مقدمة لا بد منها:
بعد انهيار الملكية في الإمبراطورية الفرنسية وتسلم الثوار الحكم في البلاد تلك اللحظة غيرت الكثير من مجرى التاريخ وبدلت الكثير من المقاييس التي كانت سائدة في القرن الثامن عشر وأدت هذه الثورة البشرية إلى تغيير محور الأحداث بل أدت إلى خلق نموذج جديد للوجود البشري الذي سمي بعد ذلك بعصر القوميات.
إن تعاقب الأحداث التاريخية على شعوب الخليقة ابتداءاً من كوارث بيئية طبيعية فرضتها الطبيعة بقسوة على سكان الأرض وانتهاء بالأحداث البشرية المفتعلة من حروب ومعارك وواحتلالات للأرض واضطهاد للإنسان كل تل العوامل خلقت من البشر قوميات وفرقتهم على شكل شعوب وأمم تعيش بجوار بعضها البعض حيث صار لكل أمة من الأمم تاريخ وثقافة وحضارة مستقلة قائمة بذاتها عمل الأوائل للحفاظ عليها من الضياع واستمر الحاضرون في البقاء عليها بل التفاخر بها أمام الشعوب والأمم الأخرى.
إلا أن وكما بدأنا الحديث لم يعجب هذا التاريخ والإرث الحضاري لأمم فقيرة مصالح الأمم الأكثر قوة وغنى وجبروت منها حيث قامت الأخيرة باضطهاد الأولى ولعنت سافلها واقتلعت جذورها من أعماقها التاريخية وحولتها من حضارات وإرث تاريخي إلى أوابد تتذكرها شعوبها بخوف ووجل من جراء ظلمها ولا يمكن الجهر بها لكي لا ينصب جام غضب القوي عليها.
تلك هي حال كل القوميات والأقليات الضائعة بين شعوب وأمم الأرض وحال الأكراد كحال إخوانهم من القوميات الأخرى تفرقوا وتشردوا واضطهدوا على يد جلاوذة الأرض وجلاديها ابتداءً من الفاشية الكمالية التركية ومروراً بالشاه والخميني في إيران وانتهاءاً بهولاكو العرب الطاغية المهزوم صدام حسين.
لن أدخل في الحديث المعهود من قبل الكثير من الكتاب الكورد والذين لا هم لهم سوى أن يبرهنوا على الوجود التاريخي للكورد في كوردستان ويبحروا في المطالعات التاريخية ويحضروا الأدلة القاطعة للوجود الكوردي في خمسة دول كل ذلك ما عاد يهمنا كأكراد مقسمين بين حدود تلك البلاد ولن نعود للعمل فقط من أجل البرهان على وجونا كقومية ثانية في البلاد رغم تعند كل الحكومات التي مرت على السلطة في تركية وإيران والعراق وسورية وحتى في أرمينيا كلها لها نفس الرؤية ووجهة النظر ذاتها من ناحية القضية الكوردية ووجود الشعب الكوردي وتصنيفه كقومية ضمن الفسيفساء الاجتماعي المزركش لتلك الدول
الوجود الكوردي في كوردستان المقسمة بات موضوعة لا تقبل النقاش ولا الشك في صحتها أو خطأها الكورد شعب وجد نفسه في كوردستان كغيره من الشعوب كما وجد العرب أنفسهم في الوطن العربي والفرس في بلاد فارس و الفرنسيين في فرنسا وكافة الشعوب التي وجدت نفسها على أرضها التي ورثتها من آبائها و من أجدادها حيث كمتوالية تبعية الأرض للذي يعيش عليها حتى ولو كانت تلك الأرض وجد عليها قوميات وشعوب أخرى.
إلا أن كوردستان كغيرها من البلدان والدول التي مزقتها همجية الاستعمار وجزأتها مصالح الدول الكبرى في أعماق القرون المنصرمة ولم تدفع ضريبة تلك الدول إلا الشعوب البريئة والتي دائماً هي البنك الوحيد الممول لتلك الحروب وشيكاتها المفتوحة من دماء شهدائها و جثث أبنائها وقبورهم التي أصبحت شاهد عيان على حقبة تاريخية مظلمة ومتفرجين في تراجيديا مأساوية.
