|
بصدد الطبقة العاملة...استسلام؟ لا، بل ثورة!
قاسيون
الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:53
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جان فرانسوا أوتييه: مصلح ميكانيك متقاعد، عضو في الحزب الشيوعي الفرنسي منذ 3-1-1963. عبر عنوان فرعي بلونين على عرض الصفحة الأولى من جريدة لومانيتيه، أعلنت الصحيفة عن «مقابلة كبيرة» من أجل «فهم رأسمالية القرن الحادي والعشرين»، ثم ذكّرتنا على صفحتين وتحت عنوان «عصر مجتمع الخدمات» بأنّ الحياة الاقتصادية قد تغيرت كثيراً منذ ماركس. وإثر التطورات التقنية والتكنولوجية، وبسبب تجاوز نسبة عمال الخدمات 70 % من السكان الفاعلين، فإنّ «الطبقة العاملة قد خسرت دورها التاريخي»، ونحتاج بالتالي إلى مشروع جديد للمجتمع.
هذا إذا، ببضع كلمات، ما يتوجب فهمه من الرأسمالية اليوم.
لم أكن القارئ الوحيد الذي فهم بأنّه يتوجب عليّ الاستسلام، وأن أقبل مؤقتاً على الأقل الرأسمالية بوصفها نهاية التاريخ.. أتجرأ على القول، حتى إن كان كلامي سيتسبب بصدمة، بأنّ هذا التأكيد، المحبط بالكامل للنضال المباشر (لكن ربما كان هذا هدفه)، يبدو لي وكأنه يعود لتصور عمالوي للطبقة العاملة، وباعتبار أنّ النص مزروع بالتلميحات لماركس والماركسية، لكن دون أن يتجرأ أبداً على مواجهة أدنى استشهاد، تبدو العودة إلى قراءة نصوص ماركس وإنغلز ضرورية جداً، ولاسيما بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون بأنّ لديهم ما يفعلونه غير قراءة تلك اللحى العجوز. وبالفعل، يبدو لي أنّ المرء إذا سمح بأن تعميه مظاهر «مجتمع الاستهلاك» و«مجتمع الخدمات» (مع نسيان أنّ العديدين لم يعودوا يقومون سوى بخدمة ما لم يعد ينتج في فرنسا لفترة معينة، ثم يلتحقون بمستبعدي الاستهلاك والخدمات الذين يتزايد عددهم باستمرار)، فإنه يمر قرب الأساسي: نحن نعيش الدكتاتورية الإرهابية لرأس المال المالي المتوسع. الغريب أنّ عدداً من صناع الرأي لا يهتمون اهتماماً كافياً بهذا الإرهاب الذي يدمر وسائل عيش ملايين الأشخاص، ويزرع البؤس والجوع ويقلص النفقات الصحية ويلغي الأدوية المفيدة التي لا تدرّ ما يكفي من الأموال، ويقتل ويزرع الحرب والموت والأسى، ويلوث الكوكب ويسممه، قادراً على أن يقبل دون أن يرف له رمش الموت المتوقع لمليار كائن بشري نتيجة التغيرات المناخية التي يتسبب بها.
خلافاً لأولئك الذين لديهم تصور عمالوي للطبقة العاملة، فإنّ ماركس وإنغلز لا يختزلانها إلى العمال من البروليتاريا، بالنسبة لهما، على عكس البرجوازية الرأسمالية، هنالك مجمل العاملين بأجر، البروليتاريا، بوصفها طبقة بذاتها. وهنالك البروليتاريا الثورية، الطبقة العاملة، بوصفها طبقة لذاتها. على مدى السنوات، أصبح هذا التمييز أكثر فأكثر وضوحاً في مقدمات بيان الحزب الشيوعي، كما لو أنهما كانا يستشعران خطر انحدار عمالوي. اليوم مثلما في العام 1848، ننتج للرأسماليين، ما يقرره الرأسماليون، في المكان الذي يقرره الرأسماليون، كي يزيد هؤلاء الرأسماليون رأسمالهم دائماً. اليوم كما في العام 1848، ليس هنالك إلا طبقتان رئيسيتان، تضطر إحداهما من أجل البقاء إلى بيع قوة عملها للطبقة الثانية التي تعيش منه: البروليتاريا والبرجوازية، لكن الفارق الرئيسي مع العام 1848 ليس التقنيات الجديدة بقدر ما هو توسع البروليتاريا لتشمل الغالبية العظمى من النشاطات البشرية، انسحاق الطبقات الوسيطة، والضمور العددي للبرجوازية، تلك الطبقة الطفيلية المتعيشة على استغلال العمل المأجور.
