض على لقمة عيش العمال والفقراء والمعدمين. وتحولت المناسبة الى ذكرى عندما قرر الاتحاد الوطني للنقابات والجمعيات التعاونية في فرنسا الاحتفال في الاول من ايار من كل عام بدءا من العام 1890 بهذا العيد العالمي.
ولأن كل ثورة تنتج قوانينها، ولأن التغيير لا ينبع إلا من المعاناة، انطلقت التظاهرة العمالية الكبرى لتؤدي الى حملة تغيير واسعة في شتى أنحاء العالم، انتجت، بعد طول معاناة، العديد من القوانين والتشريعات والانظمة بل حتى التغيرات السياسية الواسعة، والامثلة على ذلك عديدة لعل اهمها التحولات التي حصلت في مختلف انحاء اوروبا بدءا في فرنسا وبريطانيا وسواهما، وهي تغيرات انتجت تنظيمات عمالية نقابية اولى وتطويرا في تشريعات العمل. واستمر الاتجاه واضحا مع بداية القرن العشرين وانفجار الثورة البولشفية، وهي اول ثورة واسعة ذات طابع اجتماعي ضد الظلم، ثم على المستوى النقابي الصرف جاء التأسيس لمكتب العمل الدولي 1919 الذي كان بحق نتاجا عماليا طليعيا ارسى لاحقا مجموعة كبرى من التشريعات والمبادئ الاساسية لمعايير العمل العادلة لا سيما منها ما يتعلق بالاجور والحريات النقابية وإلغاء العمل القسري والعدالة والمساواة الخ...
وباختصار فإن الامثولة الاولى التي يمكن استخلاصها من هذه الوقائع السريعة وسواها الكثير في السيرة الغنية للحركة النقابية العمالية، هي ان هذه الحركة هي، اولا، التعبير الاسمى والأصح والأسلم لترجمة مصالح الفقراء والعمال في وجه الآلة الرأسمالية المتوحشة المستغلة، وهي الاداة الناجعة لمواجهة الاستغلال، وان هذه المواجهة لا تستوي إلا بالنضال، النضال الحقيقي، التظاهر والاضراب والمواجهة حتى الشهادة. وكلما التزمت الحركة النقابية بهذا النسق من النضال كانت قوية فاعلة، وكلما هادنت وتخلت عن دورها ضاعت.
وتمر الايام والسنوات بسرعة وتساهم الحركة النقابية مساهمة فعالة في بناء دولة الرعاية في الاربعينيات وما بعدها، بل في تغيير الفقر السياسي والاقتصادي والثقافي بل انها ترسي، للمرة الاولى، ومع انتظام النقابات في اطر عالمية موحدة، نموذجا حيا للتوحد والتعاون على المستوى العالمي ضد كل اشكال الفاشستية والاستغلال والظلم في شتى انحاء العالم.
وباختصار ايضا كانت قوى الاستغلال العالمي، بدءا بقوى الامبريالية الاميركية، تحاول تنظيم هجوم معاكس قادته اميركا ومولته اجهزة رأس المال الاميركي في حملة عبرت عن نفسها بأشكال مختلفة منها الشكل الفلسفي (الذي يربط زورا بين الحرية والديمقراطية والاعتداء على حقوق العمال والمستضعفين في العالم وبين الازدهار الاقتصادي) ومنها الشكل السياسي والعسكري (الذي تمثل بالهجمة الشرسة على شتى الدول وبشكل خاص الفقيرة لاخضاع انظمتها وارهابها وللسيطرة على مواردها وثرواتها) والاقتصادي، (عبر الشركات المتعددة الجنسية وعبر ارساء سياسات قاتلة منها سياسات الخصخصة ومعايير العولمة وسواها) والمالي (عبر صندوق النقد والبنك الدوليين).
ولعل ما يشهده العالم اليوم هو تعبير حي متقدم للهجمة الاميركية ولهجمة رأس المال المتوحش الذي تمثله اميركا. وهذه الهجمة تتخذ عدة تسميات، كما اشرنا، اكثرها اثارة وتحديا تلك المتمثلة بالشركات المتعددة الجنسية (وغالبيتها الساحقة اميركية) التي باتت تمثل تهديدا حقيقيا للسلام العالمي والتي تعبر عن اقسى حالات الاستغلال والظلم في العالم. وللتذكير فقط نشير الى ان هذه الشركات باتت تسيطر على اكثر من نصف الناتج القائم وباتت تملك شخصيات معنوية ومادية تتجاوز الحدود والانظمة عبر رجال هذه الشركات وأمنها وتشريعاتها كما عبر هوياتها القانونية والعمولة التي تستعملها ونسق التعامل الذي تلتزم به.
وبكلمة موجزة انه المثال الحي البشع والمتطور لتدمير الانسان ولممارسة اقسى حالات الاستغلال والظلم ولضرب كل التقاليد والحضارات والتعاليم والمبادئ السامية التي نشأت ونمت عليها البشرية منذ آلاف السنين.
انها حالة العولمة. انها حالة الاسواق المفتوحة. انها ((ثورة)) الاستغلال الفاضح على كل المستويات.