تقسيم كوردستان تاريخياً:
قسمت كوردستان على يد الاستعمار وبالاتفاق مع حكومات عميلة لها بغية مصالح خاصة لكلا الطرفين على حساب تلك الأمة المسكينة والتي لم تذق في حياتها طعم حلاوة الوجود سوى تجرع السموم والنحيب على الموتى والقتلى حيث حكمت الدولتان العثمانية والصفوية (القاجارية لاحقا), واللتان كانتا حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى أعظم قوتين في الشرق لمدة خمسة قرون, عددا كبيرا من الشعوب المختلفة من حيث العرق والدين والمذهب, ولكن بانتهاء الحرب على أعقاب اتفاقية مودورس في (31/10/1918) ضعفت الدولتان العثمانية والقاجارية وشلت قدراتهما, فحددت دول أوربا التي عرفت بدول التحالف مصير الامم التي كانت ترزح تحت حكم تينك الدولتين.
من المعلوم ان دولا كبيرة كـ(بريطانيا, روسيا, فرنسا) والتي كانت تملك امكانات هائلة عسكريا, سياسيا واقتصاديا, تتفوق بها على الدولتين المذكورتين, قامت في غمرة الحرب العالمية في عام (1916) بعقد اتفاقية فيما بينها اشتهرت باسم معاهدة (سايكس-بيكو), قسمت بموجبها الدولة العثمانية وتوزعت كوردستان التي كانت تحت نير العثمانيين بين الدول القوية تلك.
بموجب المعاهدة الروسية-الفرنسية في (13/4/1916) والتي كانت تشكل الجزء الأول من معاهدة سايكس بيكو, كان يتوجب ان تسيطر روسيا القيصرية على جزء كبير من كوردستان الشمالية عدا كوردستان الشرقية التي كانت تهيمن عليها أساسا, وبموجب الجزء الثاني من المعاهدة والذي كان اتفاقا بين بريطانيا وفرنسا عقد في (16/5/1916), كان يفترض ان تنال فرنسا قسما كبيرا من سوريا والقسم الأكبر من مناطق الأناضول وولاية الموصل, فيما تنال بريطانيا بعض المناطق الأخرى من سوريا.
ومع ان ثورات جماهيرية كوردية قد اندلعت قبل ذلك التاريخ ضد الدولتين العثمانية والقاجارية في سبيل استقلال كوردستان وتحت قيادة القيادات الكلاسيكية, ولم تثمر أيا منها, ولكن تأثير الحرب العالمية الأولى في مستقبل الأمة الكوردية بدأ من التقسيم الذي كان يضع كوردستان تحت هيمنة ثلاث دول أوربية قوية هي (روسيا, بريطانيا وفرنسا) لتتخلص نهائيا من قبضة الأتراك العثمانيين, إنما مع الأسف كانت أحداث المنطقة واندلاع ثورة أكتوبر البلشفية بقيادة لينين وتأسيس دولة شيوعية مآسي اعترضت طريق تقدم الحل الحقيقي لمستقبل المسألة الكوردية, مآسي تعاني منها هذه المسألة إلى يومنا هذا, إذ ان روسيا التي كانت تنال الجزء الأكبر من كوردستان بموجب معاهدة( سايكس-بيكو), لم تتراجع عن المعاهدة وحسب, بل أصبحت تعادي حليفتيها السابقتين (فرنسا وبريطانيا) وتحولت سياسة الروس من محاولة تقسيم الإمبراطورية العثمانية إلى الدفاع عن وحدة الأراضي التركية إلى درجة ان الدولة البلشفية بقيادة لينين كانت الدولة الأولى التي اعترفت بحركة (مصطفى كمال أتاتورك) وحكومته في أنقرة وقدمت لها المعونات المادية والمعنوية.
بعد هذه التحولات أجرت الدولتان الحليفتان الكبريان (فرنسا وبريطانيا) عدة تغييرات على معاهدة عام 1916 واتفقتا على ان تنال بريطانيا ولاية الموصل, وفي عام (1918) سيطرت بريطانيا بشكل نهائي على ولايات العراق (البصرة وبغداد) وهذه الولاية وأخرجت الجيش التركي منها.
من الواضح ان آبار نفط كركوك كانت الحافز الأقوى لبريطانيا لتحكم سيطرتها على هذه الولايات وتربطها ببعضها في إطار دولة قومية تخضع لإشرافها ونفوذها المباشرين.