اليوم، وفي حين أنّ 92 % من السكان الفعالين مأجورون، بروليتاريون، و (باستثناء أقلية من أتباع رأس المال) يعانون معاناةً شديدة من الدكتاتورية الإرهابية لرأس المال المالي المتوسع، فالمسألة التي تطرح نفسها هي إعادة السيطرة على الثروات إلى تلك البروليتاريا التي تخلقها، وبالتالي السيطرة على رأس المال، أي مصادرة رأس المال للسماح بامتلاكه الاجتماعي: إنه شرط وضع حدّ لانسحاق المأجورين. اليوم كما البارحة، تكمن المشكلة في فعل كل شيء للسماح للبروليتاريا بالوصول إلى الوعي الطبقي، بالانتقال من وضع الطبقة بذاتها إلى وضع الطبقة لذاتها، إلى وضع «الطبقة العاملة»، للتحرر ولتحرير الإنسانية من نير الرأسمالية.وهذا لن يجري عبر الإفراط في التدقيق على المستغَلين، بل بأن نظهر لهم بأنهم معاً ضحايا حفنة مستغِلين استأثروا بالحق في الحياة أو الموت، بأن نظهر لهم بأنّ التاريخ يشهد على أنه إذا لم يسحقهم الاستغلال بعد بالدرجة نفسها، فلا أحد سينجو: الجيل الجديد يعيش وضعاً أسوأ من وضع الأجيال السابقة له. ربما يعترض البعض قائلين إنّ ماركس يشرح القيمة المضافة باستخدام أشياء مصنوعة وليس باستخدام منتجات فكرية، غير محسوسة؛ وبأنّ المعلوماتية لم تكن موجودة في عصره.عدّد ماركس وإنغلز الاضطرابات التي تتسبب بها البرجوازية الرأسمالية للتشكل الاقتصادي والاجتماعي في «بيان الحزب الشيوعي»، فكتبا: «ينطبق على الإنتاج المادي ما ينطبق على الإنتاج الفكري». إن لم أكن مخطئاً، ومثلما هو حال غاليليو وعبارته «ومع ذلك فإنها تدور»، أدرك ريكاردو القيمة المضافة، لكنه لم يعرف كيف يفسر مسار الاستيلاء الخاص. وهذا ما فعله ماركس. لكنه فعل موضحاً منذ البداية: «بعد أن نضع جانباً قيمة استهلاك البضائع، لا يبقى لها إلا صفة واحدة، هي أنها نتاج العمل. لا يبقى إذن إلا الطابع المشترك لهذه الأعمال؛ إنها جميعاً تعود للعمل البشري نفسه، لإنفاق لقوة العمل البشرية دون اعتبار للشكل الخاص لإنفاق هذه القوة». (كارل ماركس - رأس المال، الكتاب الأول، تطور الإنتاج الرأسمالي، قسم: البضاعة والنقد).
التناقض الأساسي مازال موجوداً..
كان لدى ماركس وإنغلز تصورٌ وحدانيٌّ للعالم لا يفصلانه إلى فكري من جانب ومادي من جانب آخر. وهذا أمرٌ فهمه الرأسماليون جيداً، حتى إذا كان لدى البعض منهم تصور ثنوي للعالم: لقد نجحوا في جعل «غير المحسوس» سلعةٌ يتم تبادلها في السوق بمال محسوس... لتحقيق القيمة المضافة المتضمنة في هذا الـ«غير المحسوس» والاستيلاء عليها...