وواضح في كل الحالات ان دول العالم الثالث وشعوبها ومنها الشعوب العربية تقوم في مقدمة اهداف هذا النظام المتوحش لأكثر من سبب. فهذه الشعوب تملك ثروات طبيعية وهي تضم مواقع متقدمة للثروة الحقيقية كما انها تمثل، بالمعنى الاقتصادي على الاقل، سوقا استهلاكية لرأس المال الاميركي. ولضمان مشروعها في منطقة الشرق الاوسط تتعامل اميركا مع صنيعتها الكيان الصهيوني وتحاول بشتى الطرق تسويقه ضد ارادة شعوب المنطقة وبخلاف مصالحهم.
من اهداف هذا المشروع مصادرة حرية هذه المنطقة وحريات شعوبها والسيطرة على ثرواتها وعلى مواقعها الاستراتيجية بين الشرق والغرب ومحاولة فرض صيغة سايكس بيكو جديدة تقسم المنطقة وفق خرائط تؤدي الى مواقع نفوذ متعارضة في الشكل ومرتبطة في المضمون بهيكلية تقودها الولايات المتحدة وربيبها الكيان الصهيوني.
ان هذه الصورة تطرح بإلحاح مجموعة من الاسئلة:
اين هي الحركة النقابية العمالية وسط كل ذلك؟
اين هو مضمون اول ايار؟
اين هي الشعوب العربية وطبقتها العاملة؟
اي مستقبل ينتظرنا؟
ندرك طبعا، ونعترف، ان الحركة النقابية تمر منذ سنوات بأزمة حقيقية معروفة اسبابها ومقوماتها، وهي ازمة طالت القسم الاكبر من التنظيمات النقابية في العالم وأدت، كما هو معروف، الى تراجع واضح في معدلات الانتساب النقابي وفي الفعالية النقابية احيانا.
ونحن في لبنان نعاني من هذه الازمة التي تجلت بشكل واضح في الشهور الاخيرة بعدما تجاوز التدخل الرسمي والسلطوي في الشؤون الداخلية للحركة النقابية كل الحدود على رغم كل الاتفاقات والمواثيق الدولية والعربية والمحلية التي وقعها لبنان والتزم بها نظريا على الاقل، وفي طليعتها الاتفاقية الدولية رقم 87 والاتفاقية 98 لمنظمة العمل الدولية والاتفاقية رقم واحد العربية والاتفاقية رقم 8 لمنظمة العمل العربية الخاصة وجميعها تنص على ضرورة احترام الحقوق والحريات النقابية ومنع اي تدخل للسلطة بكل اجهزتها واداراتها في العمل النقابي الداخلي.
ونعرف في المقابل انه على رغم هذه الازمة فإن الحركة النقابية تبقى تضج بعناصر قوة عديدة وهي لم تفقد، ولن تفقد، هذه العناصر بل انها تقوى، وتظل تقوى، بفئات شبابية مناضلة ومستعدة للمواجهة بكل اشكالها دفاعا عن المبادئ السامية التي قامت عليها الاتحادات والهيئات النقابية المستقلة عن السلطة. و28 شباط 2002 الا خير تعبير عن ذلك.
وفي يقيننا ان هذه الحركة النقابية قادرة على النهوض مجددا وان قيامها تحتمه وتعجل به التطورات المصيرية الاقتصادية والمعيشية العالمية والشرق اوسطية والمحلية، بل ان هذه التطورات لا بد ان تؤدي، بفعل ديناميكيتها الذاتية ايضا، الى اعادة تفعيل الحركة النقابية المستقلة بممارسة ديمقراطية سليمة وحرية كاملة.
وفي يقيننا ايضا ان على هذه الحركة ان تمسك بالمناسبة وان تعيد تنظيم صفوفها على المستوى العالمي، عبر هيئات ديناميكية قوية وفاعلة، وملتزمة مصالح الطبقة العاملة والصراع الطبقي، وعلى المستوى الاقليمي بالنهوض بالاداة النقابية العربية واعادة تنظيمها وتقريبها من مصالح الشعوب العربية والعمال العرب، ووضع استراتيجية جديدة لمواجهة العولمة الرأسمالية المتوحشة والمشروع الاميركي الصهيوني، وتقتضي، محليا، العمل حالا على اعادة بناء الحركة النقابية اللبنانية على اسس جديدة ضامنة، في آن معاً، لأبسط شروط الاستقلالية عن السلطة والفاعلية في الممارسة الديمقراطية والالتزام بمصالح الفقراء والعمال فقط.
 نائب رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين.

©2002 جريدة السفير



#علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- التسجيل في منحة البطالة للمطلقات والأرامل 700 دينار جزائري ع ...
- إلغاء الإضراب بمطارات باريس المقرر الأربعاء بعد اتفاق بين ال ...
- الاتحاد المغربي للشغل يطالب بضرورة الاستجابة العاجلة للمطالب ...
- اي سياسية لغوية تضمن العدالة المجالية والتنمية البشرية
- وزارة المالية تعلن عن تبكير صرف مرتبات شهر يوليو 2024 للعامل ...
- بدء تطبيق زيادة رواتب المتقاعدين الجزائر لشهر يوليو استعلم ا ...
- التأمينات الاجتماعية توضح.. طريقة الاستعلام عن رواتب المتقاع ...
- حقيقة عمل الموظفين من المنزل يوم الأحد بقرار من رئاسة الوزرا ...
- رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان يطمئن: -المخزون ...
- وفد من الاتحاد العام التونسي للشغل يزور اتحاد عمال سلطنة عما ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - علي محيي الدين - الحركة النقابية قادرة على النهوض مجدداً