جدير ذكره ان الحركة التحررية الكوردية قد ازدهرت تماما ما بين عامي (1918-1919), ولاشك في ان إعلان الرئيس الاميركي في ذلك الوقت (ويلسون) الذي طالب بحرية واستقلال الشعوب الرازحة تحت نير العثمانيين, وكذلك نشر البيان المشترك لـ(فرنسا وبريطانيا) اللتين طرحتا نفس الموضوع, كان لهما انعكاس ايجابي على قضية الشعب الكوردي وحركته, لذا أرسل الحاكم البريطاني على العراق (جيم روئيل) كمستشار له إلى السليمانية في شهر نوفمبر من العام ذاته ليقوم الأخير بتعريف الشيخ محمود كحاكم على كوردستان, وبعد أسبوعين من ذلك أعلن الشيخ محمود في (17/11) من العام ذاته أول حكومة كوردستانية والتي دامت حتى (18/6/1919).
بعد تلك المعاهدة وتلك الإعلانات الدولية, اخذ موضوع استقلال الشعوب وحقها في تقرير المصير مفهوما جديدا في القانون الدولي, بريطانيا التي سيطرت حينها على أغنى جزء من كوردستان, لم يتفق ساستها تماما على حل المسألة الكوردية حلا جذريا, إنما كانوا على وفاق فيما يخص منح الكورد حقهم في الإدارة الذاتية.
من المعلوم ان الدول المنتصرة في الحرب الأولى وخصوصا بريطانيا فكرت في عقد مؤتمر عالمي للسلم, لغرض تنفيذ مراميها السياسية وكذلك إيجاد الحلول لمشاكل المنطقة, وكان موضوع ولاية الموصل يشكل أكثر النقاط أهمية بالنسبة لسياسة الدولة البريطانية.
في ذلك المؤتمر الذي عقد في باريس ما بين (18/11/1919-21/1/1920) كانت الآراء فيما يخص الملف الكوردي هي ان تلحق جنوب كوردستان بولايتي البصرة وبغداد, وينضوي غرب كوردستان تحت الهيمنة الفرنسية, فيما تبقى كوردستان الشرقية وكوردستان الشمالية كما هما في إطار الدولتين الإيرانية والتركية. بعد ذلك بمدة عُقد مؤتمر آخر في مدينة (سان ريمو) بايطاليا خلال أيام (19-26/4/1920) تقرر فيه ان تشرف بريطانيا وفرنسا على دول (العراق, سوريا, لبنان, فلسطين, الأردن والعربية السعودية), وبحث هناك في المسألة الكوردية أيضا على الشكل الآتي:
-اقتطاع كوردستان من تركيا ووضعها تحت سيطرة الكورد.
-تتخلى فرنسا عن ذلك الجزء من كوردستان الشمالية وتقر نظام (الانتداب) لجنوب كوردستان, على ان تشرف بريطانيا عليه وتثبت سلطتها في العراق وبلاد فارس.
ورغم ان مصائر شعوب المنطقة في ذلك العصر كانت في طور التقرير من قبل الدول العظمى, إلا ان قادة وحكام الحركة التحررية الكوردية في جميع أرجاء كوردستان كانوا أيضا في طور لملمة القوى وبذل الجهود من اجل إيجاد حلول نهائية لقضيتهم, وقد لعب الجنرال (شريف باشا) كممثل عن معظم الأطراف الكوردية دورا ملحوظا أثمر عن نتائج ايجابية في مؤتمر (سيفر) في (10/8/1920), حيث تتحدث البنود (62, 63, 64) عن مستقبل الكورد, بحيث تحصل كوردستان الشمالية على حق الإدارة الذاتية ويكون للكورد حق اتخاذ القرار بشأن استقلالهم التام عن طريق استفتاء عام وتلحق ولاية الموصل بهذا الجزء.
ومع ان معاهدة سيفر لم تطرح حلا نهائيا لحسم القضية الكوردية, ولكن لأول مرة تم فيها الاعتراف بحق الشعب الكوردي وعرضت قضيته كمسألة دولية من الناحية القانونية, وفيما لو كتب النجاح لتلك البنود, كانت القضية الكوردية ستحصد الايجابيات من جهتين:
أولا: كانت (الاتفاقية) ستؤثر بشكل ملحوظ في الحدود السياسية للدول التي كان الكورد يعيشون في كنفها.