«لم يقم الفلاسفة إلا بتفسير العالم بأساليب مختلفة، والمهم هو تغييره». (كارل ماركس وفردريك إنغلز، الإيديولوجيا الألمانية، الأطروحة 11 حول فيورباخ). على مثال ماركس وإنغلز اللذين لفتا النظر في مقدمة الطبعة الألمانية للعام 1872 للبيان الشيوعي، في حين أغرقت الكومونة في الدماء ولم يكن للنقابة وجودٌ شرعي، إلى «التقدم الهائل في الصناعة الكبيرة في السنوات الخمس والعشرين المنصرمة والتقدم الموازي الذي حققته الطبقة العاملة في تنظيم نفسها في حزب»، فإنّ أولئك الذين يرغبون في أن تحول بروليتاريا القرن الحادي والعشرين الثورية العالم، دون أن يعميها انتخاب ساركوزي، يقدّرون المعنى الطبقي للتصويت السلبي بنسبة 54.7 % من الشعب الفرنسي في 29 أيار 2005، والحكم السلبي الذي يطلقه 61 % من الفرنسيين على الرأسمالية (استبيان قام به لويس هاريس ـ صحيفة ليبيراسيون، نشر في 4/11/2005)، وبروز إرغام الشبيبة للحكومة على سحب قانون عقد العمل الأول في حين تخلت النقابات عن العمل ضد عقد العمل الأول CNE أولئك الذين يريدون بأي ثمن إحلال الانقسام إلى يسار ويمين محل التناقض الأساسي بين رأس المال والعمل لا يدينون بهذا الوعي إلى ما هي عليه الرأسمالية وأوروبا الخاصة بها، بل بصورة أساسية إلى ممارستهم اليومية للرأسمالية. وإذا كان بمقدور جزء منهم أن يسمحوا لأنفسهم بالانخداع والمشاركة في انتخاب ساركوزي، فذلك بصورة خاصة لأنّ الحزب الشيوعي الفرنسي، حزبي منذ العام 1963، لا يقترح عليهم أي مشروع آخر.. تحت إدارة وزيرة سابقة لـ«اليسار التعددي» (تلك التي خصخصت أكثر مما فعلت أية حكومة يمينية) انتخبت إلى المؤتمر الحادي والثلاثين (2001) لتزويد الحزب الشيوعي الفرنسي بمشروع شيوعي لم يوجد حتى الآن، ساند الحزب الشيوعي في الانتخابات الرئاسية برنامجاً لا يمس ملكية رأس المال، واقترح إعادة شراء الدولة لأسهم شركة الصناعات الفضائية والدفاعية الأوروبية؛ بكلمات أخرى، جعل المأجورين يدفعون المال عبر الضريبة، رأس المال هذا الذي ليس سوى نتاج عملهم وجردتهم البرجوازية منه! كيف يمكن للبروليتاريا الثورية أن تجد نفسها في مثل هذا البرنامج؟
وزيرٌ آخر من «اليسار التعددي»، ذاك الذي شرح بأنّ فتح رأسمال شركة الخطوط الجوية الفرنسية إير فرانس ليس خصخصة، يأتي ليقترح بأن يلغي الحزب الشيوعي الفرنسي صفة «الشيوعي» من اسمه. وعلى الرغم من أنّ أكثر من 70 % من قطاعات الحزب الشيوعي الفرنسي ترفض هذا الاقتراح، نالت وزيرة «اليسار التعددي» التي تتزعم الحزب، ملوحةً بخطر انفجار الحزب، الإذن بمواصلة تصفية ماكان حزباً ثورياً ببلوغ العام 2008. حينذاك، وبالتوافق مع ذلك، قامت صحيفة الأومانيتيه، التي لم تعد الصحيفة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي والتي تصبح أقل فأقل صحيفة جوريس، وأكثر فأكثر صحيفة لاغاردير، بإدارة صديق لذاك الذي استند إلى حاجة حقيقية لتطور الحزب لجعله يتحول إلى محتوىً اجتماعي ديمقراطي، قامت بالتأكيد على أنّ «فهم رأسمالية القرن الحادي والعشرين» هي الاستسلام لانتظار بروز مشروع جديد للمجتمع... لا لليأس
هل يمكن القيام بما هو أفضل من هذا لدفع البروليتاريا الثورية إلى اليأس؟ صحيحٌ أنّ صفة الشيوعية فائضة بالنسبة لهؤلاء القادة!
لكن هل من الضروري زرع اليأس إذا كانت البروليتاريا تقبل المصير الذي توعد به دون التهديد بوضع حدّ لسيطرة البرجوازية؟
لقد آن الأوان، آن حقاً الأوان كي تنعقد مجالس للشيوعية، مفتوحة على هذه البروليتاريا التي تواجه هجمات رأس المال وتقاتل وتبحث عن وحدتها رغم كافة مانعي «الجميع معاً» وأولئك الحريصين على التفاوض على تراجع اجتماعي جديد؛ مفتوحة على هذه الشبيبة، بروليتاريا الغد، التي أرادت بمناسبة عقد العمل الأول الإطاحة بكل القانون المدعو «تساوي الفرص» قبل أن يضع من هتفوا «انتصرنا» حداً للتحرك. أجل، آن الأوان كي تنعقد مجالس مفتوحة للشيوعية، من أجل تطوير مشروع خروج من الرأسمالية الآن، وتزويد البروليتاريا الثورية بحزب شيوعي جدير بالقرن الحادي والعشرين. إذ من الوهم بمكان انتظار تنظيم مجالس للشيوعية مفتوحة لأولئك الذين يستخدمون في الوقائع البروليتاريا ككتلة من اليد العاملة، كجيش من المشاة في مسيرتهم نحو سلطة يمارسونها بدلاً من البروليتاريا، ولا يمكن إلا في القاعدة، في صفوف المناضلين الثوريين دون استبعاد، خلق شروط انعقادها. هذا هو معنى المبادرة التي أشارك فيها مع شيوعيين آخرين منظمين وغير منظمين: «من أجل مجالس للشيوعية، شيوعيون يتوجهون للشيوعيين».
ومثلما ينشد النشيد الأممي: «ليس هنالك منقذُ أعلى... فلننقذ نحن المنتجين أنفسنا...، نحن لا شيء ولنكن كل شيء».
رسائل: أسئلة.. وأجوبة
جلبت لي الصرخة التي أثارتها ورقة من صحيفة أومانيتيه نشرت بتاريخ 16-1 بريداً وافراً، وكي يكون التواصل ممكناً، يجب أولاً أن يكون هنالك فهمٌ مشترك للكلمات..
- حين تنشر الأومانيتيه مقالاً على صفحتين، تنتثر فيه التلميحات لماركس والماركسية، يستخدم عبارة «الدور التاريخي للطبقة العاملة»، وهي مفهوم ماركسي، يبدو لي أنّ ذلك يدفع المرء كي يعتقد بأنه أمام نصّ يستخدم المفهوم الماركسي للطبقة العاملة. والحال أنّ الأمر ليس كذلك.
- ربما تكون العودة إلى ما هي الطبقة بالنسبة للماركسيين مفيدة: مجموعة واسعة من البشر، تتحدد وفق أسلوب حصولهم على وسائل البقاء، أي راتباً أو فائدةً أو إيراداً؛ وللحصول على هذا المال، هل يتوجب عليهم العمل أم لا؛ وأخيراً، هل يملكون وسائل الإنتاج أم أنّهم لا يملكون إلا قوة عملهم.
- يستخدم ماركس وإنغلز كلمة «بروليتاريا» أكثر مما يستخدمان عبارة «الطبقة العاملة». ففي نص «البيان الشيوعي» نفسه (باستثناء الحواشي والمقدمات)، تستخدم كلمة بروليتاريا 58 مرة وعبارة الطبقة العاملة 12 مرة. وهما يكتبان بصدد الطبقات: «غير أنّ الطابع المميز لعصرنا، لعصر البرجوازية، هو تبسيط التضاد بين الطبقات. ينقسم المجتمع بصورة متزايدة إلى معسكرين واسعين عدوين، إلى طبقتين كبيرتين متناقضتين كلياً: البرجوازية والبروليتاريا». (كارل ماركس وفردريك أنغلز، البيان الشيوعي، 1848).