ثانيا: كان ذلك المكسب يشكل حجر الأساس لتشكيل دولة كوردية موحدة في المستقبل, ولكن للأسف لم تنتهِ أوضاع تلك الحقبة والتحولات التي حدثت بما يخدم الكورد, حيث ان ازدهار حركة مصطفى كمال أتاتورك القومية ودعم ومساندة الدولة البلشفية بقيادة لينين لتلك الحركة والموقف والرؤيا المشتركين لكلا الطرفين إزاء معاهدة سيفر من جهة وخلافات وصراعات القوى المتحالفة فيما بينها من الجهة الأخرى وتغيّر ظروف اليونان وتوقف الحرب على تركيا وفي الوقت ذاته عدم اتفاق القوى والمنظمات الكوردستانية, بحيث وقفت بعضها إلى جانب مصطفى كمال, اضافة إلى تحول السياسة البريطانية إزاء حكومة مصطفى كمال في أنقرة وبدئها بمغازلتها بهدف حل موضوع ولاية الموصل معها, كل ذلك أدى إلى ان تنتهي الحقبة في مصلحة مصطفى كمال, وفي النهاية تقرر عقد مؤتمر دولي آخر لنسف مقررات مؤتمر سيفر, وقد عقد المؤتمر الأخير في مدينة لوزان بسويسرا في (24/7/1923), وهناك تم الدوس كليا على حقوق الكورد وتقرر تقسيم كوردستان على أربع دول.
بموجب البند الثالث من تلك المعاهدة, تقرر ان تقوم عصبة الامم برسم الحدود الفاصلة بين العراق وتركيا فيما لو فشلت الدولتان في ذلك.
رسم مجلس عصبة الامم مؤقتا في (29/10/1924) حدود الدولتين, تلك الحدود المعروفة باسم (خط بروكسيل).
بالنسبة للقضية الكوردية, تضمن تقرير مرفوع من كوردستان إلى بريطانيا عام (1925) وطرح في عصبة الامم, النقاط الآتية:
-بما ان بريطانيا تملك حق الانتداب في العراق, عليها ضمان إدارة ذاتية للكورد.
-أغلبية سكان ولاية الموصل هم من الكورد من الناحية العرقية, لذا يتوجب تشكيل دولة كوردية, ولم تكن ولاية الموصل جزءا من العراق أبدا.
في الحقيقة فشلت المساعي فيما يخص حسم موضوع ولاية الموصل بين بريطانيا وتركيا بعد تأسيس الدولة القومية في العراق عام (1921) وتركيا عام (1923), لذا قررت عصبة الامم في نهايات عام (1925) وبشكل أكثر تحديدا في (16/12/1925) جملة أمور بخصوص رسم الحدود بين الدولتين:
-ان يكون خط بروكسيل الحدود الفاصلة بين الدولتين.
-تعقد بريطانيا اتفاقية مع العراق حول الإشراف على إدارة هذه الدولة لمدة (25) عاما.
-ضمان حق الكورد من ناحية اللغة والأجهزة الإدارية.
وينبغي ان لا ننسى حقيقة ان الاستفتاء الذي أجرته عصبة الامم في كوردستان بخصوص ولاية الموصل لم يكن استفتاء صادقا, إذ لم يجرَ الاستفتاء أساسا لبحث موضوع استقلال ولاية الموصل, بل للاختيار بين البقاء ضمن الدولة التركية أو الاتحاد مع ولايتي البصرة وبغداد العراقيتين, ومن ناحية أخرى كانت تلك المنطقة النفطية الغنية مهمة جدا لبريطانيا التي أرادت ان يشكل سكان هذه المنطقة السنيون مع السنة العرب الأغلبية السكانية لإدارة أمور العراق, ومن هنا لم يُخفِ الملك فيصل الحقيقة التي كررها مرارا حول ان: ولاية الموصل هي كالرأس بالنسبة لجسد العراق.
بعد مرور (6) اشهر على قرار رسم الحدود من قبل عصبة الامم, أي في (5/6/1926), أكدت الدول الثلاث (بريطانيا, العراق وتركيا) على علاقاتها الجيدة والتعاون القائم بينها بخصوص الوقوف بوجه أي حركة مسلحة على الحدود بين العراق وتركيا.
بعد ذلك بيوم واحد في (6/6/1926), صادقت عصبة الامم على تلك الاتفاقية الثلاثية وبعد ذلك تم إلحاق ولاية الموصل بالعراق نهائيا ورسميا, أي ألحقت ولاية الموصل الكوردية بالدولة العراقية بعد (5) أعوام من تأسيس دولة العراق, وهذا يؤكد حقيقة ان جنوب كوردستان أُلحق بالعراق بغير إرادة الجماهير الكوردية, ما يعني ان الإلحاق يفتقر إلى الشرعية الدولية.