• ما هي البروليتاريا؟
«البروليتاريا هي الطبقة الاجتماعية التي تتمكن من البقاء بفضل بيع عملها فقط، وليس بفضل فائدة رأسمال ما، وترتبط شروط وجودها ووجودها نفسه بطلب العمل، وبالتالي بتتالي فترات الأزمة والازدهار الصناعي، وتذبذبات منافسة لا تتوقف. البروليتاريا، أو طبقة العمال، هي بكلمة واحدة الطبقة الكادحة في العصر الحالي». (فريدريك إنغلز، مبادئ الشيوعية، 1847).قبل عام من كتابة البيان الشيوعي، وضعت علامة مساواة بين البروليتاريا والطبقة العاملة. كيف فعلنا كي نتجاهل ذلك كل هذا الوقت؟ • لمن يعطي ماركس وإنغلز دوراً تاريخياً؟
«يتم باستمرار تدمير هذا التنظيم للبروليتاريا في طبقة، وبالتالي في حزب سياسي، بسبب المنافسة بين العمال أنفسهم. لكنه يعود مجدداً إلى الحياة باستمرار، ويكون في كل مرة أكثر قوةً وحزماً. وهو يستغل الشقاقات الداخلية للبرجوازية ليرغمها على الاعتراف ببعض مصالح الطبقة العاملة على شكل قانون: على سبيل المثال، مشروع قانون الساعات العشر في إنكلترا». (البيان الشيوعي).
في هذه الفقرة، يؤكد استخدام كلمة بروليتاريا وعبارة الطبقة العاملة النقطة السابقة. • ما هو هذا الدور التاريخي؟
«لم تعد الطبقة المستغَلة والمقموعة (البروليتاريا) قادرةً على التحرر من الطبقة التي تستغلها وتقمعها (البرجوازية)، دون أن تحرر في الوقت نفسه وإلى الأبد المجتمع بأكمله من الاستغلال والقمع وصراع الطبقات؛ تعود هذه الفكرة حصراً إلى ماركس». (فريدريك إنغلز، البيان الشيوعي، مقدمة الطبعة الألمانية للعام 1883).
- في فرنسا اليوم، 92 % من السكان الفاعلين أجراء. صحيح أنّ الأجراء ليسوا جميعاً بروليتاريين، إذ من بينهم من لديهم عوائد أسهم، كما أنهم ليسوا جميعاً مرغمين على العمل، بل ربما يمتلك بعضهم كل وسائل إنتاجهم أو بعضها. لكنّ الجميع سيقرّ بأنّ الغالبية العظمى من هؤلاء أجراء هم بروليتاريون حقيقيون. في حين أنّ البروليتاريين لم يكونوا يوماً بهذا العدد بوصفهم طبقة بذاتها في بلدنا، وأنّ عدد البرجوازيين الرأسماليين قليل إلى هذا الحد، وأنّ الوضع الموضوعي لم يكن يوماً من الناحية العددية أكثر مناسبةً للبروليتاريا ـ الطبقة العاملة، فهذا هو الوقت الذي تختاره الأومانيتيه لتستخدم تناقص عدد العمال وتكتب أنّ «الطبقة العاملة قد استنفدت دورها التاريخي»...
- ما استنفد هو تصورٌ للطبقة العاملة لا يدين بشيء للماركسية، لكنّ الأومانيتيه لا تكتب ذلك.
ما استنفد هو استراتيجية وحدة اليسار التي برهنت على تمكنها من إدارة مصالح رأس المال بإخلاص وفرض تضحيات على البروليتاريا، سواء عبر إعادة تأهيل الفائدة، عبر تصريف «رينبو واريور»، عبر اختراع الإثم المرتبط بالاستشفاء والـCGS، عبر تحطيم التضامنات باسم تطور فردي مزعوم يجد تعبيره الكامل في الضواحي اليوم، عبر رؤية الجيش الفرنسي في أفغانستان، أو عبر الخصخصة أكثر مما فعل اليمين، وهذه بضعة أمثلة وحسب. ما استنفد هو تصور شيوعي للاستيلاء على السلطة وممارستها بدل البروليتاريا. اليوم والبروليتاريا تتعرض لضغط متزايد من الرأسماليين وممثليهم السياسيين، من اليمين أو من اليسار، فإنّ ما تكتبه الأومانيتيه ويجرد على الفور جزءاً من أكثر المناضلين الطبقيين نشاطاً من أسلحتهم، هو تعبير عن هذه الاستنفادات.
- بجدية وكي نبتسم قليلاً بعد الحزن الذي أثارته الأومانيتيه، أترك لـ«الطهرانيين» الذين يتطلبون قيمةً استعمالية ملموسة للدخول في فئة «الطبقة العاملة» تفسير مسار استغلال سائقي العربات الذين أسسوا نقابتهم منذ العام 1898. كيف كان بالإمكان استغلال إنتاجهم، غير المادي؟ هل ينبغي البحث في الروث؟
- في الوقت الذي تبرهن فيه مشاركة زعماء اليسار في حكومة ساركوزي على عدم وجود مستقبل في «التعارض» بين اليسار واليمين، تدعونا هذه «الاستنفادات» للعود إلى الأساسي: التناقض بين رأس المال والعمل، الدور التاريخي للبروليتاريا، الشيوعية بوصفها «حركةً حقيقية تدمر الوضع الحالي». ما ينبغي إعادة تأسيسه ليس البروليتاريا، بل حزب شيوعي يكون جديراً بالقرن الحادي والعشرين. ولا يمكن لإعادة التأسيس هذه أن تنتج عن تجمع لميول تجد ترتيبات في القمة، وأوصلت الحزب الشيوعي الفرنسي إلى ما هو عليه اليوم. لا يمكن القيام بإعادة التأسيس هذه إلا بخطوة مفتوحة، تجمع بين تساوي الحقوق والواجبات لكل شيوعي، دون أي استثناء، سواء أكان منظماً أم غير منظم، يحتسب فيه كل شخص فرداً واحداً، دون أن يطلب منه التحالف مع أحد؛ إنها خطوة تسمح لكل شيوعي بأن يكون سيد حزبه.
سنعطي هذه الخطوة أي اسم، لكنني مع شيوعيين آخرين أساند فكرة عقد مجالس للشيوعيين في العام 2008 لأنه لا بد من القيام بخطوة أولى. ■ جان فرانسوا أوتييه
ترجمة قاسيون
#قاسيون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغتيال المناضل عماد مغنية حلقة عدوانية تصعيدية جديدة
-
أما آن الأوان؟؟..
-
آية الله، سماحة السيد أحمد الحسني البغدادي ل«قاسيون»:يجب إسق
...
-
نهاية عام وبداية آخر «...... من الأولاني»!
-
العالم بين عامين..
-
تناقضات صارخة.. وغياب للمنطق
-
إلحاق استعماري وليس اتحاداً
-
بأيّة حال عدتَ يا عيدُ؟
-
الشباب السوري.. سياسة تهميش وتجاهل!!
-
الاستثمار بين «السياحي» و«السياسي»
-
الترابط الديالكتيكي بين الإنساني والطبقي
-
«العصا والجزرة» مجدداً!!
-
الإدارة الأمريكية.. ما وراء العناوين؟
-
لماذا لم يؤد انخفاض سعر الدولار إلى تحسن الميزان التجاري الأ
...
-
ديمقراطية الإعدام خارج القانون
-
د. ماهر الطاهر ل«قاسيون»:كثافة الحضور العربي في أنابوليس دون
...
-
العميد أمين حطيط ل«قاسيون»:جاؤوا بنار ليحرقوا بها الوطنيين ف
...
-
وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل لقاسيون:«أجانب» الإحصاء الاست
...
-
لننتقل من الدفاع إلى الهجوم
-
أليس هذا استقواءً آخر بالخارج؟؟
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|