الكورد في الوقت الراهن:
لا زالت الحكومات التي تغتصب كوردستان ( ماعدا العراق الحالي ) تنفي وجود قوميات غيرها في بلادها على الرغم من التطور والحضارة والرقي الذي وصل إليه العالم وإن أصغر الأم صار يعترف بها كدول أعضاء في منظمات دولية وليس من حق الكورد التمتع بهويتهم الشخصية والتاريخية والثقافية التي هي إرث لهم على مر العصور حيث تأبى الحكومة التركية الاعتراف بالقومية الكوردية في بلادها بالرغم من أن الكورد هم القومية الأكثر تعداداً في تركية بعد القومية التركية وترفض وتمنع حتى التكلم في البيوت باللغة الكوردية وتعتقل المناضلين الكورد وتنتهج السياسية الكمالية من حيث تتريك المنطقة الكوردية وتجويعها وتركها متخلفة وقابعة في ظلمة الجهل وإتباع سياسة الاغتيالات العشوائية للشخصيات السياسية والاجتماعية وكثيرة هي الأمثلة ( موسى عنتر- فايق بوجاغ ...الخ ).
أم الحكومات العراقية فحدث ولا حرث فلا يمكن أن نسرد كوارثها في مقالة واحدة رغم أننا سنبحثها لاحقا.ً والحكومات الإيرانية انتهجت نفس المناهج من ناحية التصهير العرقي والنكس في العهود التي أعطتها للبيشمركة الكوردية بمجرد وصولها لسدة الحكم بعد أن تسقط نظام الشاه وقامت باغتيالات الشخصيات السياسية كأمثال ( الدكتور عبد الرحمن قاسملو – الدكتور صادق شرف كندي ....الخ) ولكن تنفتح السياسة الإصلاحية التي ينتهجها الرئيس الإيراني سيد محمد خاتمي تضفي القليل من الطمأنينة ولكن بتخوف وحذر أما الكورد السوريين فحالهم ليس بأفضل من حال إخوانهم في الأجزاء الأخرى على الرغم من وجود الكورد كجزء لا يتجزأ من النسيج الفسيفسائي الاجتماعي السوري المنتشرين على أرض سورية بجميع مدنها ومحافظاتها ويشاركون بشكل طبيعي دون أية تفرقة في مختلف مجالات الحياة، فمنهم من كانوا قواداً لمعارك وحروب ضد الاحتلال الفرنسي كإبراهيم هنانو، ومنهم من وصل إلى مناصب عليا سياسية وعسكرية بما في ذلك رئاسة الجمهورية كفوزي السلو وحسني الزعيم إن كل ذلك لم يأتي بالحسبان ولم تعطه الحكومات المتعاقبة أي قيمة أو أي رد فعل يعطي تلك الحكومات حقوق بسيطة ولو على سبيل رد المعروف الذي ينعمون به اليوم وكان للكورد شرف المشاركة به إن المتغيرات والأحداث الإقليمية والعالمية أدت إلى تعزيز الاندفاعات الشوفينية ضد الكورد السوريين، وشجع غلاة التطرف القومي على ابتكار أساليب قسرية لتمييز الأكراد وسلبهم حقوقهم كمواطنين وتغييب دورهم كأقلية قومية في التكوين الاجتماعي السوري أول إجراء تمييزي، لا يزال الأكراد السوريون يعانون منه الأمرين، كان مشروع الإحصاء الاستثنائي لعام 1962 الذي حرم أكثر من سبعين ألف كردي من الجنسية السورية، وعددهم اليوم يقارب المائتين وخمسين ألفا، دون أدنى احترام لحقوقهم كبشر ولمستقبل أسرهم وأطفالهم ثم جاء مشروع الحزام العربي مطلع السبعينيات هادفا إلى تفريغ الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا في محافظة الحسكة أو الجزيرة بعمق 10 إلى 15 كم من سكانه الأكراد الأصليين، وتوطين أسر عربية بدلا عنهم لقطع أواصر الارتباط الجغرافي بينهم وبين أقربائهم وامتداداتهم القومية خارج الحدود السورية واغتنمت السلطات فرصة بناء سد الفرات ومشروع إعادة توزيع الأراضي الزراعية كي تستولي على أراضي الفلاحين الأكراد لإقامة مزارع نموذجية مزودة بالمياه والمدارس والحماية الأمنية وتمليكها لفلاحين عرب غمرت مياه السد قراهم، وبالفعل تم توطين أكثر من أربعة آلاف أسرة عربية في الشريط الحدودي وتوزيع أكثر من 700 ألف دونم من الأراضي المصادرة عليهم.
رافق ما سبق سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية الكردية وصهر الكرد "كأفراد" في بوتقة القومية العربية، تجلت في قمع الحركة السياسية الكردية واعتقال نشطائها وتغيير الأسماء الكردية التاريخية لمئات القرى والبلدات والتلال والمواقع واستبدالها بأسماء عربية، وحرمان الأكراد من التحدث بلغتهم الخاصة ومنع الموسيقى والأغاني الكردية
ومن يومها عرف المجتمع السوري ظاهرة جديدة اسمها "المكتومون" أو "البدون" وهم المجردون من الجنسية الذين فقدوا حق المساواة أسوة بغيرهم من المواطنين في الهوية والتملك والتعليم والتقاضي والعمل والصحة... الخ، وباتوا أجانب، غرباء عن مجتمع عاشوا بين ظهرانيه مئات السنين
ثم جاء مشروع الحزام العربي مطلع السبعينيات هادفا إلى تفريغ الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا في محافظة الحسكة أو الجزيرة بعمق 10 إلى 15 كم من سكانه الأكراد الأصليين، وتوطين أسر عربية بدلا عنهم لقطع أواصر الارتباط الجغرافي بينهم وبين أقربائهم وامتداداتهم القومية خارج الحدود السورية.
واغتنمت السلطات فرصة بناء سد الفرات ومشروع إعادة توزيع الأراضي الزراعية كي تستولي على أراضي الفلاحين الأكراد لإقامة مزارع نموذجية مزودة بالمياه والمدارس والحماية الأمنية وتمليكها لفلاحين عرب غمرت مياه السد قراهم، وبالفعل تم توطين أكثر من أربعة آلاف أسرة عربية في الشريط الحدودي وتوزيع أكثر من 700 ألف دونم من الأراضي المصادرة عليهم.
رافق ما سبق سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية الكردية وصهر الكرد "كأفراد" في بوتقة القومية العربية، تجلت في قمع الحركة السياسية الكردية واعتقال نشطائها وتغيير الأسماء الكردية التاريخية لمئات القرى والبلدات والتلال والمواقع واستبدالها بأسماء عربية، وحرمان الأكراد من التحدث بلغتهم الخاصة ومنع الموسيقى والأغاني الكردية.
وترافق ذلك مع تعميم أفكار شوفينية خطيرة تطعن بحق الوجود الكردي في سوريا، في محاولة دأبت عليها قوى التطرف والتعصب القومي (خارج السلطة وداخلها) لرسم تاريخ تشكل المجتمع السوري على هواها، تلغي فيه دور الكتلة الكوردية وتدعي بأن ما هو قائم من تشكيلات قومية واجتماعية هو نتاج مؤقت وطارئ صنعه الاستعمار ومصالح القوى المتصارعة في المنطقة.
إن مثل هذه القراءة للتاريخ الظالم للأمة الكوردية هي قراءة بسيطة درويشة لا تعطي للأكراد حقهم ولا تنصفهم ومن الممكن أن تؤسس لمشروع أكبر وأعمق في سبيل بيان التاريخ الظالم بحق هذه الأمة التي لا ذنب لها سوى أنها قومية كقوميات الأخرى ولدت لتدفع ضريبة غيرها وتصير ثرواتها وبالاً ينهال عليها وحمم تقذف بها عميقة في النسيج التاريخي للشعوب التي تقطن الخليقة وتفضي إلى إشكالات وصراعات لا تحمد عقباها بفعل تبلور وجهات نظر تاريخية متباينة وحتى متناقضة علميا وعمليا، حول أحقية أو مشروعية الوجود الكوردي الذي لا شك به على أرضه وأرض أجداده وبين تلك الدول الظالمة للقوميات التي تشاطرها المكان والزمان بل نستطيع القول بأنهم هم الذين يشاركونها كون الكورد والأرمن و الآشوريين هم أمم أقدم من العرب وكان الزمان له كلمة فنطقها وانقلبت الآية وصار الحق باطل والباطل حق.
مراجع ومصادر :
*كوردستان مستعمرة دولية البروفيسور إسماعيل بيشيكجي.
*الكورد دراسة سوسيولوجية وتأريخية باسيلي نيكيتين.
*خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان محمد أمين بك الجزأين الأول والثاني.
*مجموعة من المقالات والآراء والأبحاث المنشورة على الإنترنيت ( بتصرف ).